زيارة للمعالم الأثرية في محافظة الحسكة / جورج عبيد
صفحة 1 من اصل 1
زيارة للمعالم الأثرية في محافظة الحسكة / جورج عبيد
زيارة للمعالم الأثرية في محافظة الحسكة
تقع محافظة الحسكة في الشمال الشرقي من القطر العربي السوري، ويحدها من الشمال تركيا، ومن الشرق العراق،
ومن الغرب محافظة الرقة، ومن الجنوب حدود كل من محافظة دير الزور والرقة بمساحة قدرها 000 ، 23 كم 2 .
إن ما كان يجده السائح في السبعينات - وما زال وأكثر - , من المشوقات لزيارة محافظة الحسكة,
هذه البقعة من سوريا ماراً بشواطئ الخابور وتعرجاته وجزره،
والسكان الذين يقطنون على ضفافه بعاداتهم العربية من الكرم والعفوية وطيبة القلب
مع جبروتهم على تحمل الشدائد وصعاب الأيام.
فإذا ما خرج السائح من حوض الخابور، ومر بمدينة القامشلي،
يجد مدينة لم يمض على إنشائها أكثر من 80 سنة, مدينة كبيرة، تضم جميع الخدمات،
ومن التنظيم والسعة يشابه ما قامت عليه المدن خلال استيطان أمريكا الشمالية وكندا
يدل على الإمكانيات الضخمة الكامنة في هذه المدينة وخصوبة التربة.
فإن صعد السائح من مدينة القامشلي متجهاً إلى المالكية، لا بد أن يتوقف في حقول النفط
ليطلع على حقيقة استخراج البترول وطنياً، وقد تحقق بمنشآته ومحطاته،
وفي المالكية لا بد من زيارة عين ديوار، وجسرها الفاقد الهوية بضخامة قواعده، ورسوم الأبراج على سطوحه،
ولا بد له من المرور بعدد من العيون الظاهرة على سطح الأرض وبكميات تسمح باستخدامها.
وهنا لا يسع السائح سوى أن يهبط تجاه حوض (الرد) فيقع على بحيرة (الخاتوينة)
وستكون دهشته كبيرة لوجود مثل هذه المياه المالحة في منطقة زراعية، تبعد عن أقرب بحر أكثر من ألف كيلو متر،
كما لا يسع الزائر إلا أن يجهز بندقيته لاصطياد طيور البط على شواطئ هذه البحيرة، فينعم بوجبة من صنع يديه.
ثم ينحدر إلى قرية (تل براك) ليشاهد مواقعها الأثرية وتحصيناتها الدفاعية الرومانية،
ويقطع بضعة كيلو مترات ليطل إلى تل (شاغر بازار) ليطلع على أطلال خمس عشرة مدينة الواحدة فوق الأخرى،
ومنذ العصر الحجري حتى اليوم ماراً بكل مراحل ما قبل التاريخ، وما بعده.
ثم ينحدر السائح إلى مدينة الحسكة للراحة من عناء يومين قضاهما بين بحيرة الخاتونية والتلال الأثرية.
وفي الحسكة ومن غرفة فندقه يرى مرتفعات جبل عبد العزيز تطل عليه، وكأنه حارس قوي، يحمي مدينة الحسكة،
ويضمها تحت جناحه, وإذا التفت الى الوراء سوف يرى الثكنة العسكرية الفرنسية,
التي بنيت في عهد السطان عبد الحميد واعاد بنائها الفرنسيين في عام 1908
حيث يوجد تحت هذه المدينة مدينة كان اسمها نهرين ,
وكانت آرامية في عهد الملك كيش ميسيليم وسميت "نهرين" لإلتقاء نهر الخابور "شابوراس"
(كما ذكر في المؤلفات البابلية والآشورية ) بـ "الهرماس" ( الجغجغ).
أما الدراسات الأثرية والجيولوجية تثبت حقيقة وجود هذه المدينة القديمة حيث يعود تاريخها إلى العهود :
السوباري, السومري, الأكادي, البابلي, الآشوري والآرامي .
ويقول حزقيال في سفره في التوراة: "وأنا بين المسبيين عند نهر خابور في أرض الكلدانيين"
(الإصحاح الأول والإصحاح الثالث الآية 15)
وفي الإصحاح العاشر الآية 16 "هناك عند نهر خابور يرى كيف يسير الكروبيم سارت البكرات بجانبها"
وسمي المكان (أبو بكر) وهو تل في جنوب شرقي الحسكة .
ومن هذه المدينة يركب الزائر أوتوستراد رأس العين
ماراً بقرى الخابور وكرومها المشهورة بعنبها اللذيذ, الرقيق القشر, النكه المذاق
حتى مدينة رأس العين، وهنا إن استطاع السائح أن يعد عيون نهر الخابور التي تتجاوز الثلاثمائة،
فعليه أن يتذكر ألوانها الزاهية، وسيقف أمام عين قطينة (النبع الكبريتي) طويلاً،
وينحدر لبضعة كيلو مترات لزيارة مدينة (تل حلف) التاريخية التي أخرجت من الآثار ما يكفي لإنشاء متحف خاص بها،
أو يزيد.
هذه المدينة التي اكتشفت بطريق الصدفة حين كان السكان المحليين، يحفرون قبراً لأحد موتاهم،
وإن صادف مرور السائح برأس العين خلال أشهر تشارين لتاقت نفسه بشراء عدد من طيور الحمام
للقيام بحملة لاصطياد طير الحر، إذا أدرك أن بعض طيور الحر باهظة الثمن.
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭
جورج عبيد
_______________________
المصادر:
- الآثار الباقية في الحسكة - إبراهيم جراد
- الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر - اسكندر داوود
- مجلة(الحوليات الأثرية)
- مجلة العمران العدد 41/ 42السنة 1972
تقع محافظة الحسكة في الشمال الشرقي من القطر العربي السوري، ويحدها من الشمال تركيا، ومن الشرق العراق،
ومن الغرب محافظة الرقة، ومن الجنوب حدود كل من محافظة دير الزور والرقة بمساحة قدرها 000 ، 23 كم 2 .
إن ما كان يجده السائح في السبعينات - وما زال وأكثر - , من المشوقات لزيارة محافظة الحسكة,
هذه البقعة من سوريا ماراً بشواطئ الخابور وتعرجاته وجزره،
والسكان الذين يقطنون على ضفافه بعاداتهم العربية من الكرم والعفوية وطيبة القلب
مع جبروتهم على تحمل الشدائد وصعاب الأيام.
فإذا ما خرج السائح من حوض الخابور، ومر بمدينة القامشلي،
يجد مدينة لم يمض على إنشائها أكثر من 80 سنة, مدينة كبيرة، تضم جميع الخدمات،
ومن التنظيم والسعة يشابه ما قامت عليه المدن خلال استيطان أمريكا الشمالية وكندا
يدل على الإمكانيات الضخمة الكامنة في هذه المدينة وخصوبة التربة.
فإن صعد السائح من مدينة القامشلي متجهاً إلى المالكية، لا بد أن يتوقف في حقول النفط
ليطلع على حقيقة استخراج البترول وطنياً، وقد تحقق بمنشآته ومحطاته،
وفي المالكية لا بد من زيارة عين ديوار، وجسرها الفاقد الهوية بضخامة قواعده، ورسوم الأبراج على سطوحه،
ولا بد له من المرور بعدد من العيون الظاهرة على سطح الأرض وبكميات تسمح باستخدامها.
وهنا لا يسع السائح سوى أن يهبط تجاه حوض (الرد) فيقع على بحيرة (الخاتوينة)
وستكون دهشته كبيرة لوجود مثل هذه المياه المالحة في منطقة زراعية، تبعد عن أقرب بحر أكثر من ألف كيلو متر،
كما لا يسع الزائر إلا أن يجهز بندقيته لاصطياد طيور البط على شواطئ هذه البحيرة، فينعم بوجبة من صنع يديه.
ثم ينحدر إلى قرية (تل براك) ليشاهد مواقعها الأثرية وتحصيناتها الدفاعية الرومانية،
ويقطع بضعة كيلو مترات ليطل إلى تل (شاغر بازار) ليطلع على أطلال خمس عشرة مدينة الواحدة فوق الأخرى،
ومنذ العصر الحجري حتى اليوم ماراً بكل مراحل ما قبل التاريخ، وما بعده.
ثم ينحدر السائح إلى مدينة الحسكة للراحة من عناء يومين قضاهما بين بحيرة الخاتونية والتلال الأثرية.
وفي الحسكة ومن غرفة فندقه يرى مرتفعات جبل عبد العزيز تطل عليه، وكأنه حارس قوي، يحمي مدينة الحسكة،
ويضمها تحت جناحه, وإذا التفت الى الوراء سوف يرى الثكنة العسكرية الفرنسية,
التي بنيت في عهد السطان عبد الحميد واعاد بنائها الفرنسيين في عام 1908
حيث يوجد تحت هذه المدينة مدينة كان اسمها نهرين ,
وكانت آرامية في عهد الملك كيش ميسيليم وسميت "نهرين" لإلتقاء نهر الخابور "شابوراس"
(كما ذكر في المؤلفات البابلية والآشورية ) بـ "الهرماس" ( الجغجغ).
أما الدراسات الأثرية والجيولوجية تثبت حقيقة وجود هذه المدينة القديمة حيث يعود تاريخها إلى العهود :
السوباري, السومري, الأكادي, البابلي, الآشوري والآرامي .
ويقول حزقيال في سفره في التوراة: "وأنا بين المسبيين عند نهر خابور في أرض الكلدانيين"
(الإصحاح الأول والإصحاح الثالث الآية 15)
وفي الإصحاح العاشر الآية 16 "هناك عند نهر خابور يرى كيف يسير الكروبيم سارت البكرات بجانبها"
وسمي المكان (أبو بكر) وهو تل في جنوب شرقي الحسكة .
ومن هذه المدينة يركب الزائر أوتوستراد رأس العين
ماراً بقرى الخابور وكرومها المشهورة بعنبها اللذيذ, الرقيق القشر, النكه المذاق
حتى مدينة رأس العين، وهنا إن استطاع السائح أن يعد عيون نهر الخابور التي تتجاوز الثلاثمائة،
فعليه أن يتذكر ألوانها الزاهية، وسيقف أمام عين قطينة (النبع الكبريتي) طويلاً،
وينحدر لبضعة كيلو مترات لزيارة مدينة (تل حلف) التاريخية التي أخرجت من الآثار ما يكفي لإنشاء متحف خاص بها،
أو يزيد.
هذه المدينة التي اكتشفت بطريق الصدفة حين كان السكان المحليين، يحفرون قبراً لأحد موتاهم،
وإن صادف مرور السائح برأس العين خلال أشهر تشارين لتاقت نفسه بشراء عدد من طيور الحمام
للقيام بحملة لاصطياد طير الحر، إذا أدرك أن بعض طيور الحر باهظة الثمن.
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭
جورج عبيد
_______________________
المصادر:
- الآثار الباقية في الحسكة - إبراهيم جراد
- الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر - اسكندر داوود
- مجلة(الحوليات الأثرية)
- مجلة العمران العدد 41/ 42السنة 1972
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» مدن محافظة الحسكة في السبعينات وأثارها الباقية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي القديم لبلاد آرام والجزيرة السورية (ثقافة السريان) / جورج عبيد
» مقدمة لتاريخ الحسكة والجزيرة السورية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي العربي القديم للجزيرة السورية / جورج عبيد
» الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين» / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي القديم لبلاد آرام والجزيرة السورية (ثقافة السريان) / جورج عبيد
» مقدمة لتاريخ الحسكة والجزيرة السورية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي العربي القديم للجزيرة السورية / جورج عبيد
» الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين» / جورج عبيد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى