الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين» / جورج عبيد
صفحة 1 من اصل 1
الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين» / جورج عبيد
الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين»
مقدمة:
الشرق القديم .. أسطورة مليئة بالأسرار.. أخذ الناس ينسجون حولها أنواعاً شتى من الخرافات،
وظل هذا الشرق غارقاً في ظلام دامس لا يعرف الناس عنه إلا ما كتبه ذلك النفر من الإغريق الذين خرجوا من بلادهم
يتجولون في ربوع الشرق القديم، يدفعهم إلى ذلك حب الاستطلاع من ناحية،
والبحث عن الأصول الأولى للحضارة من ناحية أخرى .
ولقد بقيت بلاد مابين النهرين مثلها في ذلك مثل بقية بلاد الشرق غارقة في هذا الظلام حتى منتصف القرن التاسع عشر
حين أخذ نفر من أدعياء البحث الأثري يقومون بأعمال الحفر والتنقيب، أمثال «بوتا» و «ليارد» و «رسام»
كان من نتائج أعمالهم أن تدفقت التحف الأثرية إلى المتاحف العالمية، وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر
تحولت الكشوف الأثرية إلى الجزء الجنوبي من بلاد مابين النهرين، وكانت هذه خطوة ناجحة أنتجت الكشف عن
حضارة السومريين الذين سكنوا هذه البلاد.
وليس من شك في أن الكتابة هي أهم ما قام العقل «السومري» باختراعه،
وقد عرفت بالكتابة «الإسفينية»، لأنها تكتب بفلم يشبه «الاسفين»، وتقرأ هذه الكتابة من اليمين إلى اليسار.
و يهمنا في هذا البحث إلقاء الأضواء على الآراميين الذين سكنوا الجزيرة،
وتركوا فيها أوابد وشواهد تدل على غزارة حضارتهم،
ولئلا يفتقر بحثنا من الوجهة التاريخية إلى الشواهد الثابتة لا بد لنا من هذه العجالة التاريخية الكاملة :
يصعب على الباحثين معرفة أقدم تاريخ لهذه المنطقة لأن الحفريات فيها لم تمدهم بكتابات تنير السبيل إلى معرفة ذلك
رغم النتائج العلمية التي طلعت بها على الملأ حفريات تل حلف, شاغر بازار, وتل براك .
ومن المرجح أن وادي الخابور كان يقع ضمن مملكة سوبارتو الواسعة التي كانت تمتد من أنزان في «عيلام»
حتى جبال طوروس, شاملة منطقتي الهلال الخصيب العليا والوسطى،
والقوس الجبلي الواسع من «كرمان شاه» و «كروشتان» وآسيا الصغرى
حتى المتوسط ثم سوريا وفلسطين.
ويؤكد بعضهم أن سكان هذه المملكة منحدرون من العرق الأسيوي الأول،
وأنهم امتزجوا بشعوب أخرى نتيجة للهجرات المتعاقبة, إلا ّأنّ الوثائق التي تتعلق بالوضع السياسي مفقودة،
والمعلومات التي جاءتنا بها الوثائق الحثية عن حروب «نارام سين» الأكادي «2557-2520»
تقتصر على إلقاء أضواء غامضة على بعض بلاد وأمراء «سوبارتو كخاتي» و «قانش» و «عرمان» .
وعلى كل حال فإن المقصود من كلمة «سوبارتيين»
تلك الشعوب التي عاشت في الألف الثالث وما بعده حين اتسعت هذه المملكة التي ازدهرت،
وسادها الرخاء حتى الألف الثاني، وقد أطلق عليها «السومريين» ثم «الأكاديون» هذا الاسم.
وتدل الظواهر المختلفة آنئذ على أن الحملات العسكرية كانت تتجه إلى «سوبارتو» من منطقة الرافدين الجنوبية
حيث كان الملوك أكثر غنى وأشد اتحاداً، مما مكنهم من التغلغل فيها إلى مدى بعيد .
على أن طلائع الألف الثاني ما كادت تطل بوجهها الجديد على التاريخ,
حتى كانت أقوام «النيزيت» NESIES الهندو-أوروبية تتدفق من الشمال الغربي عبر آسيا،
وتستقر في بلاد «خاتي» في آسيا الوسطى حيث نجحت في فرض سيطرتها على قسم كبير من «سوبارتو» الغربية،
وأسست دولة «خاتي» «الدولة الحثية» القوية الواسعة، وبعد سلسلة من المعارك استطاع الحثيون الوصول
إلى منطقة الرافدين الجنوبية، فاحتلوا بابل 1870 ق.م، وغلبوا سلالة حمورابي.
إلا أنهم اضطروا إلى الارتداد، وهكذا اجتازوا منطقة الجزيرة.
وفي ظل الميتانيين تشكلت أول دولة كبيرة موحدة في «سوبارتو» شملت في فترة ما بين سورية (الهلال الخصيب الأعلى)
وقسماً كبيراً من بلاد آشور مع نينوى وأقساماً من آسيا الصغرى، يجاورها الحثيون من الشمال
وبلاد بابل من الجنوب والآراميين في سهول الفرات
إلا أن هذه الدولة لم تستطع الثبات أمام النزاع الآشوري الحثي المصري فانهارت،
وجاءت معركة «قاديش»، فأوقفت تقدم المصريين من جهة،
وأضعفت الحثيين بشكل مهّد لانهيارهم عندما ظهرت قوة الآراميين .
أسس الآراميون دولتهم في سهول الفرات، واتجهوا إلى الشمال حيث استطاع أحد ملوكهم «كابار» أو «كابارا ابن قاديانو»
أن يؤسس دولة قوية على أنقاض دولة الميتانيين واتخذ مدينة غوزانا «تل حلف» عاصمة له، فجدد بناءها،
وأعاد إليها مجدها الزاهر ورونقها القديم، واشتبك هو وسلالته من بعده في صراع طويل مع الآشوريين،
انتهى بخضوع وادي الخابور نهائياً للآشوريين .
وجاءت سنة 606 تمحو من صفحات التاريخ مملكة آشور... (حيث سقطت نينوى على أيدي الميديين)
عندها دخلت مناطق الجزيرة في حظيرة الإمبراطورية الميدية الواسعة, ثم في نطاق الإمبراطورية الفارسية.
وجاء بعد ذلك الاسكندر فضمها إلى فتوحاته، وظلت هكذا حتى جاء الرومان، واحتلوها.
وأصبحت رأس العين تحتل مكاناً مرموقاً على الحدود البيزنطية البارتية،
وجعلها الإمبراطور«تيودوز» في مصاف المدن، وحصنها تحصيناً منيعاً، وضع فيها حامية قوية،
فحملت اسم «تيودوز بوليس» نسبة له،
وعلا شأنها بحيث أصبحت مركزاً لتلاقي المدرستين اليعقوبية والنسطورية السوريتين،
وكان لكل من هاتين المدرستين أسقف في رأس العين، وقد شيدت عدة أديرة ومعابد بين جبل عبد العزيز وجبل الأكراد.
وطلع القرن السابع الميلادي على العالم بتعاليم الإسلام، وانتشرت الجيوش العربية،
فكانت الجزيرة من المناطق التي احتلتها جيوش المسلمين، ودخل العرب رأس العين حيث قامت مدينة عربية
مكان المدينة الرومانية حافظت على اسمها القديم رغم تحويره قليلاً «روزينا = رش اينا = رأس العين»،
ولكن المسيحيين ظلوا يشكلون القسم الأكبر من سكانها.
وقد ارتفع شأنها حتى أصبحت في ظل العباسيين محطة هامة للقوافل
التي كانت تذرع الطريق بين بغداد والرقة، وسادها طيلة الحكم العربي رخاء زادت في ازدهارها زراعة القطن
التي نمت في وادي الخابور، وأمدت بالقطن الخام كلا من الموصل وأرمينيا بشكل كاف .
على أن هذا الرخاء لم يلبث أن تلاشى بعد موجات المغول المخيفة وخصوصاً غزوة تيمورلنك،
وتحولت تلك السهول الخصبة في شمال سورية إلى مناطق صحراوية قاحلة، ينتقل فيها البدو،
وتسكن على أطرافها أقوام الأكراد، ولم يغيّـر العثمانيون شيئاً من هذا الوضع بل أهملت الجزيرة إهمالاً تاماً،
وبقيت هكذا حتى جاء العهد الوطني .
• أهم المدن :
من أهم المدن التي يأتي ذكرها على لسان المؤرخين العرب
عين الوردة ـ رأس العين ـ البصيرة ـ قرقيسيا ـ سنجارـ الرها ـ حراد ة ـ سميساط ـ سروج ـ واسكيفا ـ آمد ـ ميافاريقين ـ
حصن كفرتوثا ـ نصيبين ـ طور عبدين ـ حصن ماردين ـ دارا ـ قردى ـ بازبدي ـ الزوزان ـ تل موزن ـ آردن بدليس ـ
خلاط ـ باجدى ـ عربان ـ الحصن ـ الشمسينية ـ ميكسين ـ سكير العباس ـ الخيشة ـ السكينية ـ التنانير .
وقد قسم المقدسي الجزيرة إلى ثلاثة أقسام بحسب بطون العرب:
- فديار ربيعة قصبتها الموصل ومن المدن التابعة لها نصيبين ورأس العين،
- وديارمضر قصبتها الرقة، ومن مدنها الرقة والرافقة ـ الخانوقة ـ الحريش ـ تل محري ـ وباجروان ـ وحصن مسلمة ـ
وترعوز ـ وحران ـ و الرها ـ وسروج .
- وأما ديار بكر فقصبتها آمد .
ورسم ابن حوقل نهر الخابور، ووضع عليه المدن التالية من الشمال إلى الجنوب:
رأس العين ـ عرابان ـ سكير العباس ـ طلبان ـ الجحشة ـ تنينير ـ العبيدية.
وإلى الشرق من الخابور قليلاً نجد بلدة ماكسين،
ورسم بحيرة شرقي الخابور سماها المنخرق. وقد بلغت مدن الجزيرة الأوج من التطور في العهد العباسي،
وإذا ما رجعنا إلى ما كتبه جغرافيو العهد العباسي كان ابن حوقل والأصطخري والمقدسي كما كانت عليه مدن الجزيرة
من رخاء نرى أن هذه المدن كانت لها مراكز حضارية نشأت حين توفر الأمن والرخاء، ونشطت فيها العلوم في كل معانيها،
ولكي نكون مدعمين بالحجج الثابتة للرخاء الذي أصابها، فإن ابن الفقيه يعطينا رقماً حقيقياً على ذلك.
فقد كان خراج مدن الجزيرة «9،715،800 » درهماً .إنّ الحروب مع الروم، ثم مع الصليبين جعلت ملوك جميع هذه الأمم
يعنون بالمدن وتحصينها وتنشيط الحياة الثقافية والاقتصادية وتشهد على ذلك الآثار الباقية من آثارهم كاللقى التي عثر عليها
في خرائب المدن وبشكل خاص كالخزف والزجا ج الذي يدل على ازدهار الصناعات والفنون وتقدمها .
وأن الغزوات التي تعرضت لها مدن الجزيرة في العهد المغولي /650/1252 وحتى عام 699 / 1299 هي التي ألحقت
بمدن الجزيرة الخراب والدمار، ولم نعد نسمع شيئاً عن أخبار هذه المدن المشهورة منذ غزوة تيمورلنك الذي دمر جميع المدن
ومع مرور الزمن تحولت إلى تلال مهجورة، فجفت الأقنية، وتحولت الغابات والأحراج إلى صحارى إلى أن جاء
القرن العشرون حيث بدأت تقوم المدن والقرى، وتقام المزارع على ضفاف الأنهار .
• الآراميون والجزيرة:
توقفت الهجرات الآرامية قي القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وتم استقرارهم في أوطانهم الجديدة، وطابت لهم الحياة فيها،
وقد شهد هذا العصر ظهور الإمارات الآرمية لأول مرة. فقد قامت أول إمارتهم عند منحى نهر الفرات في المنطقة التي تقع
بين إقليم الجزيرة وبين سورية، وامتدت رقعتها حتى نهرالخابور الذي يصب في الفرات، ويتجه إلى الشمال، لذلك سميت
«آرام نهاريم» أي آرام النهرين وقد ذكرت في الوثائق المصرية القديمة اسم «نهرين» كما سجلتها الوثاق ثم اختفت نهائياً
قبيل نهاية القرن التاسع قبل الميلاد حينما أمتد نفوذ الآشوريين، و بدؤوا يتطلعون إلى إقليم الجزيرة .
ومن الإمارات الآرامية التي لعبت دوراً كبيراً في التراث القديم إمارة أخرى تقع في السهول وهي إمارة «آرام پدان»
وسميت بهذا الاسم لوقوعها في السهول، لأن كلمة بدان بالآرامية هي كلمة فدان بالعربية، ومعناها الحقل المنبسط،
وكانت مدينة «حران» مقر هذه الإمارة، وتقع على الطرق التجارية الهامة، فقد لعبت دوراً هاماً في تجارة العالم القديم،
فازداد ثراء أهلها، وتألقت مدينة «حران» حتى غدت من أزهر مراكز الثقافة الآرامية، ولحران مكانة ممتازة في التراث العربي،
فقد ذكرها كتاب العهد القديم، وراح كتّاب التاريخ العبري يذكرون شهرة هذه المدينة، ويذكرون أيضاً أنّ إبراهيم الخليل
أقام في هذه المدينة الآرامية بعد خروجه من العراق .
هذا وقد تبين أن اللغة الآرامية قد انقسمت بمضي الزمن إلى لهجتين مختلفتين: لهجة شرقية سادت في وادي الفرات والجزيرة
تسمى اللهجة السورية «سورت»، ولهجة غربية سادت في فلسطين «شبيهة بلهجة معلولا الحالية»،
وقد أصبحت اللهجة السورية أو لهجة «أودِسّا» لغة الكنيسة في سوريا،
وكانت تستخدم حتى القرن الثالث عشر ميلادي حين حلت اللغة العربية محلها،
ولما اعتنق الآراميون المسيحية، واستخدموا لهجة «الرها» في كنائسهم وفي آدابهم نبذوا اسمهم الأول لصلته بالوثنية،
وسمو أنفسهم بالسوريين أو السُريان.
مما لاشك فيه أن الجزيرة كما تقدم قد سكنتها شعوب وأمم من آشوريين وميتانيين وكلدان،
لكن الآثار التي عثر عليها في تل حلف ذلك التل المشهور تلقي الأضواء على أنّ المملكة الآرامية هي التي تركت
كثيراً من آثارهم المشهورة وأن متاحف لندن وبرلين واللوفر شاهد على ذلك، كما أن متحفي دمشق وحلب الشاهد الأكبر
لكونهما مملوءان بهذه الآثار القيمة، ولئلا أطيل بحثي هذا، لا بد لي بالدخول إلى أهم هذه الآثار التي تركها الآراميون
وغيرهم كشاهد في أرض الجزيرة مستعيناً بالمصادر والوثائق التاريخية التي بسطها أمامنا علماء الآثار,
الذين يعود الفضل الأول لهم .
يتبع
عدل سابقا من قبل العبيدي جو في 17/12/2008, 9:02 pm عدل 3 مرات
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
تابع - الحضارات القديمة في الجزيرة السورية
تابع 2
و أهم هذه الآثار:
1ـ تل حلف 2ـ رأس العين 3ـ تل چاغر بازار 4ـ تل براك 5 ـ الجسر الروماني 6ـ تل الخويرة 7ـ تل مجدل
8 ـ تل تنينير 9ـ تل بسمه 10 ـ تل أبو الذهب 11ـ تل الأحمدي12ـ تل بري 13ـ تل حميدي 14ـ تل طابان
15ـ نصيبين 16 ـ تل غويران 17ـ تل علو 18ـ تل كوكب ـ 19ـ تل فدين 20 ـ تل عجاجة 21ـ تل أيلون
22ـ جزيرة ابن عمر 23ـ بدليس 24 ـ حران 25ـ دارا 26 ـ ديار بكر 27ـ سكير العباس 28ـ سبع سكور
29ـ عريان 30 ـ ماردين.
هذه العجالة التاريخية لا تسمح لي بالتوغل في بحث جميع هذه الأماكن الأثرية، وسأكتفي بقدر ما هو مستطاع .
• تل حلف :
إن هذا التل يعتبر من أهم الأماكن الأثرية في الجزيرة، وقد أعطت نتائج الحفريات أن السوبارتيين هم الذين بنوا مدينة تل حلف،
والسوبارتيون سكنوا الجزيرة، وكانت مملكتهم تمتد من حدود إيران حتى سورية وأرمينيا والأناضول، وكانت منطقة الجزيرة
القاعدة الأساسية لممتلكاتهم حيث أن الحفريات أعطت أهمية لحضارتهم، واشتهروا بالتجارة، وكان الخابور هو الشريان المائي
المشهور لملاحتهم، وكانت جميع هذه السلع، تنقل من تل حلف التي كانت تعتبر مرفأ تجارياً مشهوراً .
وجاء السوبارتون الحثيون ثم الميتانيون ثم الآراميون . وقام الآراميون ببناء دولتهم على أنقاض دولة الميتانيين ،
ومدنهم وكانت تل حلف هي أشهر مدينة ذات حضارة عريقة في العهد الآرامي « وهو تل بائد الآن » مازال يعرف
باسمه الأثري القديم «تل حلف»، يبعد مسافة كيلو مترين عن مدينة رأس العين وعلى ضفة نهر الخابور،
وقد بنيت حوله بعض البيوت، وقسم منه استعمل كمقبرة لأهالي القرية المجاورة والوصول إليه سهل جداً، حيث أنه يشاهد
من مدينة رأس العين بطريق تل أبيض .
أول من اكتشف هذا التل عالم ألماني مولع بعلم الآثار القديمة اسمه «البارون ماكس فون أوبنهايم» و إذا ما قرأنا التقارير
التي كتبها عنه بالتقرير الذي كتب عن مدينة ماري المشهورة، والتي كشفها العالم الفرنسي المشهور السيد «أندريه بارو»
نرى القدر قد لعب نفس الدور في هاتين المدينتين، فمدينة ماري كشفها أحد الأعراب، يودون حفر قبر لأحد موتاهم،
وتل حلف كذلك، علم البارون أن بعض التماثيل قد أخرجت من تل بينما كان بعض الأهلين يحفرون قبراً لأحد موتاهم،
وقد أوردت في مقال سبق أن نشرته هذه المجلة الغراء قولاً أثرياً مشهوراً :
( إن الحضارات العظيمة تعيش على الأنهار العظيمة)
كانت مدينة تل حلف حاضرة الآراميين، وتتألف من خمس طبقات، كل طبقة حضارية تعود إلى عصر حضاري مشهور،
وهذه الطبقات الخمس أغنت المكتشفات بالزخارف الفنية والتماثيل الكبيرة والتحف الرائعة ذات الفن الرفيع.
والحضارات التي مرت على تل حلف هي :
العصر القديم الذي رافق بناء حضارة ما بين النهرين ويطلق عليه علم التاريخ العصر السوباري
العصر الآرامي ـ العصر الآشوري ـ العصر اليوناني ـ العصر العربي .
أما العصر السوباري، فقد ألقينا الأضواء عليه، وأصبح واضحاً وجلياً،
والآن نبدأ في العصر الآرامي، وهو المهم في هذا البحث حيث أن حفريات وشواهد التل تعطي لهذا العصر القدر الكبير
من المعلومات، وأن أهم ما في الآثار المكتشفة الهيكل الملكي الذي بناه أكبر ملوك الآراميين المسمى «كابارا ابن قاديانو»
فقد جاء اسم هذا الملك على أحد الجدران المكتشفة، كما وجدت البعثات الأثرية أثراً هاماً هو جدار،
له خمس ركائز مربعة الشكل، وكذلك لوحات صخرية مصورة، تقدر بأكثر من مائة لوحة،
وجميعها تقريباً تعود إلى العهد السوباري، وتدل هذه الآثار على أن إنسانها كان قد تقدم في أساليب حياته التي تقوم على الزراعة،
كما استطاع أن يصنع أواني فخارية متقنة ذات ألوان متعددة لأمته أكثر من هذا عرف إنسان تل حلف أن يصهر النحاس،
وأن يصنع منه أدوات مختلفة، ومما يجدر ذكره هنا أن إنسان هذه الحضارة، قد رسم على فخاره صوراً للثور المقدس،
كما صنع تماثيل صغيرة من الطمي المحروق، تمثل سيدات أعضاؤهن ممتلئة، ولونت هذه التماثيل بنفس الألوان والأسلوب
الذي استعمل في الفخار، ويدل هذا على أول محاولة بشرية لربط العبادة الخاصة بالثور المقدس مع «الأم الألهة»
وهي العبادة التي ظهرت، و تطورت في الحضارة الكريتية، ولو أن ظهورها هنا يسبق ظهورها في كريت بآلاف السنين،
وهي في نفس الوقت بمثابة القرينة على تأسيس حضارة أخذت تتطور معتمدة على الإمكانات التي تستمدها من الاستقرار
الزراعي والارتباط بالبيئة وأجمل ما أظهره التل أدوات صيد الوحش وصور العربات التي يجرها حصانان،
ويركبها محاربان، وكذلك صور المعارك التي تدور بين إنسان تل حلف والأسود أو الحيوانات المفترسة،
وكذلك صور الطيور على أنواعها وأشكالها. وأبرز فنانو تل حلف قدرتهم على تزيين إطار الصور برسم النخيل،
وقد صوروا الحيوانات على اختلاف أنواعها بصور ناطقة، توحي لمشاهدها بقصص شبيهة بقصص كليلة ودمنة
التي كان عنصرها الحيوان الذي يحكي لنا سيرة الأوليين، وهي قصص ذات عبر، منها فلكلوري مضحك،
ومنها اجتماعي ومنها القضائي، واشتهر سكان تل حلف بصناعة السكاكين بأحجامها المختلفة والبلطيات والفؤوس
و الصحون والأقداح. ووجد في الحفريات مجموعة من القناديل الخزفية اشتهرت نساء تل حلف بتزيين أنفسهن
بالمجوهرات والحلي واللؤلؤ، حيث وجدت البعثات الأثرية كثيراً من الخواتم المرصعة بالأحجار الثمينة،
وكذلك وجدت الأساور الذهبية على اختلاف أنواعها .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
• تل براك:
يقع تل براك بين الحسكة والقامشلي على بعد خمسة وأربعين كم من مدينة الحسكة، وتشتهر منطقة تل براك بسهولها الخصبة
التي تعطي غلالاً كبيرة من القمح، وفيها جسر مشهور يوصل منطقة الرد بالموصل وبالقرب منها عدد كبير من التلول،
بينما كان الجيش الفرنسي 1930 يشق طريقاً بالقرب من التل المذكور إذا بتمثال من حجر البازلت يعترض الطريق،
فقامت السلطات الفرنسية بنقل هذا التمثال إلى فرنسا. وجاء الأستاذ «مللوان» إلى المنطقة لإجراء بعض التنقيبات الأثرية
في 1937 ـ 1939 ومن الدراسة التي أجريت على هذا التل تبين أنه يعود إلى عصور قديمة .
1- عصر ما قبل التاريخ . 2- العصر الأول القديم . 3- العصر السرجوني . 4- عصر مدينة أور الكبرى .
5 ـ عصر أواخر الألف الثالث قبل الميلاد 6- عصر الألف الثاني قبل الميلاد .
وتبين من نتيجة الحفريات أن هناك قصراً كبيراً بني في عهد الملك « نارام سين » الأكادي .
ومن الثابت تاريخياً أن الأكاديين ،كانوا قد أقاموا مواقع محصنة في تل براك بمثابة مقرات للحكام ومراكز للعبادة وترسانة أسلحة،
ووجدوا فيه كثير من الأواني الفخارية التي عايشت عصوره المتقدمة
• شاغربازار أو چاغربازار :
يقع تل جاغربازار على بعد 95 كم إلى جهة الشرق من مدينة رأس العين، يعود هذا التل إلى خمسة عصور قبل الميلاد، وبنيت
حوله مدن، دمرتها الحروب ولم تبق إلا أوابد بائدة وأخرجت الحفريات كثيراً من الخزف والفخار الذي صنع بمهارة وإتقان،
وهذا يترجم لنا أن حضارة « بازار » لا تقل أهمية عن الحضارات التي عاصرت الجزيرة، وكان فخار وخزف «چاغربازار»
شبيهاً بفخار تل حلف، ووجدت فيه كثير من التماثيل وقد دلت الرقم التي عثر عليها أن سكان التل كانوا من أجناس مختلفة
من البشر وجميع هذه الرقم كتبت بالخط المسماري . اشتهرت « جاغر بازار » بالزراعة قديماً كما اشتهر أهلها بالتجارة
التي هي موردهم الأساسي في حياتهم . ولم يفكر أهالي هذا التل في يوم من الأيام باستعمال القوة لغزو البلاد المجاورة لهم .
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭
بعد هذه الإطلالة العجلى على الأماكن الأثرية الباقية في أرض الجزيرة وبعد أن تأكد لنا من خلال الحفريات
ومجرى التاريخ أن الجزيرة قد عرفت أرقى الحضارات القديمة،
لا بد لنا من السؤال الآن عن المدن التاريخية في الجزيرة وأهميتها:
وحتى يكون القارئ ضمن الصورة الحقيقية لا بد من الإشارة إلى أن البلاد التي تقع ما بين دجلة والفرات معروفة
منذ أقدم العصور, وكانت من أعظم سهول العالم نماء وازدهاراً، ومنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانت النهضة الزراعية فيها
قد بلغت أسمى درجات الرقي، فقد شقت فيها الأقنية بالوقت الذي لم تكن توجد فيه مدن كبيرة أو حضارات أخرى،
وقد ترعرعت فيها أعظم الحضارات من سومرية وآشورية وكلدانية وآكادية وبابلية وحثية،
وصالت فوق أرضها جيوش هذه الممالك، وقد عرفها القدماء باسم « ميزوبوتاميا »
وسميت بلاد مابين النهرين أما في العهد العربي، فقد عرفت بالجزيرة أو إقليم آقور
ويعرّفها ياقوت الحموي في معجم البلدان: جزيرة آقور،
وهي التي تقع بين دجلة والفرات مجاورة للشام، تشتمل على ديار مضر وديار بكر، سميت بالجزيرة لأنها بين دجلة والفرات،
وهما يقبلان من بلاد الروم، وينحطان متسامتين أي متقابلين حتى يلتقيا قرب البصرة، ثم ينصبا في البحر،
وهي صحية الهواء، جيدة الريع والنماء، واسعة الخيرات، بها مدن جليلة، ومن أمهات مدنها
حرّان ـ الرها ـ الرقة ـ رأس العين ـ نصيبين ـ سنجار ـ الخابور ـ ماردين ـ آمد ـ ميافارقين ـ الموصل، وفيها قيل:
نحنّ إلى أهل الجزيرة قبلـة ~~~ وفيها غزل ساجي الطرف ساهر
يؤازره قلبي علي وليس لي ~~~ يـــــدان بمن قلبي علي يــؤازره
يقول المؤرخ الألماني مومن: إن أقدم قاعدة للمراقبة العلمية وتطبيقاتها العملية هي بابل أو حوض الفرات، فهنالك شرع الإنسان
في مراقبة الكواكب، وتتبع سيرها، وهنالك تكلم أول ما تكلم، وكتب أول ما كتب، وفي تلك البقعة بدأ يفكر والي وادي الفرات،
ترجع أولى نتا ج الفكر في علم الفكر والتاريخ والكتابة واستعمال المقاييس والأوزان.
أما الأستاذ مومن، فيقول عن مدن وحضارة مابين النهرين
« يجب أن لا ننسى أن لمدن بلاد النهرين شهرة عظيمة للعلوم والتجارة والفلك والطب، وقد كانت هذه البلاد والمدن مهداً للمدينة
الإنسانية. حيث أن لهذه المدن استقلالاً داخلياً ونظاماً خاصاً »
وأنّ أشهر هذه المدن مدينة أور الكبرى التي بناها الشومريون، وتعتبر من أقوى وأعظم مدن بلاد النهرين في العهد الشومري،
وأنّ الاستقلال الشديد الذي اتبعه الشومريون كان السبب الرئيس في تفكك النظام الإداري مما سهل للغزاة والفاتحين القضاء عليهم،
فقد هاجم الأكاديون حوالي 2500 قبل الميلاد المدن الشومرية، وقضوا على حكامها، ودمروها تدميراً شديداً،
وذلك بعهد ملكهم سرجون الفاتح العظيم.
تأثر الأكاديون بالحضارة الشومرية، وشاركوهم حياة النعيم، وفقدوا صفاتهم الحربية التي اشتهروا بها، فقام حاكم مدينة أور،
وأعلن من نفسه ملكاً على شومر وأكاد بعد حكم دام مائتي سنة من 2300 إلى 2500 قبل الميلاد،
لكن لم تدم هذه الانتفاضة الشومرية إلاّ أمداً قصيراً، حيث هاجمتها غزوات الأموريين بقيادة حمورابي،
واستولت على جميع المدن الشومرية والأكادية وباحتلال حمورابي لجميع بلاد ما بين النهرين
اندثرت اسم المملكة الشومرية والأكادية إلاّ أن المدينة الشومرية بقيت نبراساً لجميع الحضارات التي أتت من بعدها،
وتفنن الشومريون ببناء بيوتهم حيث كشفت لنا الحفريات والآثار أن تلك المدن قد خططت تخطيطاً هندسياً عظيماً،
وكانت تلك المدن مركزاً للتجارة الرابحة حيث أنّ أهاليها قد اشتهروا بصناعة المعادن والنسيج،
وكانت قوافلهم تحملها إلى مصر وإيران والهند، وبعد أن تم كشف مدافن ملوك شومر في مدينة أور الشهيرة
كان ذلك حدثاً عظيماً من الناحية الفنية، فقد وجد علماء الآثار أن أهل هذه المدينة صناع ماهرون،
وقد دلت الكؤوس والأسلحة التي صنعت بغاية الدقة الفنية أن أهل البلاد الشومرية يتمتعون بروح فنية عالية وخاصة
في فن الصياغة والبناء، وكانت المادة الأساسية التي استعملها الشومريون لبناء مدنهم الآجر المجفف « اللبن »
ولما كانت هذه المادة لا تستطيع الصمود كثيراً أمام العوامل الطبيعية كالبازلت والرخام فإنها اندثرت مع مرور الزمن،
ورغم ذلك فقد دلتنا المكتشفات الأثرية في هذه المدن والقصور على أن لأهلها براعة في فن البناء وأكبر شاهد على ذلك
قصر ماري الشهير، واشتهرت أور عن غيرها من المدن في حقلي الرياضيات والعلوم، فقد حققوا تقدماً عالياً في هذه العلوم،
ولهم الفضل الأول في وضع القاعدة الحسابية التي تعتمد على الرقم 60 والذي اتخذ أساساً لتقسيم الدائرة إلى «360» درجة،
وهم الذين قسموا الساعة إلى 60 دقيقة .
• مدينة بابل:
إنّ مدينة بابل تعتبر أعظم مدن بلاد النهرين في زمانها، وقد وصفها «هيرودوتس» بأنها مدينة عظيمة متسعة،
تمتاز بضخامة أسوارها الحصينة التي تحيط المدينة من جميع جهاتها.
ومن أشهر قصورها قصر نبو خوذنصر، صاحب الأبراج الحصينة، والتي كانت أسطحته تتدرج صعداً،
وغرست بالورود والرياحين والأشجار، وقد سميت حدائق بابل المعلقة ذات الشهرة التاريخية العظيمة في التاريخ القديم
واعتبرها اليونان إحدى عجائب الدنيا السبع، وتقع مدينة بابل بالقرب من مدينة الحلة، واشتهرت بابل بالعلوم الفلكية،
ومن تحقيقاتهم الفلكية تعيين البروج الإثني عشر المعروفة، كما أطلقوا على السيارات الفلكية أسماء خمسة من عظماء آلهتهم
وهي: مردوك ـ نبو ـ إيشتار المسماة عند الرومان جوبيتن ـ مركور ـ فينوس، كما أن بابل عرفت حساب الكسوف والخسوف
والسنة الشمسية، وبقيت سيدة مدن الجزيرة حتى احتلال كورش الفارسي لها في عام 573 ق . م .
• ماردين :
تعتبر مدينة ماردين المدينة الثانية في بلاد ما بين النهرين بعد بابل، وهي مبنية على جبل،
وتشرف على السهول الممتدة من القامشلي حتى مدينة الدرباسية، وتشتهر ماردين بقلعتها الشهيرة.
وقال ياقوت يصفها إنها سميت بذلك وكأنّ الاسم مأخوذ من اسم مارد، وأطلقت عليها الزباء هذا القول
« تمرد مارد وعز الأبلق، ورأى حصانه قلعتها وعظمتها، وقال هذه ماردين كثيرة لا مارد واحد»
ومن هنا سميت بهذا الاسم المعروف جغرافياً وتاريخياً منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، وقد اشتهرت قلعتها بقوة حصونها ومتانتها،
وكذلك اشتهرت المدينة بعذوبة مائها وأسواقها وخاناتها، وقد فتحها عياض بن غنم في خلافة عمر بن الخطاب
في عام 19 هـ . يقول الشاعر :
في ماردين حماها الله لي قمر ~~~ لولا الضرورة ما فارقته نفساً
ياقـــوم قلبي عراقي يرن لــه ~~~ وقلبــــه جبلي قد قســــا وعسا
وقد وصفها الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة بقوله: تصنع في ماردين الثياب النسوية، وهي من أجمل مدن بلاد مدن العرب،
ولها قلعة من مشاهير القلاع، وأول من ذكرها في مطلع القرن الرابع الروماني الشهير أميان مارسلان حيث أنه لم تذكر
من قبل هذا التاريخ، وليس لها مصادر تاريخية، تشير إلى ماضيها القديم، وبعده جاء ذكرها على لسان الأصطخري وابن الفقيه،
وحكمها المروانيون عام 970 ومن ثم السلجوقيون، وهاجمها صلاح الدين إلا أنه لم يتمكن من فتحها.
وأبان الغزو المغولي بقيادة تيمورلنك، تمكن من فتحها وأسر السلطان صالح الأرتقي ملك ماردين،
وبقيت الثورات مندلعة فيها حتى عام 1507. وبعد خروج الفرس من الجزيرة، وتسلم العثمانيين الحكم ألحقت هذه المدينة
بديار بكر ثم ضمت إلى بغداد ، وماردين اليوم محافظة من محافظات تركية«ولاية» .
• ديار بكر:
تقع هذه المدينة على الجهة اليسرى لنهر دجلة، وقد عرفها الرومان باسم آميدا، أما العرب فسموها آمد .
وقد وصفها ياقوت في معجم البلدان ـ آمد ـ بلد قديم وحصين، مبني بالحجارة السود، ويحيطها دجلة، فيها بساتين وعيون ماء،
فتحها عياض بن غنم بعد فتحه للجزيرة، وقاتل أهلها ثم صالحوه، يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 620 متراً، وفيها حصون منيعة،
بناها الإمبراطور قسطنطين، وجعل لها أربعة أبواب هي: باب الروم ـ باب ماردين ـ باب الجبل ـ باب خربوت .
حكمها البيزنطيون والفرس والرومان والعرب. فتحها السلطان صلاح الدين الأيوبي عام 1183.
أما الرومانيون فجعلوها مقراً لحكومتهم،
تشتهر بزراعة الحنطة والفواكه وصناعتها المشهورة الزجاج ـ الأقمشة ـ الحريرـ ولديار بكر مكانة عسكرية وإستراتيجية
وقواعد عسكرية تركية اليوم .
• نصيبين :
إن أقدم نص ورد باسمها لوحة مخطوطة بالخط المسماري القديم، محفوظة حتى يومنا هذا في متحف لندن.
وكانت تسمى في العهد الآشوري نصبينا ـ ونصيب ـ ونصيبي ـ ونصيبين، وعرفها الرومانيون بـ « نيتيبين » أو نيتي بني
ـ أما الآراميون فسموها « مكبين » .
تقع هذه المدينة على بعد ثلاثة كيلو مترات عن مدينة القامشلي، ويمر بها نهر الجغجغ، وكان لموقعها شهرة تاريخية،
لأنها تقع في منتصف الطرق التجارية والسهول والجبال، فكانت محط أنظار جميع الشعوب
اليونانية والرومانية والفارسية والأرمنية.
احتلها الأرمن في عام 37 م ، احتلها الفرس في عهد الملك أزدشير، ومن ثم أذينة ملك تدمر.
وبعد أذينة احتلها الرومان، فجعلوها مركزاً تجارياً ، وبعد الفتح العربي الإسلامي أصبحت نصيبين مدينة عربية.
وذكرها كثير من المؤرخين والمستشرقين. يصفها ياقوت الحموي في معجم البلدان، فيقول:
«مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، فيها وفي قراها على ما يقول أهلها أربعون ألف بستان،
وعليها سور كانت الروم بنته، وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها» إلى أن يقول:
«ونصيبين مدينة وبئة لكثرة بساتينها ومياهها، وأثناء الفتح الإسلامي، فتحت على يد القائد العربي عياض بن غنم،
وصفها اين حوقل فيقول: « ... مدينة تشتهر بطيب موقعها ووفرة بساتينها وكثرة خيراتها،»
وجاء ذكر هذه المدينة على لسان ابن بطوطة: إنها مدينة عتيقة متوسطة قد خرب أكثرها وهي في بسيط أفيح فسيح،
فيه المياه الجارية والبساتين الملتفة والأشجار المنتظمة والفواكهة الكثيرة، وبها يصنع ماء الورد الذي لا نظير له
في العطارة والطيب.
تعرضت المدينة لزلزال في عام 718 أستولى هولاكو على نصيبين في عام 1259 وفي عام 1515، احتلها الأتراك
وهي اليوم منطقة تركية « قائمقامية » .
يتبع
و أهم هذه الآثار:
1ـ تل حلف 2ـ رأس العين 3ـ تل چاغر بازار 4ـ تل براك 5 ـ الجسر الروماني 6ـ تل الخويرة 7ـ تل مجدل
8 ـ تل تنينير 9ـ تل بسمه 10 ـ تل أبو الذهب 11ـ تل الأحمدي12ـ تل بري 13ـ تل حميدي 14ـ تل طابان
15ـ نصيبين 16 ـ تل غويران 17ـ تل علو 18ـ تل كوكب ـ 19ـ تل فدين 20 ـ تل عجاجة 21ـ تل أيلون
22ـ جزيرة ابن عمر 23ـ بدليس 24 ـ حران 25ـ دارا 26 ـ ديار بكر 27ـ سكير العباس 28ـ سبع سكور
29ـ عريان 30 ـ ماردين.
هذه العجالة التاريخية لا تسمح لي بالتوغل في بحث جميع هذه الأماكن الأثرية، وسأكتفي بقدر ما هو مستطاع .
• تل حلف :
إن هذا التل يعتبر من أهم الأماكن الأثرية في الجزيرة، وقد أعطت نتائج الحفريات أن السوبارتيين هم الذين بنوا مدينة تل حلف،
والسوبارتيون سكنوا الجزيرة، وكانت مملكتهم تمتد من حدود إيران حتى سورية وأرمينيا والأناضول، وكانت منطقة الجزيرة
القاعدة الأساسية لممتلكاتهم حيث أن الحفريات أعطت أهمية لحضارتهم، واشتهروا بالتجارة، وكان الخابور هو الشريان المائي
المشهور لملاحتهم، وكانت جميع هذه السلع، تنقل من تل حلف التي كانت تعتبر مرفأ تجارياً مشهوراً .
وجاء السوبارتون الحثيون ثم الميتانيون ثم الآراميون . وقام الآراميون ببناء دولتهم على أنقاض دولة الميتانيين ،
ومدنهم وكانت تل حلف هي أشهر مدينة ذات حضارة عريقة في العهد الآرامي « وهو تل بائد الآن » مازال يعرف
باسمه الأثري القديم «تل حلف»، يبعد مسافة كيلو مترين عن مدينة رأس العين وعلى ضفة نهر الخابور،
وقد بنيت حوله بعض البيوت، وقسم منه استعمل كمقبرة لأهالي القرية المجاورة والوصول إليه سهل جداً، حيث أنه يشاهد
من مدينة رأس العين بطريق تل أبيض .
أول من اكتشف هذا التل عالم ألماني مولع بعلم الآثار القديمة اسمه «البارون ماكس فون أوبنهايم» و إذا ما قرأنا التقارير
التي كتبها عنه بالتقرير الذي كتب عن مدينة ماري المشهورة، والتي كشفها العالم الفرنسي المشهور السيد «أندريه بارو»
نرى القدر قد لعب نفس الدور في هاتين المدينتين، فمدينة ماري كشفها أحد الأعراب، يودون حفر قبر لأحد موتاهم،
وتل حلف كذلك، علم البارون أن بعض التماثيل قد أخرجت من تل بينما كان بعض الأهلين يحفرون قبراً لأحد موتاهم،
وقد أوردت في مقال سبق أن نشرته هذه المجلة الغراء قولاً أثرياً مشهوراً :
( إن الحضارات العظيمة تعيش على الأنهار العظيمة)
كانت مدينة تل حلف حاضرة الآراميين، وتتألف من خمس طبقات، كل طبقة حضارية تعود إلى عصر حضاري مشهور،
وهذه الطبقات الخمس أغنت المكتشفات بالزخارف الفنية والتماثيل الكبيرة والتحف الرائعة ذات الفن الرفيع.
والحضارات التي مرت على تل حلف هي :
العصر القديم الذي رافق بناء حضارة ما بين النهرين ويطلق عليه علم التاريخ العصر السوباري
العصر الآرامي ـ العصر الآشوري ـ العصر اليوناني ـ العصر العربي .
أما العصر السوباري، فقد ألقينا الأضواء عليه، وأصبح واضحاً وجلياً،
والآن نبدأ في العصر الآرامي، وهو المهم في هذا البحث حيث أن حفريات وشواهد التل تعطي لهذا العصر القدر الكبير
من المعلومات، وأن أهم ما في الآثار المكتشفة الهيكل الملكي الذي بناه أكبر ملوك الآراميين المسمى «كابارا ابن قاديانو»
فقد جاء اسم هذا الملك على أحد الجدران المكتشفة، كما وجدت البعثات الأثرية أثراً هاماً هو جدار،
له خمس ركائز مربعة الشكل، وكذلك لوحات صخرية مصورة، تقدر بأكثر من مائة لوحة،
وجميعها تقريباً تعود إلى العهد السوباري، وتدل هذه الآثار على أن إنسانها كان قد تقدم في أساليب حياته التي تقوم على الزراعة،
كما استطاع أن يصنع أواني فخارية متقنة ذات ألوان متعددة لأمته أكثر من هذا عرف إنسان تل حلف أن يصهر النحاس،
وأن يصنع منه أدوات مختلفة، ومما يجدر ذكره هنا أن إنسان هذه الحضارة، قد رسم على فخاره صوراً للثور المقدس،
كما صنع تماثيل صغيرة من الطمي المحروق، تمثل سيدات أعضاؤهن ممتلئة، ولونت هذه التماثيل بنفس الألوان والأسلوب
الذي استعمل في الفخار، ويدل هذا على أول محاولة بشرية لربط العبادة الخاصة بالثور المقدس مع «الأم الألهة»
وهي العبادة التي ظهرت، و تطورت في الحضارة الكريتية، ولو أن ظهورها هنا يسبق ظهورها في كريت بآلاف السنين،
وهي في نفس الوقت بمثابة القرينة على تأسيس حضارة أخذت تتطور معتمدة على الإمكانات التي تستمدها من الاستقرار
الزراعي والارتباط بالبيئة وأجمل ما أظهره التل أدوات صيد الوحش وصور العربات التي يجرها حصانان،
ويركبها محاربان، وكذلك صور المعارك التي تدور بين إنسان تل حلف والأسود أو الحيوانات المفترسة،
وكذلك صور الطيور على أنواعها وأشكالها. وأبرز فنانو تل حلف قدرتهم على تزيين إطار الصور برسم النخيل،
وقد صوروا الحيوانات على اختلاف أنواعها بصور ناطقة، توحي لمشاهدها بقصص شبيهة بقصص كليلة ودمنة
التي كان عنصرها الحيوان الذي يحكي لنا سيرة الأوليين، وهي قصص ذات عبر، منها فلكلوري مضحك،
ومنها اجتماعي ومنها القضائي، واشتهر سكان تل حلف بصناعة السكاكين بأحجامها المختلفة والبلطيات والفؤوس
و الصحون والأقداح. ووجد في الحفريات مجموعة من القناديل الخزفية اشتهرت نساء تل حلف بتزيين أنفسهن
بالمجوهرات والحلي واللؤلؤ، حيث وجدت البعثات الأثرية كثيراً من الخواتم المرصعة بالأحجار الثمينة،
وكذلك وجدت الأساور الذهبية على اختلاف أنواعها .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
• تل براك:
يقع تل براك بين الحسكة والقامشلي على بعد خمسة وأربعين كم من مدينة الحسكة، وتشتهر منطقة تل براك بسهولها الخصبة
التي تعطي غلالاً كبيرة من القمح، وفيها جسر مشهور يوصل منطقة الرد بالموصل وبالقرب منها عدد كبير من التلول،
بينما كان الجيش الفرنسي 1930 يشق طريقاً بالقرب من التل المذكور إذا بتمثال من حجر البازلت يعترض الطريق،
فقامت السلطات الفرنسية بنقل هذا التمثال إلى فرنسا. وجاء الأستاذ «مللوان» إلى المنطقة لإجراء بعض التنقيبات الأثرية
في 1937 ـ 1939 ومن الدراسة التي أجريت على هذا التل تبين أنه يعود إلى عصور قديمة .
1- عصر ما قبل التاريخ . 2- العصر الأول القديم . 3- العصر السرجوني . 4- عصر مدينة أور الكبرى .
5 ـ عصر أواخر الألف الثالث قبل الميلاد 6- عصر الألف الثاني قبل الميلاد .
وتبين من نتيجة الحفريات أن هناك قصراً كبيراً بني في عهد الملك « نارام سين » الأكادي .
ومن الثابت تاريخياً أن الأكاديين ،كانوا قد أقاموا مواقع محصنة في تل براك بمثابة مقرات للحكام ومراكز للعبادة وترسانة أسلحة،
ووجدوا فيه كثير من الأواني الفخارية التي عايشت عصوره المتقدمة
• شاغربازار أو چاغربازار :
يقع تل جاغربازار على بعد 95 كم إلى جهة الشرق من مدينة رأس العين، يعود هذا التل إلى خمسة عصور قبل الميلاد، وبنيت
حوله مدن، دمرتها الحروب ولم تبق إلا أوابد بائدة وأخرجت الحفريات كثيراً من الخزف والفخار الذي صنع بمهارة وإتقان،
وهذا يترجم لنا أن حضارة « بازار » لا تقل أهمية عن الحضارات التي عاصرت الجزيرة، وكان فخار وخزف «چاغربازار»
شبيهاً بفخار تل حلف، ووجدت فيه كثير من التماثيل وقد دلت الرقم التي عثر عليها أن سكان التل كانوا من أجناس مختلفة
من البشر وجميع هذه الرقم كتبت بالخط المسماري . اشتهرت « جاغر بازار » بالزراعة قديماً كما اشتهر أهلها بالتجارة
التي هي موردهم الأساسي في حياتهم . ولم يفكر أهالي هذا التل في يوم من الأيام باستعمال القوة لغزو البلاد المجاورة لهم .
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭
بعد هذه الإطلالة العجلى على الأماكن الأثرية الباقية في أرض الجزيرة وبعد أن تأكد لنا من خلال الحفريات
ومجرى التاريخ أن الجزيرة قد عرفت أرقى الحضارات القديمة،
لا بد لنا من السؤال الآن عن المدن التاريخية في الجزيرة وأهميتها:
وحتى يكون القارئ ضمن الصورة الحقيقية لا بد من الإشارة إلى أن البلاد التي تقع ما بين دجلة والفرات معروفة
منذ أقدم العصور, وكانت من أعظم سهول العالم نماء وازدهاراً، ومنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانت النهضة الزراعية فيها
قد بلغت أسمى درجات الرقي، فقد شقت فيها الأقنية بالوقت الذي لم تكن توجد فيه مدن كبيرة أو حضارات أخرى،
وقد ترعرعت فيها أعظم الحضارات من سومرية وآشورية وكلدانية وآكادية وبابلية وحثية،
وصالت فوق أرضها جيوش هذه الممالك، وقد عرفها القدماء باسم « ميزوبوتاميا »
وسميت بلاد مابين النهرين أما في العهد العربي، فقد عرفت بالجزيرة أو إقليم آقور
ويعرّفها ياقوت الحموي في معجم البلدان: جزيرة آقور،
وهي التي تقع بين دجلة والفرات مجاورة للشام، تشتمل على ديار مضر وديار بكر، سميت بالجزيرة لأنها بين دجلة والفرات،
وهما يقبلان من بلاد الروم، وينحطان متسامتين أي متقابلين حتى يلتقيا قرب البصرة، ثم ينصبا في البحر،
وهي صحية الهواء، جيدة الريع والنماء، واسعة الخيرات، بها مدن جليلة، ومن أمهات مدنها
حرّان ـ الرها ـ الرقة ـ رأس العين ـ نصيبين ـ سنجار ـ الخابور ـ ماردين ـ آمد ـ ميافارقين ـ الموصل، وفيها قيل:
نحنّ إلى أهل الجزيرة قبلـة ~~~ وفيها غزل ساجي الطرف ساهر
يؤازره قلبي علي وليس لي ~~~ يـــــدان بمن قلبي علي يــؤازره
يقول المؤرخ الألماني مومن: إن أقدم قاعدة للمراقبة العلمية وتطبيقاتها العملية هي بابل أو حوض الفرات، فهنالك شرع الإنسان
في مراقبة الكواكب، وتتبع سيرها، وهنالك تكلم أول ما تكلم، وكتب أول ما كتب، وفي تلك البقعة بدأ يفكر والي وادي الفرات،
ترجع أولى نتا ج الفكر في علم الفكر والتاريخ والكتابة واستعمال المقاييس والأوزان.
أما الأستاذ مومن، فيقول عن مدن وحضارة مابين النهرين
« يجب أن لا ننسى أن لمدن بلاد النهرين شهرة عظيمة للعلوم والتجارة والفلك والطب، وقد كانت هذه البلاد والمدن مهداً للمدينة
الإنسانية. حيث أن لهذه المدن استقلالاً داخلياً ونظاماً خاصاً »
وأنّ أشهر هذه المدن مدينة أور الكبرى التي بناها الشومريون، وتعتبر من أقوى وأعظم مدن بلاد النهرين في العهد الشومري،
وأنّ الاستقلال الشديد الذي اتبعه الشومريون كان السبب الرئيس في تفكك النظام الإداري مما سهل للغزاة والفاتحين القضاء عليهم،
فقد هاجم الأكاديون حوالي 2500 قبل الميلاد المدن الشومرية، وقضوا على حكامها، ودمروها تدميراً شديداً،
وذلك بعهد ملكهم سرجون الفاتح العظيم.
تأثر الأكاديون بالحضارة الشومرية، وشاركوهم حياة النعيم، وفقدوا صفاتهم الحربية التي اشتهروا بها، فقام حاكم مدينة أور،
وأعلن من نفسه ملكاً على شومر وأكاد بعد حكم دام مائتي سنة من 2300 إلى 2500 قبل الميلاد،
لكن لم تدم هذه الانتفاضة الشومرية إلاّ أمداً قصيراً، حيث هاجمتها غزوات الأموريين بقيادة حمورابي،
واستولت على جميع المدن الشومرية والأكادية وباحتلال حمورابي لجميع بلاد ما بين النهرين
اندثرت اسم المملكة الشومرية والأكادية إلاّ أن المدينة الشومرية بقيت نبراساً لجميع الحضارات التي أتت من بعدها،
وتفنن الشومريون ببناء بيوتهم حيث كشفت لنا الحفريات والآثار أن تلك المدن قد خططت تخطيطاً هندسياً عظيماً،
وكانت تلك المدن مركزاً للتجارة الرابحة حيث أنّ أهاليها قد اشتهروا بصناعة المعادن والنسيج،
وكانت قوافلهم تحملها إلى مصر وإيران والهند، وبعد أن تم كشف مدافن ملوك شومر في مدينة أور الشهيرة
كان ذلك حدثاً عظيماً من الناحية الفنية، فقد وجد علماء الآثار أن أهل هذه المدينة صناع ماهرون،
وقد دلت الكؤوس والأسلحة التي صنعت بغاية الدقة الفنية أن أهل البلاد الشومرية يتمتعون بروح فنية عالية وخاصة
في فن الصياغة والبناء، وكانت المادة الأساسية التي استعملها الشومريون لبناء مدنهم الآجر المجفف « اللبن »
ولما كانت هذه المادة لا تستطيع الصمود كثيراً أمام العوامل الطبيعية كالبازلت والرخام فإنها اندثرت مع مرور الزمن،
ورغم ذلك فقد دلتنا المكتشفات الأثرية في هذه المدن والقصور على أن لأهلها براعة في فن البناء وأكبر شاهد على ذلك
قصر ماري الشهير، واشتهرت أور عن غيرها من المدن في حقلي الرياضيات والعلوم، فقد حققوا تقدماً عالياً في هذه العلوم،
ولهم الفضل الأول في وضع القاعدة الحسابية التي تعتمد على الرقم 60 والذي اتخذ أساساً لتقسيم الدائرة إلى «360» درجة،
وهم الذين قسموا الساعة إلى 60 دقيقة .
• مدينة بابل:
إنّ مدينة بابل تعتبر أعظم مدن بلاد النهرين في زمانها، وقد وصفها «هيرودوتس» بأنها مدينة عظيمة متسعة،
تمتاز بضخامة أسوارها الحصينة التي تحيط المدينة من جميع جهاتها.
ومن أشهر قصورها قصر نبو خوذنصر، صاحب الأبراج الحصينة، والتي كانت أسطحته تتدرج صعداً،
وغرست بالورود والرياحين والأشجار، وقد سميت حدائق بابل المعلقة ذات الشهرة التاريخية العظيمة في التاريخ القديم
واعتبرها اليونان إحدى عجائب الدنيا السبع، وتقع مدينة بابل بالقرب من مدينة الحلة، واشتهرت بابل بالعلوم الفلكية،
ومن تحقيقاتهم الفلكية تعيين البروج الإثني عشر المعروفة، كما أطلقوا على السيارات الفلكية أسماء خمسة من عظماء آلهتهم
وهي: مردوك ـ نبو ـ إيشتار المسماة عند الرومان جوبيتن ـ مركور ـ فينوس، كما أن بابل عرفت حساب الكسوف والخسوف
والسنة الشمسية، وبقيت سيدة مدن الجزيرة حتى احتلال كورش الفارسي لها في عام 573 ق . م .
• ماردين :
تعتبر مدينة ماردين المدينة الثانية في بلاد ما بين النهرين بعد بابل، وهي مبنية على جبل،
وتشرف على السهول الممتدة من القامشلي حتى مدينة الدرباسية، وتشتهر ماردين بقلعتها الشهيرة.
وقال ياقوت يصفها إنها سميت بذلك وكأنّ الاسم مأخوذ من اسم مارد، وأطلقت عليها الزباء هذا القول
« تمرد مارد وعز الأبلق، ورأى حصانه قلعتها وعظمتها، وقال هذه ماردين كثيرة لا مارد واحد»
ومن هنا سميت بهذا الاسم المعروف جغرافياً وتاريخياً منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، وقد اشتهرت قلعتها بقوة حصونها ومتانتها،
وكذلك اشتهرت المدينة بعذوبة مائها وأسواقها وخاناتها، وقد فتحها عياض بن غنم في خلافة عمر بن الخطاب
في عام 19 هـ . يقول الشاعر :
في ماردين حماها الله لي قمر ~~~ لولا الضرورة ما فارقته نفساً
ياقـــوم قلبي عراقي يرن لــه ~~~ وقلبــــه جبلي قد قســــا وعسا
وقد وصفها الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة بقوله: تصنع في ماردين الثياب النسوية، وهي من أجمل مدن بلاد مدن العرب،
ولها قلعة من مشاهير القلاع، وأول من ذكرها في مطلع القرن الرابع الروماني الشهير أميان مارسلان حيث أنه لم تذكر
من قبل هذا التاريخ، وليس لها مصادر تاريخية، تشير إلى ماضيها القديم، وبعده جاء ذكرها على لسان الأصطخري وابن الفقيه،
وحكمها المروانيون عام 970 ومن ثم السلجوقيون، وهاجمها صلاح الدين إلا أنه لم يتمكن من فتحها.
وأبان الغزو المغولي بقيادة تيمورلنك، تمكن من فتحها وأسر السلطان صالح الأرتقي ملك ماردين،
وبقيت الثورات مندلعة فيها حتى عام 1507. وبعد خروج الفرس من الجزيرة، وتسلم العثمانيين الحكم ألحقت هذه المدينة
بديار بكر ثم ضمت إلى بغداد ، وماردين اليوم محافظة من محافظات تركية«ولاية» .
• ديار بكر:
تقع هذه المدينة على الجهة اليسرى لنهر دجلة، وقد عرفها الرومان باسم آميدا، أما العرب فسموها آمد .
وقد وصفها ياقوت في معجم البلدان ـ آمد ـ بلد قديم وحصين، مبني بالحجارة السود، ويحيطها دجلة، فيها بساتين وعيون ماء،
فتحها عياض بن غنم بعد فتحه للجزيرة، وقاتل أهلها ثم صالحوه، يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 620 متراً، وفيها حصون منيعة،
بناها الإمبراطور قسطنطين، وجعل لها أربعة أبواب هي: باب الروم ـ باب ماردين ـ باب الجبل ـ باب خربوت .
حكمها البيزنطيون والفرس والرومان والعرب. فتحها السلطان صلاح الدين الأيوبي عام 1183.
أما الرومانيون فجعلوها مقراً لحكومتهم،
تشتهر بزراعة الحنطة والفواكه وصناعتها المشهورة الزجاج ـ الأقمشة ـ الحريرـ ولديار بكر مكانة عسكرية وإستراتيجية
وقواعد عسكرية تركية اليوم .
• نصيبين :
إن أقدم نص ورد باسمها لوحة مخطوطة بالخط المسماري القديم، محفوظة حتى يومنا هذا في متحف لندن.
وكانت تسمى في العهد الآشوري نصبينا ـ ونصيب ـ ونصيبي ـ ونصيبين، وعرفها الرومانيون بـ « نيتيبين » أو نيتي بني
ـ أما الآراميون فسموها « مكبين » .
تقع هذه المدينة على بعد ثلاثة كيلو مترات عن مدينة القامشلي، ويمر بها نهر الجغجغ، وكان لموقعها شهرة تاريخية،
لأنها تقع في منتصف الطرق التجارية والسهول والجبال، فكانت محط أنظار جميع الشعوب
اليونانية والرومانية والفارسية والأرمنية.
احتلها الأرمن في عام 37 م ، احتلها الفرس في عهد الملك أزدشير، ومن ثم أذينة ملك تدمر.
وبعد أذينة احتلها الرومان، فجعلوها مركزاً تجارياً ، وبعد الفتح العربي الإسلامي أصبحت نصيبين مدينة عربية.
وذكرها كثير من المؤرخين والمستشرقين. يصفها ياقوت الحموي في معجم البلدان، فيقول:
«مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، فيها وفي قراها على ما يقول أهلها أربعون ألف بستان،
وعليها سور كانت الروم بنته، وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها» إلى أن يقول:
«ونصيبين مدينة وبئة لكثرة بساتينها ومياهها، وأثناء الفتح الإسلامي، فتحت على يد القائد العربي عياض بن غنم،
وصفها اين حوقل فيقول: « ... مدينة تشتهر بطيب موقعها ووفرة بساتينها وكثرة خيراتها،»
وجاء ذكر هذه المدينة على لسان ابن بطوطة: إنها مدينة عتيقة متوسطة قد خرب أكثرها وهي في بسيط أفيح فسيح،
فيه المياه الجارية والبساتين الملتفة والأشجار المنتظمة والفواكهة الكثيرة، وبها يصنع ماء الورد الذي لا نظير له
في العطارة والطيب.
تعرضت المدينة لزلزال في عام 718 أستولى هولاكو على نصيبين في عام 1259 وفي عام 1515، احتلها الأتراك
وهي اليوم منطقة تركية « قائمقامية » .
يتبع
عدل سابقا من قبل gao في 1/10/2008, 7:54 am عدل 1 مرات
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
رد: الحضارات القديمة في الجزيرة السورية «بلاد ما بين النهرين والرافدين» / جورج عبيد
تابع 3
• جزيرة ابن عمر أو قردى :
تقع هذه المدينة على بعد خمسة كيلو مترات عن قرية عين ديوار السورية
وحوالي «20» كيلو متراً عن المالكية « ديريك » قبل أن يؤسس المدينة حسن بن عمر الخطاب التغلبي،
فغلب اسمه عليها، وعرفت بجزيرة ابن عمرو، وتقع كذلك على الضفة اليمنى لنهر دجلة الذي يشكل منها شبه جزيرة
تم فتح المدينة في عهد عمر بن الخطاب وعلى يد القائد العربي عياض بن غنم، واشتهرت بموقعها التجاري،
ذكرها المؤرخون العرب، ومنهم ابن حوقل حيث يقول:
«جزيرة ابن عمر مدينة صغيرة لها أشجار ومياه ومرافق وخصب، وعليها سور، وتصل منها المراكب مشحونة بالتجارة
كالعسل والسمن والمن والجبن و الجوز واللوز والبندق ... إلخ» ..
ويصفها ابن بطوطة في كتابه «تحفة الأنظار»:
« نزلنا جزيرة ابن عمرو، وهي مدينة كبيرة حسنة، يحيط بها الوادي، لذلك سميت جزيرة، وأكثرها خراب،
ولها سوق حسنة ومسجد عتيق مبني بالحجارة محكم العمل، أهلها فضلاء، لهم محبة في الغرباء» .
احتلها المروانيون، ثم احتلها تيمورلنك، ثم استولى عليها العثمانيون بعد معركة شهيرة،
وقعت بينهم وبين الأكراد في سنة 1836 ومنذ ذلك الوقت وإلى اليوم، وهي بيد الحكومة التركية
لهذه المدينة عن غيرها شهرة علمية وأدبية كبيرة حيث أن ابن الأثير المؤرخ العربي الشهير قد أنجب أولاده الثلاثة في هذه المدينة،
وهم مجد الدين أبو العادات المبارك بن محمد المولود في عام 1149 الذي اهتم اهتماماً شديداً بدراسة القرآن والفقه والنحو
والثاني: عز الدين أبو الحسن علي بن محمد، ولد سنة 1160 وهو مؤلف كتاب الكامل الشهير
والثالث: ضياء الدين أبو الفتح، ولد سنة 1163، وله مكانة أدبية مرموقة،
أما تسميتها باسم قردى: فقد ذكرها ابن حوقل في كتابه صور الأرض، وذكرها الطبري باقردى وبازبدى،
فقال: إنّ الرشيد بنى في الأولى قصراً، وكان أكثر سكانها من العرب من سكان ربيعة وتنوخ وبني تغلب،
وقد أورد الطبري عبارة عرب الجزيرة وعجم الجزيرة في كتابه «تاريخ الأمم والملوك» للتفرقة
حيث أن بني تغلب كانوا من العرب النصارى، فأراد المسلمون معاملتهم كعرب الجزيرة العربية،
فلا يقبلون منهم إلا الإسلام قال الطبري:
« أمر الوليد بن عقبة على عرب الجزيرة، فأبى أن يقبل من بني تغلب إلاّ الإسلام »
ثم قبل ممن لم يدخل الإسلام الجزية، واستبدلت الصدقة بالجزية .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
• رأس العين أو «رش عينا» أو«عين الوردة» :
مدينة تقع على بعد مائة وعشرين كم من مدينة القامشلي وتسعين كم عن مدينة الحسكة، وتعتبر من المدن الهامة
في محافظة الحسكة، ولها شهرة تاريخية هامة وقد عرفها الأقدمون، ولها ماض تاريخي هام عرفها السريان باسم
«رش عينا» وعرفها العرب برأس العين وعين الوردة، ونمت، وزهت في هذه المدينة دولة الميتانيين والآراميين،
وإن سبب تسميتها باسم رأس العين لموقعها على أكبر عيون منابع الخابور،
واشتهرت ببساتينها وعيونها الأربعة المسماة: عين الآس وعين الطرر وعين الرياحية وعين الهاشمية،
ومن أعذب عيونها عين بانوس, تصب جميع هذه العيون في نهر الخابور
الذي كان ينقل تجارة هذه المدينة وبقية المدن إلى بغداد وبقية مدن مابين النهرين.
وصفها الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق»:
( ورأس العين مدينة كبيرة، وفيها مياه نحومن ثلاثمائة عين، عليها شباك حديد، تحفظ ما يسقط فيها،
ومن هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابور الذي يصب في قرية « البصيرة »، وعليه لأهل رأس العين مدن كثيرة:
منها عربان، وهي مدينة حسنة، وبين عربان والخابور مدن حسنة، تقرب من ضفة الخابور، فمنها مما يلي:
عربان طابان والحسنية والعبيدية )
ووصفها ابن حوقل في كتابه «صورة الأرض»:
( وكانت رأس العين مدينة ذات سور، وكان داخل السور لهم من المزارع والطواحين والبساتين ما كان يقوتهم
لولا ما منوا به من الجور الغالب والبلاء الفادح، وفيها من العيون ما ليس ببلد من بلدان الإسلام،
وهي أكثر من ثلاثمائة عين جارية، كلها صافية يبين ما تحت مياهها في قعورها على أراضيها،
وفيها غير عين لا يعرف لها قرار) .
وتنازل لها الفرس للرومان، وغزيت ثانية من قبل الفرس، ودمروها تدميراً شديداً في عام 602.
وفي عام 640 فتحت على يد القائد العربي عمير بن سعد .
وفي عام 1129م غزاها الصليبيون بقيادة « جوسلان »،
واشتهرت بمركزها الديني حيث أنها كانت مركزاً للطائفة اليعقوبية،
وكغيرها من مدن الجزيرة تعرضت للغزو المغولي أبان حكم تيمورلنك الذي استباح المدينة، ودمرها تدميراً شديداً.
وبقيت رأس العين مغلولة الأيدي منذ ذلك اليوم إلى أن جاء العهد الوطني،
واستفاقت من سباتها ، ونشطت فيها الزراعة نشاطاً كبيراً، وفيها مشاريع زراعية هامة،
تعطي الاقتصاد الوطني دعماً هاماً في التحويل الاشتراكي، وتشتهر كذلك بزراعة الأرز والقطن،
وفيها صوامع ومخازن لخزن الحبوب، وتتمتع رأس العين بتربة غنية،
تتواجد فيها كل المقومات المعروفة بالزمرة الغضارية, حيث تتراوح نسبة الغضار بين 40 ـ 50 % ،
وتحتفظ هذه التربة بنسبة عالية من الرطوبة، وهذا ما يساعـد على نمو النبات.
وتعتبررأس العين منطقة سياحية هامة لوفرة مياهها وجمال منابعها الكبريتية،
تبعد مدينة رأس العين عن الحدود التركية بنحو «2» كم، وفيها محطة قطار لنقل المسافرين والحبوب إلى حلب،
ونشطت فيها حركة عمرانية متقدمة، وفيها مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية.
كان يبلغ عدد سكانها 10 آلاف نسمة تقريباً «في السبعينات»، وترتبط بطرق مواصلات،
يربطها خط حديدي بمدينة حلب، وطريق بمدينة الرقة، وآخر بمدينة القامشلي والحسكة.
• عرابان (عجاجة) :
كانت هذه المدينة من مدن الخابور المشهورة في العصر العباسي، وتشتهر بسورها المنيع وبزراعة القطن والمنسوجات
التي تصدر إلى الشام. وصفها ابن حوقل في كتابه «صورة الأرض»:
( وهي كثيرة الأقطان، وثياب القطن، تحمل منها وتجهز إلى الشام).
واعتبرها المقدسي مدينة مهمة على الخابور فقال:
(وهي تل رفيع حولها البساتين، والأسعار فيها رخيصة)
وذكرها ياقوت في معجم البلدان:
( أنها بلدة من الخابور من أرض الجزيرة، ويعتقد أن عرابان هي قرية عجاجة التي تبعد عن مدينة الحسكة
بحوالي 30 كم إلى الجنوب. وكان نور الدين قد بنى فيها جسراً على الخابور، تشاهد آثاره حتى اليوم)
• سكير العباس(الشدادي):
ذكرها الجغرافيون العرب مثل المقدسي وابن خرداذبة وابن الفقيه وابن حوقل في مؤلفاتهم،
وقد سماها ابن جعفر في كتابه «الخراج» بسكير العباس،
وكلمة سكير هي تصغير لكلمة سكر ـ الذي يسد الشيء أو السد الذي يسد النهر، وهو الأصح،
لأنها كانت تشتهر بزراعة الحبوب والقطن وخاصة في العهد العباسي،
وصفها ياقوت الحموي، فقال:
(بلدة صغيرة على الخابور، فيها منبر يراد به «صوامع الحبوب» أو المخازن، أو مخزن الحبوب. وفيها سوق).
ومن وصفها الذي ذكره العلماء، يعتقد أنها ناحية الشدادي الحالية، ويؤكد هذا القول ما ذكره هيرتز فيلد بقوله:
(إن مدينة سكير العباس، مكانها عند تل الشدادة أو الشدادي الواقع إلى الجنوب من تل عجاجة على ضفة الخابور)،
ويؤيده ياقوت في «معجم البلدان» .
• ماكسين (مركده):
ذكرها المقدسي مع بقية مدن الخابور، وجاء ذكرها على لسانه باسم «ميكسين»
كما ذكرها ياقوت بقوله:(ماكسين بلدة بالخابور)
ويرى العالم «اليسيف» بأنها قرية مركدة الحالية،
وقد كان لهذه المدينة جسر من السفن يصلها بسنجار، وقد كانت مركزاً تجارياً لبيع منتجات القطن،
وكانت فيها كثير من معاصر الزيتون حيث أنها كانت مشهورة بزراعة الزيتون،
هذا وتقع مركده على بعد 80 كم عن دير الزور إلى الشمال، وفيها جسر على الخابور،
يوصلها بالضفة اليمنى لنهر الخابور، ومنه إلى العراق .
• تنينير :
سماها المقدسي « التنانير » وعلى ما نعتقد هي تل التنانير الحالي الواقع جنوب الشرق لمدينة الحسكة على بعد 10 كم،
وكانت فيما مضى مدينتين تنينير العليا، وتنينير السفلى. وسماها علماء الآثار بـ : Thannouris ،
وترجمتها: « ذانيورس».
• العبيدية:
كانت تقع فيما مضى حسب ما صورها ابن حوقل جنوب تنينير إلاّ أنه لم يهتد إلى موقعها الأثري حتى الآن.
وهناك مدن أخرى ليست ذات أهمية تاريخية إنما ذكرت في المصادر العربية، وذكرها ياقوت الحموي وابن حوقل والمقدسي،
مثل الجحشية طلبان، الحصين، الصور. ولعدم تمكننا من إعطاء القارئ صورة أكثر وضوحاً، فإننا اكتفينا بذكر أسمائها
مع أنها من الناحية الجغرافية ما زالت باقية حتى الآن مثل الصور، فهي ناحية تابعة لمحافظة دير الزور، وكذلك الحصين،
فهي آخر قرية في حدود محافظة دير الزور ـ إلى الشمال .
• برقعيد (رميلان):
الحقل البترولي المشهور: قال المقدسي أبرقعيد من مدن ربيعة، ورسمها ابن حوقل في مصوره بين مدينة نصيبين والموصل،
وأما العالم الأثري المشهور «اليسيف» فيقول: إنّ مدينة برقعيد هي تل رميلان الواقع بين نصيبين والموصل.
فكانت هذه المدينة ذات ثلاثة أبواب، وفيها ينابيع طيبة للماء .
• الخاتونية :
وهي البحيرة الواقعة شرقي الحسكة حتى يومنا هذا سمّاها ابن حوقل بحيرة المنخرق وقال: إنّ ماءها عذب أزرق كالزجاج .
• الرها (أورفا) :
وصف ياقوت مدينة الرها فقال: الرها مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام.
وقال يحيى ابن جرير النصراني: الرها اسمها بالرومية « أذاسا »، بنيت في السنة السادسة من موت جماعة من المتقدمين
والمتأخرين، فمن المتقدمين يحيى بن أسد الرهاوي، ومن المتأخرين الحافظ عبد القاهر بن عبدالرحمن الرهاوي وغيرهما.
هذا بما عرفها المؤرخون العرب،
وإذا أردنا الرجوع إلى ما قبل الفتح العربي نرى أن هذه المدينة لا تقل شأناً عن شقيقاتها مدن الجزيرة.
فقد كان أهل الرها يعبدون الكواكب، وما أن جاء القرن الخامس حتى أصبحت ركناً من أركان المدن
التي يدين أهلها بالمسيحية، وكانت فيها أعظم الكنائس،
وقد حاصرها الفرس في عام 260 ق . م، وكانت قد تعرضت إلى كثير من الكوارث والفيضانات،
وقد وصفها المقدسي في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» أن للرها كنيسة تعتبر من العجائب،
وفي عام 1098م، استولى عليها الصليبيون، وسموها كونتيه أده سا، ودام الحكم الصليبي حوالي 50 عاماً
وفي عام 1144م هاجمها السلطان التركي عماد الدين الزنكي أمير الموصل،
وفي عام 1252م هاجمها هولاكو، وكذلك تيمورلنك،
وفي عام 1637 فتحها الأتراك، وأطلقوا عليها اسم اورفا، وهي اليوم محافظة « ولاية » من المحافظات التركية .
• حرّان :
مدينة مشهورة، فقد جاء بالتوراة أن سيدنا إبراهيم الخليل قد ولد فيها، وكانت في العهد العربي مركزاً لدراسة
الفلسفة والطب وأنجبت كثيراً من العلماء المشهورين، فتحت هذه المدينة في خلافة عمر بن الخطاب
وعلى يد القائد العربي عياض بن غنم،
وكانت مركزاً دينياً للصابئة ومركزاً تجارياً هاماً، تسير منها القوافل إلى كل من جرابلس ودمشق وبقية المدن العراقية.
عرفت حران بعراقة أبحاثها الفلكية والرياضية، فكانت قد أنجبت كثيراً من علماء الفلك وعلماء الرياضيات والفلسفة،
ومن أبنائها: ثابت بن قرة الذي اشتهر بالهندسة والفلك والفلسفة، وسنان بن ثابت وهلال بن المحسن وأبو جعفر الخازن
والبستاني الذي يعتبر من أشهر علماء الفلك، ومن التراجمة الحجاج بن يوسف بن مطر،
ولا يعرف عنها اليوم إلاّ الخرائب والأطلال.
• أرزان :
وصفها ياقوت بمعجم البلدان: (مدينة مشهورة قرب خلاط، ولها قلعة حصينة، وكانت من أعمر نواحي أرمينيا،
اشتهرت بالعلم والثقافة، ومن أشهر علما ئها أبو غسان عياش بن إبراهيم الأرزني، ويحيى بن محمد الأرزني
صاحب الخط المليح والضبط الصحيح والشعر الفصيح، وكانت مقراً لحكم بني حمدان قي القرن العاشر).
• دارا :
تقع هذه المدينة حالياً في الجهة اليمنى للخط الحديدي المار بمدينة عامودا وكانت تسمى في الزمن الروماني:
«أناستازيا بوليس» وكانت تشتهر ببساتينها ومياهها، ولها شهرة حربية، وحكمت من قبل الرومان والفرس .
• ميافارقين أو سليماني:
تقع إلى الشمال الشرقي من ديار بكر، ولها عراقة في التاريخ، وهي مدينة أرمنية، وقد بناها الملك الأرمني« ديكران »
في عام 80 ق . م، واحتلها الفرس والرومان، وفيها كنيسة مشهورة بناها كسرى الثاني ملك الفرس، فتحها العرب.
وفي عام 1252م هاجمها المغول عندما كانت تحكم من قبل الأيوبيين ثم حكمها الأكراد بقيادة أسرة سليماني الكبيرة،
وتعرف اليوم باسم سليماني نسبة إلى الأسرة الكردية التي حكمتها أو سلواني، وهي مديرية منطقة تابعة لديار بكر.
• سروج :
ذكرها ابن حوقل، فقال: (وسروج رستاق، فيه مدينة خصبة، تعرف بسروج على شمال طريق حران إلى جسر منبج،
حصينة ذات سور، كثيرة الأعناب والفواكه والزبيب، ويعمل من زبيبها الرب، ويتخذ من الناطف، وهي من حران على يوم)
وهي اليوم قضاء تابع لمحافظة أورفا .
• بتان:
قال ياقوت: (بتان من نواحي حران، ينسب إليها محمد بن جابر البتاني صاحب الزيج من مؤلفاته كتاب
«معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك» وهو كتاب في علم الفلك)،
وإنّ شهرة هذه المدينة مستمدة من شهرة عالمها البتاني.
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭جورج عبيد
_____________________
المصادر:
- الحضارات القديمة في الجزيرة - إبراهيم علوان
- مجلة العمران ـ العدد 41 ـ 42 ـ السنة 1972
• جزيرة ابن عمر أو قردى :
تقع هذه المدينة على بعد خمسة كيلو مترات عن قرية عين ديوار السورية
وحوالي «20» كيلو متراً عن المالكية « ديريك » قبل أن يؤسس المدينة حسن بن عمر الخطاب التغلبي،
فغلب اسمه عليها، وعرفت بجزيرة ابن عمرو، وتقع كذلك على الضفة اليمنى لنهر دجلة الذي يشكل منها شبه جزيرة
تم فتح المدينة في عهد عمر بن الخطاب وعلى يد القائد العربي عياض بن غنم، واشتهرت بموقعها التجاري،
ذكرها المؤرخون العرب، ومنهم ابن حوقل حيث يقول:
«جزيرة ابن عمر مدينة صغيرة لها أشجار ومياه ومرافق وخصب، وعليها سور، وتصل منها المراكب مشحونة بالتجارة
كالعسل والسمن والمن والجبن و الجوز واللوز والبندق ... إلخ» ..
ويصفها ابن بطوطة في كتابه «تحفة الأنظار»:
« نزلنا جزيرة ابن عمرو، وهي مدينة كبيرة حسنة، يحيط بها الوادي، لذلك سميت جزيرة، وأكثرها خراب،
ولها سوق حسنة ومسجد عتيق مبني بالحجارة محكم العمل، أهلها فضلاء، لهم محبة في الغرباء» .
احتلها المروانيون، ثم احتلها تيمورلنك، ثم استولى عليها العثمانيون بعد معركة شهيرة،
وقعت بينهم وبين الأكراد في سنة 1836 ومنذ ذلك الوقت وإلى اليوم، وهي بيد الحكومة التركية
لهذه المدينة عن غيرها شهرة علمية وأدبية كبيرة حيث أن ابن الأثير المؤرخ العربي الشهير قد أنجب أولاده الثلاثة في هذه المدينة،
وهم مجد الدين أبو العادات المبارك بن محمد المولود في عام 1149 الذي اهتم اهتماماً شديداً بدراسة القرآن والفقه والنحو
والثاني: عز الدين أبو الحسن علي بن محمد، ولد سنة 1160 وهو مؤلف كتاب الكامل الشهير
والثالث: ضياء الدين أبو الفتح، ولد سنة 1163، وله مكانة أدبية مرموقة،
أما تسميتها باسم قردى: فقد ذكرها ابن حوقل في كتابه صور الأرض، وذكرها الطبري باقردى وبازبدى،
فقال: إنّ الرشيد بنى في الأولى قصراً، وكان أكثر سكانها من العرب من سكان ربيعة وتنوخ وبني تغلب،
وقد أورد الطبري عبارة عرب الجزيرة وعجم الجزيرة في كتابه «تاريخ الأمم والملوك» للتفرقة
حيث أن بني تغلب كانوا من العرب النصارى، فأراد المسلمون معاملتهم كعرب الجزيرة العربية،
فلا يقبلون منهم إلا الإسلام قال الطبري:
« أمر الوليد بن عقبة على عرب الجزيرة، فأبى أن يقبل من بني تغلب إلاّ الإسلام »
ثم قبل ممن لم يدخل الإسلام الجزية، واستبدلت الصدقة بالجزية .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
• رأس العين أو «رش عينا» أو«عين الوردة» :
مدينة تقع على بعد مائة وعشرين كم من مدينة القامشلي وتسعين كم عن مدينة الحسكة، وتعتبر من المدن الهامة
في محافظة الحسكة، ولها شهرة تاريخية هامة وقد عرفها الأقدمون، ولها ماض تاريخي هام عرفها السريان باسم
«رش عينا» وعرفها العرب برأس العين وعين الوردة، ونمت، وزهت في هذه المدينة دولة الميتانيين والآراميين،
وإن سبب تسميتها باسم رأس العين لموقعها على أكبر عيون منابع الخابور،
واشتهرت ببساتينها وعيونها الأربعة المسماة: عين الآس وعين الطرر وعين الرياحية وعين الهاشمية،
ومن أعذب عيونها عين بانوس, تصب جميع هذه العيون في نهر الخابور
الذي كان ينقل تجارة هذه المدينة وبقية المدن إلى بغداد وبقية مدن مابين النهرين.
وصفها الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق»:
( ورأس العين مدينة كبيرة، وفيها مياه نحومن ثلاثمائة عين، عليها شباك حديد، تحفظ ما يسقط فيها،
ومن هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابور الذي يصب في قرية « البصيرة »، وعليه لأهل رأس العين مدن كثيرة:
منها عربان، وهي مدينة حسنة، وبين عربان والخابور مدن حسنة، تقرب من ضفة الخابور، فمنها مما يلي:
عربان طابان والحسنية والعبيدية )
ووصفها ابن حوقل في كتابه «صورة الأرض»:
( وكانت رأس العين مدينة ذات سور، وكان داخل السور لهم من المزارع والطواحين والبساتين ما كان يقوتهم
لولا ما منوا به من الجور الغالب والبلاء الفادح، وفيها من العيون ما ليس ببلد من بلدان الإسلام،
وهي أكثر من ثلاثمائة عين جارية، كلها صافية يبين ما تحت مياهها في قعورها على أراضيها،
وفيها غير عين لا يعرف لها قرار) .
وتنازل لها الفرس للرومان، وغزيت ثانية من قبل الفرس، ودمروها تدميراً شديداً في عام 602.
وفي عام 640 فتحت على يد القائد العربي عمير بن سعد .
وفي عام 1129م غزاها الصليبيون بقيادة « جوسلان »،
واشتهرت بمركزها الديني حيث أنها كانت مركزاً للطائفة اليعقوبية،
وكغيرها من مدن الجزيرة تعرضت للغزو المغولي أبان حكم تيمورلنك الذي استباح المدينة، ودمرها تدميراً شديداً.
وبقيت رأس العين مغلولة الأيدي منذ ذلك اليوم إلى أن جاء العهد الوطني،
واستفاقت من سباتها ، ونشطت فيها الزراعة نشاطاً كبيراً، وفيها مشاريع زراعية هامة،
تعطي الاقتصاد الوطني دعماً هاماً في التحويل الاشتراكي، وتشتهر كذلك بزراعة الأرز والقطن،
وفيها صوامع ومخازن لخزن الحبوب، وتتمتع رأس العين بتربة غنية،
تتواجد فيها كل المقومات المعروفة بالزمرة الغضارية, حيث تتراوح نسبة الغضار بين 40 ـ 50 % ،
وتحتفظ هذه التربة بنسبة عالية من الرطوبة، وهذا ما يساعـد على نمو النبات.
وتعتبررأس العين منطقة سياحية هامة لوفرة مياهها وجمال منابعها الكبريتية،
تبعد مدينة رأس العين عن الحدود التركية بنحو «2» كم، وفيها محطة قطار لنقل المسافرين والحبوب إلى حلب،
ونشطت فيها حركة عمرانية متقدمة، وفيها مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية.
كان يبلغ عدد سكانها 10 آلاف نسمة تقريباً «في السبعينات»، وترتبط بطرق مواصلات،
يربطها خط حديدي بمدينة حلب، وطريق بمدينة الرقة، وآخر بمدينة القامشلي والحسكة.
• عرابان (عجاجة) :
كانت هذه المدينة من مدن الخابور المشهورة في العصر العباسي، وتشتهر بسورها المنيع وبزراعة القطن والمنسوجات
التي تصدر إلى الشام. وصفها ابن حوقل في كتابه «صورة الأرض»:
( وهي كثيرة الأقطان، وثياب القطن، تحمل منها وتجهز إلى الشام).
واعتبرها المقدسي مدينة مهمة على الخابور فقال:
(وهي تل رفيع حولها البساتين، والأسعار فيها رخيصة)
وذكرها ياقوت في معجم البلدان:
( أنها بلدة من الخابور من أرض الجزيرة، ويعتقد أن عرابان هي قرية عجاجة التي تبعد عن مدينة الحسكة
بحوالي 30 كم إلى الجنوب. وكان نور الدين قد بنى فيها جسراً على الخابور، تشاهد آثاره حتى اليوم)
• سكير العباس(الشدادي):
ذكرها الجغرافيون العرب مثل المقدسي وابن خرداذبة وابن الفقيه وابن حوقل في مؤلفاتهم،
وقد سماها ابن جعفر في كتابه «الخراج» بسكير العباس،
وكلمة سكير هي تصغير لكلمة سكر ـ الذي يسد الشيء أو السد الذي يسد النهر، وهو الأصح،
لأنها كانت تشتهر بزراعة الحبوب والقطن وخاصة في العهد العباسي،
وصفها ياقوت الحموي، فقال:
(بلدة صغيرة على الخابور، فيها منبر يراد به «صوامع الحبوب» أو المخازن، أو مخزن الحبوب. وفيها سوق).
ومن وصفها الذي ذكره العلماء، يعتقد أنها ناحية الشدادي الحالية، ويؤكد هذا القول ما ذكره هيرتز فيلد بقوله:
(إن مدينة سكير العباس، مكانها عند تل الشدادة أو الشدادي الواقع إلى الجنوب من تل عجاجة على ضفة الخابور)،
ويؤيده ياقوت في «معجم البلدان» .
• ماكسين (مركده):
ذكرها المقدسي مع بقية مدن الخابور، وجاء ذكرها على لسانه باسم «ميكسين»
كما ذكرها ياقوت بقوله:(ماكسين بلدة بالخابور)
ويرى العالم «اليسيف» بأنها قرية مركدة الحالية،
وقد كان لهذه المدينة جسر من السفن يصلها بسنجار، وقد كانت مركزاً تجارياً لبيع منتجات القطن،
وكانت فيها كثير من معاصر الزيتون حيث أنها كانت مشهورة بزراعة الزيتون،
هذا وتقع مركده على بعد 80 كم عن دير الزور إلى الشمال، وفيها جسر على الخابور،
يوصلها بالضفة اليمنى لنهر الخابور، ومنه إلى العراق .
• تنينير :
سماها المقدسي « التنانير » وعلى ما نعتقد هي تل التنانير الحالي الواقع جنوب الشرق لمدينة الحسكة على بعد 10 كم،
وكانت فيما مضى مدينتين تنينير العليا، وتنينير السفلى. وسماها علماء الآثار بـ : Thannouris ،
وترجمتها: « ذانيورس».
• العبيدية:
كانت تقع فيما مضى حسب ما صورها ابن حوقل جنوب تنينير إلاّ أنه لم يهتد إلى موقعها الأثري حتى الآن.
وهناك مدن أخرى ليست ذات أهمية تاريخية إنما ذكرت في المصادر العربية، وذكرها ياقوت الحموي وابن حوقل والمقدسي،
مثل الجحشية طلبان، الحصين، الصور. ولعدم تمكننا من إعطاء القارئ صورة أكثر وضوحاً، فإننا اكتفينا بذكر أسمائها
مع أنها من الناحية الجغرافية ما زالت باقية حتى الآن مثل الصور، فهي ناحية تابعة لمحافظة دير الزور، وكذلك الحصين،
فهي آخر قرية في حدود محافظة دير الزور ـ إلى الشمال .
• برقعيد (رميلان):
الحقل البترولي المشهور: قال المقدسي أبرقعيد من مدن ربيعة، ورسمها ابن حوقل في مصوره بين مدينة نصيبين والموصل،
وأما العالم الأثري المشهور «اليسيف» فيقول: إنّ مدينة برقعيد هي تل رميلان الواقع بين نصيبين والموصل.
فكانت هذه المدينة ذات ثلاثة أبواب، وفيها ينابيع طيبة للماء .
• الخاتونية :
وهي البحيرة الواقعة شرقي الحسكة حتى يومنا هذا سمّاها ابن حوقل بحيرة المنخرق وقال: إنّ ماءها عذب أزرق كالزجاج .
• الرها (أورفا) :
وصف ياقوت مدينة الرها فقال: الرها مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام.
وقال يحيى ابن جرير النصراني: الرها اسمها بالرومية « أذاسا »، بنيت في السنة السادسة من موت جماعة من المتقدمين
والمتأخرين، فمن المتقدمين يحيى بن أسد الرهاوي، ومن المتأخرين الحافظ عبد القاهر بن عبدالرحمن الرهاوي وغيرهما.
هذا بما عرفها المؤرخون العرب،
وإذا أردنا الرجوع إلى ما قبل الفتح العربي نرى أن هذه المدينة لا تقل شأناً عن شقيقاتها مدن الجزيرة.
فقد كان أهل الرها يعبدون الكواكب، وما أن جاء القرن الخامس حتى أصبحت ركناً من أركان المدن
التي يدين أهلها بالمسيحية، وكانت فيها أعظم الكنائس،
وقد حاصرها الفرس في عام 260 ق . م، وكانت قد تعرضت إلى كثير من الكوارث والفيضانات،
وقد وصفها المقدسي في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» أن للرها كنيسة تعتبر من العجائب،
وفي عام 1098م، استولى عليها الصليبيون، وسموها كونتيه أده سا، ودام الحكم الصليبي حوالي 50 عاماً
وفي عام 1144م هاجمها السلطان التركي عماد الدين الزنكي أمير الموصل،
وفي عام 1252م هاجمها هولاكو، وكذلك تيمورلنك،
وفي عام 1637 فتحها الأتراك، وأطلقوا عليها اسم اورفا، وهي اليوم محافظة « ولاية » من المحافظات التركية .
• حرّان :
مدينة مشهورة، فقد جاء بالتوراة أن سيدنا إبراهيم الخليل قد ولد فيها، وكانت في العهد العربي مركزاً لدراسة
الفلسفة والطب وأنجبت كثيراً من العلماء المشهورين، فتحت هذه المدينة في خلافة عمر بن الخطاب
وعلى يد القائد العربي عياض بن غنم،
وكانت مركزاً دينياً للصابئة ومركزاً تجارياً هاماً، تسير منها القوافل إلى كل من جرابلس ودمشق وبقية المدن العراقية.
عرفت حران بعراقة أبحاثها الفلكية والرياضية، فكانت قد أنجبت كثيراً من علماء الفلك وعلماء الرياضيات والفلسفة،
ومن أبنائها: ثابت بن قرة الذي اشتهر بالهندسة والفلك والفلسفة، وسنان بن ثابت وهلال بن المحسن وأبو جعفر الخازن
والبستاني الذي يعتبر من أشهر علماء الفلك، ومن التراجمة الحجاج بن يوسف بن مطر،
ولا يعرف عنها اليوم إلاّ الخرائب والأطلال.
• أرزان :
وصفها ياقوت بمعجم البلدان: (مدينة مشهورة قرب خلاط، ولها قلعة حصينة، وكانت من أعمر نواحي أرمينيا،
اشتهرت بالعلم والثقافة، ومن أشهر علما ئها أبو غسان عياش بن إبراهيم الأرزني، ويحيى بن محمد الأرزني
صاحب الخط المليح والضبط الصحيح والشعر الفصيح، وكانت مقراً لحكم بني حمدان قي القرن العاشر).
• دارا :
تقع هذه المدينة حالياً في الجهة اليمنى للخط الحديدي المار بمدينة عامودا وكانت تسمى في الزمن الروماني:
«أناستازيا بوليس» وكانت تشتهر ببساتينها ومياهها، ولها شهرة حربية، وحكمت من قبل الرومان والفرس .
• ميافارقين أو سليماني:
تقع إلى الشمال الشرقي من ديار بكر، ولها عراقة في التاريخ، وهي مدينة أرمنية، وقد بناها الملك الأرمني« ديكران »
في عام 80 ق . م، واحتلها الفرس والرومان، وفيها كنيسة مشهورة بناها كسرى الثاني ملك الفرس، فتحها العرب.
وفي عام 1252م هاجمها المغول عندما كانت تحكم من قبل الأيوبيين ثم حكمها الأكراد بقيادة أسرة سليماني الكبيرة،
وتعرف اليوم باسم سليماني نسبة إلى الأسرة الكردية التي حكمتها أو سلواني، وهي مديرية منطقة تابعة لديار بكر.
• سروج :
ذكرها ابن حوقل، فقال: (وسروج رستاق، فيه مدينة خصبة، تعرف بسروج على شمال طريق حران إلى جسر منبج،
حصينة ذات سور، كثيرة الأعناب والفواكه والزبيب، ويعمل من زبيبها الرب، ويتخذ من الناطف، وهي من حران على يوم)
وهي اليوم قضاء تابع لمحافظة أورفا .
• بتان:
قال ياقوت: (بتان من نواحي حران، ينسب إليها محمد بن جابر البتاني صاحب الزيج من مؤلفاته كتاب
«معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك» وهو كتاب في علم الفلك)،
وإنّ شهرة هذه المدينة مستمدة من شهرة عالمها البتاني.
٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭ * ٭جورج عبيد
_____________________
المصادر:
- الحضارات القديمة في الجزيرة - إبراهيم علوان
- مجلة العمران ـ العدد 41 ـ 42 ـ السنة 1972
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» مقدمة لتاريخ الحسكة والجزيرة السورية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي العربي القديم للجزيرة السورية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي القديم لبلاد آرام والجزيرة السورية (ثقافة السريان) / جورج عبيد
» منطقة الجزيرة السورية
» رسالة إلى الدكتور أحمد الدريس مدير الثقافة في محافظة الحسكة
» من التاريخ الثقافي العربي القديم للجزيرة السورية / جورج عبيد
» من التاريخ الثقافي القديم لبلاد آرام والجزيرة السورية (ثقافة السريان) / جورج عبيد
» منطقة الجزيرة السورية
» رسالة إلى الدكتور أحمد الدريس مدير الثقافة في محافظة الحسكة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى