حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 2 ـ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 2 ـ
حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو*2
د. ليساندرو
صبري يوسف يطلق النار على جبابرة هذا الزَّمان!
في موضع سابق نعتُّكَ بالشاعر الملهم فهل كنتُ محابياً؟
لا أظنُّني كنتُ هذا فما أسمع الآن من بثّ هامس على الوتر الشجي - تعالي ياصديقة الرُّوح - يثبت لي بالدليل حسن ظنّي بشاعريتك الملهمة أنا سعيد إذ أجدني محقَّاً فيما حكمت.
قبل أيام كنت في برلين بحثاً عن مخطوط في المكتبة الوطنية التقيت بصديق قديم تذاكرنا أحداثاً من حياتنا تهامسنا حول النِّساء وتساءلنا عمَّا استجدَّ ثم جاء ذكركَ فقال:
- كيف تدَّعي أنَّ صبري يوسف واحد من الذين يغيرون بقصائدهم على فساد الحكام؟
قلت:
- إنّه لكذلك
- ولكني لم أقرأ له شيئاً من هذا، ما قرأته له لايدلُّ الا على شاعر مسالم لا يميل الى المشاكسة ..
اعترضت
- هذا حكم متسرِّع، اسمع، عندي منه قصّة لايحضرني اسمها الآن سأرسلها لك بالفاكس ان أحببتَ وفيها تراه يطلق النَّار على جبابرة هذا الزَّمان.
بحثتُ عن القصّة أثر عودتي بين الأوراق فوق طاولة الكتابة في الخزانة بين الكتب في حجرة النَّوم وفي كلِّ مكان يمكن أن تكون فيه، لكنني لم أعثر على أي أثر يشي بوجودها ضاعت اختفت توارت تلاشت عن نظري كأن لم يكن لها وجود سابق عندي وأنا الآن حائر لا أدري كيف ضاعت مني، هل ضاعت مني حقاً، هل كانت عندي قبلاً، أم أنّها من نسج الوهم والخيال لست أدري أنا، فهل لديك أنتَ الجواب؟!
ولتمتلئ بيادرك بحصيد وفير من حنطة وشعير
صبري يوسف
لا يوجد على وجه الدنيا جبابرة كي أطلق النّار عليهم، فلا جبّار تحت زرقة السّماء، البشر كلّ البشر عبارة عن نسمات عابرة في ربوع الكون، وفعلاً صدق صديقكَ عندما قال لكَ صبري يوسف إنسان مسالم، أؤكّد لكَ أنني فعلاً مسالم إلى حدٍّ بعيد! .. أنا مَن كتبَ نصّاً شعرياً تحت عنوان: السَّلام أعمق من البحار، الجزء الخامس من أنشودة الحياة (مائة صفحة) والذي سبق وزوَّدتكَ برابط خاصّ به، منشور في موقع شبكة أقلام الثقافية، كما أنّني بنفس الوقت أودّ أن أصارحكَ أنني مشاكس ومتمرّد على كل ما هو خاطئ وشرِّير وفاسد على امتداد جغرافيّة الكون، وكل ما يصدر من اعوجاجات في هذا الزّمن المعفّر بـ "حصار الأطفال قباحات آخر زمان" وما جاء بين هلالين هو عنوان أحد دواويني الذي كتبته خلال العام 1999، ومن يقرأه الآن يشعر وكأنه كُتِبَ الآن، ثم تلاه نصّ مفتوح حمل عنوان: الإنسان ـ الأرض، جنون الصولجان، في هذا النصّ الطويل والذي أخذ مساحة ديوان كامل وهو الجزء الرابع من أنشودة الحياة والذي سبق وزوَّدتكَ به والمنشور في موقع بيتنا، في هذا النصّ أسلِّط الضَّوء على أنَّ الإنسان يحتاج قروناً عديدة أخرى كي يصل إلى مرحلة إخضرار الطبيعة، ورفعتُ قليلاً بل كثيراً ساطوري فوق وجه جلاوزة هذا الزّمان! أنا لستُ ضدَّ جلاوزة هذا الزّمان لكنهم هم أنفسهم ضد أنفسهم، أنا لستُ ضدّ أحد على وجه الدنيا، لكنّي ضدّ السُّلوك البشري المقيت والتفكير الخاطىء والشرّير، ضدّ شرور الإنسان، وأشفق على أشرار هذا العالم كائناً من كان هذا الشرِّير؟! ولا أخفي عليك يا صديقي أن المجتمع البشري فيه نوع من الجنوح إلى عالم لا إنساني، حيث أنني أرى خلخلة واضحة في علاقات البشر وعلاقات المسكونة مع بعضها بعضاً فنحن الآن بأمس الحاجة لعولمة إنسانية لا عولمة تكنولوجية استغلالية حربية قمعية سلطوية سقيمة! نحتاج إلى عولمة إنسانية تحترم إنسانية الإنسان وتطوِّر وتخدم الإنسان عبر المسكونة كلها، لا أن تخدم دولة على حساب أخرى، وقد تبيّن لي أن النظام الكوني العولمي الجديد فشل فشلاً ذريعاً في قيادة الإنسان لأنَّه غاب عنه، بل غيّب عن قصد هذا الجانب الإنساني الهام في علاقات البشر، وقد فشلت وتخلخلت وتقهقرت الكثير من المعايير والأنظمة والتوجُّهات في العالم لأنها توجُّهات غالباً ما تكون ورقيّة، وقد سبق وكتبت في مقدِّمة ديواني: السَّلام أعمق من البحار، المنشور عام 2000، بضرورة إلغاء هيئة الأمم المتحدة لأنَّها مجرَّد حبر على ورق، وضرورة إلغاء قانون حقّ الفيتو لأنه أشبه ما يكون بقانون خاصّ بإنسان سكران لأنه قانون قائم على مزاجية ومصالح الدول العظمى، والدول العظمى ليست دولاً عظمى إنها عظمى بالكلام والتسمية لكنها لا تمتُّ بالعظمة إطلاقا لأنها دول ذات منهج تنّيني، تفتحُ شدقيها مثل التنّين الموحش، تأكل وتبلع الكائنات والأسماك الصغيرة دون أن يرمش لها جفن .... أنا القائل:
"ما هذا التطوّر الأعمى؟!
دولٌ كبرى تطحنُ دولاً صغرى!
من سيحضر
جنازات الدُّول الصغرى؟!" ..
مقطع من ديوان: "روحي شراعٌ مسافر"، وقد ترجمت الديوان إلى اللغة السويدية ونشرته بالعربية والسويدية معاً عبر دار نشري، في ستوكهولم، عام 1998 ..
ومن هذا المنطلق أودُّ أن أقول لكَ يا صديقي أنَّ صبري يوسف لم يطلق النَّار على جبابرة هذا الزمان، فلا أرى أمامي جبابرة أصلاً كي أطلق عليهم النّار، ولا أؤمن بلغة النّار والقار إلا من منظور تقييم وتعديل اعوجاجات هذا الزّمان الغارق في متاهات وترّهات مادّية لا تمتُّ ولا تخدم إنسانية الإنسان إلا على نطاق ضيّق، لهذا فلدي منهاج ورؤى مرتكزة على بناء إنسان خيّر مسالم إنساني، بعيداً عن لغة التعصّب والتحجُّر والتفوّق العرقي والقارّي والقومي والخ من أنواع التعصبات اللاجدوى منها، أنا متعّصب ضدّ التعصّب! وأنحاز حتى العمق للإنسان، لبناء إنسان، ولا يمكن بناء إنسان بالطريقة التي أحلم بها وأنتهجها وأرسم ملامحها من خلال حرفي الذي أنقشه على وجنة الحياة إلا من خلال بناء طفل جديد على مستوى المعمورة يحمل هذه الرؤى ويترعرع ضمن هذا الإيقاع الإنساني الخيّر الخلاق، ورؤيتي منبثقة من منظور بلورة أخلاقيات ومعايير وعدالات ومساواة قرون من الزمان عبر مناهج وبرامج دينية أخلاقية فلسفية اجتماعية إنسانية مفتوحة على أجنحة الكون بكل تفرُّعات هذه الرؤى الإنسانية الخلاقة وعدم الوقوف عند الاختلافات بل معالجتها وتجاوز أسباب الخلاف والإختلاف لأن هدف وجود الكائن الحي وعلى رأس هذه الكائنات: الإنسان، هو زرع قيماً إنسانية تليق بالانسان .. وما قرأتَه يا صديقي من قصص أو قصائد حول ما سميته: صبري يوسف يطلق النار على جبابرة هذا الزمان، ما هي إلا رسالة وتحذير لمن ضلّ الطريق نحو بوّابات إنسانية الإنسان بكلّ ما تحمل هذه البوّابات من معايير خلاقة، وهناك معادلة مخرومة في الحياة تغيظني جدّاً وهي أن حكماء هذا العالم بعيدون عن قيادة وبناء الإنسان فأفكارهم ورؤاهم وحكمتهم تذهب إلى حدٍّ كبير في مهب الرّيح! فأين دور الآداب الرفيعة ـ المبدعين، والفلسفة ـ الفلاسفة والحكماء، و ...... أين دور قوى الخير كي تبني وتقود طفل جديد يليق بهذا الكائن السامي؟! أنّهم مهمّشين تماماً!
أضحك جدّاً عندما أقرأ خبراً يصدر من أميركا أو أية دولة عظمى أنها ستضرب إيران أو الدولة الفلانية لأنها من دول محور الشرّ، فأتساءل ما هذا الشرّ أو الخطر الذي تشكِّله إيران على العالم، وأيّ شر هذا الذي ينبعث من دولة من دول العالم الثالث تحتاج إلى قرون من الزمن كي تعيش في حالة ديمقراطية وتحقق رفاهية بسيطة لشعبها، إنه لمن الوقاحة بمكان أن يطرح الغول العالمي مكشّراً أنيابه بفظاظة: أن الأرانب أشرار، وأن القطا والعصافير أشرار وخطر على الفيلة والضباع! وإذا كان لدى إيران وكل ما تعتبره أميريكا دول محور الشرّ شرَّاً، فإن نسبة ما هو شرّ في هذه الدول ـ إن وُجِدَ ـ نابع من منظور الدِّفاع عن النفس وهو نوع من ردِّ الشرِّ بالشرِّ أو الدِّفاع عن النفس حتى ولو جاء بشكل شرِّير لأنَّ أي دفاع عن النفس فيه نوع من الشرّ فمثلاً لو هجم ثلاثة أشخاص أقوياء على قدِّيس من قدّيسي هذا العالم فإنّ هذا القدّيس ليس من المستبعد أنّ يدافع عن نفسه حتى ولو أضطرّ أن يرتكب جريمة ويقتل هؤلاء الاشرار المهاجمين عليه! فربما ردّه ودفاعه عن نفسه يؤدّي إلى قتل المهاجمين عليه، والقتل حتى ولو كان دفاعاً عن النفس هو نوع من الشرّ لكن مَنْ ولّد وتسبَّب بهذا الشرّ؟! .. هنا بيت القصيد!
من هذا المنظور، أقول أن أميريكا وغيرها من الدول العظمى من أقوى وأكبر دول الشرّ على وجه الكون، فإذا كانت بعض دول محور الشرّ شرّيرة لسبب أو لآخر، وغالباً ما يكون ردّ الدول الفقيرة والنامية من منظور الشعور بالغبن والظلم، فإن نزعة الشرّ عند الدول العظمى ناجم عن نوع من البطر والعنجهية والاستعلاء والقمع وإستخدام القوَّة الغاشمة وكل هذا من أجل الاقتصاد، حيث كلّ تركيزها يقوم على الاقتصاد ولديها الاستعداد أن تزجَّ الدول الفقيرة في حروب لها أوّل وليس لها آخر من أجل تعديل ميزانها التجاري والهيمنة على اقتصاديات الدول الفقيرة والمتخلفة على حساب المزيد من تفاقمات جماجم الأطفال والبشر الأبرياء! لهذا فمن الضروري أن ينهض حقوقي هذا العالم كي يستنهضوا كلّ من لديه ذرّة قيم وأخلاق ومعايير إنسانية لسنِّ قوانين جديدة تكفل حقوق فقراء هذا العالم والدول الفقيرة في هذا العالم وحمياتها وصونها من ديناصورات وحيتان العالم الجديد، والعولمة التي أراها أشبه ما تكون بغول مفترس الأنياب لنهب الدول الفقيرة التي لا حول لها ولا قوّة، لأنَّ شعوب هذه الدول الفقيرة مظلومة ومغلوبة على أمرها مرَّتين، مرّة من حكّامها ومرّة من ضغط التنّين العولمي الجديد، فلا خلاص إلا بالعودة إلى المعايير الإنسانية، وسنّ قوانين جديدة، وتوزيع الاقتصاد العالمي بشكل عادل على الانسان على إمتداد الكون، والتخطيط من أجل تنمية الكائن الحيّ نحو الأفضل بعيداً عن لغة الحرب والقتل والاقتصاد المقيت، إن الميزانيات التي تصرفها الدول العظمى وعلى رأسها أميريكا ومَن لفّ لفّها على الحروب والسلاح والتدمير، تكفي لإشباع جزء كبير من فقراء هذا العالم، فلماذا تفتعل الحروب وتدمِّر الأخضر واليابس ثم تأتي وتعمّر ما دمَّرته وكلّ هذه الفاتورة الباهظة تتراكم فوق رقبة فقراء هذا العالم!
هل قرأتَ قصيدة أميريكا حضارة نارٍ وكبريت؟!
يبدو أنّكَ يا عزيزي تقصد بالقصّة التي أشرتَ إليها في سياق سؤالكَ حول، صبري يوسف يطلق النار على جبابرة هذا الزَّمان! قصّة: الذبذبات المتوغّلة عبرالجدار! فهذه القصّة هي مجرّد تحذير للحكام ولجلاوزة العصر بعدم عبور الخطوط الحمراء! وبنفس الوقت أشير عبر فضاءات نصوصي وقصصي، أنّه عبر المحبّة يستطيع الإنسان أن يصل إلى قمّةِ الفرح وقمّة الإنسانية، لهذا أركِّز هذه الفترة على نصّ مفتوح بعنوان: حالة عشق مسربلة بالانتعاش!
لماذا لا يترعرع الطُّفل على مدى الكون وهو يلعب في أحضان الطبيعة والحياة ويستمتع بالبحر والهواء العليل ويترعرع وينمو مثل زهرة معبَّقة بنكهة الياسمين ويعشق ويرقص ويغني ويمرح ويزرع بسمة فوق وجنة القمر؟!
إلى متى سيخطِّط الإنسان للحروب والدَّمار وحصار البشر والسُّجون والقمع وسخافات آخر زمن، في زمنٍ أصبح الكون فعلاً بمثابة قرية صغيرة لكن ما فائدة هذه القرية الصَّغيرة طالما هذه القرية تُبنى على جماجمِ البشر وتتأرجح على كفِّ عفريت؟!
د. ليساندرو
اعتراض
أحييك تحية المساء مع ترديد عبارات الشُّكر
تنفي نفياً قاطعاً أن تكون قد أطلقت النَّار على - جلاوزة - العصر وهذا القول إذا أُخِذَ من ظاهره أحدث تناقضاً وارتباكاً في فكرك السياسي لاننا إذا عرضنا النّفي الآنف الذكر على الاقرار الماثل أمامي والذي ورد للتوِّ على لسانك
"رفعت قليلاً بل كثيراً ساطوري فوق وجه جلاوزة هذا الزّمان" ..
ثم استذكرنا غاراتك على المواقع الهشّة الفاسدة في معسكرات أميريكا ذات الحضارة المشيدة من النّار والكبريت- ظهر التباين بين الاثنين واضحاً. وهذا الارتباك في الموقف السياسي سمة بارزة لدى الكثير من الشعراء مردّه الى طبيعة الشَّاعر الانفعالية التي تتفرَّد بحساسية مفرطة ورقّة في الشعور وإلى طبيعة كلّ من الشِّعر والسياسة. فالشِّعر ذو طبيعة خاصّة تتكون عناصرها من مادّة خالدة أمّا السياسة فعناصرها من مادّة متحولة زائلة آنية والا فكيف أفسر غضبتك على الدول الكبرى التي ينعم الناس في حضنها بالدفء والاستقرار والكرامة - وذرفك الدموع في - جنازات الدول الصغرى - التي تغتال فيها الكلمة الصادقة وتستباح فيها كرامة الانسان ويطارد فيها الأحرار وتهدر دماؤهم بلا ذنب وتمرَّغ فيها كرامة المرأة في حماء التقاليد البليدة و و و ------؟!
...................................................
صبري يوسف
أحييك يا صديقي!
تفضّل يا عزيزي ليساندرو، اِقرأ بعضاً من وجهات نظري المتجسدة في فضاءات نصوصي! يبدو أنك تسرَّعت قليلاً في الحكم على وجهات نظري وأفكاري!
أنا لست سياسياً يا صديقي، أنا إنسان ذو شعور إنساني كوني لهذا أعشق الشعر.
كنتُ قد نشرتُ في وقتِ سابق بعض الرؤى ووجهات النظر، في موقع إيلاف، كانت تصبُّ في رحاب هذه الجوانب آمل أن تكون قد قرأت تلكَ الرؤى.
د. ليساندرو
اكرم أباك وأمَك
لا يفوت القارئ أن يلاحظ في أدبك تعلُّقك الشَّديد بذكرى والديك - رحمهما الله- الى درجة تدعو الى التساؤل إذ أنَّ الأذن ما ألِفَت أن تسمع مثل هذا البثّ الرقيق في الأبوين يصدر إلا عن المرأة الكاتبة - غالباً- لا الكاتب الرجل ولا ننسى هنا أنَّ كثيراً من الرجال رغم حبِّهم لآبائهم تمنَّعوا من اظهار عاطفتهم المشبوبة نحوهم بل أن بعضهم وقف ازاءهم موقف المتوجِّس لا يخفى على أحد موقف المعري من والده اذ عدّه جانياً عليه وموقف غيره في الأدب العالمي حين نظر الى نفسه فوجدها تصطخب بالعيوب فألقى باللائمة عليهم... ..... .... .... ..... ........ .......؟
أَتغلِّفُ وجدانك وصايا الله العشر وعلى رأسها - اكرم أباك وأمَّك ليطول عمرك -
أَتنطوي على خُلُق - ردّ الجميل- لأنَّهما كانا بك - أنت آخر العنقود- حفيين رائمين
أم أنّك كاتب ذو رسالة تقتضي – وجوب - أن تشتمل على هذا المضمون لتكتمل عناصرها حسب الخطة المرسومة لها؟
غفر الله لهما وانزلهما مقاماً خالداً في أحضان أبينا ابراهيم
صبري يوسف
الدكتور العزيز ليساندرو
لا أعلم فيما إذا قرأتَ المدخل الذي أشرت إليه في سياق تعقيبي السابق، والذي نشرته كمقدمة لنصّ مفتوح، أشتغل عليه منذ سنوات!
عموماً، سواء قرأته أو لم تقرأه، فليس هنا بيت القصيد، وإنما بيت القصيد يكمن في مسألة إطلاق أحكام وتقييمات على شخصية ما، أدبية كانت أم فنّية الخ ..
من الواضح جدّاً أنّكَ تملكُ من العمق في الرؤية والقراءة والفهم والعلوم الشيء الكثير، لكنّي أراكَ يا عزيزي أحياناً تطلق أحكاماً وإنطباعات وتساؤلات لا تمتُّ لجوهر النصّ أو الفكرة أو المنحى الذي ممكن أن يناقشه المرء! فتتطرّق إلى خصوصية حياة المرء، من منظور غير عملي وغير منطقي أيضاً، أو بتعبيرٍ أدقّ من منظور غير دقيق!
من قال لكَ أنّ المرأة فقط تتحدّث عن الأبوين بهذه الروح العاطفية والمحبة الودودة العميقة؟!
إن الرجل يمتلكُ محبة وحناناً ورومانسية ربّما يفوق المرأة وهو رجل وذكوري في رجولته وحنانه ورومانسيته؟!
لا أكتب رسالة ولا يوجد عندي خطّة محدَّدة أثناء كتابة نصوصي، تولد نصوصي من رحم الحياة، وهي ومضات مستنبتة من وهج الحياة ووهج اللحظة الإبداعية! الحياة بكل ألوانها موضوع رسالتي لكني لا أخطِّط لمواضيعي، أعيش اللحظة ـ الحدث/ الحالة ثم أكتب عنها، وأحياناً أكتب من وحي الخيال أيضاً فالكثير من الشعر والنصوص عن العراق كتبته من وحي تخيلي عن العراق والدَّمار الذي آل إليه والكاتب يجب أن يكون لديه موقف في الحياة ممَّا يراه ويسمعه .
لا أكتب من منظور ديني، (أكرم أباك وأمكَ كي يطول عمركَ على الأرض)، لكن هذه الرُّؤية مناسبة لخصوصيّتي ورؤيتي في الحياة والكثير من فلسفات الحياة مستمدّة من الأديان، لكن رؤاي غير مستمدّة من نوازع دينية، هي مستمدّة من منحى إنساني ومن الطَّبيعي أن تتواءم بعض أفكاري مع عوالم الأديان لأن الأديان لها منزع إنساني أيضاً، أكتب ما أشعر بضرورة كتابته، فأحياناً تتطابق رؤاي مع هذه الرُّؤية أو تلك وأحياناً تختلف! لا أفكر بالجانب السياسي والديني والإجتماعي والتقاليد والمعايير لحظة كتابة النصّ، بقدر ما أفكِّر بما ينتابني من مشاعر إزاء موقف أو حالة ما، فأكتب مشاعري بكل عفويّتي وفطرتي بعيداً عن إيديولوجيات هذا الزَّمان، إيديولوجيَّتي هي تحقيق العدالة والحريّة والديمقراطية للإنسان، لاشكَّ أنَّ رؤيتي تصبُّ بطريقة أو بأخرى مع الكثير من الرُّؤى السياسية لكنَّها ليست نابعة من منظور إيديولوجي معيّن، ولا تعجبني إطلاقا إيديولوجيات هذا الزَّمان فهي نافرة ومتخشِّبة وتدمي خدود الإنسان، دموية، مركَّزة على الاقتصاد والمصالح البغيضة، لماذا أغفلت الكثير من سياسات هذا الزَّمان عدالة الإنسان ومحبَّة الإنسان لأخيه الإنسان؟!
أنادي وأدعو إلى تأسيس أشبه ما يكون بحزب الإنسان، المرتكز على معايير وقيم إنسانية عميقة كالتواصل، الحوار، الرأي والرأي الآخر، التفاعل، التطوّر، العدالة، الحرية، الطبيعة، استغلال الموارد الطبيعية لصالح المجتمع البشري، واستغلال طاقات البشر لخدمة البشر، ومسح خلافات البشر السياسية والدينية والاجتماعية والتقاليدية، ومحاولة تقريب وجهات نظر المجتمع البشري لبعضه بعضاً ... الخ.
أدعو إلى تجاوز عقدة التفوُّق، عقدة الأبيض، الأسود، الدين، السياسية، الغنى، الفقر، الشرق، الغرب، .... وضرورة الوقوف عند مشاكل الكون، مثل التفجُّر السكاني، البطالة، الصحَّة، البيئة، الطفولة، القحط، وضرورة بناء طفل يناسب أبجديات حضارة العصر بعيداً عن تعقيدات وسخافات التناقضات التي تزرعها إيديولوجيات هذا الزمن الأرعن! من جهتي أرى زمننا أرعناً وفاشلاً وخائباً، أكثر من نصف المجتمع البشري يعاني من الفقر، لماذا لا تضع الدول المتقدِّمة والناهضة صناعياً وتكنولوجياً مخطَّطات لمعالجة مشكلة الفقر في العالم، أليس عاراً أن نرى الإنسان الفقير يموت من الفقر، من القحط في الكثير من دول العالم؟!
نسى سياسيو هذا العالم أن إنتشار الفقر يؤدّي إلى تدهور المجتمع البشري بطريقة غير مباشرة، وأحمّل الدول العظمى والغنية وأغنياء هذا العالم مسؤولية آلام وأحزان ومشاكل وهموم فقراء هذا العالم، ويجب تأسيس منظَّمات وأحزاب وهيئات دولية عالميّة لمعالجة هذه المشاكل التي تدمِّر حياة الكائن الحيّ في الكثير من أركانِ المعمورة!
د. ليساندرو
خطأ في الفهم أم ضجر من الحوار؟
من المؤسف انني لم أتلقَّ إجابة شافية منك عن سؤالي السابق.
لابأس سأعود من جديد الى أعمالك فلعلي أوفَّق في العثور عليها بجهدي الخاصّ.
أنا حزين لأنّك اتَّهمتني بإصدار أحكام وتقويمات غير لائقة - الحكم الوحيد الذي أصدرته كان حكمي لك بأنّك شاعر ملهم وما خلا هذا كان محض تساؤل وسؤال- وقمت بحذف عبارات كنت اعتبرها مهمة في فهم شخصيتك الأدبية وهي عبارات لو أمعنت فيها لوجدتها بريئة من كل ما يخدش كرامة الرجل وتتفق تماماً مع موقفك من المرأة فأنت في شعرك تمجدها وتقدِّس أنوثتها وهي - أعني الانوثة - لم ترد في شعرك قط صفة لمعنى مستكره أو ذميم فكيف تأنف الآن من أن تكون الانوثة فيّ وفيك وفي سائر الرجال ما دامت مقدَّسة أم ترى أنها مقدَّسة ما دامت في المرأة فإذا خرجت منها الى الرجل صارت ذميمة؟!
لله در شاعر عربي محدث أعلن بملء صوته عن حاجة الرِّجال العرب الى الأنوثة وما أحسبه إلا أنسي الحاج وأنا مثله لا أخجل من أنوثتي.
وفي علم النَّفس أنَّ شخصية الرجل وكذا المرأة تتكوَّن من عنصرين متآلفين لا متنافرين هما عنصرا الذكورة والأنوثة، أم هل ضجرت من الحوار - اشارة استفهام -
ليتك تصبر على - ثقل دمي- فما يزال في جعبتي ثلاثة أسئلة لن أجرؤ على طرحها قبل أن ينفثئ عني غضبك، فليتسع لي صدرك وليشملني حلمك.
............................
صبري يوسف
لا، لم أضجر من الحوار إطلاقاً، بالعكس فأنا من هواة الحوار، حتّى أنّني كتبت نصّاً طويلاً وما أزال اشتغل عليه، تحت عنوان: الحوار! وحالما أضع اللمسات الأخيرة عليه، سأنشره في المواقع التي أكتب فيها!
على الأرجح كان قصدكَ بريئاً، لكن سياق السؤال جاء في غير السياق المناسب، خاصة عندما أجريتَ مقارنة ما بين الأنوثة والرجولة، مشيراً إلى طغيان الأنوثة على الذكورة أو الرجولة! ويبدو أن قصدكَ حول موضوع الأنوثة كان من مفهوم الطراوة والليونة وما شابه ذلكَ، لكن الذي يقرأ السؤال يُخيَّل إليه وكأنّكَ تركّز على الأنوثة وطغيانها وكأن المشار إليه، ضعيف في جوانب الرجولة!
عموماً أهلاً بكَ وبأسئلتكَ يا صديقي، وصدري يتسّع للكثير من التساؤلات، لكن عندما تصيغ سؤالك وتساؤلاتكَ لا تتركها تتأرجح بين تأويلات معيّنة غير التي تقصدها! حدّدها بدقة مباشرة!
.... .... ... ... ..... يُتبعْ الجزء الثالث!
أجرى الحوار عبر الانترنت: د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن
ألمانيا ـ ميونيخ
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
مواضيع مماثلة
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 1 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 4 ـ
» حوار مع الأديب والفنَّان صبري يوسف، أجرى الحوار د. جبرائيل شيعا
» في ليلة ٍ كَثُرةْ بها الأمطارُ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 3 ـ
» حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو من جامعة ميونيخ عبر الشبكة العنكبوتيّة ـ 4 ـ
» حوار مع الأديب والفنَّان صبري يوسف، أجرى الحوار د. جبرائيل شيعا
» في ليلة ٍ كَثُرةْ بها الأمطارُ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى