الولد الراكض في الذاكرة " أدونيس"
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الولد الراكض في الذاكرة " أدونيس"
"الولد الراكض في الذاكرة"
أدونيس
قَوْسُ رَيْحانٍ عريشٌ من حَمامٍ
والشّبابيكُ رمت أبوابَها
ليدِ الرّيحِ/الحقولْ
قريةٌ من سَعَفِ النّخْلِ ومن حِبْر الفُصولْ.
غضبُ الرّعدُ ولُطف الغَيْم فيها ربّياني
قريةٌ نسهر في سِروالها
ويبوحُ التّين والتّوت بما تخجلُ منه الشّفتانِ.
...
في أعالي شَجَر النّخْلِ نمت ذاكرتي
هوذا السّمّاق نجْنيه وهيّأنا البقولْ
ونقول التّابِلُ الطّيبُ لن ينقصنَا هذي العشيّهْ
هوذا يحتضن النّسرينَ طِفْلٌ
كي يردّ الورْدُ لِلْوَردِ التحيّهْ.
في أعالي شجر النّخْل نَمتْ ذاكرتي
إنه النّرجسُ يأتي حافياً
ما الذي يشغلهُ
والرّفيقُ العشب يعطيني ذراعيه وأُعطيه قميصي
وتغطّينا يدا زيتونة
ليَ في دفتريَ الأخضر شُبّاكٌ وفي الأزرقِ وَعْدٌ
ليَ في محفظةِ الشّمس كتابٌ...
...
في أعالي شَجرِ النّخل نَمت ذاكرتي
نبعُ صَفْصافٍ، بُكاءٌ
أتُرى أسمع للجنّ عَزيفاً
أمْ هيَ الأغصانُ موسيقى؟ تَرنّمْ
أيّها الصَفصافُ وامنحنيَ أن أصغي إليكْ
أن أرى وجهيَ مرسوماً عليكْ
هاجساً يَقرأ صوتَ الماء في صمت الحَجَرْ
ودماً يكتبُ/في أوراقِه
مَطرٌ يمشطُ أغصانَ الشّجَرْ.
...
هَبَطَتْ ذاكرتي
مِن أعالي شجرِ النّخلِ/سلاماً
لِلصّديق الولد الرّاكِضِ في ذاكرتي
لم يَزُرْني اليومَ لم يُومئ إليّ
مثلَما عَوّدني - أسْلمتُ وجهي
لِمراياهُ: مَنِ الضّائعُ مِنّا؟
ومَنِ الصّامِتُ والنّاطِقُ ؟ غامَت
شفتاهُ - أتُراهُ ساكِنٌ في شفتيّ؟
...
أيُّهذا الولَدُ الرّاكض في ذاكرتي
جُرحيَ النّازف يَسْتعصي ولكن
جسدي يَنمو ويزهو
فأنا والبحرُ في الموت سواءْ
وأنا قبّرة الحزْنِ أنا ذِئْبُ الفَرَحْ
أيّها الطّالعُ من هذا الفضاءْ
أنتَ جرحٌ آخَرٌ ينزفُ أم قوسُ قُزَحْ؟
...
هبطَتْ ذاكرتي
مِن أعالي شَجر النّخْل / سلاماً
يا شبيهي الولدُ الرّاسبُِ في ذاكرتي
أنت مَن يَجمح في نَبْضيَ أم أنتَ الحريقْ؟
وسلاماً أيّها الطّيفُ الصّديق
عشْتَ محمولاً على نَرْدٍ وسمّيتَ القمر
فَرَساً حيناً وحيناً فارساً
كانت الشمس تؤاخيك وتبني
معكَ البيتَ الذي تبنيه من قَشٍّ وتلهو
بالحصى مثلَكَ / لو تعطينيَ الآنَ يَديكْ...
وسلاماً
أيّهذا الشّجر الماثلُ في ذاكرتي
أَأَنا نُطقك أم صمتكَ أوْ ما تنقلُ الرّيح إليكْ
مِن غُبار الشّجر الآخرِ؟ لَو تعطينيَ الآنَ يديكْ
لو يقول الأفُق السّاهِرُ في ليل رؤاكَ السّاهره
ما الذي تَمْخُضُ في غابةِ أيّامي رياحُ الذّاكره...
...
في أعالي شجر النّخل نمت ذاكرتي
لم أكن أعرفُ أنّ الجسدَ العاشِقَ مرسومٌ بمنقارِ سنونو
لم أكن أعرف أنّ الحبّ لا يعرفه إلا الجنونُ
...
لِمن النّجمةُ تُرخي شعرّها
وتلاقيها إلى البَيْدرِ أفراسُ التّعَبْ
بين عينيها طريقٌ ويداها
خَيْمَةٌ...
حَقّاً؟ خُذيني
.../ حوضُ أحزانٍ وماءُ اللّيلِ/غُصْنا
واقتسمنا قمرَ الماء، يقيناً
تحلم النّجمةُ أن تسكنَ بيتاً مِن قَصَبْ.
* * *
بيروت، أيار، 1982
_________
نقلاً عن موقع أدب (adab.com)
أدونيس
قَوْسُ رَيْحانٍ عريشٌ من حَمامٍ
والشّبابيكُ رمت أبوابَها
ليدِ الرّيحِ/الحقولْ
قريةٌ من سَعَفِ النّخْلِ ومن حِبْر الفُصولْ.
غضبُ الرّعدُ ولُطف الغَيْم فيها ربّياني
قريةٌ نسهر في سِروالها
ويبوحُ التّين والتّوت بما تخجلُ منه الشّفتانِ.
...
في أعالي شَجَر النّخْلِ نمت ذاكرتي
هوذا السّمّاق نجْنيه وهيّأنا البقولْ
ونقول التّابِلُ الطّيبُ لن ينقصنَا هذي العشيّهْ
هوذا يحتضن النّسرينَ طِفْلٌ
كي يردّ الورْدُ لِلْوَردِ التحيّهْ.
في أعالي شجر النّخْل نَمتْ ذاكرتي
إنه النّرجسُ يأتي حافياً
ما الذي يشغلهُ
والرّفيقُ العشب يعطيني ذراعيه وأُعطيه قميصي
وتغطّينا يدا زيتونة
ليَ في دفتريَ الأخضر شُبّاكٌ وفي الأزرقِ وَعْدٌ
ليَ في محفظةِ الشّمس كتابٌ...
...
في أعالي شَجرِ النّخل نَمت ذاكرتي
نبعُ صَفْصافٍ، بُكاءٌ
أتُرى أسمع للجنّ عَزيفاً
أمْ هيَ الأغصانُ موسيقى؟ تَرنّمْ
أيّها الصَفصافُ وامنحنيَ أن أصغي إليكْ
أن أرى وجهيَ مرسوماً عليكْ
هاجساً يَقرأ صوتَ الماء في صمت الحَجَرْ
ودماً يكتبُ/في أوراقِه
مَطرٌ يمشطُ أغصانَ الشّجَرْ.
...
هَبَطَتْ ذاكرتي
مِن أعالي شجرِ النّخلِ/سلاماً
لِلصّديق الولد الرّاكِضِ في ذاكرتي
لم يَزُرْني اليومَ لم يُومئ إليّ
مثلَما عَوّدني - أسْلمتُ وجهي
لِمراياهُ: مَنِ الضّائعُ مِنّا؟
ومَنِ الصّامِتُ والنّاطِقُ ؟ غامَت
شفتاهُ - أتُراهُ ساكِنٌ في شفتيّ؟
...
أيُّهذا الولَدُ الرّاكض في ذاكرتي
جُرحيَ النّازف يَسْتعصي ولكن
جسدي يَنمو ويزهو
فأنا والبحرُ في الموت سواءْ
وأنا قبّرة الحزْنِ أنا ذِئْبُ الفَرَحْ
أيّها الطّالعُ من هذا الفضاءْ
أنتَ جرحٌ آخَرٌ ينزفُ أم قوسُ قُزَحْ؟
...
هبطَتْ ذاكرتي
مِن أعالي شَجر النّخْل / سلاماً
يا شبيهي الولدُ الرّاسبُِ في ذاكرتي
أنت مَن يَجمح في نَبْضيَ أم أنتَ الحريقْ؟
وسلاماً أيّها الطّيفُ الصّديق
عشْتَ محمولاً على نَرْدٍ وسمّيتَ القمر
فَرَساً حيناً وحيناً فارساً
كانت الشمس تؤاخيك وتبني
معكَ البيتَ الذي تبنيه من قَشٍّ وتلهو
بالحصى مثلَكَ / لو تعطينيَ الآنَ يَديكْ...
وسلاماً
أيّهذا الشّجر الماثلُ في ذاكرتي
أَأَنا نُطقك أم صمتكَ أوْ ما تنقلُ الرّيح إليكْ
مِن غُبار الشّجر الآخرِ؟ لَو تعطينيَ الآنَ يديكْ
لو يقول الأفُق السّاهِرُ في ليل رؤاكَ السّاهره
ما الذي تَمْخُضُ في غابةِ أيّامي رياحُ الذّاكره...
...
في أعالي شجر النّخل نمت ذاكرتي
لم أكن أعرفُ أنّ الجسدَ العاشِقَ مرسومٌ بمنقارِ سنونو
لم أكن أعرف أنّ الحبّ لا يعرفه إلا الجنونُ
...
لِمن النّجمةُ تُرخي شعرّها
وتلاقيها إلى البَيْدرِ أفراسُ التّعَبْ
بين عينيها طريقٌ ويداها
خَيْمَةٌ...
حَقّاً؟ خُذيني
.../ حوضُ أحزانٍ وماءُ اللّيلِ/غُصْنا
واقتسمنا قمرَ الماء، يقيناً
تحلم النّجمةُ أن تسكنَ بيتاً مِن قَصَبْ.
* * *
بيروت، أيار، 1982
_________
نقلاً عن موقع أدب (adab.com)
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: الولد الراكض في الذاكرة " أدونيس"
هبطَتْ ذاكرتي
مِن أعالي شَجر النّخْل / سلاماً
يا شبيهي الولدُ الرّاسبُِ في ذاكرتي
أنت مَن يَجمح في نَبْضيَ أم أنتَ الحريقْ؟
وسلاماً أيّها الطّيفُ الصّديق
دانيه الرائعة
دائما اختياراتك راقية ورائعة
تقديري وودي
جو
مِن أعالي شَجر النّخْل / سلاماً
يا شبيهي الولدُ الرّاسبُِ في ذاكرتي
أنت مَن يَجمح في نَبْضيَ أم أنتَ الحريقْ؟
وسلاماً أيّها الطّيفُ الصّديق
دانيه الرائعة
دائما اختياراتك راقية ورائعة
تقديري وودي
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
ما أروع هذا الرجل
ما أروع هذا الرجل
و ما أروع أن نحتمي بظلال فكره
اذ يرفعنا إلى أقسى حالات السمو
بورك كاتب ... و شاعر
سلاماً ... سلاما أيها المُعلم
دانيه
و ما أروع أن نحتمي بظلال فكره
اذ يرفعنا إلى أقسى حالات السمو
بورك كاتب ... و شاعر
سلاماً ... سلاما أيها المُعلم
دانيه
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: الولد الراكض في الذاكرة " أدونيس"
دانية
شكرا لاختيارك المتميز
لفارس قصيدة النثر العربية
وننتظر المزيد
مودتى
شكرا لاختيارك المتميز
لفارس قصيدة النثر العربية
وننتظر المزيد
مودتى
يا لقصيدة ... غاليه غاليه حتى الثمالة
... ثمة هواية تستبدُّ بي كلّما أدهشتني قصيدة
أحب أن أعلق خواطر على بعض سطورها
و في حضرة تلك الرائعة أجدني ... أخطُّ
" هبطت ذاكرتي من أعالي شجر الصنوبر ... سلاماً
و سلاماً
أيها الظلّ الصديق "
شكراً ... أخ محمود مغربي للقراءة
دُمت بذوقك العالي ....
و شكري العالي لسيد المملكة ... لتتويج القصيدة بصورة الشاعر العملاق
فلا شك أن أدونيس حالة فريدة في تاريخنا العربي ... من الصعب جدا أن تتكرّر
دانيه
أحب أن أعلق خواطر على بعض سطورها
و في حضرة تلك الرائعة أجدني ... أخطُّ
" هبطت ذاكرتي من أعالي شجر الصنوبر ... سلاماً
و سلاماً
أيها الظلّ الصديق "
شكراً ... أخ محمود مغربي للقراءة
دُمت بذوقك العالي ....
و شكري العالي لسيد المملكة ... لتتويج القصيدة بصورة الشاعر العملاق
فلا شك أن أدونيس حالة فريدة في تاريخنا العربي ... من الصعب جدا أن تتكرّر
دانيه
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: الولد الراكض في الذاكرة " أدونيس"
ارد الشكر لسيدة الكلمة وسيدة الذوق دانيه
لإختيارها أولاً هذه الكلمات للكبير أدونيس لتزين بها مملكتها
وتزيدها بهاء فوق بهاء..
بعد ان أغنتها بروائع أعمالها وفكرها النير
مودتي لها
مع دعائي لها بالاستمرار بالنجاح
وتحقيق ما تصبو اليه
جو
لإختيارها أولاً هذه الكلمات للكبير أدونيس لتزين بها مملكتها
وتزيدها بهاء فوق بهاء..
بعد ان أغنتها بروائع أعمالها وفكرها النير
مودتي لها
مع دعائي لها بالاستمرار بالنجاح
وتحقيق ما تصبو اليه
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» دليلٌ للِسّفرِ في غابات ِالمعنى " أدونيس "
» تجاعيدُ الوقت " أدونيس "
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
» "مار جرجس" تتوسط مدينة "الحسكة" القديمة
» تجاعيدُ الوقت " أدونيس "
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
» "مار جرجس" تتوسط مدينة "الحسكة" القديمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى