๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول

وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ 980591
العبيدي جو ادارة المملكة الأدبية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول

وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ 980591
العبيدي جو ادارة المملكة الأدبية
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ

اذهب الى الأسفل

حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ Empty حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ

مُساهمة من طرف صبري يوسف 7/1/2010, 3:40 pm

حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو*3




د. ليساندرو

رسالة الأدب

قلتَ:
"- لا أكتب رسالة ولا يوجد عندي خطّة محدّدة تولد نصوصي من رحم الحياة- " ..
هذا لانَّك شاعر حقيقي ولستَ فيلسوفاً - بالمعنى الأكاديمي- أو عالماً مولعاً بالتنسيق والتخطيط والترتيب المنطقي الصارم للمواد التي يقوم بدراستها وعرضها.

ولكنك مع ذلك شاعر يحمل رسالة - رسالة لا تجري بالطبع على مناهج الفلاسفة والعلماء- وقد صغتها في عبارة وجيزة قائلاً - ايديولوجيتي هي تحقيق العدالة، الحرية والديمقراطية للانسان.
وذكرتَ أكثر الموضوعات إثارة وحساسية في الوقت الراهن وهي- التفجُّر السكاني، البطالة، الصحة، البيئة والطفولة - وجلّها يتَّصل بالإنسان من جهة ما يحصل له منها من خير أو شرّ.
فالإنسان إذن هو المعيار، الهدف وجوهر الرسالة عندك وخيره هو القيمة المثلى فيها.
حسن ولكن الإنسان مفطور على الشرِّ حتى ليمكن القول انّه وراء كل ما يحدث من خلل في هذا الكون فكيف لنا بعد هذا أن نحمل قلوبنا على الرأفة به كيف لنا أن نسخر أوتارنا في تمجيده؟
وكيف لنا أن نشقي عقلنا من أجله؟
هل ترى كما يرى المصلحون من أصحاب الرسالات أن الناس فئتان فئة ضالّة شرّها لا ينتهي وفئة مستنيرة خيرها لا ينقض حق، على الأولى لوم وقصاص وعلى الثانية شكر وثواب.
أم ترى الإنسان وجوداً غير قابل للتقسيم بجوهر واحد مكون من ثنائية الخير والشر، فأنا وأنت وهذا وذاك أشرار حينا وأخيار حيناً آخر.
ولكن لما كانت مهمّة الشَّاعر هنا أن يستأصل الشرّ من نفس الإنسان - بوسائله المعروفة - ويثبت الخير فيها ولها واجهته معضلة حقيقية، فهو إنْ أفلح في مهمته - أي في اقتلاع الشرِّ- أضرًَّ بالوحدة القائمة بين الخير والشرّ فأمسى الخير بلا شرّ قيمة فارغة من المعنى كما هو الحال في جميع الأضداد فالأبيض لا يعرف إن فُنِيَ السواد ولا تُقاس الحرارة إلا بوجود البرودة فكيف الحلّ، ومن جهة أخرى فلإنَّ الخير والشرّ من القيم - النسبية- فما نسعى إليه من خير لزيد قد يكون فيه شرّ لعمرو خذ الديمقراطية مثلا - وهي قيمة من قيم الخير وعنصر بارز في ايديولوجيتك- فسترى فئة من الناس غير قليلة تكفر بها و تعتبرها بلاء عظيماً، وإن أنت نشرتَ العدالة في أمَّة ذهبت بمصالح طبقات كثيرة فيها كانت تقتات ممَّا كان يسودها من جور وظلم وفساد.
ولهذا نرى بعض الناس ينظر بعين الريبة الى رسالة الأدب بمنظورها الانساني الشمولي- التي نتلمس بوادرها في أدبك أيضا- ويجدها لاتسير دائماً في درب ممهِّدة خالية من- المطبّات - كما يجدها لا يمتدُّ صداها عميقاً في النفوس ويزعم أنَّ كلّ الرسالات الأدبية التي نحَت هذا النحو وكلّ الأدباء الذين نالوا جائزة نوبل للسلام لم تنجح أو لم ينجحوا في كبح الحروب المدمِّرة ويزعم أنّها عجزت أو عجزوا في نهاية المطاف عن اصلاح الإنسان.
فهل ستواصل أيها الصَّديق سيرك في هذا الاتجاه؟!

..........................................................................

صبري يوسف

الكتابة تحرق الشرور العالقة بين أجنحتي،
أسئلتكَ يا صديقي غنيّة ومفيدة وهامّة للغاية، وتصلح أن تُطرح في ندوات مفتوحة على مرأى من الجمهور ضمن حلقة من المتخصِّصين في المجالات الرحبة التي طرحتها، حيث تتضمّن منحى دينياً فلسفياً إجتماعياًَ جمالياً أخلاقياً فنّياً أدبياً حضارياً سياسياً ... وتصبُّ في فضاءات مفتوحة، وهي تشبه نصوصي المفتوحة من حيث رحابة الفضاءات التي تحلّق فيها، ولا يمكن الإجابة عنها بسهولة بشكل شامل عبر هكذا حوارات عاجلة!

لا أخفي عليك أن هكذا هواجس وهكذا أنواع من الأسئلة وعشرات الأسئلة المتشابهة والمتعانقة في عوالمها كانت وما تزال تنتابني وأنا نفسي أتوقّف عندها مليّاً للإجابة عنها لكنّي أجد نفسي عاجزاً عن الردّ على أسئلتي لكنّي لا أقف مكتوف الأيدي فأجيب عما أستطيع الإجابة عنها وأترك ما لا أستطيع الإجابة عنها للزمن للحياة للأيام القادمات!

ليس كل ما جاء في أسئلتكَ صحيحاً أو دقيقاً، فلا أوافق على تساؤلكَ الذي تقول فيه، الإنسان مفطور على الشرِّ، لا يا صديقي الإنسان ليس مفطوراً على الشرِّ، وهناك الكثير من الفلاسفة يعتبر الإنسان أشبه ما يكون بصفحة بيضاء عندما يأتي للحياة! والطفل أيّ طفل على وجه الدنيا هو بريء بالفطرة كونه طفلاً، صحيح أن الطفل من الممكن أن يرث عن والديه وأجداده جينات شرّيرة وما شابه ذلكَ لكن هذه الجينات الشريرة لم تأتِ عبر الوراثة بشكل محض لأنها ربما تشكلت من خلال الاكتساب، اكتساب الوالدين والأجداد وأصبحت متوغِّلة في كيان شخصية حاملها وعموماً مسألة الشرّ والخير لا يمكن البتّ فيها على أنها وراثيّة، فليس من المعقول أن يولد الإنسان خيّراً خالصاً ولا شريراً خالصاً فهذه المسألة نسبية، ودرجة نسبيتها ممكن أن تطغى أو تتنحّى بمنحى الخير أو الشر تبعاً لعوامل وظروف البيئة التي يترعرع فيها المرء!

أود أن أشير إلى نقطة هامة في سياق الحديث عن الخير والشرِّ، إن ما هو أعمق من الخير والشرّ هو هذا الجانب الروحي أو النزوع الروحي الشفّاف الذي يصبُّ في جانب السموّ والارتقاء نحو فعل الخير وفعل العدالة والفضيلة والصواب الخ من أفعال النبل والخير والروحانيات، والجانب الآخر، النزوع المادّي، بما فيها مادّيات الحياة الاقتصادية والجسدية ومتفرعاتها التي تصبُّ غالبا بخانات الطمع والجشاعة والشرّ والحرب والدمار، الانحراف عن مسارات الخير...!

فمن جهتى أرى أنه لا يوجد إنسان مفطور على الروحانية بشكل محض ولا على النزوع الجسدي المادّي المحض، فهو يتألف من روح وجسد ونزوعه يتأرجح بين هذين المنزعين، لهذا فمن السهل على الكائن الحيّ تطبيق النزوع الثاني الذي غالباً ما يصبُّ في دنيا الطمع والشرّ والفساد، لماذا؟ لأنَّ القيام بفعل الشرّ أسهل على الإنسان من القيام بفعل الخير، وطرق الحصول بشكلٍ شرير على أهداف مادّية أسهل مما لو يحصل عليها الإنسان بشكل خيّر وعادل وقانوني، من هذا المنظور فأنا أطالب الكائن الحيّ، الإنسان، أن يتوازن مع إنسانيته بتحقيق حاجات الجسد ومتطلَّبات الحياة ضمن إطار إنساني خيّر راقي أخلاقي عادل غير جشع، وغير استغلالي وغير منافق وغير شرِّير، ورسالتي في الحياة غالباً ما تصبُّ في تحقيق هذه المعادلة لكن تحقيقها صعب وشبه مستحيل لكن يستحسن أن نتوجّه نحو تحقيقها وأن لا نيأس، وأنا أرى بأنَّ صعوبة تحقيقها يعود لعدَّة أسباب منها غباء المجتمع ونظام المجتمع البشري والتركيز على مادّيات الحياة وعدم التركيز على أخلاقيات الإنسان، لهذا تراني أشدِّد كثيراً على ضرورة بناء طفل مسالم خيّر مشبّع بقيم الخير ومعايير فعل الخير والمحبة والعدالة منذ ولادته، فلا يمكن لطفل يترعرع في بيئة فاسدة إلا أن يصبح في مستقبل الأيام حاكماً فاسداً وإستغلالياً وغير عادل، وهذا الأمر يتفاوت من طفل إلى آخر بحسب نسبة الشرور واللاعدالة التي تلقلاها في مرحلة تكوينه في سنواته الأولى واللاحقة أيضاً! ولو جئنا وألقينا نظرة على أنظمة وحكام وقياديي هذا العالم في الوقت الراهن وفي مراحل طويلة من التاريخ البشري نجد أن نزوع أغلبهم نحو الشرِّ والديكتاتورية والاستغلال والقتل والدَّمار والحروب، كانت أكثر بكثير من نزوعهم نحو الخير، لماذا؟ لأنَّ تنشئتهم كانت تصبُّ أغلبها نحو الشرّ والفساد والمادِّيات السقيمة! هل يوجد أي حاكم على وجه الدنيا لم يركّز على جمع المال وبناء القصور والتركيز على الخدم والحشم والنساء والترف وتخصيص ميزانيات خيالية في قضايا تافهة تصبُّ في رحابِ متعه على حساب جماجم القوم وموت رعاياه؟!

لو نسأل أي إنسان على وجه الدنيا أن ينظر إلى مرآة نفسه، إبتداءً من الإنسان العادي ومروراً بالمسؤول العادي وإنتهاءً بالمسؤولين الذين يقودون البلاد، نجد أن درجة الشرور والظلم تزداد لدى الفئات الحاكمة أكثر من المواطنين العاديين، وليس لأنَّ المواطن العادي أقل شرّاً بل لأنّ إرتكاب فعل الشرّ والاستغلال والنهب غير متاحة أمامه فلو تيسّر لأي مواطن عادي أن يكون في سدّة الحكم لربَّما يصبح أكثر قمعوياً وشريراً من الحاكم نفسه علماً أنه كان يطرح نفسه عادلاً وديموقراطياً ويطرح شعارات المساواة والحريّة والخ، لماذا هذه الازدواجية إذاً؟! السبب يعود إلى طريقة تربية وتنشئة المواطن الذي يشعر بنوع من الظلم في قرارة نفسه فعندما يصبح بموقع القائد يصبح أحياناً أكثر شرّيراً من القائد نفسه لأنه يصبح في موقع المنتقم من ماضيه ومن خصومه ولأنه أصلاً غير مترعرع في بيئة سوية طبيعية بحيث تخوّله أن يكون عادلاً ومنصفاً وخيِّراً، لهذا فأنا متشائم جدّاً من قياديي هذا العالم ومن الذين سيأتون في مستقبل الأيام لأنني غير راضٍ في بناء وتنشئة الطفولة في العالم وخاصة في الدول الديكتاتورية السقيمة فالطفولة يتم بناءها وتنشئتها بشكل خاطئ وفظّ وغير تربوي وغير إنساني، يصبح الطفل في مستقبل الأيام طفلاً مشروخ الرؤية، وغير عادل لأنه لم يترعرع على أصول حيثيات العدالة والخير فهل ستهبط عليه العدالة من السماء؟!

أنا لا أمجّد الإنسان يا عزيزي، وإنما أطالب الإنسان أن يكون ذات سلوك مجيد وحسن ونبيل وراقٍ وحضاري وإنساني وخير وديموقراطي وعادل، وأطلب من القيادي في أي موقع كان أن يزرع هذه القيم والمعايير الراقية في معالم الطفل، الجيل القادم، فلا خير في المجتمع البشري برمّته ما لم يزرع قيماً ومعاييراً جديدة تطغى على شرور وحروب وضياع ومتاهات وترّهات وخزعبلات آخر زمن!

النزوع المادي أصبح طاغياً، أنا لستُ ضدّ ماديات الكون لكن على الإنسان أن يستغل الموارد الطبيعية والبشرية وماديات الحياة بكل أنواعها من أجل رفاهية وسعادة الإنسيان، لا من أجل تدميره وقتله وشنّ الحروب عليه، وأعتبر المال الذي يتم رصده للحروب والقتل والدمار هو من مفرزات سموم البشر، واعتبر من ينزع هكذا نزوع هو أخطر وأكثر شراسة من الضباع والذئاب والوحوش المفترسة، وأطالب هكذا بشر أن ينظروا إلى مرآة ذاتهم، ألا يرون أنياباً مسمومة تنهش قلوب البشر/ فقراء هذا العالم!

يا صديقي، ليس بعض الناس ينظر بعين الريبة إلى رسالة الأدب بمنظورها الإنساني الشمولي، بل هناك الكثير الكثير من الناس، ينظر إلى رسالة الأدب بإستخفاف شديد وبعدم جدواها، ويجدها تسير في متاهاتٍ وفراغاتٍ مميتة، وفي فضاء الكلام بدون أيِّ فعل، لأن هؤلاء الناس مهما كانت نسبتهم عالية من سكان المعمورة هم نتاج تنشئة خاطئة ليس على صعيد فهم الأدب ورسالة الأدب فقط بل على صعيد الكثير من مناحي الحياة! هم يحملون رؤية قاصرة فاقعة شريرة أحياناً، وغبية مخلخلة أحياناً أخرى، غير قادرين على تقديم ما هو خيّر وعادل في الحياة فلا يروق لهم أي نزوع عادل في الحياة، لهذا أكتب نصّي من أجل غدٍ مشرق، وممكن أن يكون هذا الغد المشرق غداً أو بعد غد أو بعد قرن أو بعد قرنين أو بعد قرون من الزمان! ولا أخفي عليك ولا على القارئ العزيز أن رهاني هو لزمنٍ ولقرونٍ عديدة قادمة، فأنا يا صديقي غسلت يدي إلى حدٍّ بعيد من الأجيال الحالية، لأن ما أراه على الساحة الكونية من تشرذمات سياسية مرتكزة في أعماقها على نزوعات مادية شريرة، وأرى أنّه من الممكن أن يأتي يوم وزمن سيصبح حتماً فيه تغييرات في الكثير من معايير الحياة نحو رحاب الخير!

نعم، لم تنجح ليس فقط الرسالات الأدبية في كبح الحروب المدمّرة، بل عجزت معها معظم رسائل إيديولوجيات ورسالات الأديان، ورؤى فلاسفة وحكماء هذا العالم، لماذا؟ لأنها أي هذه الرسائل لا يتم تشرّبها وتشريبها وتعميق حبقها ومغزاها وجوهرها في عوالم الكائن الحي/الإنسان منذ ولادته، هناك غباء تاريخي لدى سيرورة تطوُّر المجتمع البشري، فلا يستفيد الإنسان من كل هذه الرسائل لخير البشر ولا يستغل عوالمها الرحبة لصالح الإنسان لأنه إنسان جاهل بماهيّة الحياة، جاهل بجوهر الحياة، لهذا تراه يتعلّق بقشور الحياة تاركاً جوهر الحياة مشتعلاً في دكنة الليل!

نعم سأواصل سيري ومعركتي في إتجاه خير الإنسان، ومعركتي هي معركة خير، وليس من الضروري أن يحقِّق نصّي وحرفي تغييراً وثورة في العالم أو في الحياة أو في المجتمع أو في الأسرة أو حتى على صعيد قارئ واحد، إنّما المهم كلّ الأهمية هو أن يحقِّق عبر التراكم المعرفي الحضاري والإنساني، تياراً ومنهجاً يصبُّ في بحر من الخير الوارف بحيث يأتي زمن ويتبنَّى الكائن الحي ـ الإنسان، هكذا رؤية كي يخفِّف رويداً رويداً من نزوعه الشرّير مركِّزاً على النزوع الخيّر، فالخير يتميّز بجاذبيته، لكن هذه الجاذبية الخيّرة التي تنمو في كيان إنسان ما، يجب أن تكون متاحة لدى الكائن الحيّ، لدى الطفولة، كي تتشرّب وتنمو وتترعرع رعاية مفيدة وصالحة وخيّرة، كي ينجذب أكثر وأكثر نحو فعل الخير!

وسواء تحقَّقت رسالتي الآن أو غداً أبو بعد قرون أو لم تتحقَّق إلى مدى الدهر، فهذا الأمر لا يعنيني كثيراً، فالعلّة تكون متعلّقة ومرتبطة بالمتلقّي، بالآخر، بالإنسان نفسه، ولا يعني أبداً لو لم تتحقّق رسالتي أنها رسالة باطلة وغير قابلة للتحقيق، فأنا أكتب يا صديقي لأن الكتابة حاجة حياتية، متعة خالصة، أكتب كي أمتِّع وأفيد هذا الآخر ـ القارئ/الإنسان، وإذا لم يتمتّع هذا الآخر ولم يستفِد على مرِّ الأزمان والدُّهور فهذه مشكلته، وليست مشكلتي! الخلل فيه وليس في رسالتي أو في أيّة رسالة خيّرة في الحياة!

أؤكِّد للقارئ العزيز، للإنسان أينما كان، أنني لستُ ضد أي شرّير وظالم في الكون، بل ضدّ سلوكه الشرّير وضد الظلم والحرب والعدوان والفساد ... ، وأحاول جاهداً أن أنطلق من نفسي حيث انّني ضدّ سلوكي الشرّير أيضاً فلا أبرّئ نفسي من نسبة تفشّي معادلات الشرّ في العالم، فأنا بالنتيجة إنسان، تلملمَتْ فوق أجنحتي شروراً لا تحصى عبر محطّاتِ العمر .... وكم حاولت عبر مسيرتي في الحياة من لململة هذه الشرور ـ شروري كي أستأصلها من جذورها وأرميها في أعماق الجحيم! وكم كنتُ أشفق على نفسي، كلما عثرتُ على تموجات شرّيرة في سلوكي، مثلما كنتُ وما أزال أشفق على أشرار العالم، والفرق بيني وبين أشرار العالم المستمرِّين في غيِّهم وشرورهم، هو أنَّني لديَّ الجرأة في مواجهة شرّي واستئصاله، لهذا تراني أكتب نصّي لنفسي أولاً كي أتطهَّر من الشرِّ العالق بين أجنحتي، وأكتب للآخرين، الأقل منّي خطراً وشرّاً والأكثر خطراً وشرّاً لعلّهم يستيقظوا من غفوتهم، من ضلالهم، من فسادهم وشرورهم، ويسلكوا طريق الخير ويزرعوا فوق وجنة الحياة بسمة وفوق وجنة الطُّفولة وردة!


أجرى الحوار عبر الانترنت: د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن
ألمانيا ـ ميونيخ
صبري يوسف
صبري يوسف
كاتب-شاعر-فنان
كاتب-شاعر-فنان

ذكر
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى