نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: القصة والحكاية :: حنا خوري
صفحة 1 من اصل 1
نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
في الستينات من القرن الماضي ، كان الشاب وعند دعوته لخدمة العلم . تغطّيه هالة من الغم والحزن والقنوط في الحياة ، لأن أيامها لم تكن فترة الخدمة تلتزم بالقانون .. أي سنتان ونصف السنة ، فقد كنتُ ورفاقي أول دورة في الجيش من حملة البكالوريا ، أخفضوا رتبة حاملي هذه الشهادة إلى رتبة رقيب عوضا من ضابط .
كانت دورتنا رقمها .. 12 .. أشهر من نار على علم فقد طالت أشهر خدمتنا وفترة الإحتفاظ بنا إلى ثلاث سنوات وسبعة أشهر و17 يوم بالتمام والكمال متتالية ومتواصلة .. ولم يبقى على قيد الحياة من مجمل دورتنا إلاّ بحدود 20 بالمائة .. لأن أغلبنا استُشهد في الجولان والأردن وعلى حدود لبنان وتحت قصف إسرائيل لمدارس الجيش في قطنا .. وحرب الإستنزاف عند القنيطرة .. ومن بقي على قيد الحياة أصيب بالجنون أو الخبل .. حتى أصبحنا في حالة لا نرتدي الزي العسكري إطلاقا ونحن نتجولفي تلك القرى الحدودية بالبيجامة واللباس المدني . ثم الحوادث التي تعرضنا لها كثيرة وكثيرة ولا تُحصى ،والقصص التي صادفناها خلال خدمتي تلك لا يسع الوقت لسردها .
هناك حادثة ظريفة تحضر دائما في ذهني وهي كالآتي ..
كنا في الدورة ، وفي مدرسة المدفعية في معسكر ات قطنا وفي المعسكر رقم خمسة شلة من الشباب من مختلف المحافظات ، صداقة حميمة، وجميلة ، ما يملكه أحدنا أو من يكون جيبه عامر يجخ به على الشباب بدون إحراج .
أذكر يومها زمن السينما الجميل ، وكان فيلم ... نحن لا نزرع الشوك ... قد إشتهر وصُنّف من أكثر الأفلام حضورا وعرضا وإيرادا . قرّرنا نحن الشلّة الستة أن نهرب ذلك اليوم وبإصرار صديقنا علي من مدينة درعا ..ونحضر الفلم واتفقنا على الهروب من الثكنة وبإتجاه دمشق وسينما السفراء .
إتّخذتُ مكاني في الصف المزدحم لأقطع التذاكر كوني قبلها بيومين إستلمتُ معونة مالية من أهلي لا بأس بها . وأنا في ذلك الصف المزدحم ومشغول في تحضير قيمة البطاقات ، وإذ بيد تُربت على كتفي .. إستدرتُ لأرى ؟؟؟؟؟ ... ولكن من أرى .. إنه قائد دورتنا وزوجته وكنا قد إبتُلينا به ، أذكر إسمه إلى الآن .. النقيب مصطفى الجندي .. نفسية مُعقّدة ، وحشي الطباع ،قاسي الملامح ،عنيف المعاملة ، بشكل دائم أذاقنا المر والعلقم خلال دورتنا تلك المشؤومة ولم يراعي الموقف وهو برفقة زوجته .
بادرني بالسؤال .. ماذا تفعل هنا ؟؟ أجبته وأنا كالخشبة لا أرف جفن وبصوت يشبه حشرجة موت كيف لا وبإستطاعته أن يرميني بالرصاص غدافي المعسكر ... سيّدي نريد أن نحضر هذا الفلم ... إبتسم تلك الإبتسامة الصفراوية واضعاً يده حاضنا زوجته قائلاً لي .. غدا تعطيني أسمائكم مفهوم ؟ والآن أترك الصف والتحقوا بالقطعة .
تركت الصف المزدحم والتحقتُ برفاقي الذين أصرّوا على حضور الفلم وخصوصا صديقنا علي ، حلف بأغلظ الإيمان أننا سنحضر الفيلم رغما عن أنف أركان الجيش كلها .
لا أريد أن أطيل ، بعد حضورنا الفيلم ، وفي اليوم التالي وبعد أن بات معروفا من هم الجماعة التي هربت إلى دمشق أُبلغنا من قِبل قيادة الدورة أن نرتدي الزي الرسمي والكفوف لبيضاء والبنط الأخضر والإجتماع خارجا . أقبل عزرائيل كما كنا نسمّيه وبعد أن تفقّد لباسنا ونظافته .... قال إتبعوني .
كان هناك في قطنا يومها جُوَر فنية .. لم تكن بعد شبكة تصريف للمجاري وهذه البرك كانت عندما تمتلئ ، تُفرّغ بصهاريج وتُرمى في الأنهر .. وقصة هذه الحفر الفنية معروفة تاريخيا ... في أيام حكم الرئيس أديب الشيشكليي قامت مظاهرة حاشدة من جامعة دمشق تطالب الرئيس إستعادة فلسطين لأهلها والهجوم على إسرائيل .. فما كان من الحكومة إلا أن أغلقت الشوارع وجمعت جموع غفيرة منهم في شاحنات إلى معسكرات قطنا وخيّرتهم بين الذهاب إلى الحرب أو حفر تلك الجور . فوافق المتظاهرون أن يحفروا تلك الجور ولا يذهبوا للقتال .وهكذا حُفرت تلك الجُوَر .
نعم قادنا الجندي الى إحدى تلك البرك الوسخة وأمرنا بأن نسبح فيها بكامل لباسنا ، ترددنا أول الأمر .. ولكن مع هكذا شخص لا يفيد العناد . رمينا أنفسنا في تلك البركة الآسنة والأوساخ والقاذورات والبول وال... لكنه أصرّ على أن نغطس رؤوسنا ... والذي يغطس يخرج .. وهو واقف يدخن سيجارته .
نفذنا الأمر وخرجنا وروائحنا لاتقدّر بثمن ولا نعرف ماذا نصنع بهذا اللباس ؟؟ لم نستطع النوم تلك الليلة ولم ينام أحد من الرائحة الكريهة وما إن أصبحت الدنيا حتى أضطُررنا إلى الهروب ثانية وإلى الحمام العربي في الحميدية ، ومع العلم أننا كنا من زبائنه الدائمين ، نأخذ ثيابنا معنا دائما إلى هناك ونغسلها وننشّفها على المرجل السخن أو التنور وبعد أن تَنشف نرتديها ونخرج .
يومها بعد أن غسلنا تلك الثياب الوسخة ومن شدة وقوة رائحة تلك الملابس هرب جميع زبائن الحمام ، وجاءنا صاحب الحمام ومنعنا من إستكمال الغسيل أو التنشيف ، توسلنا إليه ولكن تذرّع بقدوم دورية الصحة وليس بالإمكان ما نطلبه . مما جعلنا نرتدي ثيابنا وهي مشبعة بالماء والماء يسيل ويخر من أسفل كل واحد منا وكان سيرنا في الشارع منظرا فريدا من نوعه الكل ينظر إلينا وإلى مزاريب الماء الذي يسيل من أطرافنا .
وصديقنا علي بين الفينة والأخرى يصيح بملئ صوته علينا ..... شمس ... شمس .... يا شباب
حنا خوري- يراع عامل
-
عدد الرسائل : 624
العمر : 79
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا/ ألمانيا
الشهادة/العمل : متقاعد
تاريخ التسجيل : 01/10/2011
رد: نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
هههههههههههههههههههههههههههههههه
لو استنيتوا لتصير الاجازة مو احسن من هالحمام
بس روح الشباب تبقى بالمقدمة
أ دام الله ابتسامتك دوما
لو استنيتوا لتصير الاجازة مو احسن من هالحمام
بس روح الشباب تبقى بالمقدمة
أ دام الله ابتسامتك دوما
ريما حريري- الصَديقة الصدوقة/مشرفة
-
عدد الرسائل : 890
العمر : 60
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا
الشهادة/العمل : فنون نسوية معهد
تاريخ التسجيل : 16/05/2011
نحن لا نزرع الشوك بقلم حنا خوري
اختي الصدوقــــــــــة ريما
بصراحة متل ما تفضّلتي كان عندي من الشلّة صديق بل اخ من بيت المقيّد ساكن في الشام بالجسر الأبيض تاني يوم اخد لباسي ولباسه ونزل على البيت واعطاهم لوالدته فغسلتهم بقرف تاريخي مما جعلني ان لا اريها خلقتي الاّ بعد سنة تقريبا اي الى ان هي نسيت القصة ... فتأمّلي اختي اللي اجا في راسنا من هداك الشـــــوك .
تحياتي لكِ اختي و تقبّلي
حنا خوري- يراع عامل
-
عدد الرسائل : 624
العمر : 79
البلد الأم/الإقامة الحالية : سوريا/ ألمانيا
الشهادة/العمل : متقاعد
تاريخ التسجيل : 01/10/2011
مواضيع مماثلة
» أيام من القامشلي ... بقلم حنا خوري
» عصر التكنولوجيا بقلم حنا خوري
» عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
» قد تسخر مني ... يا صديقي .. بقلم حنا خوري
» آخر ورقات التقويم ... بقلم حنا خوري
» عصر التكنولوجيا بقلم حنا خوري
» عازف النــــــــــــــــــاي بقلم حنا خوري
» قد تسخر مني ... يا صديقي .. بقلم حنا خوري
» آخر ورقات التقويم ... بقلم حنا خوري
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: القصة والحكاية :: حنا خوري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى