مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
بقلم: نصيف الناصري
{ بستان عائشة }
{ 1 }
صدرت مجموعة المرحوم الشاعر عبد الوهاب البياتي { بستان عائشة } في عام 1989 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، وأعيد اصدارها بعد ذلك عدة مرات .
أقدم هنا الى أصدقاء الشعر هذه المجموعة عبر طبعتها الثالثة التي صدرت في عام 1994 عن نفس دار النشر .
{ 2 }
في شتاء عام 1995 كان الاستاذ ماهر الكيالي صاحب دار { المؤسسة العربية للدراسات
والنشر } يلح على المرحوم البياتي حول ضرورة نشر مجموعته الجديدة التي كتبت بعد
مجموعة { بستان عائشة } وهي مجموعة { كتاب المراثي } ،
لكنه كان يعد باعدادها للنشر ويؤجلها دائماً . في يوم ما أخبرني أن المجموعة الجديدة جاهزة
لكن قصائدها تتوزعها مخطوطات ومجلات وصحف عديدة ، وطلب مني أن أنقل قصائد المجموعة
في دفتر وأبوبها حسب تعليماته . قمت بنقل { كتاب المراثي } في جلسة طويلة بغاليري
الفينيق في عمّان ، وسلّمها البياتي بعد ذلك الى الفنان التشكيلي العراقي عبد الحسين تويج
الذي وضع لها رسومات مستوحات من مناخات المجموعة . بعد صدور { كتاب المراثي }
طلب مني البياتي أن اشتري دفتراً وأضع فيه كل قصيدة جديدة يكتبها . كنت أكتب
القصائد وحين تنشر في صحف أو مجلات يقوم البياتي بتغيير وشطب الكثير من السطور والكلمات .
بعد سنوات امتلأ الدفتر بقصائده الجديدة ونشره الاستاذ ماهر الكيالي بعنوان { البحر بعيد أسمعه يتنهد } .
مجموعة
بستان عائشة
الى زوجتي العزيزة هند :
لم أعرف سوى حبكِ على هذه الأرض
فحبّيني من جديد
فبحبكِ يكبر الطفل / الشاعر الذي هو أنا .
عبد الوهاب البياتي
مدريد 2 / 11 / 1988
مرثية الى خليل حاوي
{ 1 }
حين انتظر الشاعر
ماتت عائشة في المنفى
نجمةَ صُبحٍ صارت :
لارا وخزامى / هنداً وصفاء
ومليكة كل الملكات
تمثالاً كنعانياً
نار حريقٍ في أبراج البترول
وفي أبيات { نشيد الانشاد }
ودماً فوق سطور { التوراة }
وجباه لصوص الثورات .
صارت نيلاً وفرات
ونذور الفقراء
فوق جبال الأطلس ،
قافية في شعر أبي تمّام
صارت بيروت ويافا ،
جرحاً عربياً في مدن الابداع
منذوراً للحبِ
ومسكوناً بالنار .
صارت عشتار .
{ 2 }
حين ارتحل الشاعر
رسمت خارطة الأشياء خُطاه .
{ 3 }
حين انتحر الشاعر
بدأت رحلته الكبرى واشتعلت في البحر رؤاه
وحين اخترقت صيحتُهُ ملكوت المنفى
طفق الشعب القادم من صحراء الحبِ
يحطم آلهةَ الطينِ
ويبني مملكة الله .
28 / 2 / 1983
من أوراق عائشة
قالت : سأقتلهُ
وأحمل رأسه لقبيلتي
صنماً ، لتعبدَهُ
وتحرقهُ ، إذا اقتتلت
وفي الصحراء أبني معبداً للحبِ
يحمل اسمهُ
تأوي اليه الطير ، في زمن المجاعةِ
أرتدي الأسمالَ
أعقر ناقتي
في باب معبده أنوح .
قالت : سأحملهُ
إذا مرّت عصور
خاتماً في اصبعي
وأنوح في جوف الضريح .
23 / 11 / 1987
الناي
الناي يبكي : انها الغاباتُ ، تبحث ، سدى
عن قوتها في باطن الأرض العميق .
الناي يبكي : انها ريح الخريف
الناي يبكي : انها الأبراج داهمها الحريق
الناي يبكي : انسان يقاومُ موتهُ
موت الطبيعةِ والفصول .
مدن الخوف
مدن تعيشُ على الاشاعات / الأكاذيب / الأقاويل / الخواء
وعلى دم الانسان والحق المُضاع
وتنام في خوفٍ على باب الطواغيت الصغار
وبعضوِها / المذياع / تفتح ما تشاء .
الحلزون
رجل تَسلَحَ بالنبوءةِ واللهيب
أسرى بنار الرافضين
ومات في المنفى وحيد
كلماته اخترقت جدار الصمت ِ
ذوّبت الجليد
فَلِمن ؟ ولماذا سوف تكتبُ عنهُ
يا حلزون ذاكرة المغني والشهيد ؟
الينابيع
سأموتُ حبّاً تحت خيمتِها
أعود الى الطفولة
راعياً غنم القبيلة
مثل هارون الرشيد
ملكاً وسلطاناً
على أسراب مملكة القطا
وقبائل المطار في كل الفصول
ذهبي : ينابيعُ الحياة
وثروتي : قلق الوجود .
ورقة أخرى
قالت : سأشنقهُ
بليل ضفائري
مهما أطَلتُ الانتظار
وأعيدهُ حجراً على درب القوافل
سدرةً / شيحاً وقيصوماً
وزهرة جلنار
قالت : سأغرس رمحَهُ المسموم
في عينيهِ
حتى لا يرى ضوء النهار .
وبكت وطال بها الوقوف على الطلول الباليات
واستنجدت بالساحرات
لتعيدهُ حيّاً ،
ولكن الرياح السافيات
عفّت على آثار أقدام الطريد
وأدرك الليل انهار .
23 / 11 / 1987
نار الشعر
{ 1 }
قالت : { ستموتُ غداً ، مسموماً في المنفى
أو مذبوحاً في سكين صديقٍ أو مُخبر سلطان }
قال مخنثُ بابلَ : { أنت الآن
مأسور ، باسم الشعراء الخصيان }
لكني ، كنتُ أموت غريقاً
في النور القادم من أبعد نجمٍ ، محترقاً
في نار الشعر الزرقاء
أشحذ أسلحتي ، وأداعبُ في موتي ، القيثار .
{ 2 }
كان يموتُ ببطءٍ ويناضل ضد الحُلم المأجور
كان شهيد النور
كان يقاتل في يافا / البصرة / بيروت
وعلى بوابة { كردستان } وشط العرب المسحور يموت .
{ 3 }
كان يشاهد أشباهَ رجالٍ ومخانيث وراء مكاتبهم يزنون .
كان الوطن العربي القابع تحت الأنقاض يشاهدهم
في عين المأخوذ
يحصون القتلى من خلف مكاتبهم
يزنون
بعيون لصوص الديجور .
{ 4 }
كان الشعب العربي يشاهد من تحت الأنقاضِ
نهاية عصر شهود الزور .
{ 5 }
كان شهيد الوطن الصاعد من قاع الابداع غريقاً في النور .
مدريد 7 / 12 / 1983
الملاك والشيطان
معجزةُ الحب الخالد { لارا }
تنهض من تحت رماد الاسطورة ، عنقاء
تتألق نجماً قطبياً
وتهاجر مثل الأنهار
تتقمص في الواح الطينِ
وفي أختام ملوك { الوركاء }
صورةَ عشتار
تصبح معشوقاً أزلياً في لاهوت العشاق
إحدى الربّات
تتجلى في صور شتى
في أوراق البرديِّ وفي المنحوتات
تُغري بعبادتها الشعراء
فإذا ما عبدوها
صاروا في الحب لها عُبدان .
أغوتني
وأنا في المهد صبيٌّ
لكني أصبحتُ عليها سلطان .
كانت في الحب ملاكاً
وأنا كنتُ الشيطان .
1986
نهر المجرة
في نهر مجرة هذا الكون الشعريِّ
المسكون بروح الأسلاف
كنا مثل فراخٍ لم تنبت ، بعدُ ، قوادمها
نسبح ضد التيار
ونحاولُ ليلَ نهار
أن نصطاد الثور الاسطوريَّ
لنذبحه قرباناً لإله الشعر المتجلي
في غبش الأسحار
كنا نتحدى
أزمنة ً شاخت وعصوراً تنهار
بصواعق من نار .
كنا أطفالاً
لكنّا في الحب كبار .
1986
النقاد الأدعياء
جرذانُ حقول الكلمات
دفنوا رأسَ الشاعر في حقل رماد
لكنّ الشاعرَ فوق صليب المنفى
حمل الشمس وطار .
نيسان 1986
مترو باريس
أشباح عدد الرمل
أنهكها المعنى واللامعنى في حمّى البحث
ودوارُ الرفض
بعض منها ينزل أو يصعد من جوف الأرض
أملاً في البعث .
منها : من يبكي / يترنح / يضحك
يعوي مثل الذئبِ
ويُخفي بجريدته وجهاً متعب
ويُودِعُ ضوء نهارٍ يرحل
يستبدل ذاكرة الأمس بأخرى
ويخاطب انساناً مجهولاً في الغيهب .
من يهذي / يتضور جوعاً / يتأبط
كتباً لم تُقرأ .
من يعزف لحناً / يشحذ
يُلقي شعراً ويبحلق في المطلق .
من يرجو شيئاً لا يتحقق .
وتظل الأشباح الأرضية تنزل أو تصعد
في النفق الأسود .
1986
الولادة في مدن لم توُلَد
أُولدُ في مدن لم تُولَد
لكنّي في ليل خريف المدن العربية
- مكسور القلب - أموت
أدفن في غرناطة حبي
وأقول :
{ لا غالب إلاّ الحب }
وأحرق شعري وأموت
وعلى أرصفة المنفى
أنهضُ من بعد الموت
لأُولد في مدن لم توُلَد وأموت .
1986
المغني الأعمى
مطر يتساقط فوق مساجد طهران
مطر ونعاس
وسحابةُ خوفٍ تجتاح الناس
لكنّ مغني الموت الأعمى
كان يغني للموتى العميان .
1986
راقصة الدخان
راقصة من بحر الصين
ترقص في صندوق خزفي
تُغمضُ عينيها
تبكي
ممسكةً في يدها عصفور
ترفعهُ قرباناً للنور
تقطف في يدها الأخرى زهرةَ لوزٍ
تخفيها في قاع الصندوق
تسقط مثل النجمةِ في بحر الصين
تتلاشى مثل دخان في الريح .
1984
الشهيد
يتوهج في نور المشكاة
متحداً في ذات الله
لا يفنى / مثل شعوب الأرض
يتحدى في ثورته الموت .
1984
عن كتب التاريخ
عاهرة كتب التاريخ
تدفنُ تحت الأنقاض : الشهداء والقديّسينَ
وتُبقي أسماءَ شهود الزور .
1984
الى خورخى لويس بورخيس
أعمى ، لكنكَ تُبصر في عين الكلمات
تتقرى باللمس المرآة
ورفوفَ الكتب الغرقى بالنورِ
ونار اللوحات .
تُبصر – ما خلف الباب
ووراء قناع الاسطورة -
: مدناً تحت الشمس تموت
فرساً في غابة عبّاد الشمس جموح
نهراً ينبع من جبلٍ مسحور
بدوياً يصطاد غزالة
كانت جارية في قصر الواثق بالله .
كانت نافورة
في أزمان أخرى ، في قصر الحمراء .
أعمى لكنكَ تُبصر
وجهي الآخر تحت قناع الموت
وضياعي في ملكوت المنفى .
مَن مِنا الأعمى
في سجن الحرية
يبكي تحت الأسوار الحجرية
ويموت وحيداً في الغربة
محكوماً بشروط اللعبة ؟
1984
مجنون اشبيلية
تحت الجيرالدا
أجمل انسان في الأرض يموت
تحت الجيرالدا
آخر حب في الأرض يموت
تحت الجيرالدا
أصرخ مجنوناً وأموت .
1984
الى بَثينة الكساندرة
في بهو الليل الاسباني ، فتاة نائمة
يحرسها ثعبان
وعلى قدميها يجثو عبد
ينفخ في ناي ذهبي
يبكي عشاقاً ماتوا في أوج صباهم
ويقول بصوت دامع
للجسد الهاجع :
كوني ربةَ شعري في آخر خطوة
أخطوها حول المذبح
فالعالم مسرح
والشاعر في خاتمة الفصل ضحية
ينهشه حفار القبر / النقاد اللؤماء .
1984
عن كتب التاريخ أيضاً
كاذبة كتب التاريخ
ما كان الاسكندر تلميذاً لأرسطو
ما كان سوى جلاّد
يغزو من أجل الغزو
ليشفي علته
بدماء جنود الفقراء .
1984
عملية تجميل
يتمنى أن يصبح من جنس آخر
أو ذيلاً
ولساناً للآخر
ولكن الحلاق الباريسيَّ بخيل
في قص شعور قصائده
أو وضع الرأس مكان الرأس الآخر .
1984
الى نجيب محفوظ
ثرثرة فوق النيل
أم وجع القلب الانساني المخذول
وهزيمة جيل ؟
أم نار أطفأها في العوّامةِ
أمر يحتمل التأويل ؟ .
1984
بغداد
مهما طال حوارُ الأبعاد
فستبقى بغداد
شمساً تتوهج
نبعاً يتجدد
ناراً أزلية
رؤيا كونية
لطفولة شاعر .
1984
الولادة
الابداعُ هو الحب
والحبُ هو الموت
والابداع / الحب / الموت : ولادة
فلماذا مات اذن ، نيرودا / حكمت ؟
ولماذا آخر وردة
في شرفة بيتي احترقت ؟
ولماذا نجمة حبي أفَلَت ؟
1984
الى يلماز غونيه
رجل وامرأة وقطار في ليل الأناضول
تحت الضوء / تقول المرأة في خوف : { ما هذا الليل ؟ }
مدن وقرى وذئاب تعوي جائعة ، تحت الثلج
ودخان الأنفاق الملتوية
وسعال الأطفال .
ليل ينذر بالزلزال .
قال الرجل النائم في همس : { الليل هو الليل } .
رجل آخر في أقصى العربة
يكتب تحت الضوء المخنوق رسالة
ويردد أغنية شاعت بعد الحرب الكونية في البلقان
تتحدث عن حب غامض
ونبي شاعر
فُتِنَ الناسُ بهِ / رجل يغتاب صديقاً ويقول :
{ هذي الدنيا خائنة ولعوب
تركب ظهر حمار بالمقلوب } .
المرأة تبكي في خوف . الرجل الأول يزجرها
ويقول لها : { ما هذا ؟
الفجر وشيك والغابات تتنفس في عمقٍ
والأرض تعاني أوجاعَ مخاض } .
1984
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
بستان عائشة
بستان عائشة
بستانُ عائشة على { الخابور }
كان مدينةً مسحورةً .
عرب الشمال
يتطلعون الى قلاع حصونها
ويواصلون البحث عن أبوابها
ويقدمون ضحية للنهر في فصل الربيع
لعل أبواب المدينة
تستجيب لهم
فَتُفتَحُ / كلما داروا .
اختفى البستانُ
واختفت الحصون .
فإذا خبا نجم الصباح
عادوا الى { حلبٍ } لينتظروا
ويبكوا ألف عام
فلعلهم في رحلة أخرى الى { الخابور }
يفتتحونها
ولعلهم لا يُفلحون
فالموت عرّافُ المدينة
هادمُ اللذات
يعرف وحدهُ
أين اختفى بستان عائشة
وفي أي العصور ؟
26 / 12 / 1987
2 / 1 / 1988
اللقالق
تحط الرحال بأعلى الكنائس
أعلى المساجد
فوق القباب
تُجَمِّمعُ عيدان أعشاشها
من هنا أو هناك
تبيض / تُفرخُ / تفرد في الريح أجنحة
لتزق الفراخ
فإن ضوأَت نجمة القطب فوق المدينة
ذارفة نورها في العراء
نما ريشها
واستطالت قوادمُها في الهواء .
تطير اللقالق عائدةً
لبلاد الضباب
مخلفةً صرخة في أعالي السماء .
القفص
لِتَكُن المقلاع والحجر
لتكن الانسان في صراعه الدامي مع القدر
لتكن المبدع والنار وصوت الريح والبشر
فأنت سيد الينابيع
وأنت سيد المطر
لكنك الآن ، حبيس
تنقر القضبان في القفص .
المكتشفون
يتوجع العشاق في صحراء وحدتهم
يجوبون المساءات الكئيبة
حاملين جحيمهم
متوحدين / مُهمشين
لبثوا / بفعل تواصل الأزمان
في ملكوتهم / لا يكبرون
شابت نواصي الأرض
دبّ الموت في الغابات
فانقرضت
وهم يتفتحون ويزهرون ويثمرون
وبسحرهم قهروا التعاسة
واصلوا الابداع
في صحراء وحدتهم
وكانوا / ما يكون .
تركوا على أسوار هذا الكون
بعض رموزهم
وَهمُ الى أرض الكواكب يرحلون .
صورة جانبية لعائشة
تُخفي وراء قناعها وجهَ ملاك
وملامحَ الأنثى
التي نضجت على نار القصائد .
أيقظت شهواتها ريحُ الشمال
فتجوهرت تفاحةً / خمراً
رغيفاً ساخناً
في معبد الحب المقدس
أدمنت طيب العناق
ظهرت بأحلامي ، فقلتُ : فراشة
رفّت بصيف طفولتي
قبل الأوان
وتقمصت كل الوجوه
وسافرت / بدمي تنام
قديسة تنسل في جوف الظلام
لتعانق الصنم المحطم
تنشب الأظفار في الحجر / الحطام
ياقوتة / فمها / تشع طرية /
نارُ الحقول /
ضفائر معقودة /
عينان تضطرمان من فرط الحنان
وجه وراء قناعه ، يُخفي { مدائن صالح }
وحدائق الليمون في أعلى الفرات
أمضيتُ صيف طفولتي
فيها ، وأدركني الشتاء
وحملت في منفايَّ بعد رحيلها
ذهب القصائد والرماد .
1987 – 1988
التجلي المقدس
للوطن المدهوش في زوبعة الأوراق
للوطن المسكون بالعشاق
للوطن الضارب بالجذور في الأعماق
لشاعر تحوم حول وجهه المُضاء
فراشة بيضاء
لكتب الأسفار
والليل والنهار
تَطَّلعَ الحلاّج
مفترشاً { دجلة } في الخريف والقباب والأبراج
وخبأ الرأس الذي أُحرق بعد الصلب في الأمواج .
1983 – 1984
الشاعر
أشعَلَ في أصفاده النار
وقال لسجون الأرض أن تنهار
باح بسرّ حبه الفاجع للأمطار
وعندما استشهد في هياكل النور وفي المعراج
أودع في قصيدةٍ رمادهُ
صار ضريحاً غامضاً يُزار .
المهرج
تقطعت أنفاسه في أول الشوط وفي نهاية المضمار
خاف من الصعود والهبوط في دوائر الأصفار
وعندما خرّ على الأرض صريعاً
مدّ لليل يداً
وانهال بالأخرى على طفولة النهار
بسوطه ، وانهار .
الخائنة
كانت ، على منوالها ، ثلاثة تخون :
حبيبها ونفسها وبعلها المسكين
وعندما تحدج في مرآتها
ترى على صفحتها خائنةَ العيون .
مدريد في عيد الميلاد
في ساحة الأربعة الملوك
مرّ المسيح عابراً
بغصن زيتونٍ ووجهٍ شاحب منحوت
من حجر الياقوت
وكان في الساحة صعلوك على أكتافه
عباءة من ورق الخريف
وطفلة تشرب ، في جانبه ، الكحول
وتنفث الدخان في وجه مغول الريح .
الوجه
وجهك في المرآة : وجهان
فلا تكذب
فإن الله
يراك في المرآة .
سور الصين
تكسرت نصالهم فوق جدار سرّه الدفين
قالوا : انتهى
وحفروا قبراً له
وسملوا عينيه بالسكين
لكنه ، كان على صليبهِ مُعَلَّقاً
تضيئهُ البروق في ليل المنافي مثل سور الصين .
الى اوكتافيو باث
قلتُ لشمس الله أن تُشرق في الميعاد
قلت لها : شرّدني في هذه الديار :
الله والقيثار
لكنها غابت
ولم تشرق على منازل الشاعر في الميعاد .
الولاية
أنشب في لحم الليالي مخلباً وناب
حجَّ الى مدينة العشق
وفي حاناتها
أفرط في الشراب
وعندما بايعه الخمّار بالولاية
أحسّ بالنهاية .
امرأة
تعود كل ليلةٍ من قبرها النائي
الى مدائن الصفيح
تمارس الحب مع الشيطان في بيوتها
تصهل مثل فرس في الريح
وكلما أدركها النعاس في تجوالها
عادت الى الضريح .
البصرة
{ 1 }
كانت ، كعادة ، أهلها البسطاء
تجترح البطولة والفداء
تستقطر التاريخ معجزة
وشارات انتصار
وبوجهها العربي
في كل العصور
- مدينة الشعراء والعلماء -
قاومت الغزاة
وبأكرم الشجر النخيل
وشطها
كانت الى الشهداء في معراجهم
زاد المعاد :
الشعر سرّ شبابها
وبطولة البشر / البناة .
{ 2 }
خصلات شعرك في مرايا البحر :
نافذة وعصفور يطير
ووردتان
وأنا المسافر في الزمان والمكان
وفي منافي الأبجدية والعروض
لغتي بضوئك أورقت
صارت قناديل المحبة .
أزهرت
صار منازل للقلوب
صار الزمان حديقةً
والبحر مرآة الحديقة والزمان .
{ 3 }
كانت بلادي ترتدي ثوب الربيع
أوقفت راحلتي
وقلتُ : بكم تبيع
سلطانتي
هذا الضياء الأزرق الورديَّ
هذا الثوب
هذا الياسمين ؟
قالت : { بكل قصائد الشعراء }
ضاحكة
{ ولكن ، لن أبيع } .
1987
الرجل المجهول
رجل من بين غبار السنوات
طرق الباب
حيّاني ، قلتُ له : { أهلاً }
لكن الرجل المجهول ، قبالة بابي ، مات .
1985
باب الشيخ
حب من { باب الشيخ } ورائي
يمتد كخيطٍ مسحور
أمسكهُ ، فأرى بيتاً يغرق بالنور
أتطلع نحو الباب المغلق
في عيني طفل مبهور
أتوقف عند السور
أصرخ ، لكن الخيط المسحور
يصبح جرحاً في قلبي
ورماد بخور .
1985
الطاووس
مدن بالطاعون تموت وأخرى يضربها الزلزل
ومجاعات وحروب في كل مكان ودمار
وحضارات وعصور تنهار
لكن الطاووس ، بلا خجل ، يظهر عورته للناس .
1985
الى يشار كمال
مخترقاً جدران الغرف الصماء
ولغات شعوب القارات
مصهوراً بالنار
والألم الخلاّق
يتحدى الرمم الصلعاء
وصغار الكتّاب
أشعل باسم الانسان المفعم موتاً
ثورة ابداع في الابداع .
1985
طفولة شاعر
عائشة بنت السلطان
كانت من أعلى نافذة في قصر السلطان
ترنو لخيول السلطان
وعبيد السلطان
كانت ترشقني – وأنا أبكي
تحت النافذة العليا
مكسور القلب – بوردة
لكنّي أتجاهلها
وأقول لنفسي
وأنا أبكي في حرقة :
ماذا لو أسرجت حصاني وغزوتُ البلدة ؟
1985
القصيدة
يتجول في نومي رجل النور
يتوقف في الركن المهجور
يُخرج من ذاكرتي كلماتٍ
يكتبها
ويعيد كتابتها في صوت مسموع
يمحو بعض سطور
ينظر في مرآة البيت الغارق بالظلمة والنور
يتذكر شيئاً
فيغادر نومي
استيقظ مذعوراً
وأحاول أن أتذكر شيئاً
مما قال ومما هو مكتوب
عبثاً ، فالنور
مسح الأوراق وذاكرتي
ببياض الفجر المقتول .
1985
المغول
كان المغول على ظهور الصافنات –
دُمىً يحرك واهيات خيوطها
عصر يموتُ
غريزةُ التاريخ
تحت سماء موت الآخرين –
عيونهم خرز ملونة
بأعناق السهوب :
مجاعة / برق / بكاء الأرض
قبل مخاضها الدامي
وجوه تقرأ الأفق المُغشى بالحرائق :
انها حمّى الولادة
انه الطاعون
حاصر { قندهار }
وحاصر المدن التي ذُكرت
بأسفار اليهود
وشقّ أرحام السبايا
سمّم الأنهار
حطّم سقف هذا الكون
داس بخيله جثث الملوك
أماط عن وجه الطبيعة سرّها المكنون
عرّى نطفة العدم الذي يسري بشريان
الوجود / أعاد خلط الماء والأوراق
والنار / الضحايا والغزاة : عجينة عمياء
تبحث في المرايا
عن وجوه القادمين من السهوب
ليحرثوا بسيوفهم
عطشَ الحياة وجوعها
..........................
وعلى رماد حرائق المدن
التي نزفت دماً
هُزِمَ المغول .
1988
رجل وامرأة
يسقط الثلج على مدخنة البيتِ
وفي بهو المرايا
امرأة منتظرة
رجل في دمها ، يحرث ، مأخوذاً
حقولَ الجسد المزدهرة
رجل يوُلد من أضلاعها
يسكن فيها
يختفي في الذاكرة
نابضاً في قطرات دمها المفترسة
صاعداً كالشجرة
في خلاياها وفي أوصالها المرتجفة
رجل عانقها
فاشتعلت في دمها ، نار الفصول الأربعة .
1988
الحصار
الى خليل حاوي في ذكراه
محجوزة : كل منافي الأرض والسجون
أقبية التعذيب والجنون
أقنعة المهرجينَ
وقناني الخمر والسموم
مطاعم المدينة / الملاعق / الصحون
قصائد التفعيلة / العمود
محاكم التفتيش
تذاكر المسارح / الملاجىء / القبور
كينونة الحب / قباب النور
أضرحة الملوك
عواصم الخيانة / اللاهوت
فأين يمضي شاعر
نجا من الموتِ
لكي يموت ؟
1988
الطلسم
أحرقني برقُ العشقِ ، صغيراً
أحرقني الصمتُ / الطلسم / السحرُ
الأسودُ في قاع مدينتنا / مصباح علاء الدين
أنين الأشجار المقتولة في السرداب
صيحات الجنيِّ المحبوس / نداءُ الباعة في الأسواق
موت الأطفال / العشاق / هديلُ حمام الأبراج
صرخات الصوفي المأخوذ بذكر الله
صلوات الأسحار
قصص الجدّات
لحمُ الحيوان المذبوح يعلقهُ القصّابُ / عيون
القطط السوداء
أخبار الحلاج / عويل النسوة في باب السجن /
نعوش الأموات
ليل الارهاب الملكي الأسود / عقم السنوات
كتب النحو الصفراء .
أحرقني البؤس / الضوء / التجوال
بحذاء مثقوب تحت الأمطار
أيام الأعياد
أنوار مآذن بغداد
باب الشيخ / نذور الفقراء .
أحرقني برق العشق
صغيراً كنتُ
وكانت
فبماذا تأمرني ، سيدتي الآن ؟
1988
وردة الثلج
وردة الثلج ، هنا ، ترقدُ
هل أحببتها يوماً ؟
لماذا لا تجيب ؟
بكت العرّافة العمياء
لمّا قرعت شاهدة القبر
فلم ينهض من القبر سوى هذا الصليب
ورماد الورق الأسود والأحمر
يطَّاير في ريح المغيب
أيّ حب هو هذا ؟
عندما يكتشف الشاعر في منفاه
سرّ الآلهة
نيزكاً يسقط في البحر
عواء الرغبة المشتعلة
قارةً غامضةً تظهرُ ، ليلاً
في بياض الورقة
غابة / قافية محترقة
نجمة مؤتلقة
عندما يصبح هذا النص مفتوحاً
وهذا القرع في شاهدة القبر
حضوراً في الوجود
تنهض الوردة من تابوتها
حاملة نار جنون العشق
نار الملكوت .
1988
صورة جانبية لمدينة ما
مقبرة تعلوها مقبرة ، بينهما
الحب / الموت / البشر الأحياء
والشحاذون وأهل اليُسر البخلاء
فإذا ما صحتَ بأعلى صوتكَ
عاد الصوت مليئاً بلهاث الموتى
وسعال شتاء السنوات
وإذا ما حاولتَ فراراً
طاردكَ الباعةُ والعيّارون الشطّار
في تلك المقبرة الكبرى
في تلك الطاحونة
في تلك الصحراء
نُحرت آلهة الشعر
ومات الشاعر في حانوت الخمّار .
27 / 5 / 1986
بستانُ عائشة على { الخابور }
كان مدينةً مسحورةً .
عرب الشمال
يتطلعون الى قلاع حصونها
ويواصلون البحث عن أبوابها
ويقدمون ضحية للنهر في فصل الربيع
لعل أبواب المدينة
تستجيب لهم
فَتُفتَحُ / كلما داروا .
اختفى البستانُ
واختفت الحصون .
فإذا خبا نجم الصباح
عادوا الى { حلبٍ } لينتظروا
ويبكوا ألف عام
فلعلهم في رحلة أخرى الى { الخابور }
يفتتحونها
ولعلهم لا يُفلحون
فالموت عرّافُ المدينة
هادمُ اللذات
يعرف وحدهُ
أين اختفى بستان عائشة
وفي أي العصور ؟
26 / 12 / 1987
2 / 1 / 1988
اللقالق
تحط الرحال بأعلى الكنائس
أعلى المساجد
فوق القباب
تُجَمِّمعُ عيدان أعشاشها
من هنا أو هناك
تبيض / تُفرخُ / تفرد في الريح أجنحة
لتزق الفراخ
فإن ضوأَت نجمة القطب فوق المدينة
ذارفة نورها في العراء
نما ريشها
واستطالت قوادمُها في الهواء .
تطير اللقالق عائدةً
لبلاد الضباب
مخلفةً صرخة في أعالي السماء .
القفص
لِتَكُن المقلاع والحجر
لتكن الانسان في صراعه الدامي مع القدر
لتكن المبدع والنار وصوت الريح والبشر
فأنت سيد الينابيع
وأنت سيد المطر
لكنك الآن ، حبيس
تنقر القضبان في القفص .
المكتشفون
يتوجع العشاق في صحراء وحدتهم
يجوبون المساءات الكئيبة
حاملين جحيمهم
متوحدين / مُهمشين
لبثوا / بفعل تواصل الأزمان
في ملكوتهم / لا يكبرون
شابت نواصي الأرض
دبّ الموت في الغابات
فانقرضت
وهم يتفتحون ويزهرون ويثمرون
وبسحرهم قهروا التعاسة
واصلوا الابداع
في صحراء وحدتهم
وكانوا / ما يكون .
تركوا على أسوار هذا الكون
بعض رموزهم
وَهمُ الى أرض الكواكب يرحلون .
صورة جانبية لعائشة
تُخفي وراء قناعها وجهَ ملاك
وملامحَ الأنثى
التي نضجت على نار القصائد .
أيقظت شهواتها ريحُ الشمال
فتجوهرت تفاحةً / خمراً
رغيفاً ساخناً
في معبد الحب المقدس
أدمنت طيب العناق
ظهرت بأحلامي ، فقلتُ : فراشة
رفّت بصيف طفولتي
قبل الأوان
وتقمصت كل الوجوه
وسافرت / بدمي تنام
قديسة تنسل في جوف الظلام
لتعانق الصنم المحطم
تنشب الأظفار في الحجر / الحطام
ياقوتة / فمها / تشع طرية /
نارُ الحقول /
ضفائر معقودة /
عينان تضطرمان من فرط الحنان
وجه وراء قناعه ، يُخفي { مدائن صالح }
وحدائق الليمون في أعلى الفرات
أمضيتُ صيف طفولتي
فيها ، وأدركني الشتاء
وحملت في منفايَّ بعد رحيلها
ذهب القصائد والرماد .
1987 – 1988
التجلي المقدس
للوطن المدهوش في زوبعة الأوراق
للوطن المسكون بالعشاق
للوطن الضارب بالجذور في الأعماق
لشاعر تحوم حول وجهه المُضاء
فراشة بيضاء
لكتب الأسفار
والليل والنهار
تَطَّلعَ الحلاّج
مفترشاً { دجلة } في الخريف والقباب والأبراج
وخبأ الرأس الذي أُحرق بعد الصلب في الأمواج .
1983 – 1984
الشاعر
أشعَلَ في أصفاده النار
وقال لسجون الأرض أن تنهار
باح بسرّ حبه الفاجع للأمطار
وعندما استشهد في هياكل النور وفي المعراج
أودع في قصيدةٍ رمادهُ
صار ضريحاً غامضاً يُزار .
المهرج
تقطعت أنفاسه في أول الشوط وفي نهاية المضمار
خاف من الصعود والهبوط في دوائر الأصفار
وعندما خرّ على الأرض صريعاً
مدّ لليل يداً
وانهال بالأخرى على طفولة النهار
بسوطه ، وانهار .
الخائنة
كانت ، على منوالها ، ثلاثة تخون :
حبيبها ونفسها وبعلها المسكين
وعندما تحدج في مرآتها
ترى على صفحتها خائنةَ العيون .
مدريد في عيد الميلاد
في ساحة الأربعة الملوك
مرّ المسيح عابراً
بغصن زيتونٍ ووجهٍ شاحب منحوت
من حجر الياقوت
وكان في الساحة صعلوك على أكتافه
عباءة من ورق الخريف
وطفلة تشرب ، في جانبه ، الكحول
وتنفث الدخان في وجه مغول الريح .
الوجه
وجهك في المرآة : وجهان
فلا تكذب
فإن الله
يراك في المرآة .
سور الصين
تكسرت نصالهم فوق جدار سرّه الدفين
قالوا : انتهى
وحفروا قبراً له
وسملوا عينيه بالسكين
لكنه ، كان على صليبهِ مُعَلَّقاً
تضيئهُ البروق في ليل المنافي مثل سور الصين .
الى اوكتافيو باث
قلتُ لشمس الله أن تُشرق في الميعاد
قلت لها : شرّدني في هذه الديار :
الله والقيثار
لكنها غابت
ولم تشرق على منازل الشاعر في الميعاد .
الولاية
أنشب في لحم الليالي مخلباً وناب
حجَّ الى مدينة العشق
وفي حاناتها
أفرط في الشراب
وعندما بايعه الخمّار بالولاية
أحسّ بالنهاية .
امرأة
تعود كل ليلةٍ من قبرها النائي
الى مدائن الصفيح
تمارس الحب مع الشيطان في بيوتها
تصهل مثل فرس في الريح
وكلما أدركها النعاس في تجوالها
عادت الى الضريح .
البصرة
{ 1 }
كانت ، كعادة ، أهلها البسطاء
تجترح البطولة والفداء
تستقطر التاريخ معجزة
وشارات انتصار
وبوجهها العربي
في كل العصور
- مدينة الشعراء والعلماء -
قاومت الغزاة
وبأكرم الشجر النخيل
وشطها
كانت الى الشهداء في معراجهم
زاد المعاد :
الشعر سرّ شبابها
وبطولة البشر / البناة .
{ 2 }
خصلات شعرك في مرايا البحر :
نافذة وعصفور يطير
ووردتان
وأنا المسافر في الزمان والمكان
وفي منافي الأبجدية والعروض
لغتي بضوئك أورقت
صارت قناديل المحبة .
أزهرت
صار منازل للقلوب
صار الزمان حديقةً
والبحر مرآة الحديقة والزمان .
{ 3 }
كانت بلادي ترتدي ثوب الربيع
أوقفت راحلتي
وقلتُ : بكم تبيع
سلطانتي
هذا الضياء الأزرق الورديَّ
هذا الثوب
هذا الياسمين ؟
قالت : { بكل قصائد الشعراء }
ضاحكة
{ ولكن ، لن أبيع } .
1987
الرجل المجهول
رجل من بين غبار السنوات
طرق الباب
حيّاني ، قلتُ له : { أهلاً }
لكن الرجل المجهول ، قبالة بابي ، مات .
1985
باب الشيخ
حب من { باب الشيخ } ورائي
يمتد كخيطٍ مسحور
أمسكهُ ، فأرى بيتاً يغرق بالنور
أتطلع نحو الباب المغلق
في عيني طفل مبهور
أتوقف عند السور
أصرخ ، لكن الخيط المسحور
يصبح جرحاً في قلبي
ورماد بخور .
1985
الطاووس
مدن بالطاعون تموت وأخرى يضربها الزلزل
ومجاعات وحروب في كل مكان ودمار
وحضارات وعصور تنهار
لكن الطاووس ، بلا خجل ، يظهر عورته للناس .
1985
الى يشار كمال
مخترقاً جدران الغرف الصماء
ولغات شعوب القارات
مصهوراً بالنار
والألم الخلاّق
يتحدى الرمم الصلعاء
وصغار الكتّاب
أشعل باسم الانسان المفعم موتاً
ثورة ابداع في الابداع .
1985
طفولة شاعر
عائشة بنت السلطان
كانت من أعلى نافذة في قصر السلطان
ترنو لخيول السلطان
وعبيد السلطان
كانت ترشقني – وأنا أبكي
تحت النافذة العليا
مكسور القلب – بوردة
لكنّي أتجاهلها
وأقول لنفسي
وأنا أبكي في حرقة :
ماذا لو أسرجت حصاني وغزوتُ البلدة ؟
1985
القصيدة
يتجول في نومي رجل النور
يتوقف في الركن المهجور
يُخرج من ذاكرتي كلماتٍ
يكتبها
ويعيد كتابتها في صوت مسموع
يمحو بعض سطور
ينظر في مرآة البيت الغارق بالظلمة والنور
يتذكر شيئاً
فيغادر نومي
استيقظ مذعوراً
وأحاول أن أتذكر شيئاً
مما قال ومما هو مكتوب
عبثاً ، فالنور
مسح الأوراق وذاكرتي
ببياض الفجر المقتول .
1985
المغول
كان المغول على ظهور الصافنات –
دُمىً يحرك واهيات خيوطها
عصر يموتُ
غريزةُ التاريخ
تحت سماء موت الآخرين –
عيونهم خرز ملونة
بأعناق السهوب :
مجاعة / برق / بكاء الأرض
قبل مخاضها الدامي
وجوه تقرأ الأفق المُغشى بالحرائق :
انها حمّى الولادة
انه الطاعون
حاصر { قندهار }
وحاصر المدن التي ذُكرت
بأسفار اليهود
وشقّ أرحام السبايا
سمّم الأنهار
حطّم سقف هذا الكون
داس بخيله جثث الملوك
أماط عن وجه الطبيعة سرّها المكنون
عرّى نطفة العدم الذي يسري بشريان
الوجود / أعاد خلط الماء والأوراق
والنار / الضحايا والغزاة : عجينة عمياء
تبحث في المرايا
عن وجوه القادمين من السهوب
ليحرثوا بسيوفهم
عطشَ الحياة وجوعها
..........................
وعلى رماد حرائق المدن
التي نزفت دماً
هُزِمَ المغول .
1988
رجل وامرأة
يسقط الثلج على مدخنة البيتِ
وفي بهو المرايا
امرأة منتظرة
رجل في دمها ، يحرث ، مأخوذاً
حقولَ الجسد المزدهرة
رجل يوُلد من أضلاعها
يسكن فيها
يختفي في الذاكرة
نابضاً في قطرات دمها المفترسة
صاعداً كالشجرة
في خلاياها وفي أوصالها المرتجفة
رجل عانقها
فاشتعلت في دمها ، نار الفصول الأربعة .
1988
الحصار
الى خليل حاوي في ذكراه
محجوزة : كل منافي الأرض والسجون
أقبية التعذيب والجنون
أقنعة المهرجينَ
وقناني الخمر والسموم
مطاعم المدينة / الملاعق / الصحون
قصائد التفعيلة / العمود
محاكم التفتيش
تذاكر المسارح / الملاجىء / القبور
كينونة الحب / قباب النور
أضرحة الملوك
عواصم الخيانة / اللاهوت
فأين يمضي شاعر
نجا من الموتِ
لكي يموت ؟
1988
الطلسم
أحرقني برقُ العشقِ ، صغيراً
أحرقني الصمتُ / الطلسم / السحرُ
الأسودُ في قاع مدينتنا / مصباح علاء الدين
أنين الأشجار المقتولة في السرداب
صيحات الجنيِّ المحبوس / نداءُ الباعة في الأسواق
موت الأطفال / العشاق / هديلُ حمام الأبراج
صرخات الصوفي المأخوذ بذكر الله
صلوات الأسحار
قصص الجدّات
لحمُ الحيوان المذبوح يعلقهُ القصّابُ / عيون
القطط السوداء
أخبار الحلاج / عويل النسوة في باب السجن /
نعوش الأموات
ليل الارهاب الملكي الأسود / عقم السنوات
كتب النحو الصفراء .
أحرقني البؤس / الضوء / التجوال
بحذاء مثقوب تحت الأمطار
أيام الأعياد
أنوار مآذن بغداد
باب الشيخ / نذور الفقراء .
أحرقني برق العشق
صغيراً كنتُ
وكانت
فبماذا تأمرني ، سيدتي الآن ؟
1988
وردة الثلج
وردة الثلج ، هنا ، ترقدُ
هل أحببتها يوماً ؟
لماذا لا تجيب ؟
بكت العرّافة العمياء
لمّا قرعت شاهدة القبر
فلم ينهض من القبر سوى هذا الصليب
ورماد الورق الأسود والأحمر
يطَّاير في ريح المغيب
أيّ حب هو هذا ؟
عندما يكتشف الشاعر في منفاه
سرّ الآلهة
نيزكاً يسقط في البحر
عواء الرغبة المشتعلة
قارةً غامضةً تظهرُ ، ليلاً
في بياض الورقة
غابة / قافية محترقة
نجمة مؤتلقة
عندما يصبح هذا النص مفتوحاً
وهذا القرع في شاهدة القبر
حضوراً في الوجود
تنهض الوردة من تابوتها
حاملة نار جنون العشق
نار الملكوت .
1988
صورة جانبية لمدينة ما
مقبرة تعلوها مقبرة ، بينهما
الحب / الموت / البشر الأحياء
والشحاذون وأهل اليُسر البخلاء
فإذا ما صحتَ بأعلى صوتكَ
عاد الصوت مليئاً بلهاث الموتى
وسعال شتاء السنوات
وإذا ما حاولتَ فراراً
طاردكَ الباعةُ والعيّارون الشطّار
في تلك المقبرة الكبرى
في تلك الطاحونة
في تلك الصحراء
نُحرت آلهة الشعر
ومات الشاعر في حانوت الخمّار .
27 / 5 / 1986
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
رد: مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
سرّ النار
في آخر يوم ، قبَّلتُ يديها
عينيها / شفتيها
قلتُ لها : أنت الآن ،
ناضجة مثل التفاحة
نصفك : امرأة
والنصف الآخر ليس له وصف
فالكلمات
تهرب مني
وأنا أهرب منها
وكلانا ينهار
لطفولة هذا الوجه القمحي
وهذا الجسد المشتعل الريّان
أبتهلُ الآن
وأقرّب وجهي
من هذا النبع الدافق ، ضمآن .
في آخر يوم ، قلتُ لها :
أنتِ حريقُ الغاباتِ
وماءُ النهرِ
وسرُّ النار
نصفك ليس له وصف
والنصف الاخر : كاهنة في معبد عشتار .
27 / 5 / 1986
مملكة الشاعر
مملكة الشاعر حاصرها الأعداء
دهموا بّوابتها
ذبحوا ، بسيوف الغدر ، الحرّاس
نصبوا مشنقةً في ساحتها
وأقاموا الأعراس .
شقّوا صدر الشاعر
لم يجدوا في داخله
إلاّ مقبرة ، كان الثلج يغطيها
وأسامي معبودات مُسحت
وأُزيلت
من فوق قبور جرفتها الأمطار
وقصائد حب جعلوها بعد الأعراس
طعاماً للنار .
حكموا بالنفي على الشاعر بعد الموت
أقاموا حول المنفى الأسوار .
الدرع
وطني درع فولاذي
يحمي غُرةَ بغداد
كعبة حب يحرسها الله
كل غزاة التاريخ انهزموا
في بوابتها
صاروا في ذاكرة التاريخ رماد
يتبارى في قوس الشمس ، دفاعاً
عنها الأسلاف / الأحفاد .
27 / 5 / 1986
الى أسماء البياتي
ترسُمُ وجهَ ملاك لم يُولَد بعد
قديساً يتعبد
بدوياً ، بربابته ، يبكي هنداً أو دَعد
تفجيراً نووياً
حرب عصابات
اضراباً بالقوة يمنع .
وجه المتنبي المتعب
يتحدى فلوات المطلق
في نظرات لا تقهر .
ترسم مذبحة في مصنع
أسداً يزأر
عصياناً في سجن يقمع
ملكاً من حجر البركان يصلي للنار
نهاراً يرحل
خيط دخان يتلوى
رؤيا انسان يتمرد
ترسم قصر الحمراء بلون الشفق الدامي
والأسود والأبيض .
27 / 5 / 1986
حديث الحجر
حجر ، قال لآخر :
لم أسعد بوجودي في هذا السور العاري
فمكاني هو قصر السلطان
قال الآخر : يا هذا
محكوم بالموت عليكَ
سواء كنت هنا أم في قصر السلطان
فغداً يُهدم هذا القصرُ
وهذا السور
بأمرٍ من حاشية السلطان
ليعيدوا اللعبة من أولها
ويعيدوا توزيع الأدوار .
27 / 5 / 1986
بكائية الى صلاح جاهين
كانت أعواماً جاحدةً
في ليل شتاء العرب القاسي
كانت أعواماً جوفاء
فيها مُسِحت ذاكرةُ الانسان
ومات الشعراء
وامتُهن الفكر
وديست أحلام الفقراء .
فيها سُمِّمَت الآبار
وطفت جيف الكتّاب المأجورين
وصاروا وعاظاً في الصحف الصفراء .
فيها انهزم الثوار
صاروا أيتاماً ورعايا
في زمن البترول / الشيطان .
في ليل شتاء العرب القاسي هذا
كان صلاح
يذوي في صمتٍ ويموت ببطءٍ
ويجرر أذيال الغربة
في دائرة الضوء
ويُخفي خيبته في ضحكة طفلٍ
فاجأه موت النور
وبرد السنوات
فبكى مثل الرجل / الطفل المخذول ومات .
27 / 5 / 1985
الدينونة
سوق الوراقين
{ 1 }
صورة كانت لطاووس مخنث
تتحدث
عن زمان داعر ، أصبح فيه الحب سلعة
وبضاعة
في الحوانيت تباع
ولها في السوق دلاّل ونخّاس وشاعر
ولها في العالم الغارق بالحرمان والبؤس مواسم
تُشترى فيها ، تُباع
لجموع البؤساء
صوراً للعاريات
مثلما في العالم السفلي من أحياء / روما الفقراء
صور العري على أرصفة الليل ، تُباع .
النار
{ 2 }
قيل لي : مَن أنتَ ، قلتُ : النار في هذي المنازل
وأنا الحب المقاتل
وغد اليأس المناضل
في خيانات القبائل
وشهيد ، كان مقتولاً وقاتل .
بائع الحب
{ 3 }
بائع الحب يرى الشعر بيوتاً للبغاء
وأكاذيب دخان في الهواء
ورجالاً في عباءات نساء
ونساء في سراويل رجال
ومخانيث على أرصفة التاريخ ، صاروا شعراء .
الشهداء
{ 4 }
شهداء الكلمة
سكنوا عصر الطواغيت وباحوا بعذاب الكلمة
وبسرّ الكلمة
حملوا أكفانهم واحترقوا بالكلمة
عند شطآن العصور المظلمة .
راكب الموجة
{ 5 }
يأخذ الطاووس في المرآة شكل امرأة منطفئة
وخريف امرأة محترقة
ليخون الكلمات
ومعاني الكلمات
كان في عصر الخيانات وفي أزمنة الحرف الغراب
شعراً من ورق ينسل من شق كتاب
ليخون الشعراء
كاشفاً عن ذيله في زحمة السوق
ليركب
موجة الشعر ويغرق .
6 / 1 / 1985
بانوراما { أصيلة }
الى رافع الناصري
{ 1 }
أوراق خريف تجرفها موسيقى الريح
وطيف الألوان
تتوهج فوق الجدران البيض وفي اللوحات
حانات الشعر
وطيور الماء .
يغسل ملح البحر جراحي
أتعرى من أقنعتي
أُولد تحت الفرشاة
رسماً فوق جدار
أصرخ لكن الألوان تحاصرني
ورذاذ البحر المهذار
أغمض عيني
فأرى أجنحة تنبت لي
وأرى أفقاً من نار
وحدائق من ذهب رُسمت بالحبر الصينيِّ
تحيط بها موسيقى الماء
وفراشات تتقدم تحت قناع نساء
من كل عصور الابداع
أغمض عيني ، فأراها تتقدم نحوي
حاملة قربان البحر وطيف الألوان
تتوهج فوق الجدران البيض وفي اللوحات
وردةُ حب حمراء .
العاشق
{ 2 }
يَروي { بن عيسى } العاشق
وولي { أصيلة }
إن الله تعالى
خلق الدنيا في ستة أيام
في اليوم الأول
خلق النار / الأرض / الانسان
في اليوم الثاني والثالث
خلق الموسيقى .
في اليوم الرابع
خلق الشعر / الفن / وأعطى الفنان
في اليوم الخامس : قوس الألوان .
في اليوم السادس
لبست ثوب العرس { أصيلة } .
نار من داغستان
{ 3 }
راقصة من أرض السحر الأسود جاءت
تُشعل ناراً
في أرض السحر المشهود
شفتاها عسل ونبيذ
قالت للساقي المأخوذ :
زدني عسلاً ونبيذاً ، فالليل يطول .
قالت عيناها للنور :
زدني نوراً ، فأنا جائعة للنور .
قالت للعود :
زدني حباً ، فالحب وجودي
وبدون الحب أموت .
قالت : سأقول
لكني ، لا أدري ، ماذا سأقول ؟
فالريشة فوق العود
وكلانا / مفقود .
ناظم حكمت ، كان هناك
{ 4 }
ناظم حكمت
لم يسعد في حلب ، فطفولته
فيها كانت عسلاً
لكن النحل أتى بعد الخمسين .
ناظم حكمت
لم يسعد في أيّ مكان ، فهو الآن
وحيد منفي تحت سماء بلاد أخرى
في قبر يغمره ثلج عصور التكوين
وكما في الرؤيا
كان معي ، يتأمل وجهاً وقناعاً
لفتاة في العشرين
طارت كالنحلة واحترقت
في نار خريف البشر الفانين
أتذكره وهو يقول ، بحزن الرائين
سلطانة حبي
صُبّي الخمر لضيف ، لم يسعد
في حلب أو برلين .
الموت في الشعر
{ 5 }
سرنا نحو البحر ، نُودّع شمس نهارٍ
غاصت في الموج ، فقالت :
الشعر حرام كالخمرة
لكني في الشعر أموت .
من هي { لارا } هل هي { عائشة }
أم هي هذا الأفق الموصود ؟
قلت : هي الحب الضائع والزمن المفقود
وإذا شئت مزيداً
فهلمي في البحر نغوص .
الى محمود الراشد
{ 6 }
يتأبط نجماً وغزالاً { محمود الراشد }
ويغني لطيور مرّت من فوق { أصيلة }
كانت في الليل تهاجر
نحو الأصقاع الدافئة المسحورة
آخرها في القطب
وأولها في مدن الاسطورة
ويغني لطفولة
ضعت في المنفى
ومقاهي { باريس } المجهولة
ولأمٍ في { حلب } لم يبق لديها إلآّ الصورة .
الهجرة من الذات
{ 7 }
بدأ استشهادي
بعد اليوم الثالث من خلق الدنيا
سكنتني الموسيقى
داهمني ليل هيولى
اشتعلت روحي شوقاً للعود الأزلي
فصرتُ ، أدور وحيداً في فلك الايقاع
متحداً في موسيقى الكون ونبض القلب الملتاع
وحين عبرت الخط الأحمر للدنيا
لمعت في عتمة نفسي شارات ضياء
وحوار ما بين الأحياء الموتى
والموتى الأحياء
سكنت روحي في الكلمات
نهر قدّسه رمز كوني
صار الوجه الآخر للدنيا
صار الاشراق
ظهر الوجه الخالد للحب
انتصر الابداع
قامت مدن / بشروط الفن / يكافح فيها
الشعراء
من أجل خلاص الانسان .
.......................
.......................
بدأ استشهادي وخلاصي
حين عبرت الخط الأحمر للدنيا
مخترقاً كينونة حبي الصماء .
6 / 9 / 1985
أصيلة – مدريد
________________________ في آخر يوم ، قبَّلتُ يديها
عينيها / شفتيها
قلتُ لها : أنت الآن ،
ناضجة مثل التفاحة
نصفك : امرأة
والنصف الآخر ليس له وصف
فالكلمات
تهرب مني
وأنا أهرب منها
وكلانا ينهار
لطفولة هذا الوجه القمحي
وهذا الجسد المشتعل الريّان
أبتهلُ الآن
وأقرّب وجهي
من هذا النبع الدافق ، ضمآن .
في آخر يوم ، قلتُ لها :
أنتِ حريقُ الغاباتِ
وماءُ النهرِ
وسرُّ النار
نصفك ليس له وصف
والنصف الاخر : كاهنة في معبد عشتار .
27 / 5 / 1986
مملكة الشاعر
مملكة الشاعر حاصرها الأعداء
دهموا بّوابتها
ذبحوا ، بسيوف الغدر ، الحرّاس
نصبوا مشنقةً في ساحتها
وأقاموا الأعراس .
شقّوا صدر الشاعر
لم يجدوا في داخله
إلاّ مقبرة ، كان الثلج يغطيها
وأسامي معبودات مُسحت
وأُزيلت
من فوق قبور جرفتها الأمطار
وقصائد حب جعلوها بعد الأعراس
طعاماً للنار .
حكموا بالنفي على الشاعر بعد الموت
أقاموا حول المنفى الأسوار .
الدرع
وطني درع فولاذي
يحمي غُرةَ بغداد
كعبة حب يحرسها الله
كل غزاة التاريخ انهزموا
في بوابتها
صاروا في ذاكرة التاريخ رماد
يتبارى في قوس الشمس ، دفاعاً
عنها الأسلاف / الأحفاد .
27 / 5 / 1986
الى أسماء البياتي
ترسُمُ وجهَ ملاك لم يُولَد بعد
قديساً يتعبد
بدوياً ، بربابته ، يبكي هنداً أو دَعد
تفجيراً نووياً
حرب عصابات
اضراباً بالقوة يمنع .
وجه المتنبي المتعب
يتحدى فلوات المطلق
في نظرات لا تقهر .
ترسم مذبحة في مصنع
أسداً يزأر
عصياناً في سجن يقمع
ملكاً من حجر البركان يصلي للنار
نهاراً يرحل
خيط دخان يتلوى
رؤيا انسان يتمرد
ترسم قصر الحمراء بلون الشفق الدامي
والأسود والأبيض .
27 / 5 / 1986
حديث الحجر
حجر ، قال لآخر :
لم أسعد بوجودي في هذا السور العاري
فمكاني هو قصر السلطان
قال الآخر : يا هذا
محكوم بالموت عليكَ
سواء كنت هنا أم في قصر السلطان
فغداً يُهدم هذا القصرُ
وهذا السور
بأمرٍ من حاشية السلطان
ليعيدوا اللعبة من أولها
ويعيدوا توزيع الأدوار .
27 / 5 / 1986
بكائية الى صلاح جاهين
كانت أعواماً جاحدةً
في ليل شتاء العرب القاسي
كانت أعواماً جوفاء
فيها مُسِحت ذاكرةُ الانسان
ومات الشعراء
وامتُهن الفكر
وديست أحلام الفقراء .
فيها سُمِّمَت الآبار
وطفت جيف الكتّاب المأجورين
وصاروا وعاظاً في الصحف الصفراء .
فيها انهزم الثوار
صاروا أيتاماً ورعايا
في زمن البترول / الشيطان .
في ليل شتاء العرب القاسي هذا
كان صلاح
يذوي في صمتٍ ويموت ببطءٍ
ويجرر أذيال الغربة
في دائرة الضوء
ويُخفي خيبته في ضحكة طفلٍ
فاجأه موت النور
وبرد السنوات
فبكى مثل الرجل / الطفل المخذول ومات .
27 / 5 / 1985
الدينونة
سوق الوراقين
{ 1 }
صورة كانت لطاووس مخنث
تتحدث
عن زمان داعر ، أصبح فيه الحب سلعة
وبضاعة
في الحوانيت تباع
ولها في السوق دلاّل ونخّاس وشاعر
ولها في العالم الغارق بالحرمان والبؤس مواسم
تُشترى فيها ، تُباع
لجموع البؤساء
صوراً للعاريات
مثلما في العالم السفلي من أحياء / روما الفقراء
صور العري على أرصفة الليل ، تُباع .
النار
{ 2 }
قيل لي : مَن أنتَ ، قلتُ : النار في هذي المنازل
وأنا الحب المقاتل
وغد اليأس المناضل
في خيانات القبائل
وشهيد ، كان مقتولاً وقاتل .
بائع الحب
{ 3 }
بائع الحب يرى الشعر بيوتاً للبغاء
وأكاذيب دخان في الهواء
ورجالاً في عباءات نساء
ونساء في سراويل رجال
ومخانيث على أرصفة التاريخ ، صاروا شعراء .
الشهداء
{ 4 }
شهداء الكلمة
سكنوا عصر الطواغيت وباحوا بعذاب الكلمة
وبسرّ الكلمة
حملوا أكفانهم واحترقوا بالكلمة
عند شطآن العصور المظلمة .
راكب الموجة
{ 5 }
يأخذ الطاووس في المرآة شكل امرأة منطفئة
وخريف امرأة محترقة
ليخون الكلمات
ومعاني الكلمات
كان في عصر الخيانات وفي أزمنة الحرف الغراب
شعراً من ورق ينسل من شق كتاب
ليخون الشعراء
كاشفاً عن ذيله في زحمة السوق
ليركب
موجة الشعر ويغرق .
6 / 1 / 1985
بانوراما { أصيلة }
الى رافع الناصري
{ 1 }
أوراق خريف تجرفها موسيقى الريح
وطيف الألوان
تتوهج فوق الجدران البيض وفي اللوحات
حانات الشعر
وطيور الماء .
يغسل ملح البحر جراحي
أتعرى من أقنعتي
أُولد تحت الفرشاة
رسماً فوق جدار
أصرخ لكن الألوان تحاصرني
ورذاذ البحر المهذار
أغمض عيني
فأرى أجنحة تنبت لي
وأرى أفقاً من نار
وحدائق من ذهب رُسمت بالحبر الصينيِّ
تحيط بها موسيقى الماء
وفراشات تتقدم تحت قناع نساء
من كل عصور الابداع
أغمض عيني ، فأراها تتقدم نحوي
حاملة قربان البحر وطيف الألوان
تتوهج فوق الجدران البيض وفي اللوحات
وردةُ حب حمراء .
العاشق
{ 2 }
يَروي { بن عيسى } العاشق
وولي { أصيلة }
إن الله تعالى
خلق الدنيا في ستة أيام
في اليوم الأول
خلق النار / الأرض / الانسان
في اليوم الثاني والثالث
خلق الموسيقى .
في اليوم الرابع
خلق الشعر / الفن / وأعطى الفنان
في اليوم الخامس : قوس الألوان .
في اليوم السادس
لبست ثوب العرس { أصيلة } .
نار من داغستان
{ 3 }
راقصة من أرض السحر الأسود جاءت
تُشعل ناراً
في أرض السحر المشهود
شفتاها عسل ونبيذ
قالت للساقي المأخوذ :
زدني عسلاً ونبيذاً ، فالليل يطول .
قالت عيناها للنور :
زدني نوراً ، فأنا جائعة للنور .
قالت للعود :
زدني حباً ، فالحب وجودي
وبدون الحب أموت .
قالت : سأقول
لكني ، لا أدري ، ماذا سأقول ؟
فالريشة فوق العود
وكلانا / مفقود .
ناظم حكمت ، كان هناك
{ 4 }
ناظم حكمت
لم يسعد في حلب ، فطفولته
فيها كانت عسلاً
لكن النحل أتى بعد الخمسين .
ناظم حكمت
لم يسعد في أيّ مكان ، فهو الآن
وحيد منفي تحت سماء بلاد أخرى
في قبر يغمره ثلج عصور التكوين
وكما في الرؤيا
كان معي ، يتأمل وجهاً وقناعاً
لفتاة في العشرين
طارت كالنحلة واحترقت
في نار خريف البشر الفانين
أتذكره وهو يقول ، بحزن الرائين
سلطانة حبي
صُبّي الخمر لضيف ، لم يسعد
في حلب أو برلين .
الموت في الشعر
{ 5 }
سرنا نحو البحر ، نُودّع شمس نهارٍ
غاصت في الموج ، فقالت :
الشعر حرام كالخمرة
لكني في الشعر أموت .
من هي { لارا } هل هي { عائشة }
أم هي هذا الأفق الموصود ؟
قلت : هي الحب الضائع والزمن المفقود
وإذا شئت مزيداً
فهلمي في البحر نغوص .
الى محمود الراشد
{ 6 }
يتأبط نجماً وغزالاً { محمود الراشد }
ويغني لطيور مرّت من فوق { أصيلة }
كانت في الليل تهاجر
نحو الأصقاع الدافئة المسحورة
آخرها في القطب
وأولها في مدن الاسطورة
ويغني لطفولة
ضعت في المنفى
ومقاهي { باريس } المجهولة
ولأمٍ في { حلب } لم يبق لديها إلآّ الصورة .
الهجرة من الذات
{ 7 }
بدأ استشهادي
بعد اليوم الثالث من خلق الدنيا
سكنتني الموسيقى
داهمني ليل هيولى
اشتعلت روحي شوقاً للعود الأزلي
فصرتُ ، أدور وحيداً في فلك الايقاع
متحداً في موسيقى الكون ونبض القلب الملتاع
وحين عبرت الخط الأحمر للدنيا
لمعت في عتمة نفسي شارات ضياء
وحوار ما بين الأحياء الموتى
والموتى الأحياء
سكنت روحي في الكلمات
نهر قدّسه رمز كوني
صار الوجه الآخر للدنيا
صار الاشراق
ظهر الوجه الخالد للحب
انتصر الابداع
قامت مدن / بشروط الفن / يكافح فيها
الشعراء
من أجل خلاص الانسان .
.......................
.......................
بدأ استشهادي وخلاصي
حين عبرت الخط الأحمر للدنيا
مخترقاً كينونة حبي الصماء .
6 / 9 / 1985
أصيلة – مدريد
هامش
1 – قصيدة { نار الشعر } مهداة الى الاستاذ بيدرو مارتنيث مونتابث
2 – القصائد : { التجلي المقدس / الشاعر / المهرج / الخائنة / مدريد في عيد الميلاد /
الوجه / سور الصين / الى اوكتافيو باث / الولاية / امرأة / مهداة الى الاستأذ خلدون الشمعة
3 – قصيدة { نهر المجرة } مهداة الى الاستاذ فيدريكو آربوس .
* شاعر من العراق يقيم في السويد
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
البياتي
خبأتُ وجهي بيدي
رأيت
عائشة تطوف حول الحجر الأسود في أكفانها
و عندما ناديتها هوّت على الأرض رماداً
و أنا هويت
فنثرتنا الريح
و كتبت أسماءنا جنباً إلى جنب على لافتة الضريح
أحييك العبيدي جو
دانيه
رأيت
عائشة تطوف حول الحجر الأسود في أكفانها
و عندما ناديتها هوّت على الأرض رماداً
و أنا هويت
فنثرتنا الريح
و كتبت أسماءنا جنباً إلى جنب على لافتة الضريح
أحييك العبيدي جو
دانيه
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
اقتباس رد الشاعر عبدالسلام مصباح
شكرا دانيه لمرورك
المميز, العطر..
شكراً لطوافك حول بستان عائشة
الذي قال عنه البياتي انه في بلدي (على الخابور)
سأبحث عنه هناك
علني اجده..
مودتي
المميز, العطر..
شكراً لطوافك حول بستان عائشة
الذي قال عنه البياتي انه في بلدي (على الخابور)
سأبحث عنه هناك
علني اجده..
مودتي
عدل سابقا من قبل العبيدي جو في 27/11/2008, 6:24 am عدل 1 مرات
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
رد: مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
عبدالسلام مصباح كتب:الأخ العبيدي جـــو
جميـــل جــداً أن نهتـــم بالقاماتـــــ الشامخـــة فــي المشهـــد الشعـــري العربــــي
والشاعـــر العراقــي الكبيـــر عبـد الوهـــاب البياتــــي واحــدة منهــــا
فقــد ساهـــم فــي تطويـــرالقصيــدة العربيـــة، وأضـــاف إليهـــا لبنــات جديـــدة شكـــلاً ومضمومـــاً
بالمناسبـــة فقــد كــان صديقـــاً لـــي، وتبادلنـــا رسائـــل كثيـــرة، وبالأخــص حيــن كـــان باسبانيــــا
رحمــة اللـــه عليــــه
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي
» حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
» حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى