سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
- 1 -
ما بين ليالي القطب البيضاء و نار خرائب هذا الفجر الدامي , تتوقف أحياناً مركبة حاملة ً جثثاً
الأسود , يتبعها و يتوّجها نجم أسطوري أخضر , تحاول أن تتوقف ثانية ً , لكن الريح تناديها في جوف الغابات , فتمضي تاركة ً فوق مدار الأرض القطبي المدن , الحانات , قواميس الشعراء العشاق , و عائدة للمركبة – السيدة المجهولة – لكني أتبعها و أحاول أن أستبقيها في خوف الطفل و ذعر الملاح بُعيد غياب النجم القطبي على أطراف الأقيانوس المهتاج , و لكني أسقط تحت ضباب الأشجار , و ألمح من بين أصابع كفي في الأفق رحيل المركبة – السيدة المجهولة , نقطة ضوء أسود في قاع إناء الأفلاك السيّارة , تخبو و تجفُّ لتبقى فيها نارٌ لا تخبو في القاعْ .
و أوارٌ قتالْ
أحمله كل مساء وجعاً و ضياعاً في الحاناتْ
فإذا جن الليل , ينام , ليصحو ثانية في جوف الأسحارْ
حباً مفترساً , أعمى , لا يُشفى أو يُروى أو يُغتال
- 2 –
ها أنذا أرحل في نومي , ما بين ليالي القطب البيضاء و نار خرائب هذا الفجر الدامي , أتوقف
أحياناً في بارٍ أو مقهى فجرٍ أتنفس في عمق , أزفر , أتوقف عند نوافذ هذا البيت و ذاك , أقول لنفسي : من يدري , قد تهبط في هذي المرة حافية تحت الأمطار بوارسو أو باريسٍ , أو هي نائمة خلف نوافذ هذا البيت المهجور , سأسأل عمّال محطات المترو , من يدري , قد تفتح نافذة
في هذا الفجر , و تهبط منها نحو الشارع في عمر الوردة , غامرة بضفائرها وجهي , و أقول لنفسي و أنا أبكي في برد الطرقات : لماذا لم تتحدّث أوراق البردية عنها ؟
و لماذا لم تترك عنواناً في شباك بريد الليل الآتي ؟
و أحدّث أشجار الشارع عنها , و أقول لها : إني أعمى ضيّعت حياتي ما بين المنفى و المنفى ,
أترقّب مركبة تهبط من بين أصابع كفي , ما بين عذاب الشعر و موتي هبطت مرات , لكني لم أسأل أو أتسأل في حمّى دوران الأفلاك , لماذا تركتني أبحث عنها في كتب السحر و قاع الآبار ؟
- 3 –
أحياناً ألمح إيماضاً و إشارات في قاع إناء الصمت المكسور و في ليل الأفلاك السيارة ,
ثمّة إنسان في جوف الليل يراقبني في نجم درِّي آخر , يقرأ أفكاري و يُسرّح شعري مبتسماً ,
أسمعه يتلفظ بإسمي , و يقول : تعال إذا ما جن الليل القادم أو أعولت الريح وراء جبال الأورال أقول له : إني أعمى و وحيد . ينطمس الصوت و أبقى فوق رصيف محطة نومي مشدوداً في حجر مغناطيسيّ مغموراً بالظلمة في قاع جحيمي .
ما بين عذاب الشعر و موتي , ألمح إيماضاً و إشارات أُخرى من مركبة تمضي ما بين خرائب
هذا الفجر الدامي و سماء ليالي القطب البيضاء .
- 4 –
سيدتي المجهولة في جوف الليل تراقبني , أتنهد في حمى دوران الأفلاك .
ما بين ليالي القطب البيضاء و نار خرائب هذا الفجر الدامي , تتوقف أحياناً مركبة حاملة ً جثثاً
الأسود , يتبعها و يتوّجها نجم أسطوري أخضر , تحاول أن تتوقف ثانية ً , لكن الريح تناديها في جوف الغابات , فتمضي تاركة ً فوق مدار الأرض القطبي المدن , الحانات , قواميس الشعراء العشاق , و عائدة للمركبة – السيدة المجهولة – لكني أتبعها و أحاول أن أستبقيها في خوف الطفل و ذعر الملاح بُعيد غياب النجم القطبي على أطراف الأقيانوس المهتاج , و لكني أسقط تحت ضباب الأشجار , و ألمح من بين أصابع كفي في الأفق رحيل المركبة – السيدة المجهولة , نقطة ضوء أسود في قاع إناء الأفلاك السيّارة , تخبو و تجفُّ لتبقى فيها نارٌ لا تخبو في القاعْ .
و أوارٌ قتالْ
أحمله كل مساء وجعاً و ضياعاً في الحاناتْ
فإذا جن الليل , ينام , ليصحو ثانية في جوف الأسحارْ
حباً مفترساً , أعمى , لا يُشفى أو يُروى أو يُغتال
- 2 –
ها أنذا أرحل في نومي , ما بين ليالي القطب البيضاء و نار خرائب هذا الفجر الدامي , أتوقف
أحياناً في بارٍ أو مقهى فجرٍ أتنفس في عمق , أزفر , أتوقف عند نوافذ هذا البيت و ذاك , أقول لنفسي : من يدري , قد تهبط في هذي المرة حافية تحت الأمطار بوارسو أو باريسٍ , أو هي نائمة خلف نوافذ هذا البيت المهجور , سأسأل عمّال محطات المترو , من يدري , قد تفتح نافذة
في هذا الفجر , و تهبط منها نحو الشارع في عمر الوردة , غامرة بضفائرها وجهي , و أقول لنفسي و أنا أبكي في برد الطرقات : لماذا لم تتحدّث أوراق البردية عنها ؟
و لماذا لم تترك عنواناً في شباك بريد الليل الآتي ؟
و أحدّث أشجار الشارع عنها , و أقول لها : إني أعمى ضيّعت حياتي ما بين المنفى و المنفى ,
أترقّب مركبة تهبط من بين أصابع كفي , ما بين عذاب الشعر و موتي هبطت مرات , لكني لم أسأل أو أتسأل في حمّى دوران الأفلاك , لماذا تركتني أبحث عنها في كتب السحر و قاع الآبار ؟
- 3 –
أحياناً ألمح إيماضاً و إشارات في قاع إناء الصمت المكسور و في ليل الأفلاك السيارة ,
ثمّة إنسان في جوف الليل يراقبني في نجم درِّي آخر , يقرأ أفكاري و يُسرّح شعري مبتسماً ,
أسمعه يتلفظ بإسمي , و يقول : تعال إذا ما جن الليل القادم أو أعولت الريح وراء جبال الأورال أقول له : إني أعمى و وحيد . ينطمس الصوت و أبقى فوق رصيف محطة نومي مشدوداً في حجر مغناطيسيّ مغموراً بالظلمة في قاع جحيمي .
ما بين عذاب الشعر و موتي , ألمح إيماضاً و إشارات أُخرى من مركبة تمضي ما بين خرائب
هذا الفجر الدامي و سماء ليالي القطب البيضاء .
- 4 –
سيدتي المجهولة في جوف الليل تراقبني , أتنهد في حمى دوران الأفلاك .
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
تزداد متعة روحي أمام جمال ما تكتبيه وما تنقليه دانيه...
جميـل جداً أن نهتم بالقامات الشامخة في الشعـر العربي...
كالشاعـر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي,
لقـد ساهم البياتي في تطويرالقصيدة العربية،
وأضاف إليها لبنات جديدة شكلاً ومضموناً..
اشكرك دانيه لنقلك رائعة البياتي "سمفونية البعد الخامس الأولى"
دمتِ بخير
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
" البياتي "
أدام الله ألق قلمك و بهاء روحك ... جو العبيدي
ففي حضرة تلك القامة الشامخة تتسّع أرض الروح
و تتبعثّر أوصاب الأشواك الرابضة على قارعة الأرواح
" و أضاءت بنورها أعماقي
و إستحمّت من قبل ميلاد فكري
في خيال الطبيعة الخلاق
و صداها يضُّج في الأفاق
كُلّما لامست خيوط شعوري
أطلق القلب صيحة المشتاق
***
جِعتُ في بستان هذا العالم المُثّقل بالأزهار
و الحب و ألوان الثمار
جعت حتى الموت في كل عصور اإنتظار
و تمزّقت ببطىء من نهار لنهار
و تماسكت و قد زعزعني الدهر
و قبّلت قبور الأولياء
و تراب العاشق الأعظم في أعياد موت الفقراء
فلماذا عقرب الساعة دار
عندما ألقتْ على الجائع عشتار الثمار ؟
" عبد الوهاب البياتي "
دانيه بقسماطي
ففي حضرة تلك القامة الشامخة تتسّع أرض الروح
و تتبعثّر أوصاب الأشواك الرابضة على قارعة الأرواح
" و أضاءت بنورها أعماقي
و إستحمّت من قبل ميلاد فكري
في خيال الطبيعة الخلاق
و صداها يضُّج في الأفاق
كُلّما لامست خيوط شعوري
أطلق القلب صيحة المشتاق
***
جِعتُ في بستان هذا العالم المُثّقل بالأزهار
و الحب و ألوان الثمار
جعت حتى الموت في كل عصور اإنتظار
و تمزّقت ببطىء من نهار لنهار
و تماسكت و قد زعزعني الدهر
و قبّلت قبور الأولياء
و تراب العاشق الأعظم في أعياد موت الفقراء
فلماذا عقرب الساعة دار
عندما ألقتْ على الجائع عشتار الثمار ؟
" عبد الوهاب البياتي "
دانيه بقسماطي
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
دانية..
أيتها البحرية الغاطسة في الأعماق
مبحرة أنتِ في عوالم بعيدة وغريبة وعجيبة وكلامكِ المعسول
مليء بالفلسفة الخاصة بكِ والتفسير يبقى محيراً
(( المعنى في قلب الشاعر))
يبدو أنكِ عشتِ وتعيشين حزنا ما
<< أبعد اللـه عنكِ كل الأحزان >>
هذا الحزن جعل منكِ سيدة مميزة في عيشها مما ينعكس على الكتابة
عندكِ ، في كل كتاباتكِ ألغاز وألغاز ،
وكما ذكرتْ التفسير يختلف من شخص لآخر والآراء متعددة..
نتمنى أن تكوني سعيدة في حياتكِ
لينعكس ذلك على كتاباتكِ الأدبية وبالتأكيد ستتحفينا أكثر وأكثر ،
لترتاح نفوسنا المليئة بالحب والأمل والمحبة
نتمى لكِ السعادة والهناء لنقرأ لكِ أحلى وأجمل أحرف تصنع كلمات
وتركب جمل لتؤلف قصصاً ونصوص تتحف بها القرَّاء
وتعكس حياة حلوة نقية
كلها حب ومحبة وإخلاص وأمل بالعيش بالفرح والغبطة والسرور .
وهنيئاً للمنتدى بيراعكِ وحِبرِه الذي لا ينبض ولا يتوقف
عن كتابة أروع الكلام
وكل الشكر لكِ يا دانية
لأنكِ شمعة تنير الطريق .
ميشيل ميرو- The Jew
-
عدد الرسائل : 284
العمر : 74
البلد الأم/الإقامة الحالية : الحسكة
الشهادة/العمل : اعدادية / ملـّلاك
الهوايات : الشعر الغزلي والزجل
تاريخ التسجيل : 31/08/2008
شكرا ... لسخاء العاطفة
شكرا ... لسخاء العاطفة
ميشل
سأُحييك ... بمقولة نيتشه
" الابداع يُحرر الألم "
دمت قارئا و شاعرا مرهفا
دانيه
ميشل
سأُحييك ... بمقولة نيتشه
" الابداع يُحرر الألم "
دمت قارئا و شاعرا مرهفا
دانيه
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: سمفونية البعد الخامس الأولى " عبد الوهاب البياتي "
كل الشكر لإطرائكِ أيتها السخية
الإبداع يحرر الألم, والحاجة أم الإختراع, فلولا حاجتنا للإختراع لما وجدنا تطوراً في هذا الكون السحيق العتيق
لا نعلم إن كان قبلنا بملايين السنين حضارات ربما كانت أكثر تطوراً واندثرت أو أقل علماً ومعرفة مِنَّا
المهم أننا نحن الذين سعينا في الماضي والحاضر والمستقبل للجديد في الحياة ، العلم ، الأدب والفن وكل متطلبات المجتمع
أجل يا عزيزتي الإبداع يحرر الألم لأنه ينبع من حاجة مُلِحَّة للخلاص من الألم الذي نحياه ونريد التخلص منه
فيأتينا الإبداع وينتهي ذاك الألم, وتنفرج ونتحرر مما كنا فيه .
بوركتِ كاتبة سخية مع كل الود والإحترام .
ميشيل ميرو- The Jew
-
عدد الرسائل : 284
العمر : 74
البلد الأم/الإقامة الحالية : الحسكة
الشهادة/العمل : اعدادية / ملـّلاك
الهوايات : الشعر الغزلي والزجل
تاريخ التسجيل : 31/08/2008
مواضيع مماثلة
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
» حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
» مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» الكاتب الكبير: عبد الوهاب البياتي / 1926-1999
» حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
» مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» الكاتب الكبير: عبد الوهاب البياتي / 1926-1999
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى