حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 1 ـ
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 1 ـ
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو*
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو* 1
د. ليساندرو
الأديب صبري يوسف، لو تأذن لي بطرح سؤال عليك يتفرَّع إلى عدة أسئلة ما فتئ يلحُّ علي وأنا أمضي معك في رحلة الاستكشاف هذه ولربَّما جاء السؤال ضمن دائرة الأسئلة التي تطرح عادة في مجال علم النَّفس.
ترى ما هو سرّ هذه النَّجوى العذرية التي تنتشر في إبداعك الشِّعري- بخاصة- ؟!
ـ هل هي سرّ نقاء الرُّوح لديك؟
ـ هل هي سرّ لحواس منهكة؟ أم هي سرّ لرغبات جنسية صاخبة كبحتها النشأة الريفية أو قمعها العقل؟
ـ خوف انتهاك المباح وغير المباح، فراحت تستتر خلف حجب العفّة، بمعناها الذي لا يتِّفق غالباً مع روح البيئة الجديدة، أم هي سرّ لسرِّ يقبع في الأعماق، يجهل لغة البوح ويخشى الظُّهور؟
ترى ما هو السرّ - أتساءل - و أين يكمن من نفسك وكيف يطوف في فضائها الرَّحيب؟
اعزَّك الله ويسقيك من خمرة الشِّعر حتى تبلغ منتهى نشواتها.
صبري يوسف
الدكتور العزيز ليساندرو
أسئلتكَ قيّمة وعميقة للغاية
كلّ ما نوّهتَ إليه من خصوصية السرّ في النَّجوى العذرية ليس سرّاً وليس عذرياً خالصاً كما تتصوّر!
هل قرأتَ بطاقة تعريفي الواردة في موقعي عبر الحوار المتمدِّن وبعض مواقعي الأخرى؟
وهل قرأتَ نصوصي الشعرية كلّها أو أكثرها كي تتوقّف عند فضاءات عديدة مفتوحة، ربما تظنُّ أنني لا أطرقها، كالحبِّ والسَّلام والحرب والإنسان، والأرض والطفولة والغربة، والزمن، والموسيقى والعلاقات الحياتية، والسياسة بمفهومها العام، العادات والتقاليد، الحلم، الفرح والحزن، والنفس البشرية، الطبيعة، الكائن الحيّ، وعشرات عشرات المواضيع الحياتية والنفسية والإنسانية التي ربّما تشمل رؤية شبه بانورامية تخصُّني وتخصّ ملايين البشر ممن تنسحب حياتهم وتوجُّعات حالتهم على حالتي بطريقةٍ أو بأخرى؟!
لم تسألني سؤالاً واحداً يا صديقي فقد سألتني أسئلة تصلح أن نفتح مجلَّداً للتحاور في محاورها الخصبة، لكنّي سأعرّج على جناحٍ من الدقّة والهدوء والعمق على كلِّ تساؤل من تساؤلاتكَ الفسيحة.
ترى ما هو سرّ هذه النَّجوى العذرية التي تنتشر في إبداعك الشِّعري- بخاصة -؟!
هل هي سرّ نقاء الرُّوح لديك؟
ـ نعم لربَّما هناك نوع من نقاوة الرُّوح، وكلّ روح بصيغة ما تحمل نوع من النقاوة لكن من جهتي لا أدّعي العفّة والقداسة إطلاقاً! وإنما أحاول جهدي أن أنقّي روحي ما أمكن من شوائب هذا الزَّمان، فأنا أحب النقاوة، نقاوة الرّوح والقلب والسلوك وطريقة التفكير، وأحبُّ أن يحملَ الإنسان بين جناحيه شفافيّة الرُّوح والرؤية والسلوك والمنحى الذي عليه، أن يقدّم من خلال تواصله مع الحياة أبهى ما لديه لأخيه الإنسان والطبيعة والكائن الحيّ كي يعيش في حالة راقية بعيداً عن لغة الشرور والحروب والفساد وممارسات سخافات آخر زمن!
هل هي سرّ لحواس منهكة ؟
ـ لا يا عزيزي، هي ليست سرّ لحواس منهكة وإنما إنعكاس لحواس غائصة في الاشتعال مع شهقة الحياة المفتوحة على مدى خصوبة الرُّوح، هي دقّة الحواس التي ترعرعَت في مراحل عديدة من العمر وتمَّ ترجمة هذه الدقّة عبر طيف شعري وقصصي ورؤى غارقة في التحام الذات مع ذوات الآخرين من خلال تشرُّبات حيثيات العمر عبر محطّات الحياة، الشَّاعر يعكس ذاته وروحه وتجربته فأنا أستمدُّ من تجربتي وآهاتي ومنغّصات حياتي وآلامي وأفراحي وابتهاجاتي القليلة حبق شعري، وأترجم ما أشعر أنه يراود الآخرين ممن لديهم معاناة متقاطعة مع معاناتي، فالحواس تراقب ما حولها وتُترجم ما ترغب ترجمته وأحياناً يولد نصّي من محض الخيال مرشرشاً عليه بعضاً من شظايا عمري لكن يبقى الحلم والتدفُّق العفوي سيّد الموقف أحياناً! والمخيلة تحصد أحياناً أخرى ما أراه في بصيرتي وما يتراءى في مخيَّلتي فلا يوجد عندي حواس منهكة بقدر ما هي حواس مشاكسة مندلعة عشقاً جامحاً في فضاء الحرف، تراقب ما يعتريها بدقّة غير منهكة بالصيغة التي تراها لكنَّها ربّما تكون منهكة من جلاوزة هذا الزَّمان ومن الدِّماء التي تراها حواسي متشرشرة في أقبية وأزقّة هذا الزَّمان، لكن هكذا نوع من الانهاك لا يستطيع أن ينهك حواسي بل يحفّزها لعبور ما لا يمكن عبوره عبر تحليقات الشِّعر الهائجة كي يخلخل ما أغاظني أو انهكني، فما ينهكني لا ينهكني طويلاً لأنني أردّ على هذه اللغة الانهاكية بلغة شعرية مضادّة بحيث تخلق في داخلي نوع من الراحة والمتعة حيث انني أشعر وكأنَّ تدفُّقات شعري هي أمواج هائجة تبلسم جراحي وجراح من يشبهني وأشبهه بصغية ما، الشِّعر هو المحرقة التي يجب أن يطهّر الإنسان نفسه عبرها من خلال عبوره في رحيق فضاءات الشاعر المشتعل ليل نهار، والشاعر هو جمرة مشتعلة غير قابلة للحرق أو الاحتراق، لأنَّ هذه الجمرة مندلعة من خيوط شمس ساطعة في جبهة الحياة، هي ضياء الرُّوح وضياء الرؤية لعلّ الإنسان يخفِّف من ضراوته ومن خشونته ومن تخشُّبات رؤاه في الكثير من مناحي الحياة، لأني أرى في الكثير من بقاعِ الكون أن الإنسان ضلّ طريقه عمّا يجب أن يسير عليه وما على الشاعر و مبدعي وأنقياء هذا العالم إلا أن يزرعوا ويعبّدوا ويكلِّلوا طريقاً مبرعماً بالورودِ والراحة والفائدة والمحبّة والسلام!
أم هي سرّ لرغبات جنسيّة صاخبة كبحتها النشأة الريفية أو قمعها العقل؟
ـ جميل هذا السؤال، ويصلح أن أكتب عنه نصّاً روائياً!، أسئلتكَ تورّطني تورّطات لذيذة وتفتح شهيَّتي على البوح الشَّفيف في غمار خصوبة الرُّؤى الغافية حول معارج الذَّاكرة الفسيحة، ربّما هناك رغبات جنسية مكبوحة، لكن ليست مقموعة بالشكل الذي يراودكَ، هناك جموحات جنسية عشقية متلاطمة في كينونتي، جموحات هائجة مثل أمواج البحر، وهي غير ناجمة عن النشأة الريفية (القامعة) وهي ليست مقموعة كما يخيّل إليكَ، فأنا يا صديقي أجسّد حالات ومواقف عبر لحظة شعرية وليس من الضروري أن أعكس في شعري ما يعتريني بشكل حرفي فأحياناً أعكس رؤيتي لما أراه في الحياة من معاناة الآخرين وأحياناً أكون واحداً من هؤلاء لكن بنسبة أخفّ أو أكثر وذلكَ بحسب الحالة التي أجسِّدها، وأودّ أن أشير ومن خلال تكويني الفكري أنّني لست من دعاة قمع أية رغبة من الرغبات بل من دعاة تهذيبها وتطويرها إلى حالات راقية وتفريغها بما يتلائم مع بهجة الرُّوح والإبداع حتى إذا تعارضت البهجة مع قوانين نشأة الرّيف أو المدينة أو نشأة الإنسان، هذا الإنسان الذي لا يرى ما أراه، أو يراه بشكل معاكس ومتعارض، وما يحمله أحياناً من تخشُّبات الرؤية في هذا المجال! صحيح أنا إنسان ريفي وترعرعت في بيئة ريفية ومدينة صغيرة إسمها ديريك/ المالكيّة، لكن هذه المدينة وهذا الرِّيف فتح أمامي نوافذ مفتوحة على مدن الكون، فلم أتوقّف عند ريفيَّتي بل عبرتُ ريف الكون عبر معارج حرفي وخلخلتُ المعادلات التي لا تستهويني وخرجتُ عن السّرب بالطريقة التي أراها مناسبة، أحبُّ طفولتي رغم بؤسها وعذاباتها لأنها أشبه ما تكون بيلسان شعري ومطهّرة لشوائب الحياة، وأحبُّ مراهقتي رغم ضجرها وقمعها وفقرها لأنَّ الطفولة والمراهقة والشباب منحوني طاقات إبداعية وكانّها نزيف شعري متدفِّق على وجنةِ الشمس! متمرّد على كلّ ما لا يستهويني، لا ضابط لي من حيث الكتابة فاطلق العنان لجموح المخيَّلة تسرح في غمار بهجة إنتشاء الروح وهي تغترف ما يحلو لها من تحليقات، لم أقمع رغباتي من خلال قمع العقل، سواء كان هذا العقل عقلي أو عقل الأنا الأعلى، فلا يوجد أنا يعلو على أناي في محراب الشِّعر! إلا أنا العقل المعقلن والمتفتِّح على مرابع الإبحار في براري الشِّعر بعيداً عن أيِّ نوعٍ من أنواع القموعِ! .. لا أؤمن بشاعر مقموع، أشفق عليه!
أم خوفٌ من انتهاكِ المباح وغير المباح؟!
ـ في لغة الشِّعر يا صديقي لا أخاف من انتهاكِ المباح أو غير المباح! أعبر رحاب الشِّعر وأشعر أن هناك تهاطلات تهطل علي، ربّما هي رذاذات شهوة التجلّي، فلا أفكر إطلاقاً بما هو مباح وبما هو غير مباح، أكتب بعفوية خالصة وكما يحلو لي، لربَّما هناك ملايين الخطوط الحمراء تقف في طريقي لكني أخترقها بطرقة جامحة متحايلاً أحياناً على المتلقّي من خلال صور وتحليقات وتهويمات ترطّب خشونة الاختراق، فأنا أصلاً لا تراودني فكرة الإختراق ولا أفكِّر بالخطوط الحمراء أو الصفراء، أترجم فقط وهج التجلّي وتدفُّقات رعشة الشِّعر وخصوبة البناء ضمن إيقاع غير مسبوق ومتجدِّد على الأقل على صعيدي! دائماً أسعى لإيجاد جملة شعرية غير مسبوقة وكأنها متشرشرة من أحداقِ النُّجوم أو متدفِّقة من ذيول نيازك غاضبة من غليان الطوفان البشري! ضدّ الحرب بكلّ أشكاله وضدّ الشُّرور والفساد، ضدَّ الدَّجل والنِّفاق، ومع المحبة والعدالة والمساواة بعمق، مع حبقِ العشق حتى قمّة البهجة والانتشاء، أنا القائل:
"نحن بشر يا قلبي
لِمََ لا يعشق البشرَ البشرُ
هيهاتَ لو عشقنا بعضنا بعضاً
وكنّا في خندقِ الحبِّ خفرُ
هيهاتَ يا قلبي"!
فراحت (النَّجوى) تستتر خلف حجب العفّة - بمعناها الذي لا يتِّفق غالباً مع روح البيئة الجديدة- ؟!
ـ لا أستتر إطلاقاً تحت حجب العفّة ولا أتبنّى العفّة كحالة محضة خالصة من حيث المنظور التقليدي أو أي منظور آخر، فأنا إنسان من لحم ودم وروح، عفّتي أراها من خلال نقاوة الرُّوح ومن خلال مصداقيتي مع ذاتي ومع الحياة، وكلّ ما يتعلَّق بجموحاتِ الجسد يحدِّده جسدي ضمن إطار توهُّجات شهقة العشق بعيداً عن منغصِّات وتقيُّدات وترّهاتِ آخر زمن، وما أراه ترّهات يراه ربما غيري قمة القيم وقمّة القممِ، لهذا أودُّ أن أقف عند وجنة الشَّفق كي أرسم حرفي كما يحلو لهذا الصَّخب المهتاج في كينونتي ولا أُتعب نفسي بما يمنحني الدُّفء والتحليق والإبداع، عفَّتي تنبع من تدفُّقات حرفي وهو يعبر شلالات منبعثة من شواطئ الحلم، لماذا لا يطلق الإنسان أجنحته للريح ويرسم فوق خدود الكون وردة، لماذا يقتل وينهب ويكبّل الآخر بقيود أشبه ما تكون سلاسل من الأوجاع؟! الإنسان صديقي والعفّة موجة شهقتي وشوقي إلى تلال الخصب ومعارج عشقِ الحياة، والحرف نبتة الخلاص، خلاصي من ضجر الحياة!
أكتب كمن يمسك في يده لهيب الجمر، وينثره على وجنةِ الصّباح كي أحرق شوائب هذا الزَّمان، نحن البشر نحتاج إلى قرونٍ عديدة كي نعرف كيف ننمّي جموحَ العقل وبهاء الرُّوح ضمن توازنات الحياة، ثمَّة خلل واضح المعالم يعتري في نفوس أغلب مرابع الكون! معادلات تتصارع على الشّوك فحرقَ مهابيل هذا العالم وجنة الياسمين والورد لأنهم غائصين برؤى معفّرة بالشّوك، والشَّوك يغدق على هؤلاء أبراجاً عاجية مائلة نحو براثنَ النُّفورِ ورجرجاتِ السُّقوطِ!
كل بيئات الكون لا تلزمني عندما تقيّد نكهة الحرفِ حرفي، فلا ألتزم بخشخشات البيئة ولا بسواطير سلطة هذا الزَّمان! أنحو نحو جبال جبل جودي وصخور معلولا الشّامخة حيث الهواء العليل يبلسم خدود وردتي وهناك ألملم فرحي كي أغدقه على حنينِ صديقة من لون الأرضِ، الأنثى هبة السَّماء، شمعةُ عشقٍ، أرضٌ من لون البهاء، أهلاً بانتعاشاتِ البهاء!
ـ أم هي سرٌّ لسرِّ يقبع في الأعماق يجهل لغة البوح ويخشى الظهور؟!
لا يا صديقي لغتي ليست سرّاً ولا أقبع في الأعماق جهلاً بلغة البوحِ أو من خشيةِ الظُّهور! لا وألف لا يا صديقي، لغتي تنبع منّي وتصبُّ بي وبغيري ممن يستهويه نبعي! أكتب حرفي وأنا في كامل وعيي وبوحي ينبع من مهاميز روحي كي يغنِّي للحياة للطفولة لغربة هذا الزَّمان، ولمن يحيا الحياة وينتظر أنشودة الغدِ الآتي، لا أخشى شيئاً أثناء الكتابة، لأنَّ الكتابة هي عبادتي المنعشة، أعشقها بعمق وهي أشبه ما تكون عشيقة سرمدية ولا فكاك منها حتّى ولو جنّ جنونها، أعشقها بطريقة لا تخطر على بال الجنِّ، الكتابة محور وجودي على وجهِ الدنيا، لو ألغيت تدفُّقات الكتابة ـ الإبداع من حياتي فأنا ميّت رغم تنفُّسي، فهذا النَّفَس إن لم يصب في وهجِ الحرف لا قيمة له عندي، ربَّما يجد الآخر غرابة في طبائع كينونتي، هذا أنا، مَن يعجبه رؤاي أهلاً به ومَن لا يعجبه تمرُّدي أهلاً به أيضاً، نحن يا صديقي لا نملك في الحياة سوى هذه الحياة القصيرة، وخلالها لا بدَّ أن ندوّن رؤانا على جبهةِ الزمنِ، كي تبقى رؤانا هفهافة مع نسائم الصباح على مدى ديمومةِ الكونِ!
... بعد تساؤلاتكَ الرَّحبة، تسألني أين هو السرّ؟!
السرُّ يا صديقي بسيطٌ للغاية، حتّى انني لا أعتبره سرّاً من حيث لغةِ الكتمان، فإذا أحببتَ أن تعرفَ حقيقة أمري، فأنا شاعرٌ منبعثٌ من أعماقِ الرَّماد، ضدَّ الفسادِ، شاعرٌ مخضّبٌ بنكهة الحنطةِ، مبرعمٌ مع بتلاتِ الأزاهير، مع اخضرارِ العشبِ، من لون المطر، من لون الاشتعال رغم شدّة البردِ، شاعر ملونُ ببخور الحياة، ولا يسعني إلا أن أنثر بخوري فوق حدائق الكون .. السرُّ يا صديقي ربما عائدٌ إلى تكويني، مزيجٌ من الإيمان بتدفُّقات اللحظة الشعرية، بسموِّ الشِّعر على حكمة حكماء الكون، الشِّعر حكمة الحياة، بحر مفهرس بأرخبيل المحبة وبهجة العطاء وتلاوين السَّلام! الشِّعر رسالة متهاطلة من خيوطِ الشَّمس .. أتساءل يا صديقي لو كانت قيادة الكون مرهونة بقيادة الشُّعراءِ، بجموح الشُّعراءِ، بعدالةِ الشُّعراءِ، هل كنّا سنراهُ بهذا الشكلِ الْمُشينِ؟!
د. ليساندرو
ألستَ القائل في نصّ - حالة عشق مسربلة بالانتعاش - ؟
"أية حماقة هذه التي ارتكبتها
أن أبقى سنيناً طوالاً
بعيداً عن رضابِ العشقِ
بعيداً عن طراوةِ النَّهدِ
عن عذوبةِ القُبَلِ
أيّة حماقةٍ هذه
أن أسبحَ بعيداً
عن شهقةِ الحبِّ
عن تفاصيلِ نكهةِ الجسدِ؟!" ...
أليسَ هذا اعترافا بأنَّكَ كنتَ قبل هذا التاريخ تنزع منزع الصوفيين أو العذريين في علاقتك مع المرأة وفي تصويرك لحالات العشق التي كانت تعصف آنئذ بروحك؟
المرأة - نجمة روح - أي كائن لا يدرك بالحواس
وهذا يدفعني الى التساؤل
والى الظنّ - ومن الظنِّ اثم - انّك لاترى المرأة بحواسّك وإنّما بروحك
أو انّك لم تكن ترى المرأة بحواسك وإنَّما ....
فإذا غضَّ المرء نظره عن - طراوة النَّهد، شهقة الحب، نكهة الجسد - الواردة هنا والتي تعدُّ في رأيي بداية لمرحلة شعورية جديدة لديك ومضى يبحث في غير هذا الموضع عمَّا يماثلها في إيقاعها الحسِّي لاجهده البحث.
أين النَّهد المتوثِّب الذي يرعش الأوصال
أين المقلة التي تذيب القلوب
أين الردف الذي تختلج منه الحنايا بالشهوة الحمراء
أين - نكهة الجسد - التي تفعم كل الحواس
أين وأين؟؟؟؟؟
انّي لا أزال أرى فيك شاعراً عفّ القافية صوفيّ الهوى
ملأ الله دنانك من خمرة بابل
مع خالص المودّة والشكر
ليساندرو – منشن، كلادباخ
صبري يوسف
انّي أشتغل منذ فترة طيّبة على قصيدة عشقية وما أزال لأنَّها جزء كامل من أنشودة الحياة، وهي بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع تفرعُّاتِ الأنشودة، هذه القصيدة العشقية حملت عنوان: حالة عشقٍ مسربلة بالانتعاش، والتي أشرتَ إليها عبر ردّكَ وتساؤلكَ الأخير ..
نعم يا صديقي، يكتنف بين جوانحي النزوع الصُّوفي العشقي الروحاني الإنساني! .. حتى مع نكهة الأنثى وأنا في تماس اشتعالي، أجدني محلّقاً في هذه الفضاءات الصُّوفية الروحانية، فالأنثى بحدِّ ذاتها مخلوق روحاني مقدّس، فأنا أراها بنوع من القدسية الاحترامية العميقة، وهي كائن معبَّق بالزُّهور ، ألذّ من نكهة الشمّام! هل تذوّقتَ نكهة الشمّام يا صديقي؟!
ومع كلّ هذا فأنا أتعامل مع النصّ كنصّ كحالة إبداعية، وليس كلّ ما يرد في نصوصي وقصصي تعكس عوالمي بحرفيّتها فالحرف يندلق من شواطئ الرُّوح دونما أي رقيب، سوى رقيب بهجة الإبداع، صحيح أن الحرف ينبع من أعماقي الخفيّة، ويفضح الكثير من خصوبتي الغافية في سماوات الحلم، لكن مع هذا فإنّ حرفي أحياناً يجمح نحو عوالم بكر جديدة لم أعرفها لا من قبل ولا من بعد، هي مجرَّد فضاءات افتتحَها نداوة قلمي، وهكذا تتعانق أحياناً جموحي مع ما يعتريني واعتراني في غابر الأيام وأحياناً يتقاطع مع شهقة الحلم ورعشة الخيال، وعموماً أنتَ مصيبٌ إلى حدٍّ بعيد فيما ذهبتَ إليه في مسألة خصوصيتي مع عوالم المرأة ـ الكيان، المرأة صديقة حرفي وشهقتي الشعرية المفتوحة على أرخبيلات العناق، هي كينونتي ووجودي، أندهش كيف لا يصنع المرء تماثيلاً بعدد النُّجوم للنساء في قبَّة السَّماء! يزعجني أن لا أرى تماثيل نساء متناثرة حول هلالات القمر، ما هذا الكسل الذي يتماوج حول ذكورةِ هذا الزَّمان، وقبل هذا الزّمان؟! كيف تتحمّل المرأة خشونة رجلٍ وهو يبحلق عينيه في نعومة خدّيها في صباحٍ باكر؟!
.... .... ..... .....
"تعالي يا صديقة الرُّوح
نامي فوقَ خميلةِ القلب
نامي فوقَ تواشيحِ حرفي
فوقَ موجةِ ليلي
تعالي نرتشفُ حبقَ العشقِ
في ليلةٍ قمراء
تعالي نبحرُ في لجينِ الفرحِ
قبلَ أنْ يرحلَ هذا الزَّمان!
تعالي نشعلُ شمعةَ الانتعاش
على ضوءِ نجمةِ الصَّباحِ
نعبرُ مروجَ العشقِ
نسمعُ فيروز على إيقاع
بهجة العبور
في بحيراتِ المحبّة" ..
تنويه: كلّ ما جاء في المقطع الشعري السّابق، جاء بكلِّ عفويَّته في سياق ردِّي عليك، سأنقل المقطع إلى فضاءات قصيدة : حالة عشق مسربلة بالانتعاش، لأنه يصبُّ في عوالمها الرحبة!
لذا أحببت التنويه!
يتبعْ الجزء الثاني
........................................................................................
أجرى الحوار عبر الانترنت: د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن
ألمانيا ـ ميونيخ
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
رد: حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 1 ـ
أكتب كمن يمسك في يده لهيب الجمر، وينثره على وجنةِ الصّباح كي أحرق شوائب هذا الزَّمان، نحن البشر نحتاج إلى قرونٍ عديدة كي نعرف كيف ننمّي جموحَ العقل وبهاء الرُّوح ضمن توازنات الحياة، ثمَّة خلل واضح المعالم يعتري في نفوس أغلب مرابع الكون!
أكتب حرفي وأنا في كامل وعيي وبوحي ينبع من مهاميز روحي كي يغنِّي للحياة للطفولة لغربة هذا الزَّمان، ولمن يحيا الحياة وينتظر أنشودة الغدِ الآتي، لا أخشى شيئاً أثناء الكتابة، لأنَّ الكتابة هي عبادتي المنعشة، أعشقها بعمق وهي أشبه ما تكون عشيقة سرمدية ولا فكاك منها حتّى ولو جنّ جنونها، أعشقها بطريقة لا تخطر على بال الجنِّ، الكتابة محور وجودي على وجهِ الدنيا، لو ألغيت تدفُّقات الكتابة ـ الإبداع من حياتي فأنا ميّت رغم تنفُّسي
فأنا شاعرٌ منبعثٌ من أعماقِ الرَّماد، ضدَّ الفسادِ، شاعرٌ مخضّبٌ بنكهة الحنطةِ، مبرعمٌ مع بتلاتِ الأزاهير، مع اخضرارِ العشبِ، من لون المطر، من لون الاشتعال رغم شدّة البردِ، شاعر ملونُ ببخور الحياة، ولا يسعني إلا أن أنثر بخوري فوق حدائق الكون
المرأة صديقة حرفي وشهقتي الشعرية المفتوحة على أرخبيلات العناق، هي كينونتي ووجودي، أندهش كيف لا يصنع المرء تماثيلاً بعدد النُّجوم للنساء في قبَّة السَّماء! يزعجني أن لا أرى تماثيل نساء متناثرة حول هلالات القمر، ما هذا الكسل الذي يتماوج حول ذكورةِ هذا الزَّمان، وقبل هذا الزّمان؟! كيف تتحمّل المرأة خشونة رجلٍ وهو يبحلق عينيه في نعومة خدّيها في صباحٍ باكر؟!
الأستاذ الكبير العزيز صبري
لقد قرأت الحوار بإعجاب كبير جدا
لساني وقلمي الصغير عاجز عن نثر حروف
تصف مدى السرور الذي اعتراني
وأنا أقرأ هذا الحوار...
لن تكفيني اليوم كل الأقلام الموجودة لدي لأوفيك حقك من الشكر سيدي
اسمحلي سيدي الفاضل أن أحييك
وأعلن اليوم إعجابي الكبير بقلمك الذهبي
دمت لنا ودام إبداعك وتألقك
متمنياتي لك بالتوفيق
مع احترامي وتقديري
لك أرق تحية
−ـ‗_ღ حســناء ღ_‗ـ−
حسناء العمري- المشرفـة العامـة
-
عدد الرسائل : 2439
العمر : 50
البلد الأم/الإقامة الحالية : مملكة الابداع المملكة الأدبية
الشهادة/العمل : موظفة
الهوايات : كتابة الخواطر و الرسم وقراءة الشعر العربي والعالمي
تاريخ التسجيل : 16/05/2009
رد: حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 1 ـ
تتهاطلين مثل حبّات المطر
كأنَّكِ في حالة عناقٍ
معَ حنين أرضٍ
في أوجِ توقها لزرقة السماء!
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
مواضيع مماثلة
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 2 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 4 ـ
» حوار مع الأديب والفنَّان صبري يوسف، أجرى الحوار د. جبرائيل شيعا
» في ليلة ٍ كَثُرةْ بها الأمطارُ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 4 ـ
» حوار مع الأديب والفنَّان صبري يوسف، أجرى الحوار د. جبرائيل شيعا
» في ليلة ٍ كَثُرةْ بها الأمطارُ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى