ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان " قصة قصيرة "
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: عبَرَ مِن هُنا / دانية بقسماطي
صفحة 1 من اصل 1
25012009
ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان " قصة قصيرة "
ذاكرة تهوى التسكّع ...
في حدائق الهذيان
- كيف أنت ؟
- عمرٌ أجهضهُ الصمت !
- أنت ؟
- بل كتاب أدفن رأسي بين دفتيه
- حتماً , أنت
- أنا , عمرٌ أجهضَهُ القهر !
- القهر , أم روحك القاهرة ؟!
- دعني أهذي بسلام , و لا تحاول زعزعة طقوسي
- طقوسك , أم سقوطك ؟!
- طقوسي
سقوطي إلى قمة هذياني
دعني أهذي على طريقتي !
... بينما كان العامل يغرس مسماراً في صدر الغرفة الضيقة , لِتعليق أولى اللوحات
عبَرَهُ قول للأديبة " غادة السمان " :
" لا تعلّق لوحة على جدار الغربة "
هاجس الكاتبة أن ننجح يوماً في تكسير شبح الإنطواء و ذُل الغربة .
بِفكرٍ مُشابه للمقولة , لكن بفلسفة مُغايرة , قال بتحدٍ :
سوفَ أُعلّق لوحات جسوري على جدار المنفى , و على قمتهم جسري الأخضر
ربما ... يوماً المنفى ينهار
لعبة عابثة مع القدر , للبقاء على قيد الإشتعال
إشتعال دائم بمسافة المُستحيل الأزرق .
لعبة عابثة مع قدر أخرق , لِتوطيد الإقامة في مدارات الأحلام , و كي لا يخلّع
رداء الوهم أبداً .
يقف على عتبة جسره الأخضر
كان في ضيافة قوس قزح بألوانه الزاهية أشبه بمهرجان , و بجناح عظيم كشراع
شديد التألّق ببهائهِ و كبريائِه .
إبتسامة شفتيه تعبُر روح الطائر الذي يسكنُه , تِلْك الأجنحة التي تسكنه و ذلك التحليق و لو بجناح مرهق و جسد مرتعش .
ألقى برأسهِ بين ذراعيّ جسره القزحي , و راح يُصغي :
- أكره جسوراً حديثة , مُعلّقة في الفضاء كأرجوحة هائِلة
- لِمَ لا تُحبينها
لِطول المسافة التي تفصل بين الطرفين ؟
- بل لصقيع أعمدتها الإسمنتية , إسمنت العصر
تبلُد المشاعر , برودة المشاعر و صقيع العلاقات البشرية
أُحب تِلّك الجسور الصغيرة فوق مجاري المياه في الحقول
أُحب تلك الجسور الخشبية التُرابية اللون , أتوهمها زاهية مُتألقة بدفئها
تُومض عيناه بشلال من الرقة و العذوبة
- أن أهديكِ لوحة جسر شاهق بعمق أعمدة هائلة الإرتفاع
يعني أن أعترف لكِ بحُب خالد لعمر سرمدي !
كان يُدرك حاجتها الأزلية إلى الدفء , و رغبتها الهروب من الصقيع المُتدفّق من قاعها
يُطوقها بحنان عينيه , يمنحُها ما تعشق , لحية خفيفة بنعومة البراري , لِتدفن وجهها هاربة من صقيع الزمن .
عرافة قالت لهُ يوماً :
" إحذر الجسور الشاهقة , فبإرتفاعها تُحيك لكَ مكيدة "
حتماً , لمْ يمتثل لِمقولتها , بدّدَ عمرهُ يتسلّق جسر الوهم الشاهق , حاملاً أحلامه
لِيصل لاهثاً إلى القمة
فإنزلق بِكل أثقاله إلى سفح مُريع الخيبة .
عيناه تتسعان و النظرة حادة , نظرة من يُطِلْ على شفير الهاوية
يتحدى الفراغ السحيق تحته , قال بإبتسامة مُتعالية :
" لا بُدّ أن يكون لك جسر شاهق الإرتفاع
لِتبلُغ هزيمة صارخة الخيبة
... هزيمة مُنتصبة القامة "
الحُنجرة تُوغل في المُكابرة , و الروح تُوغل في الألم
يدنو من جسره البنفسجي
يُحدّق في ذاكرة الأشجار , ذاكرة الرمل
مُنتشياً بهذه الألوان البراقة
أغصان تتكىء على بعضها البعض , تتعانق مُكوّنة قبة خضراء
تغرق في الورود البنفسجية
الحنجرة تتأرجح في مواكب الدهشة , تهمُس :
" وردٌ بلون البنفسج , هكذا رأتهُ أحداقي
بنفسج بلون الورد , هكذا رأتهُ مخيلتي "
الوجه يتوهّج بسحر ضحكة طفولية , و الجسر يُشاطره الإبتسام
صوت عميق مُوغل في الوجع يصرُخ :
- لا يُمكن أن تبقى جالساً على جسر قزحي إلى الأبد
أميراً لوطن وهمي
أما أنا فقد تكون الحياة قد أشبعتني ألماً , لكنها لم تجردني من إدراكي , إنهض دعني أُساعدك
ينتفض فجأة , يطرد صوت العقل :
- ليس ثمة من يقوم بدور المنقذ للآخر
ما سوف يحدث هو أنه سيغرق معه في بحر الهذيان , بئر الجنون
و رمال اليأس اللامتناهية
لِكلٍّ مِنا غرقه , كوابيسه , ملاجئه , حدائقه الوهمية التي يخترعها ...
و يُواصل بصوت ٍ مُكابر
- أنا بخير ... بخير
لمْ أبلّغ بعد قمة خساراتي
لم أطعنْ بعد في السِن في منفاي
- تشبث بمواكب أوهامك , سوف يأتي يوم ترتمي فيه وحيداً
على رصيف الذهول و لنْ تجِدَ من يقوم بإنتشالك من غيبوبة ذهولك .
في مياه عينيه المحمومتين تلوح إبتسامة ساخرة
يُطلق شبه ضحكة يموّه بها بؤس الكلمات
ثم راح يعدو , يعدو هارباً من حوار يستفزهُ , يُثيره و يُؤلمه في آن
هل الحلم يخشى على حُريته من قضبان الوعي
فيُطلق ساقىّ الطفولة هارباً ؟ !
أحياناً تراه يستسلم لِتشاؤم مُعافى , ثُم يُلقيه إلى حتفه
و يعدو بعيداً عن ثرثرة إمبرطورية الحِكم .
ها هو يتأرجح بين الفرح المُطلق , و الحزن المُطلق
يتنقل من براءة المكان و كآبة الزمان , و لا ينوي العزف على نهاية ...
- أيها الجسر التائِه , كم إستمتنا لِنعبرك
و لكن ... عجزنا
كيف أنت ؟
الجسر بصوت أشلّ :
- مُرهق ...
تُربكهُ النقاط , يُلملمها لِيُعيدها إلى بداية السطر
لِيواصل حواراً كان ...
... كانت تُمعّن في العبوس , فتظهر العُقدة بين حاجبيها
و تزيد من تجهّم وجهها , تتذمّر :
- أكرهُ شمساً تُشرق بحنق , تُضاعف تجهّم وجهي
- لأجل ذلك أُحب الشمس !
- أغفر لك عشقك لها لكن لا تتحوّل إلى زهر عبادي الشمس
لا تكُن عقلاً خاوياً ز ظهراً مُعتاداً على الإنحناء
- حتماً , لن أكون
صوتها يتأرجح بين القبول و الرفض , بين الفرح و الحزن
أجابت بنبرة حزينة غامضة :
- لا أدري إن كان رفضي الإنحناء عن مبدأ أو عن حماقة
- أنحني لجمال روحك , طفلتي !
و يغرقان في شلالات ضحك سخي
ضحك صادق يتحجّر على باب الحلق , يستكين
و صوتهُ يعلو مُعكراً صفاء العيون العذب :
- جسري مهلاً
أردت أن أسأل
من أين أتى كلُّ هذا الضحك
أم أني توهمتُ ذلك ؟
أما كُنا طفلين في ميتم العمر
على الجسر نلعب , نضحك ؟
رقصت علامات الإستفهام أمام عينيه , و شاركتها الرقص علامات التعجُب
و هو يترنّح بين الفصول
فصول تعبُر أمام عينيه
بين ضحك ساخر , شظايا ألمٍ ساكن
رذاذ فرحٍ ساحر , و غارات عشقٍ فاخر
حشرَجَ صوته :
- هل رحل المكان عن المكان
لأقف على باب الجسر وحيداً كزائر غريب ؟
كما يمرُّ المُهجّر في وطنهِ , زائراً غريباً !؟
لا نجاة لهُ من جحيم كوابيسه , هذيانه و أبجديته الخريفية
فالفصول دوماً تخلع قمصانها أمام سطوة الشتاء , أمام سطوة ثقافته الكانونية
لا نجاة لهُ إلاّ بالهروب إلى مدارات الحُلم
فالحلم يمنحُنا قدرة على الوقوف , أن ننتصب من جديد كالأشجار
يقف على عتبة جسره الضبابي
أهدابٌ مُنهكة يلُفها الضباب , يُبعثرها التعب
ربما خرقاء لا مُبالية , أو ربما مزيجٌ من الإثنين
جسورٌ تعلمت أن الحكمة في الغموض , في الصمت
عبد الرحمن مُنيف في روائيته " حين تركنا الجسر " يقول :
" هل تتصوّر أن يبني البشر جسراً ثمّ لا يعبرونه ؟
و إذا لم يستطيعوا فلا أقل من أن ينسفوه ! "
الجناح العنيد , يصرُخ :
سنعبُر
يُواصل الكاتب القراءة :
" الرب بعد أن يبني جسرهُ , بعد أن تعبره
الغيوم الصغيرة إلى مكان بعيد , و يُبشر الناس بالصحو
هذا الرب ألا يهدم جسره ؟ ألا ينسفه ؟ "
صوت عميق يزأر :
هذا الجسر يجب أن يُنسف !
كاد يجهش بالبكاء , صرَخَ :
الجسور كالأوطان لا تُنسف !!
و إن نسفناه
كيف نتخلص من لوحة جسر مُعلّقة على جدران القلب ؟
بابٌ مُوارب يُشرّع ,
عينٌ تتصفّح هموم الوطن على عجل , صوتٌ يُلقي تحيّة وفاء
ربما حياء
صوتٌ يترنّح بين الحزن , الغبطة و البرود
أهي رائحة الغرب الذي يسرق من المرء كل يوم شيئاً من نقائهِ , إيمانه , معتقداته
هل تتغيّر المفاهيم و تتحجّر القلوب مع العُمر , أو مع الجغرافيا ؟
أتراهُ لمْ يكُن مُهيأً لِتصفُّح ذاكرة من الأحزان
أو يتحاشى إيقاظ أحزان الوطن السرمدية , أم تلك هي خلايا الصوت الذي فقدَ بهاءَهُ
فضوله يسأل :
- هل أعجبكِ الكتاب ؟
- جديد ...
يصفعُه صقيع الجواب
- ثمة سطور أوّد تسليط الضوء عليها بعدسة مُكبرة
لإزالة الضباب عنها و فك طلاسمها
يتلقى الكلمات في صمت
كيف يُواصل حواراً مع طفلة فاقدة الدهشة , فاقدة القدرة على فك الرموز ؟
صمتٌ يتنهّد
البنفسج يتلعثم , يتمزّق , يتناثر
صمتٌ يجتاح الأعماق , يُعلِّم الحنجرة أن تُطبق أوتارها , كاد يقول :
تُصبحين على نور , لكنه تراجع :
- تُصبحينَ على دهشة , طفلتي .
راح يُطالع اللوحات كمن يُطالع شواهد قبور ,
يُنقب في ليل الجسور , يُنقب تحت أنقاضها , ضبابها , يُقلّب وجوهها
وجوهاً تُزيّن ساحات الروح , تُزخرف جدران القلب ’ تُعيد ألق الحياة إلى روحه
تراءت إليه باردة , خاوية , صامته
ذلك الصمت المُوجع , المُفجع
يستحضر تاريخ الجسور , أيامها , أحلامها , عابريها
بوسائل شتىّ متناقضة , كأعمى يتعرّف إلى مُحيطه للمرة الأولى
يعبُره معرض مُعلّق بعنوان " تعابير " في متحف غلاسكو سكتلندا للفنانة " صوفي كيفن " سبق لهُ زيارته , معرض لروؤس معلقة في الفضاء , مزيج من الوجوه ...
أنقاض وجوه مسكونة تعابيرها بالدهشات , الضحكات , الأحزان , المسَّرات , العذابات , الهواجس , الإنتظارات و الآمال
تُقيم على أشلاء أعناق مُكسّرة , مُعلّقة في العراء .
تُحاصره الإستفهامات :
هل الجسور قبور عائمة في الفضاء ؟
هل أمسيتُ مُقيماً بين أنقاضها و أشلاء أعناقها المكسورة ؟
هل علقتُ لوحات جسوري على حائط المنفى
لأصبح لوحة مُهشمة مُعلّقة فوق جدار ؟
يستفيق من حالة الهذيان , يخلع أردية الأسئلة
قرر أن يُقلّع عن مُعاشرة علامات الإستفهام و التعجّب , يُقلع عن وضع النقاط على السطور أو النقاط على ما بعد السطور أو على الحروف .
قرر أن ينعتّق من دهاليز الأسئلة و الأجوبة , أن يترك الحروف مُعلقة , وجوه ذاهلة تُحدّق في الفراغ
- زئبقية الأحلام , زئبقية الأسى
مهلاً
ما هكذا تُقرأ القصائد على عجل
ما هكذا تعبُر الإهانات على عجل
ما هكذا تُرمّم الجسور على عجل
سيمفونية لبتهوفن , كان قد أطلق عليها "نشيد البهجة " أشاحت بوجهها عنهُ , مُتعمدة الصمت
موسيقى عربية تأتيهِ مُنهكه , تسأله أن يفكَّ قيودها
دوماً , ثمة سيمفونية للفرح و أُخرى للبكاء
تنساب الموسيقى هادئة , ثم تعلو قلقة مُتقلبة كتقلبات وجه كاتب أمام أوراقه , لِتصبح حاقدة مكابره حيناً حنوناً غافرة حيناً آخر
مُوغلة في الوجع , مُنسكبه في روحه رثاء نائح مزّقه الأنين .
الحنجرة تتفجّر بالغناء :
" الويل لي ... الويلُ لي يا مُستبدة
الويل لي ... من خنجر طعن الموّدة ... كم نمتُ مخدوعاً على تِلْك المخدة
الويل لي ... من فجر يومٍ ليتني ما عشت بعده
الويل لي ... يا مستبده
إني أُعاني , إني أموت , إني حُطام ... حاشاكِ عمري أن أُفكر بإنتقام
إني لكِ قلبٌ و حبُ و إحترام
صبراً يا عمري لن تري دمعاً يسيل
ستريّن معنى الصبْر في جسدي النحيل
فتفرجي هذا المساء رقصي الجميل "
الحنجرة تنتشي :
يا الله سلاماً عليكَ كاظم , سلاماً أيها الساهر
سلاماً لكل مُبدع يكتُب , يُغني , يرقص براية المُفلسين
سلاماً على الصدور الموشومة بشراسة الوجع
سلاماً على ذاكرة تحترف الذاكرة
سلاماً للفرح العاجز عن الفرح
سلاماً لدمع ٍ عاجز عن الإنحدار
سلاماً لقهر مُترفعّ عن الإفشاء
سلاماً أيتها الجسور المعلقة فوق جدران الذاكرة
سلاماً يا جسرٌ يتأرجّح بين خنجر القدر و خاصرة السماء
سلاماً لحياة أتحفتنا ألقاباً مذهلة في ثرائها
سلاماً للصمت الأخطر , الأفظع و الأرهب
هل ثمة خطرٌ بهيّ
هل ثمة فظاعة , و إرهاب جميل
أصبحنا الصمت الأبهى و القهر الأجمل , الأرقى !
لمْ يَعُد في الحنجرة كلامٌ يليق بسخرية القدر , فقرر الوجع أن يجهش رقصاً
طفلتي
هذا المساء لا شمعة ثنائية
لا لكون الروح رمادية
بل لأن الروح تعزف سيمفونية شخصيّة
لأن الجسد سوف يُؤدي رقصة إستثنائية
هَهُنا
في باحة الميتَم على عتبة منفاه
طفلتي
تصفّحي وجعي الجميل , راقبي رقصي الجميل
لا تقلقي
سيدنو صديقي الطائر , لِيُلصق جناحه المُعافى
بجناحي المهيض , نتوّحد في رقصتنا الأجمل
في رقصتنا الأبهى , الأرهب
طفلتي
تُصبحين على عافية
بعدما أمسينا على شفاء
الجسور تنقبض وجوهها , تُحدّق في بعضها بعضاً
تتشظى , تدْمع , تشهق من العجب :
" يا رجلٌ يسكنُه تطرّف زوربا , حزن و جنون زوربا
و تِلك الهزائم التي يُحوّلها إلى إنتصارات "
أيتها الجسور إرتبكي , إرتعشي
تصفحي وجعي بشىء من الخجل
لو قرأتني جيداً , لو تصفحتني جيداً
لما بلغنا قمة الخيبة المرير
و لما إخترقتنا كلُّ تلك الشظايا , و لما إخترقتُكِ
بكل تلك النقاط التي عزمت على أن لا أمسَّها
لكنني مُصّرٌّ على وضعها على الحروف
إرتبكي أيتها الجسور , إدمعي و إنحني
على مريضك المريض
إنحني على المريض
ليبقى على مرض
إنحني على مريضك المريض , طوَّقيه عانقيه
كي لا يبقى زائراً غريباً
لا وطن يُحاصِرهُ و لا إنتماء
يتمشى في حدائق , خرائب هواجسِهِ
الجسور بَدَت ثائرة حائرة , يتدفق صوتها جنوناً حاراً
- ألا زلت مريضاً بي ؟؟
البنفسج يميل برأسه , و يهمُس :
- بي مرضٌ مستعص ٍ على الشفاء !
الوجع يُواصل رقصه على نغمات موسيقى هادئة
فارداً جناحيه
فارداً جناحهُ , جناح يُحلّق بعيداً
جناح عنيد كصخر الجسور
نفوس إكتسبت لون الصخور و صلابتها
تُحلّق في البعيد في مسار أزليتها .
في حدائق الهذيان
- كيف أنت ؟
- عمرٌ أجهضهُ الصمت !
- أنت ؟
- بل كتاب أدفن رأسي بين دفتيه
- حتماً , أنت
- أنا , عمرٌ أجهضَهُ القهر !
- القهر , أم روحك القاهرة ؟!
- دعني أهذي بسلام , و لا تحاول زعزعة طقوسي
- طقوسك , أم سقوطك ؟!
- طقوسي
سقوطي إلى قمة هذياني
دعني أهذي على طريقتي !
... بينما كان العامل يغرس مسماراً في صدر الغرفة الضيقة , لِتعليق أولى اللوحات
عبَرَهُ قول للأديبة " غادة السمان " :
" لا تعلّق لوحة على جدار الغربة "
هاجس الكاتبة أن ننجح يوماً في تكسير شبح الإنطواء و ذُل الغربة .
بِفكرٍ مُشابه للمقولة , لكن بفلسفة مُغايرة , قال بتحدٍ :
سوفَ أُعلّق لوحات جسوري على جدار المنفى , و على قمتهم جسري الأخضر
ربما ... يوماً المنفى ينهار
لعبة عابثة مع القدر , للبقاء على قيد الإشتعال
إشتعال دائم بمسافة المُستحيل الأزرق .
لعبة عابثة مع قدر أخرق , لِتوطيد الإقامة في مدارات الأحلام , و كي لا يخلّع
رداء الوهم أبداً .
يقف على عتبة جسره الأخضر
كان في ضيافة قوس قزح بألوانه الزاهية أشبه بمهرجان , و بجناح عظيم كشراع
شديد التألّق ببهائهِ و كبريائِه .
إبتسامة شفتيه تعبُر روح الطائر الذي يسكنُه , تِلْك الأجنحة التي تسكنه و ذلك التحليق و لو بجناح مرهق و جسد مرتعش .
ألقى برأسهِ بين ذراعيّ جسره القزحي , و راح يُصغي :
- أكره جسوراً حديثة , مُعلّقة في الفضاء كأرجوحة هائِلة
- لِمَ لا تُحبينها
لِطول المسافة التي تفصل بين الطرفين ؟
- بل لصقيع أعمدتها الإسمنتية , إسمنت العصر
تبلُد المشاعر , برودة المشاعر و صقيع العلاقات البشرية
أُحب تِلّك الجسور الصغيرة فوق مجاري المياه في الحقول
أُحب تلك الجسور الخشبية التُرابية اللون , أتوهمها زاهية مُتألقة بدفئها
تُومض عيناه بشلال من الرقة و العذوبة
- أن أهديكِ لوحة جسر شاهق بعمق أعمدة هائلة الإرتفاع
يعني أن أعترف لكِ بحُب خالد لعمر سرمدي !
كان يُدرك حاجتها الأزلية إلى الدفء , و رغبتها الهروب من الصقيع المُتدفّق من قاعها
يُطوقها بحنان عينيه , يمنحُها ما تعشق , لحية خفيفة بنعومة البراري , لِتدفن وجهها هاربة من صقيع الزمن .
عرافة قالت لهُ يوماً :
" إحذر الجسور الشاهقة , فبإرتفاعها تُحيك لكَ مكيدة "
حتماً , لمْ يمتثل لِمقولتها , بدّدَ عمرهُ يتسلّق جسر الوهم الشاهق , حاملاً أحلامه
لِيصل لاهثاً إلى القمة
فإنزلق بِكل أثقاله إلى سفح مُريع الخيبة .
عيناه تتسعان و النظرة حادة , نظرة من يُطِلْ على شفير الهاوية
يتحدى الفراغ السحيق تحته , قال بإبتسامة مُتعالية :
" لا بُدّ أن يكون لك جسر شاهق الإرتفاع
لِتبلُغ هزيمة صارخة الخيبة
... هزيمة مُنتصبة القامة "
الحُنجرة تُوغل في المُكابرة , و الروح تُوغل في الألم
يدنو من جسره البنفسجي
يُحدّق في ذاكرة الأشجار , ذاكرة الرمل
مُنتشياً بهذه الألوان البراقة
أغصان تتكىء على بعضها البعض , تتعانق مُكوّنة قبة خضراء
تغرق في الورود البنفسجية
الحنجرة تتأرجح في مواكب الدهشة , تهمُس :
" وردٌ بلون البنفسج , هكذا رأتهُ أحداقي
بنفسج بلون الورد , هكذا رأتهُ مخيلتي "
الوجه يتوهّج بسحر ضحكة طفولية , و الجسر يُشاطره الإبتسام
صوت عميق مُوغل في الوجع يصرُخ :
- لا يُمكن أن تبقى جالساً على جسر قزحي إلى الأبد
أميراً لوطن وهمي
أما أنا فقد تكون الحياة قد أشبعتني ألماً , لكنها لم تجردني من إدراكي , إنهض دعني أُساعدك
ينتفض فجأة , يطرد صوت العقل :
- ليس ثمة من يقوم بدور المنقذ للآخر
ما سوف يحدث هو أنه سيغرق معه في بحر الهذيان , بئر الجنون
و رمال اليأس اللامتناهية
لِكلٍّ مِنا غرقه , كوابيسه , ملاجئه , حدائقه الوهمية التي يخترعها ...
و يُواصل بصوت ٍ مُكابر
- أنا بخير ... بخير
لمْ أبلّغ بعد قمة خساراتي
لم أطعنْ بعد في السِن في منفاي
- تشبث بمواكب أوهامك , سوف يأتي يوم ترتمي فيه وحيداً
على رصيف الذهول و لنْ تجِدَ من يقوم بإنتشالك من غيبوبة ذهولك .
في مياه عينيه المحمومتين تلوح إبتسامة ساخرة
يُطلق شبه ضحكة يموّه بها بؤس الكلمات
ثم راح يعدو , يعدو هارباً من حوار يستفزهُ , يُثيره و يُؤلمه في آن
هل الحلم يخشى على حُريته من قضبان الوعي
فيُطلق ساقىّ الطفولة هارباً ؟ !
أحياناً تراه يستسلم لِتشاؤم مُعافى , ثُم يُلقيه إلى حتفه
و يعدو بعيداً عن ثرثرة إمبرطورية الحِكم .
ها هو يتأرجح بين الفرح المُطلق , و الحزن المُطلق
يتنقل من براءة المكان و كآبة الزمان , و لا ينوي العزف على نهاية ...
- أيها الجسر التائِه , كم إستمتنا لِنعبرك
و لكن ... عجزنا
كيف أنت ؟
الجسر بصوت أشلّ :
- مُرهق ...
تُربكهُ النقاط , يُلملمها لِيُعيدها إلى بداية السطر
لِيواصل حواراً كان ...
... كانت تُمعّن في العبوس , فتظهر العُقدة بين حاجبيها
و تزيد من تجهّم وجهها , تتذمّر :
- أكرهُ شمساً تُشرق بحنق , تُضاعف تجهّم وجهي
- لأجل ذلك أُحب الشمس !
- أغفر لك عشقك لها لكن لا تتحوّل إلى زهر عبادي الشمس
لا تكُن عقلاً خاوياً ز ظهراً مُعتاداً على الإنحناء
- حتماً , لن أكون
صوتها يتأرجح بين القبول و الرفض , بين الفرح و الحزن
أجابت بنبرة حزينة غامضة :
- لا أدري إن كان رفضي الإنحناء عن مبدأ أو عن حماقة
- أنحني لجمال روحك , طفلتي !
و يغرقان في شلالات ضحك سخي
ضحك صادق يتحجّر على باب الحلق , يستكين
و صوتهُ يعلو مُعكراً صفاء العيون العذب :
- جسري مهلاً
أردت أن أسأل
من أين أتى كلُّ هذا الضحك
أم أني توهمتُ ذلك ؟
أما كُنا طفلين في ميتم العمر
على الجسر نلعب , نضحك ؟
رقصت علامات الإستفهام أمام عينيه , و شاركتها الرقص علامات التعجُب
و هو يترنّح بين الفصول
فصول تعبُر أمام عينيه
بين ضحك ساخر , شظايا ألمٍ ساكن
رذاذ فرحٍ ساحر , و غارات عشقٍ فاخر
حشرَجَ صوته :
- هل رحل المكان عن المكان
لأقف على باب الجسر وحيداً كزائر غريب ؟
كما يمرُّ المُهجّر في وطنهِ , زائراً غريباً !؟
لا نجاة لهُ من جحيم كوابيسه , هذيانه و أبجديته الخريفية
فالفصول دوماً تخلع قمصانها أمام سطوة الشتاء , أمام سطوة ثقافته الكانونية
لا نجاة لهُ إلاّ بالهروب إلى مدارات الحُلم
فالحلم يمنحُنا قدرة على الوقوف , أن ننتصب من جديد كالأشجار
يقف على عتبة جسره الضبابي
أهدابٌ مُنهكة يلُفها الضباب , يُبعثرها التعب
ربما خرقاء لا مُبالية , أو ربما مزيجٌ من الإثنين
جسورٌ تعلمت أن الحكمة في الغموض , في الصمت
عبد الرحمن مُنيف في روائيته " حين تركنا الجسر " يقول :
" هل تتصوّر أن يبني البشر جسراً ثمّ لا يعبرونه ؟
و إذا لم يستطيعوا فلا أقل من أن ينسفوه ! "
الجناح العنيد , يصرُخ :
سنعبُر
يُواصل الكاتب القراءة :
" الرب بعد أن يبني جسرهُ , بعد أن تعبره
الغيوم الصغيرة إلى مكان بعيد , و يُبشر الناس بالصحو
هذا الرب ألا يهدم جسره ؟ ألا ينسفه ؟ "
صوت عميق يزأر :
هذا الجسر يجب أن يُنسف !
كاد يجهش بالبكاء , صرَخَ :
الجسور كالأوطان لا تُنسف !!
و إن نسفناه
كيف نتخلص من لوحة جسر مُعلّقة على جدران القلب ؟
بابٌ مُوارب يُشرّع ,
عينٌ تتصفّح هموم الوطن على عجل , صوتٌ يُلقي تحيّة وفاء
ربما حياء
صوتٌ يترنّح بين الحزن , الغبطة و البرود
أهي رائحة الغرب الذي يسرق من المرء كل يوم شيئاً من نقائهِ , إيمانه , معتقداته
هل تتغيّر المفاهيم و تتحجّر القلوب مع العُمر , أو مع الجغرافيا ؟
أتراهُ لمْ يكُن مُهيأً لِتصفُّح ذاكرة من الأحزان
أو يتحاشى إيقاظ أحزان الوطن السرمدية , أم تلك هي خلايا الصوت الذي فقدَ بهاءَهُ
فضوله يسأل :
- هل أعجبكِ الكتاب ؟
- جديد ...
يصفعُه صقيع الجواب
- ثمة سطور أوّد تسليط الضوء عليها بعدسة مُكبرة
لإزالة الضباب عنها و فك طلاسمها
يتلقى الكلمات في صمت
كيف يُواصل حواراً مع طفلة فاقدة الدهشة , فاقدة القدرة على فك الرموز ؟
صمتٌ يتنهّد
البنفسج يتلعثم , يتمزّق , يتناثر
صمتٌ يجتاح الأعماق , يُعلِّم الحنجرة أن تُطبق أوتارها , كاد يقول :
تُصبحين على نور , لكنه تراجع :
- تُصبحينَ على دهشة , طفلتي .
راح يُطالع اللوحات كمن يُطالع شواهد قبور ,
يُنقب في ليل الجسور , يُنقب تحت أنقاضها , ضبابها , يُقلّب وجوهها
وجوهاً تُزيّن ساحات الروح , تُزخرف جدران القلب ’ تُعيد ألق الحياة إلى روحه
تراءت إليه باردة , خاوية , صامته
ذلك الصمت المُوجع , المُفجع
يستحضر تاريخ الجسور , أيامها , أحلامها , عابريها
بوسائل شتىّ متناقضة , كأعمى يتعرّف إلى مُحيطه للمرة الأولى
يعبُره معرض مُعلّق بعنوان " تعابير " في متحف غلاسكو سكتلندا للفنانة " صوفي كيفن " سبق لهُ زيارته , معرض لروؤس معلقة في الفضاء , مزيج من الوجوه ...
أنقاض وجوه مسكونة تعابيرها بالدهشات , الضحكات , الأحزان , المسَّرات , العذابات , الهواجس , الإنتظارات و الآمال
تُقيم على أشلاء أعناق مُكسّرة , مُعلّقة في العراء .
تُحاصره الإستفهامات :
هل الجسور قبور عائمة في الفضاء ؟
هل أمسيتُ مُقيماً بين أنقاضها و أشلاء أعناقها المكسورة ؟
هل علقتُ لوحات جسوري على حائط المنفى
لأصبح لوحة مُهشمة مُعلّقة فوق جدار ؟
يستفيق من حالة الهذيان , يخلع أردية الأسئلة
قرر أن يُقلّع عن مُعاشرة علامات الإستفهام و التعجّب , يُقلع عن وضع النقاط على السطور أو النقاط على ما بعد السطور أو على الحروف .
قرر أن ينعتّق من دهاليز الأسئلة و الأجوبة , أن يترك الحروف مُعلقة , وجوه ذاهلة تُحدّق في الفراغ
- زئبقية الأحلام , زئبقية الأسى
مهلاً
ما هكذا تُقرأ القصائد على عجل
ما هكذا تعبُر الإهانات على عجل
ما هكذا تُرمّم الجسور على عجل
سيمفونية لبتهوفن , كان قد أطلق عليها "نشيد البهجة " أشاحت بوجهها عنهُ , مُتعمدة الصمت
موسيقى عربية تأتيهِ مُنهكه , تسأله أن يفكَّ قيودها
دوماً , ثمة سيمفونية للفرح و أُخرى للبكاء
تنساب الموسيقى هادئة , ثم تعلو قلقة مُتقلبة كتقلبات وجه كاتب أمام أوراقه , لِتصبح حاقدة مكابره حيناً حنوناً غافرة حيناً آخر
مُوغلة في الوجع , مُنسكبه في روحه رثاء نائح مزّقه الأنين .
الحنجرة تتفجّر بالغناء :
" الويل لي ... الويلُ لي يا مُستبدة
الويل لي ... من خنجر طعن الموّدة ... كم نمتُ مخدوعاً على تِلْك المخدة
الويل لي ... من فجر يومٍ ليتني ما عشت بعده
الويل لي ... يا مستبده
إني أُعاني , إني أموت , إني حُطام ... حاشاكِ عمري أن أُفكر بإنتقام
إني لكِ قلبٌ و حبُ و إحترام
صبراً يا عمري لن تري دمعاً يسيل
ستريّن معنى الصبْر في جسدي النحيل
فتفرجي هذا المساء رقصي الجميل "
الحنجرة تنتشي :
يا الله سلاماً عليكَ كاظم , سلاماً أيها الساهر
سلاماً لكل مُبدع يكتُب , يُغني , يرقص براية المُفلسين
سلاماً على الصدور الموشومة بشراسة الوجع
سلاماً على ذاكرة تحترف الذاكرة
سلاماً للفرح العاجز عن الفرح
سلاماً لدمع ٍ عاجز عن الإنحدار
سلاماً لقهر مُترفعّ عن الإفشاء
سلاماً أيتها الجسور المعلقة فوق جدران الذاكرة
سلاماً يا جسرٌ يتأرجّح بين خنجر القدر و خاصرة السماء
سلاماً لحياة أتحفتنا ألقاباً مذهلة في ثرائها
سلاماً للصمت الأخطر , الأفظع و الأرهب
هل ثمة خطرٌ بهيّ
هل ثمة فظاعة , و إرهاب جميل
أصبحنا الصمت الأبهى و القهر الأجمل , الأرقى !
لمْ يَعُد في الحنجرة كلامٌ يليق بسخرية القدر , فقرر الوجع أن يجهش رقصاً
طفلتي
هذا المساء لا شمعة ثنائية
لا لكون الروح رمادية
بل لأن الروح تعزف سيمفونية شخصيّة
لأن الجسد سوف يُؤدي رقصة إستثنائية
هَهُنا
في باحة الميتَم على عتبة منفاه
طفلتي
تصفّحي وجعي الجميل , راقبي رقصي الجميل
لا تقلقي
سيدنو صديقي الطائر , لِيُلصق جناحه المُعافى
بجناحي المهيض , نتوّحد في رقصتنا الأجمل
في رقصتنا الأبهى , الأرهب
طفلتي
تُصبحين على عافية
بعدما أمسينا على شفاء
الجسور تنقبض وجوهها , تُحدّق في بعضها بعضاً
تتشظى , تدْمع , تشهق من العجب :
" يا رجلٌ يسكنُه تطرّف زوربا , حزن و جنون زوربا
و تِلك الهزائم التي يُحوّلها إلى إنتصارات "
أيتها الجسور إرتبكي , إرتعشي
تصفحي وجعي بشىء من الخجل
لو قرأتني جيداً , لو تصفحتني جيداً
لما بلغنا قمة الخيبة المرير
و لما إخترقتنا كلُّ تلك الشظايا , و لما إخترقتُكِ
بكل تلك النقاط التي عزمت على أن لا أمسَّها
لكنني مُصّرٌّ على وضعها على الحروف
إرتبكي أيتها الجسور , إدمعي و إنحني
على مريضك المريض
إنحني على المريض
ليبقى على مرض
إنحني على مريضك المريض , طوَّقيه عانقيه
كي لا يبقى زائراً غريباً
لا وطن يُحاصِرهُ و لا إنتماء
يتمشى في حدائق , خرائب هواجسِهِ
الجسور بَدَت ثائرة حائرة , يتدفق صوتها جنوناً حاراً
- ألا زلت مريضاً بي ؟؟
البنفسج يميل برأسه , و يهمُس :
- بي مرضٌ مستعص ٍ على الشفاء !
الوجع يُواصل رقصه على نغمات موسيقى هادئة
فارداً جناحيه
فارداً جناحهُ , جناح يُحلّق بعيداً
جناح عنيد كصخر الجسور
نفوس إكتسبت لون الصخور و صلابتها
تُحلّق في البعيد في مسار أزليتها .
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان " قصة قصيرة " :: تعاليق
رد: ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان " قصة قصيرة "
سوفَ أُعلّق لوحات جسوري على جدار المنفى ,
و على قمتهم جسري الأخضر
ربما ... يوماً المنفى ينهار
بوركت تلك النفس التي تهوى التسكع في الذكرى
وهي تحاور جسورها
تحاور و تحاور و على طريقتها
و لا ترهقها كثرة الألغاز والأسئلة...
هو حوار.. مع الذاكرة..
هو مشوار.. وتسكع في حدائق الهذيان
دانيه
لكِ وقفة اجلال وإعجاب
يا العزيز العبيدي جو
لربما , الذاكرة هي الفردوس الذي لا يستطيع أحد طردنا منه
لكنها أيضاً قد تكون الجحيم الذي نعجز عن الهرب منه
شكراً لتنزهك في حدائق الهذيان
تقديري و محبتي
دانيه
لربما , الذاكرة هي الفردوس الذي لا يستطيع أحد طردنا منه
لكنها أيضاً قد تكون الجحيم الذي نعجز عن الهرب منه
شكراً لتنزهك في حدائق الهذيان
تقديري و محبتي
دانيه
دانيه
الذاكرة هي متنزهكِ اليوم..
صدقتِ فهي الفردوس الرائع الذي لا خروج منه
وهي أحيانا الجحيــم الذي نعجز عن الهرب منه
" ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان "
نثرية رائعة
تقديري ومودتي
فاطمة
الذاكرة هي متنزهكِ اليوم..
صدقتِ فهي الفردوس الرائع الذي لا خروج منه
وهي أحيانا الجحيــم الذي نعجز عن الهرب منه
" ذاكرة تهوى التسكّع ... في حدائق الهذيان "
نثرية رائعة
تقديري ومودتي
فاطمة
في حضرة حروفك ... أجدني أفتح قرطاسي لأقرأ عليكِ بضعة حروف
لربما , نحن غافلين عنها
" البيوت هناك فوق الأرض الصلبة
بجدران رطبة , تتشوّق لمعانقة الفضاء
متى يتعب السقف من حجب الشمس عنها ؟
متى تتعب الجدران من حمل سقف على أكتافٍ تحجب عنها الشمس ؟؟؟
يا العزيزة فاطمة
أن نبني بيتاً فوق جسر
أى أن نتحرّر من القيود
هو بمثابة بيت في أحضان السماء
تحية عالية ... لكِ
دانيه
لربما , نحن غافلين عنها
" البيوت هناك فوق الأرض الصلبة
بجدران رطبة , تتشوّق لمعانقة الفضاء
متى يتعب السقف من حجب الشمس عنها ؟
متى تتعب الجدران من حمل سقف على أكتافٍ تحجب عنها الشمس ؟؟؟
يا العزيزة فاطمة
أن نبني بيتاً فوق جسر
أى أن نتحرّر من القيود
هو بمثابة بيت في أحضان السماء
تحية عالية ... لكِ
دانيه
شاعرتنا تسرح في فردوس الذاكرة
ها هي اليوم تحاور جسورها
ولا ترهقها لغة الحوار
عساها تبني بيتا فوق إحداها
و في الهواء الطلق
قصة منظومة تغلب عليها روح القصيدة
بوركت روحكِ العالية دانيه
وليم
يا العزيز وليم
لي أن أسرّح في فردوس الذاكرة , و لربما أُمعن التوغل في جحيمها
و لهذياني ... أن يُحاور جسوره
كما يشاء و كيفما يشاء
و لي أن أترك " نيتشه " يطرق باب فكري بقوله :
" الأوراق تذبل فلِمَ الشكوى ؟ "
و لقلمي الذي يهوى الكتابة بقلمين ... أن ينقاد لهوايه تستبّد به
كُلما أدهشته سطور ... أن يُمارس هوايته و يُعلق حروف أسفل مقولة " نيتشه "
" الجسور , تتهشّم
فلِم الشكوى ... لِمَ التخبّط ؟!!!
أعتّز بمرورك .... بوركت
دانيه
لي أن أسرّح في فردوس الذاكرة , و لربما أُمعن التوغل في جحيمها
و لهذياني ... أن يُحاور جسوره
كما يشاء و كيفما يشاء
و لي أن أترك " نيتشه " يطرق باب فكري بقوله :
" الأوراق تذبل فلِمَ الشكوى ؟ "
و لقلمي الذي يهوى الكتابة بقلمين ... أن ينقاد لهوايه تستبّد به
كُلما أدهشته سطور ... أن يُمارس هوايته و يُعلق حروف أسفل مقولة " نيتشه "
" الجسور , تتهشّم
فلِم الشكوى ... لِمَ التخبّط ؟!!!
أعتّز بمرورك .... بوركت
دانيه
مواضيع مماثلة
» "لمـاذا يا ليـــل"
» في معصمها ... سِوار أو حصار ؟ " قصة قصيرة "
» كُنْ حيادياً ... I " قصة قصيرة "
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
» في معصمها ... سِوار أو حصار ؟ " قصة قصيرة "
» كُنْ حيادياً ... I " قصة قصيرة "
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى