عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
3 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: القصة والحكاية :: حنا خوري
صفحة 1 من اصل 1
عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
نمر أحيانا هنا في مدينتي بألمانيا ببعض الأفراد أو الفرق الصغيرة التي تعزف على شتّى أنواع الآلات الموسيقية ، وهي طريقة حضارية للتسوّل ، ترى كل عازف أو كل جماعة تضع وعاءا ليرمي فيه المارة ما تجود به أياديهم من قطع النقود تعبيرا عن إعجابهم بالعزف والإداء . وبينما أكون مارا بجانب أحدهم ممسكا بيد حفيدتي الناعمة سيلين حتى تقف وتأمل هذا المنظر وتهز رأسها وجسمها أحياناً ، لتلك الألحان ، وتشير الي بأن تقوم هي بإلقاء قطعة النقود ....
أعادتني عزيزتي إلى مرحلة طفولتي في مدينتي الرائعة القامشلي ... كان صوت الناي الذي يعزف عليه يلامس خلجات القلوب ، حتى تكاد تدمع العيون من حرقة النغم وجمال العزف ، على تلك الآلة الخشبية والتي أعتقد أنها كانت صنيعة يديه .
كان وقتها رجلا تخطّى الخمسين من عمره كفيف النظر ، نظيف الثياب لكن بالية ... يحمل صندوقا مستطيلا من الخشب المغلّف بطبقة معدنية ليقوم الزمن ، للصندوق فتحة صغيرة تُخفي قرصا دائريا ثبُتت عليه أرقاما نافرة على شكل ساعة دائرية ، يحتفظ بقطعة معدنية على هيئة مسدس يتعشّق أحد الأرقام حين يدوّر قرص الأرقام ويدفع أحد الصبية ... الفرنك ... يومها ليفوز بكمية حسب الرقم من النوع الفاخر يومها من السكاكر .. التي ما زال طعم مذاقها في فمي إلى الآن .وهو جالس على كرسيه الحديدي الصغير ، ويديه تحرسان تلك اللعبة ... نعم لم يكن مثل هؤلاء العازفين الذين يضعون أوعية يجمعون ما يتصدق عليهم المارة ،فلم يراه أحد في وضعية التسول .
كان يحمل عصا طويلة يتحسس بها طريقه وكأنّه يرى بوضوح والأجمل من هذا .... كان يسير وهو يعزف ، اجل كان يمشي بتمهل محاذيا واجهات الدكاكين وهو يشنب آذان المارة وأصحاب تلك المحلات ، بتلك الألحان الجميلة ، والمحل الذي يعرف صاحبه يجود عليه بلحنٍ إضافي .
وللحق أقول كان عصبي المزاج ؛ وسريع الإنفعال وخصوصا عندما يحاول أحدهم أن يثير أعصابه ويصحح له على سبيل الإثارة الرقم الذي وقف عنده الدوران ، فللحال يتناول تلك العصا المعدنية ، ويضرب يمنة ويسرة وهو لا يُبصر أين يضرب .
كان عندما يصل إلى تقاطع أحد الشوارع تخفف السيارات من سرعتها ، طبعا لم تكن بالكثافة الحالية ، نعم تُخفّف سرعتها إلى أن يقطع هذا العازف الضرير الشارع . أذكر أنه ثارت أعصابه مرة من أحد المارة فبدأ بالشتائم بلهجته الأرمنية ... والناس تنظر في وجوه بعضها البعض بمعنى .. وهل مثل هذا الإنسان يزعجه أحد ؟؟؟ .
يوما إلتقيناه في طريقنا .. سألت والدي هل تعرفه يا أبتي ؟ وكان أبي من أوائل من سكن القامشلي .. أخبرني عن ما يعرفه عنه فقال لي بعد أن سأله عن حاله وسلّم عليه .... قال : كان في غابر الزمن رجلا مقتدرا وذو مال وفير ... ولكن أغوته إحداهن فأنفق ماله عليها دون حساب ، وعندما خويت جيوبه ... تركته إلى غيره ، فمن شدة غضبه وتعاسته ... أصيب بالعمى ، وأصبح يعيش كما ترى متسكعا بشوارع القامشلي ، يعزف ليخفّف من مصيبته ويحذّر الناس من الوقوع بمثل مصيبته .
نعم هذا كان عازف الناي الأعمى بالقامشلي ... خاجو الأعمي
حنا خوري- يراع عامل
-
عدد الرسائل : 624
العمر : 79
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا/ ألمانيا
الشهادة/العمل : متقاعد
تاريخ التسجيل : 01/10/2011
رد: عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
نعم صديقي ابولبيب
احيانا الانسان يدمر نفسه بيده دون ان يدري
يظل يتجرع ماقدمت يداه طول العمر
ولكن الصواب ان نقوم من عثرتنا لاان نتغنى بها لتجعلنا في مهب الرياح
هل انت معي في هذا الكلام
سلمت ابو لبيب
احيانا الانسان يدمر نفسه بيده دون ان يدري
يظل يتجرع ماقدمت يداه طول العمر
ولكن الصواب ان نقوم من عثرتنا لاان نتغنى بها لتجعلنا في مهب الرياح
هل انت معي في هذا الكلام
سلمت ابو لبيب
ريما حريري- الصَديقة الصدوقة/مشرفة
-
عدد الرسائل : 890
العمر : 60
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا
الشهادة/العمل : فنون نسوية معهد
تاريخ التسجيل : 16/05/2011
عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
اختي الصدوقــــــــــــــة ريما
وكيف لا اكون معك فيما تصلين اليه من نتائج ... فالذي يقف ويتعقّد من المصيبة التي تصادفه .. سينتهي بسرعة من مسرح الحياة وسيكون عازف ناي في الشوارع والأزقّة .
تقول الحكمة ان الله عزّ وجل يرسل او يسمح بالمصيبة ولكن يضع بين ثناياها العديد من الحلول .
تحيّاتي لك وتمنيّاتي بالأمان والسعادة مع
حنا خوري- يراع عامل
-
عدد الرسائل : 624
العمر : 79
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا/ ألمانيا
الشهادة/العمل : متقاعد
تاريخ التسجيل : 01/10/2011
رد: عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
شكرا صديقي على هذه القصة الواقعية
على الإنسان ان يتخذها عظة
ويستعمل العقل في تصرفاته وتدبيره خلال حياته
ويلزم الحيطة
___________
استطراد لغوي ولفظي:
على فكرة خاچو اسم أرمني وترجمة الاسم خاچو للغات السامية هي صليبا
والخاچ هو الخشب وخاچيك هو الصليب (خشبة الصليب)
على فكرة ج خاچ (تلفظ ج قاسية بثلاث نقاط) أي جيم فارسية (تـْجه) كأن تقول چاوايه بالكردية أي كيف حالك
على الإنسان ان يتخذها عظة
ويستعمل العقل في تصرفاته وتدبيره خلال حياته
ويلزم الحيطة
___________
استطراد لغوي ولفظي:
على فكرة خاچو اسم أرمني وترجمة الاسم خاچو للغات السامية هي صليبا
والخاچ هو الخشب وخاچيك هو الصليب (خشبة الصليب)
على فكرة ج خاچ (تلفظ ج قاسية بثلاث نقاط) أي جيم فارسية (تـْجه) كأن تقول چاوايه بالكردية أي كيف حالك
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
عزيزي ومدير موقعنا الغالي
يكفيني وانا اشارك بما استطيع به دون خوف او فزع لأني أحتفظ بدعم ثقافي ولغوي ولهجاتي قلّ نظيره .. هو موقفكم وتعقيباتكم الجميلة على مشاركاتي .
اشكرك من القلب عزيزي أدامك الله بالصحة والعافية
حنا خوري- يراع عامل
-
عدد الرسائل : 624
العمر : 79
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا/ ألمانيا
الشهادة/العمل : متقاعد
تاريخ التسجيل : 01/10/2011
مواضيع مماثلة
» عازف الكمان بقلم بنت السريان
» نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
» عصر التكنولوجيا بقلم حنا خوري
» نظريــــــــة العم تويجـــــــر بقلم حنا خوري
» أيام من القامشلي ... بقلم حنا خوري
» نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
» عصر التكنولوجيا بقلم حنا خوري
» نظريــــــــة العم تويجـــــــر بقلم حنا خوري
» أيام من القامشلي ... بقلم حنا خوري
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: القصة والحكاية :: حنا خوري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى