المدرسة السريالية ..!
صفحة 1 من اصل 1
المدرسة السريالية ..!
المدرسة السريالية ..!
نشأت المدرسة السيريالية الفنية في فرنسا، وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز
على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري.
وكانت السيريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام.
واعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الأحلام.
وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية، تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية
والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام.
وتخلصت السيرالية من مبادئ الرسم التقليدية, في التركيبات الغربية لأجسام غير مرتبطة ببعضها البعض
لخلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على الاشعور.
واهتمت السيريالية بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، وإن كانت منبعاً فنياً
لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق،
كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية.
والانفعالات التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر الخارجي
الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة لا يمثل كل الحقيقة،
حيث أنه يخفي الحالة النفسية الداخلية.
والفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق،
وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.
ومن ابرز فنانيها سلفادور دالي..
* * *
ولدت الحركة السيريالية عام 1924م من بقايا الحركة الدادية وكان هدفها اعادة الخيال الى مكانه القديم،
وتعتبر هذه الحركة الان - والتى ظهرت فى الربع الثانى للقرن العشرين- من آخر المذاهب الفنية فى العصر الحديث.
وقد بدأت أولاً فى الانتشار بين الطبقات المثقفة، وبدأت فى الظهور بشكل واضح فى الادب والفن فى اواخر عام 1924م،
عندما اذاع بريتون (زعيم الداديه) اول بيان له عن الحركة السريالية خاصاً بالشعر السريالي.
ويهدف الى التعبير عن النفس بعيداً عن الرقابة التى يفرضها العقل الواعي.
والحركة السريالية تهدف الى الغوص فى اعماق اللا شعور للبحث عن مصدر الهام للفنان بعيداً عن الرقابة التى يفرضها العقل.
ويقال انها وليدة المحنة النفسية والفكرية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى،
وقد بدأت بنجاة بعض من الفنانين والكتاب والشعراء كانوا قد اشتركوا في الحرب وذاقوا أهوالها،
ولم ينجحوا في التخلص من القلق الذي أصبح ملازمًا لهم من أثر الحرب،
وخرج هؤلاء من الحرب ليجدوا أن العالم يسير من جديد وكأن شيئًا لم يحدث،
ولعل عودة الحياة لسيرها المعتاد هو الذي أصابهم بالدهشة، فلازال دوي القنابل في أذهانهم يصمها ويسدها؛
فتجمع هؤلاء الشعراء والأدباء والفنانين في باريس
وبدأت ثورة السريالية بقيادة الشاعر أندريه بريتون في عالم الفن والأخلاق والأدب.
يقول بريتون في كتاب: "الخطوات الضائعة" إن واحدًا من المثقفين أو المفكرين لم يكن في مستوى أحداث 1914م، 1918م،
فقد كانت الأحداث تَلْطِمُ المفكرين كما تلطم الأمواج الهائلة سفينة صيد صغيرة،
وتحوَّلت خيبة الأمل الشديدة إلى غضب وقنوط وشتائم وبدأوا يعلنون كراهيتهم للعائلة والوطن،
ويثورون على الأخلاق والمبادئ".
إن السريالية دعوة لمغامرات نفسية وفنية ومحاولات لاكتشاف ظلمات النفس؛
فهم يعتقدون أنه لا يكفي أن يقتصر الإنسان على الواقع الذي يدركه المنطق،
وإنما يرون في النفس الإنسانية أغوار لا يفسرها المنطق أو القواعد العقلية،
وإذا كان العالم قد فهم العلوم وأقام الهندسة واكتشف قوانين الطبيعة،
فماذا صنع بالنفس الإنسانية؟!
فالخيال عندهم والخيال الجامح هو نقطة البداية، فهم يُعَرِّفون الخيال أنه الشيء الذي سيصبح حقيقة،
ولقد وصل معهم الخيال إلى حد الجنون، وأشهر نموذج للجنون هو الرسام سلفادور دالي،
فلم يرسم مناظر أو مرئيات بل كان كل همه أن يرسم بغاية الدقة والتجسيم تلك الصور التي تهرب من أصابع الواقع،
فكان يمضي أوقات لَهْوِهِ يرسم مناظر طبيعية كاملة على جواهر صغيرة لا يزيد حجمها على حجم الحبة الكبيرة،
وله رسوم منتشرة في المتاحف الحديثة عنوان على الغرابة والدقة.
أما الأحلام فكان حلمهم أن يخرجوا بأي شيء مألوف يستعمله الناس استعمالاً مألوفًا إلى شيء لم يتعود عليه الناس؛
فحاولوا جمع أكبر عدد ممكن من الصور التي لا يقبل المنطق أن تكون متقاربة أو متتابعة
فهم يكتبون مثلاً عن الزنجية الشقراء.
وبدأ سلفادوردالي يرسم ساعة لينة أو امرأة برقبة زرافة فكل غرضهم تغير ما تعود عليه الناس وألفوه.
* * *
لوتريامون خرافة السيريالية
الحقيقة الساقطة دائماً وراء السريالية ..
في سنة ال 1868 م كان هناك شاب يسمّى لوتريامون وعلى طاولات الثانوية في باريس
كتب اجمل خرافة سيريالية على وجه الاطلاق ؛
مجموعة " أناشيد مالدورو " .
وهكذا تكون السيريالية قبل الدادية و ليست امتداداً لها على الطلاق ..
قد يكون اندره بروتون و غيره من الفرنسيون وضعوا المسمى و حاولوا تأصيل المدرسة و بنائها ..
مما يجدر بالذكر ان بروتون نفسه كان داديّا وانضم الى تريستان تزارا "المؤسس" لبعض الوقت ولكنه انسحب ..
التاريخ سيبقى شاهداً للوتريامون الرائع المجنون ..
و انا اعتقدُ انّ الدادية بذاتها تشرّبت بشيء من الاتجاه الرمزي و الغامض والمبهم و احيانا السيريالي ..
فلا يجب ان ننسى ابدا "سأم باريس" بودلير - و " اناشيد مالدورو" لوتريامون
كأوائل المجموعات الشعرية من قصيد النثر وذلك في القرن التاسع عشر ..
* * *
مقطع لـ لوتريامون
الضّمير - لوتريامون
من الموافق ألاّ أدعَ الضمير يقطع الطريق عليّ . فلو أنّه كان قد مثُل أمامي
بالتواضع و الحياء الملازمين طبقته لكنتُ أصغيتُ إليه . ما كنتُ لأحبّ كبرياءه .
مددت يدي ، وتحتَ أصابعي سحقتُ الأظافر ؛ تناثرتُ هباءً تحت الضغط المُتزايد ،
ضغطُ هذا الهاون الجديد الطراز . مددتُ اليدَ الأخرى و اقتلعتُ رأسه . ثم طردته من منزلي،
بضربات السوط ، و ما عدتُ رأيتُ لهُ وجهاً . إحتفظتُ برأسهِ كتذكار لانتصاري ..
أمسكتُ رأساً بيدي ، كنتُ أقضمُ جُمجمته ، و انتصبتُ على رجلٍ واحدةٍ ،
كمالك الحزين ، فوق شفير الهاوية المحفورة بلحف الجبل .
و رآني بعضهم أهبطُ الوادي بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر !
و بينا كنتُ أمسكُ بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ، سبحتُ في أشدّ اللجج خطراً ، و حاذيتُ الهاديات المميتة ،
و غطستُ الى أن غاب عن بصري النافذ .
و كان المغصّ السميج ، بمغناطيسهِ الذي يجرّ الشلل ،
يطوّفُ حول أعضائي فيشقّ الأمواج بحركاتٍ قويّة دون أن يجرؤ على الدنو منّي .
ورآني بعضهم أعود سليماً معافىً الى الشاطئ ، بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر !
و بينا كنتُ أمسكي بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ، اجتزتُ الدرجات الصاعدة ، درجات برج رفيع .
وصلتُ ، تعب الرِّجلين ، الى قمّته المدوّخه . نظرتُ الى الحقل و البحر؛
نظرتُ الى السماء و الجَلَد . وإذ دفعتُ برجلي الصوان الذي لم يتراجع ،
تحدّيتُ الموت و الثأر بصراخ هازئٍ عظيم ، و انطرحتُ كالبلاطة بشدق الفضاء .
سمَعَ النّاسُ دويّاً أليماً هو دويّ الأرض إذ التطم بها رأسُ الضمير الذي كنتُ قد أفلته بهبوطي .
ثم رآني النّاسُ أنزل بطيئاً كالطائر ، تحملني سحابةٌ لا تُرى ، فالتقطتُ الرّأس
لأجبره أن يكون شاهداً على جريمةٍ مثلّثة كان عليّ أن أقترفها في ذلك النهارُ بالذات ،
بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر ! و بينا كنتُ أمسكُ بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ،
اتجهتُ شطر المكان الذي تنتصبُ فيه ركائز المقصلة .
و صعتُ نعومةَ أعناق فتياتٍ ثلاثٍ تحت شفرة المقصلة . و كأنني منفّذ الأعمال العظيمة ،
أرخيتُ الشريط كأنّما ورائي خبرة حياةٍ كاملة . فهوى الحديدُ المثلّث ، بانحرافٍ ،
و بترَ الرؤوس الثلاثة التي كانت تنظرُ إليّ بحنان .
بعدها وضعتُ رأسي تحت الشفرةِ الثقيلة ، و أعدَّ الجلاّدُ إتمام عمله .
ثلاثُ مرّاتٍ تهاوت الشفرة القاطعة بعزمٍ يتجدّد على الدوام .
و ثلاثُ مرّاتٍ كان هيكلي المادي ، و بخاصّةٍ عند منطلق العُنُق ، يهتزّ حتى أسسه ،
كما عندما نتصوّرُ في الحلم أن منزلاً ينهارُ فيسحقنا .
تملّكت الشعبُ الدهشة فتركني أعبرُ لأبتعدَ عن الساحةِ المأتميّة .
رآني أشقُّ بمرفقيّ لججه المُتماوجة ، و اتحرّك ، وملءَ بردتيَّ الحياة ،
فأتقدّمُ أمام وجهي مستقيمَ الرّأس ، بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر !
كنتُ قلتُ إنّني أريدُ أن أدافعَ عن الإنسان ، هذه المرّة .
و لكنّي أخافُ ألاّ يكونَ دفاعي هذا تعبيراً عن الحقيقة .
و عليه ، فأؤثرُ الصّمت . سوف تُصفّقُ البشريةُ بامتنان لمثل هذا القرار !.
** ** **
منقول بتصرف
جو العبيدي
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى