شوقيّة عروق - منصور

من طرف آمال عوّاد رضوان 21/6/2009, 11:02 pm

شوقيّة عروق - منصور

مواليد النّاصرة سنة (1957). حاصلة على درجة البكالوريوس في الفلسفة وعلم اللاّهوت. تعمل أمينة مكتبة المدرسة الثّانويّة في الطّيرة- المثلّث.

الهاتف: 097938416، 0505532156
البريد الإلكترونيّ: kayan_4u_89@maktoob.con

الأعمال الشّعريّة:

ذاكرة المطر (1987). شَمس حضورك أسطورة (1994). اسمك تَهليلة زمرّد (1995). الخرائب المعلّقة (2006).

الأعمال الأخرى:

امرأة بلا أيّام - مجموعة قصصيّة (1978). خطوات فوق الأرض العارية - مجموعة قصصيّة (1980). النّبض في جوف محارة - همسات (1981). قلْ كلمتَكَ وامشِ - مقالات (1998). أحلام مبعثرة - قصص (2002). غاب نَهارٌ آخر - مقالات سياسيّة (2005).

قاموسُ الصّمتِ المُعَتَّق

1.
صمتٌ وراءَ صمتٍ
صفحاتٌ تفحّمتْ من لَهيبِ الدّمِ
أبجديّةٌ تناسلتْ في بَهوِ المُباغتةِ
وتَخضّبتْ بِحنّاءِ الوهمِ
وتُوِّجتْ بالمُدنِ الضيّقة.

2.

صمتٌ يسرقُ البردَ من الجليدِ،

يغرسُهُ في ميادينِ الكلام
أيدي اللّئامِ تُفتّشُ عن القناديلِ تَحتَ الرّكام
لا أحدَ يُميطُ اللّثامَ
ويصيحُ فوقَ موائدِ الأيتام.

3.
لا أحدَ يُحصي
العظامَ، المقابرَ، الجروحَ، الأوجاعَ، كومةَ الأقفالِ،
الدّمَ النّازفَ، الشّرفَ الشّاردَ، طبولَ الخطاباتِ
لا أحدَ ينكأُ بيضةَ التّمساحِ
ينكأُ عذريّةَ منجلِ الانتصارِ
إنّهم يُرهفونَ السّمعَ
تنسابُ أرواحُهُم من فوّهاتِ الانحناء.

4.
أخذوا الصّمتَ إلى الضّفّةِ الثّانيةِ
إلى ضفّةِ الطّربِ المتآكلةِ
إلى ضفّةِ الفاكهةِ المحرّمةِ
الّتي تشقُّ بسكّينِ المؤامراتِ المظلمةِ
وتُلقي بالحاضرِ والتّاريخِ إلى الأرضِ المعذّبةِ
المقمّطةِ بصدى العدالةِ الرّاحلة.

5.
عناقيدُ الصّمتِ
تتدلّى مِن عنبِ الخنوعِ المعقودِ بِخشبِ البلّوطِ الحزينِ
تستريحُ في ملكوتِ الطّينِ
وتُسبّحُ بِحمْدِ الغموضِ الفخّاريِّ
الّذي عشقَ الفرارَ والكفنَ والأنين.

6.
يا قاموسًا
لَم يُضِئْْ تُخومَ الرّوحِ والأصابعِ
لَم يُضِئْ طقسَ الارتعاشِ المفخّخِ
ولَم يَدُسِّ الأيدي تَحتَ صوفِ الهمِّ المُزخرَف.

7.
ليلُ العتابِ المُعَتَّقِ
أغلقَ دفتيّ القاموسِ
واحتمى من الهروبِ المجنونِ، المجنّحِ
بعباءاتِ الرّياحِ المغادرةِ
الّتي تَمزّقتْ مِن شِعابِ مرايا العارِ
وتَمادتْ في مُطاردةِ قطرةِ زئبق.

لمثلِ هذا الوقت

لِمثلِ هذا الوقتِ
كانَ ينبغي للمرءِ أنْ يولدَ بألفِ قدمٍ
خطوةٌ للبقاءِ، خطوةٌ للأمامِ، خطوةٌ للهربِ

كانَ ينبغي للمرءِ أن يبقى في العدَم.

عمليّةُ تجميلٍ للصّبر

عياداتُ الجمالِ
تغزلُ الجمالَ وتشُدُّ الجلدَ المترهِّلَ
وتبني فوقَ ضوضاءِ القبحِ
أعشاشًا تتوهّجُ
وتطرقُ حديدَ الأسطورةِ، لتتدفّقَ خرافةُ النّبيذِ
عمليّةُ تصغيرِ أنفٍ
نزعُ شعرِ وجهٍ
شدُّ صدرٍ
يتواصلُ الكذبُ مع الخيوطِ المخفيّةِ
يتواصلُ بينَ الغرزةِ والغرزةِ الشّهيّةِ
كلُّ عضوٍ يُمارسُ لعبةَ التّباهي
يَجرفُ الحُسْنَ
ويغرسُ زنبقةً بعدَ أن كانتْ مرميّةً
الصّبرُ يَمُدُّ أضلاعَهُ
يتعلّقُ بأسلاكِ المسافاتِ وسفوحِ اللّيالي المملّةِ
يلتفُّ كالحلقةِ، كالكذبةِ، كدائرةِ نارٍ جهنّميّةٍ
يُقَبِّلُ عنقَ المجهولِ المقدّسِ
شهقَ انتظارُ الصّبرِ
استباحَ التّعبُ براريَ الضّعفاء.
* * *
الصّبرُ يدقُّ بابَ عيادةِ الجَمالِ
سئِمَ بقاءَ شوكِهِ وزَهْرَ العَناءِ
سئِمَ احتساءَ الشّجنِ وطرْقَ أبوابِ النّجاةِ
سئِمَ شكلَهُ المهزومَ في الأغاني والقصصِ والحكاياتِ
إنّهُ يَحلمُ بفرحِ الصّيّادين.
* * *
الصّبرُ يدُقُّ عيادةَ الجَمالِ
لا أحدَ يريدُ إجراءَ عمليّةِ شدٍّ للصّبرِ
لتصغيرِهِ، لقصِّ أطرافِهِ، لتحسينِ شكلِهِ
لأنّهُ سيبقى خبزَ المظلومينَ والفقراءِ
والرّحمةَ الّتي تُطوِّقُ أمنياتِها أمطارُ الميلاد.