حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
صفحة 1 من اصل 1
حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
حوار افتراضي مع الشاعر عبد الوهاب البياتي
? أولاً : هل نبدأ بسيرة ذاتية لا أود الحديث عن سيرتي الذاتية ، إذا لم ترتبط بالآخر ، بحركة التاريخ والمجتمع وحركة الشجر . فالسيرة الذاتية تتشابه إذا بقيت ذاتية محضة ، فالإنسان يولد وحده ويموت وحده ، ولكن هذه الوحدانية إذا ما اقتصرت عليه فهي أشبه ما تكون بالقفص الذي يضع فيه الشاعر نفسه ، وأنت لا تستطيع الكتابة عن عصر مليء بالخيانة والهزائم والكوارث ، وأبطال هذا العصر ما تكون خاصة في العالم
الثالث : أغلب المذكرات أو السير الذاتية كاذبة ومموهة أو مغطاة بالأصباغ الطفولة هي الينبوع الغزير الذي يرفد الشاعر بالرؤى والأفكار كيف أثرت فيك طفولتك . طفت في الأزقة طفلاً وكهلاً وأنا أنصت إلى وعيد الحلاج وسمعت المتنبي يتمتم بأبياته راسماً دوائر نارية ومشعلاً الحرائق في كل مكان والقتلة يطاردونه في بغداد خفق قلبي لوطن ضم طبقات واديان وقوميات وطوائف تتجمع ثقافتها في الفلكلور والغناء وتأثرت بكل هذا .. بأعياد المسلمين وبقية الطوائف وزيارة مقابر الائمة والاولياء الصالحين تأثري بحكايات جدتي ثقافة والدي.... كل هذه الامور اثرت بي ببطء وشكلت لدي ذاكرة قوية ان بغداد في الطفولة لا تزال جذورها مرتبطة ببغداد التاريخ ، الف ليلة وليلة ، حكايات الجدات ، التراث الشعبي ، الاغاني ...ما زلت طفلاً جائعاً يبحث عن لعبة بين حطام المدن والذكريات والحرائق . علاقتك بالامكنة / المدن / علاقة عشق صوفي .. كم احببت منهن وايهن شقيقة الروح ، المدينة التي اختطفت قلبي عندما ادخل في مقهى او بلد ... اضع اوراقي واستغرق .ارتبط بالشوارع والاشجار وكراسي المقاهي والرواد ... هذا ما حدث في اسبانيا بغداد رحلت عني وتغيرت معالمها واختفت مدينة الطفولة.... ارى الناس فيها غرباء ... فقدت اصدقائي . المدينة الحقيقية هي التي لا تزال جذور الانسان فيها دمشق مختلفة عن بغداد ، لا تزال تحتفظ بعلامات ضخمة ومثيرة من الحضارات والتاريخ والتراث . فيها مثوى محي الدين ابن عربي .. اخترت دمشق لانها مثل القاهرة تشعرك بعروبتك واستقرارك الروحي ... انها الاقرب وماذا عن - البياتي - لقبك ؟ نسبة الى قبيلة تنتمي للدولة الحمدانية في الموصل ، تفرق ابناؤها فسكنت قبيلتنا شمال الموصل وبغداد ولانهم في الحروب القد يمة كانوا يتبعون نظاماً عسكرياً في القتال بفرقة مؤلفة من فرسان سبعة ، ستة ينامون على ظهور خيلهم ، والسابع يبقى مستيقظاً ليدافع عنهم ، واذا ما هجم العدو صرخ عليهم ويوقظ رفاقه ، وهناك في العراق تتبع طيور الكركي نفس النظام السباعي ، عندما تحط على الصخور لكي تنام ، يبقى واحد منها مستيقظاً ليحرس اصدقاءه ، واذ ما داهمها خطر يحمل حجراً بمخالبه ويرميه ، فيستيقظ رفاقه . والبياتي من النغم العربي المعروف وقبيلتي ظهر منها شعراء ومغنون كانوا يغنون على مقام البيات . لا تخلو قصيدة من قصائدك من ذكر الموت فما علاقتها بالحياة ؟ ليس هناك حياة محددة بالزمن يعقبها الموت ، ثمة موت في الحياة وحياة في الموت انا اقوى من الموت احن اليه سبيلاً للخلاص ، الموت والحياة جدلية عميقة فالحياة تتجدد في الموت مثلما تموت الطبيعة مع دورة الفصول ، الذل موت مقنع وعبث مفروض على الانسانية لا بد من تحطيمه ، تحولت من الموت حباً بالمرأة الى الموت حباً بالانسان ، طريق كفاح ، لم اطو كتاب الموت بل حولته ليكون طريقاً للخصب وتجديد الحياة وتغيير الواقع ، نعم انه موت يجدد الحياة. كيف ترى الشعر الحديث : اؤمن برسالة الشعر الانسانية لانه المنقذ من الظلام ويظل البشر يستجدون بالشعر لانه ضرورة وجودية وروحية وبيولوجية ، وبدونه يصير الانسان اعمى في كل العصور اشارات للشعر وعلامات ولولاها لتوقفت الحياة ، ومات كل شيء من المواليد الجدد اذ يتعاقبون ويولدون كالفصول . ان رؤيتي الشعرية لها مذاق خاص يختلف عن رؤى كثيرين ، تجربتي الشعرية وجودية حارة مستمدة من تجارب البشر وتجاربي وليست مستمدة من القراءات والكتب وهذه قضية في غاية الاهمية وهي تميز الشاعر وتعطيه مكانة عالية بعض النقاد يشير إلى إطلاعك على الثقافة الغربية وتأثرك بها فماذا تقول ؟ قرأت الأدب الانكليزي خاصة الشعر وأهمه عصر الرومانسية العظيم ، قصائد بايرون ـ وكيش وشيلي ومسرحيات شكسبير .. واستوقفتني أعمال كثيرة لأساتذة الشعر الأوروبي الذي بلغ مرحلة كبيرة من النضج والمستوى الفني . لكن لم استفد من المضمون أو محتوى الشعر الغربي إنما استفدت من التقنيات الفنية ، فتقنية القصيدة قضية خطيرة جداً للشاعر وإذا لم يتقنها قد يفشل لأنها معمار القصيدة . ? وماذا عن المنفى في شعرك ؟ المنفى واضح أثره في شعري حيث وضعت الكتب الكثيرة عن ذلك ومنها دراسة مقارنه بين شعري وشعر الشاعر الاسباني /روفائيل /. الحديث عن المنفى في شعري يطول ، الغربة والمنفى لم يأخذا مني شيئاً ، بل منحاني الحصانة ضد العدمية والمجانية والقوة في مواجهة الشر والذل الكوني كما جعلا من شعري وقصائدي وردة حمراء أقدمها لقرائي كلما حان موسم الربيع ، وكان قدر هذه الأزهار أن تنبت في حقول العالم وربيع مدن الشعوب . ? فكرة الموت ترد في دواوينك بشكل طاغ .... الموت المادي لا يعني النهار ، هو ممر يمر فيه الإنسان ليصل إلى الأصقاع الأبعد موتي كموت أبي تمام الذي كان يسبق موته الى المدن التي يرحل إليها ، نحن في سباق مع الموت لأننا نموت من الحياة ولا نموت من الموت . فكيف يمكن للإنسان أن يسبق الموت ، هذه هي المحاولة التي أعيشها شعرياً . كلمة أخيرة لبغداد ... وأرضنا الخضراء في مخاضها تحكم بالزنابق .. الصباح وسوف يكثرون ، سوف ينجبون ذرية تزرع أرض الله ياسمين تضع أبطالاً .. تضع ثائرين ...
* * *
الوحدة / ثقافة
شعبان سليم
الأثنين 14/1/2008
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي
» مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» الكاتب الكبير: عبد الوهاب البياتي / 1926-1999
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
» مجموعة عبد الوهاب البياتي - بستان عائشة
» المعشوق والعاشق (أو محي الدين بن عربي - عبد الوهاب البياتي )
» الكاتب الكبير: عبد الوهاب البياتي / 1926-1999
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى