سوناتا الضباب الأزرق - 2 - كيف لروح ٍ تشظّت أن تُعيد صياغة المعنى ...كيف لبوم ضبابي أن يبتكر صيغة واضحة لجواب ؟!
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: عبَرَ مِن هُنا / دانية بقسماطي
صفحة 1 من اصل 1
14102008
سوناتا الضباب الأزرق - 2 - كيف لروح ٍ تشظّت أن تُعيد صياغة المعنى ...كيف لبوم ضبابي أن يبتكر صيغة واضحة لجواب ؟!
- هل شاهدت بوماً يُصطاد و يُحنّط فوق جدار ؟
- بل شاهدت بوماً يُغرد حزنا فاجراً تارة ً و حيناً ينعقُ فرحاً
- أنت بوم الشؤم , مُتّهم بالنكد و العويل و النعيب و الإنطوائية ألا تخشى مُهاجميك ؟
- لا تُصدق تِلك الشائعة المتوارثة عن شؤمي
حتما ً , أنا من أطلقها كي أتحاشى شراسة أعدائي
هي حيلة للتملّص من مهرجانات الصيد , و تحنيطي على جُدُر زهوهِم
البوم ليس من سُلالة الطيور الداجنة التي تنتظر إصطيادها في الحدائق العامة
- كيف لا تخشى التسكّع في المقابر و ذلك التحليق الليلي ؟
- عيناى في تواصل دائم مع الذهول
يتّسعان ذهولاً و أنا أرى أرواحاً مُهترئة
و موتى يتسكعون بجثثهم في مدن تكشف عوراتها
أشهد على مهرجانات مُجون , غابات أقنعة و مذابح بشرية
الشّر , البشاعة , الخواء , الإهتراء و العُدوانية لديهم حضارة قائِمة يذاتها
أما الشؤم البومي
فشائعة من شائعاتي !!!
- ما آخر مُطالعاتك ؟
- كتاب لأدونيس " تنبأ أيها الأعمى "
نعم تنبأ أيها المنفي
ففي زمننا الحالك السواد , في زمن العتمة الباهرة
لا يسعُنا سوى أن نتنبأ !
- دهشتي تسأل , هل ثمة عتمة باهرة ؟
- حتماً
- الأحلام ؟
- خلعت رداء أناقتها حين بات الوطن
لا يليق بأناقة أحلامها !
- ناقذة ؟
- تجلس أمامها تُهديك شمساً , ضباباً , رذاذ فرح
و لحظة تُغدق عليك ريحاً , مطراً شرساً تُغلقها
كي لا تتعثّر بأداء رقصة أخيرة للمطر و الخصب
- الأوهام ؟
- خلعنا ثوب الوهم الجميل
لنرتدي ثوباً على قياس زمن الخيبات الضيّق !
- يا بوم الحزن الباذخ
كيف ينعتّق جسد من إرتداء معطفه الأبهى ليرتدي ضبابه ؟
- عليك في خريف العمر أن تخْلعَ عنك معطف الألوان
الذي بهَركَ سابقاً و لازمكَ زمناً
تخلع عنك معطف الوهم و إكليل الورد
تتركهُ مُعلّقاً على المشجب , لِمن سيعبُر بعدك !
- الدائرة ؟
- حمار عصبوا عينيه بقماش أسود , يدور في حلقة مفرغة
قدرٌ أحمق لا يمنحنا القدرة على السير في خطٍ مستقيم
قدرٌ أخرق يُحوّل حياتنا إلى دوائر و أصفار مُتلاحقة
حقاً , لا أفهم إصراره على مُلاحقتنا بالدائرة !
- القلب ؟
- لم يُهشّم قلبي الشوك
بل هشمتهُ أناقة ُ الكلمات !
- ألا تشتهي لغة الألفاظ الوردية ؟
- أتوق لصدق الألفاظ !
- الضحك المُعافى ؟
- ترفٌ لا يليق بأبناء المنافي
نحنُ قومٌ لا نملك ثقاقة الفرح !
- القطعان الشاردة ؟
- سيبقى الذُل , الإضطهاد و المهانة تسحق أعناقنا
و سيبقى القهر يجثم فوق الصدور , طالما الناس في شرقنا يفخرون بصبرهم
فنحنُ العرب عباقرة في تحمُل الأحزان والإستسلام لها
و المُدهش أن الرخام لا يكفيه عمله في المقابر , حتى يُمارس عملاً إضافياَ فوق الصدور !
- كيف تُواجه غدر الأصدقاء و الطعنات اليومية ؟
- الحياة مسيرة إجبارية في حقل مزروع بالألغام
غارسيا لوركا يقول :
" أنسى الأذى و الإساءات و اُواجهها بالضحك
ليس ضحك العافية , بل الضحك الساخر , ضحك أمسي الغابر "
حقارة العالم و ساديته لم يُجرداني من ذاكرتي , إيماني , غفراني و حقدي
أستحيل بوماً بعيون ذاهلة يرتدي خيباته بإبتسامة فائقة السخرية , و لا يرد على صفعات الغدر
بغير الشُكر !
- الغدر ؟
- لفظة لا تليق بأبجدية شعب البوم !
- ما يليق بهم إذن ؟
- البوم لا يُجيد رد الإهانات , لا يُجيد لعبة الطعنات
لا يُتقن رد الهدايا الفاخرة الفجيعة
لكنه يُتقن ردْ الإهانة , يُصوب هدفه بصمت
بسهم ٍ رمادي في الذاكرة !
- هل توقفت مرة لكي تشرح تفاصيل خواطر , فكرة أو توضيح سُطور مُيهمة ؟
- لا يعنيني تعرية سطوري للعامة و تقديم نشرة لصالونات الثرثرة
و أكره شرطيا ً يُدقق قي هوية عابر !
ليس لائقا ً توضيح سطور مُيهمة للرفاق و الأحباب
أرفض أن أقوم بدور دليل سياحي و أدور بِهم فوق قمة سقوطي و وديان إنتصاراتي
حتما ً,
ليس من اللائق توضيح سطور للرفاق , في ذلك مهانة للذاكرة المُشتركة
و لأنه ليس من حقْ الرموز أن تتعرى !!!
- ورد ؟
- إعتقال زمن هارب , مُعتّق داخل زجاجة مُزخرفة
أو بالأحرى زمن مُحنّط داخل قنديل وردي
- لكن سيدي
ألا يُمكن إبتكار لون جديد للورود ؟
- ورود تناثرت أعناقها
تصفع الذاكرة تتزين بأزياء ماكرة !
- الشرق ؟
- ديكٌ عملاق ببدلة أنيقة و ربطة عُنق مُذهبة
يحمل في اليد اليُمنى مطرقة و في اليد اليُسرى
سكينا ً حادة النصل , و بحماسة الواثق
ينحتْ في تمثال دجاجة
يطرق , يُحطّم , لِينحت و بإصرار تُحفتهُ , خاصتهُ
... لا شىء سوى مهزلة لا مُجدية خرقاء !
- موت ؟
- للحجر أرواح تقبّع فوق الأضرحة , و هى نفسها ترمي بثقلها فوق صدور الفقراء
الروح تبرأ من أقسى أوجاعها و من أثقل أحمالها
ليتَك تُدرك أن وجعَ الحياة ككل الأشياء زائر عابر ؟!
المُفجع أن تهجُرنا الأزمنة , يتخلى عنا زمن ٌما
أو وطنُ ما
المُفجع أن يُسقطونا من حياتهم , يشطبوا عناويننا من دفتر يومياتهم
لكوننا لم نمتلك الشجاعة أن نكون مثلهم
الشجاعة أن نهجُر الأزمنة , نتخلى عنها
نقتُل الحنين فينا قبل أن يقتُلَهُ الأغيار !
- هل تستهوي إلتقاط الصور التذكارية ؟
- عليكَ أن تُطلق عينيك لإلتقاط فراشات الفرح و الدهشة
لا كاميرتك لِتحنطها في ألبوم الصور يُهددْه العت و يلتهمهُ الغبار
أُحب إلتقاط الصور بعدسة في داخلي
لأُعلقها بجوار القلب على جدران الروح , لتبقى خالدة أبداً !
- زهور دوار الشمس , أو عبادي الشمس ؟
- زهور ساذجة بعقول فارغة و إبتسامات بلهاء , لها غريزة الإنحناء الفطري
عيونٌ تستميت لشمس تُشرق بوقاحة , شمس كُلّما أدركت إستماتة شعوب لها تُوغل في المغيب
أرى فيها كائنات ترقص فوق مذابل مُذهبّة , مذابل تضّجُ بالعربدات , كائنات تدوس أعناق المُستضعفين
أُحب زهوراً بريّة لا تخْضع لسياسة تدجين و تطويع , تقف على الممنوعات و لا ترتمي على كراسي الخُضوع !
- عفواً , ليس لك الحق إبداء موقف مُعادٍ لزهور تخضع لشمس
كونك بوماً يستحيل عليكَ التحديق في وجهها
فالزهور لها عوالمها الخاصة و حضارتها الخاصة هى تأبى الثرثرة فوق رؤوسها
- إمعانا ً في الثرثرة و إستنكاراً لزمن يُلاحقنا بالدائرة
زمن يُحاصرنا بثقافة التيه و لُغة التيه
و زهور تحترف هزْ الوِسط و الأرداف , و ذات ثقافة عالية بدوائر الحركة , أُضيف
أن تلك الزهور تستحق أن نبصق فوق رؤوسها !
لي أيضا ً عالمي الخاص و مبادئي الخاصة , و دماغ كتيس جبلي أزهو بإختلافه .
- أتدري أنكَ تتحلى بحس الفكاهة , رُغم إدمانك على أجوبة مُتسلقة جبالاً صحراوية !؟
- الضحك سلاح ما قبل المعارك , و الفكاهة أقوى ميزة ذكورية !
- يا لك من مغرور مُتعالٍ , يُلقي أحكاماً بطريقة عشوائية
- التعالي والغرور ضروريان كي لا تدوسنا أقدام العسكر !
- لِنُعيد للحوار هدوءه , لِنُعلن هُدنة و لو إستثنائية !؟
- أُوافق شرط أن لا تُكثر من أسئلة قهرية
و لا تستعين بعدسة مُكبّرة و لا كاشفات ضوئية تُسلطها على دماغي
و لا حتى التفكير بإستعارة عيون بومية
- فضولي يسأل عن بوم الذهول ؟
- تعددّت أسباب الدهشة , و أجدهُ ما عاد قادراً على أن يُدْهش
تعددت أسباب البكاء , و أجده ما عادَ قادراً
إلاّ على إرتداء ذهوله و هو يُتابع فصلاً هزليا ً من فصول الحياة !
- لِمَ يتشبثْ الجسد بعطرٍ أوحد ؟
- العطر كالهوية , أُوافق " كوكو شانيل " بإعتبار العطر هو المُبشر بقدوم المرء و رحيله
لكن ثمة نفساً تتمزق لرحيل الأشياء , تتشبث يحضور أبدي
و شقيّة كلُ نفسٍ يروق لها أن تُعتّق عطر الأزمنة في قارورة الروح
روحٌ وفيّة لذاكرة الأمكنة , وفية لعطر ٍ أوحد
في زمن يُبدّل فيه الجسد كُل صباح زجاجة عطره
في زمن اللاذاكرة
جسدٌ يرتدي إحتفاء زمن أوحد !
- و ما حاجة الروح إلى عطر تسكُبه في قارورة جسد يتيم ؟
- لأن الروح أحوّج لعطرٍ تسكُبه في قارورة جسد عابق بزمن غابر جميل !
- الناس عادة يُحاربون دفاعاً عن مكاسبهم و مواقعهم المادية و العاطفية , و أنت ؟
- أتنحى عن سباق سيُصيبُني بداء المفاصل و إنحناء الظهر و عمى البصَر
أنسحب بهدوء , ألجأ إلى أقصى رُكن من أنفاقي
كي لا أُشارك في سباق النفوس اللاهثة , و لِيُمارسوا تسلقهم و تهريجهم كما يشاؤون !
- ليس لائقا ً ما تقول
- في عصرٍ آخر سأُحاول إبتلاع شريط تسجيل إجتماعي لائق !
- علامَ تبحث ؟
- أحترف حماقة التنقيب تحت الثلوج و الحُطام
أبحث عن يد دافئة مُتوجعة كوجعي , تُطوّق رأسي المُتعب
بقبة خضراء في المنافي الدامسة , فنرتاح معاً خلف الحقول العوسجيّة !
- الشك ؟
- العطر إدمان , الحزن إدمان , جلد الذات إدمان
و الشك إدمان آخر يستبّد بأبناء المنافي
لو لم نُغلّف أسوار الروح بنباتات أشواك الشكوك , لما نجونا من دهاء الورود و مكائدها
لو لم يكن الشك لدينا مُقدساً لأنتصب الوهم في وجهنا أغلالا ً
و لما هرع إلينا الوسواس لِيُحَدثنا بالنبؤة , يُنبئنا بحدس الحقيقة ... بفداحة الحقيقة !
- ما يشهد أبناء المنافي ؟
- نتكوّم داخل عباءاتنا البُنية الغليظة في كهوفنا
كُلُ عباءة على قياس قلقها , وسواسها , حذرها
نُحاول ترميم ما تهشّم من قفص عظامنا الصدري على صخور ليل الخيبة !
- الصلاة ؟ هل تُواظب على الصلاة
- ثمة قول أُحبه , يقول اليابانيون :
" سكينة , إطمئنان , و على الوجه قناع مُبتسم لا يتحرك
أما ما يجري وراء القناع
فهذا شأننا الخاص "
أقول :
" قلق , إضطراب و على الوجه قناع يبتسم بتهكُّم
أما ما يَكمُن من إيمان في الأعماق
فهذا شأني الخاص " !!!
- هدايا ؟
- ثمةَ هدايا ترتدي أناقة تقشُفها , تنقُل إليك ألوانها الصافية الدافئة
تنتعش , ترتعش , تفرح
و ثمة هدايا فائقة البرودة تُسرّب إليكَ عفونة أعماقها , تُهديك وهماً كاذباً
تشهق , ترتجف , تدْمع
تستقبلها بمذاق ضاج بالمرارة
و أُخرى لا تُكلّف نفسها مشقّة حذف السعر عنها , تهوي عليك كالصفعة
تُضْرم فيكَ تيران الغضب
تتشظى , تعرق , تنزف
عادي , فالتشوّه وجهٌ من وجوه الحياة .
- بل شاهدت بوماً يُغرد حزنا فاجراً تارة ً و حيناً ينعقُ فرحاً
- أنت بوم الشؤم , مُتّهم بالنكد و العويل و النعيب و الإنطوائية ألا تخشى مُهاجميك ؟
- لا تُصدق تِلك الشائعة المتوارثة عن شؤمي
حتما ً , أنا من أطلقها كي أتحاشى شراسة أعدائي
هي حيلة للتملّص من مهرجانات الصيد , و تحنيطي على جُدُر زهوهِم
البوم ليس من سُلالة الطيور الداجنة التي تنتظر إصطيادها في الحدائق العامة
- كيف لا تخشى التسكّع في المقابر و ذلك التحليق الليلي ؟
- عيناى في تواصل دائم مع الذهول
يتّسعان ذهولاً و أنا أرى أرواحاً مُهترئة
و موتى يتسكعون بجثثهم في مدن تكشف عوراتها
أشهد على مهرجانات مُجون , غابات أقنعة و مذابح بشرية
الشّر , البشاعة , الخواء , الإهتراء و العُدوانية لديهم حضارة قائِمة يذاتها
أما الشؤم البومي
فشائعة من شائعاتي !!!
- ما آخر مُطالعاتك ؟
- كتاب لأدونيس " تنبأ أيها الأعمى "
نعم تنبأ أيها المنفي
ففي زمننا الحالك السواد , في زمن العتمة الباهرة
لا يسعُنا سوى أن نتنبأ !
- دهشتي تسأل , هل ثمة عتمة باهرة ؟
- حتماً
- الأحلام ؟
- خلعت رداء أناقتها حين بات الوطن
لا يليق بأناقة أحلامها !
- ناقذة ؟
- تجلس أمامها تُهديك شمساً , ضباباً , رذاذ فرح
و لحظة تُغدق عليك ريحاً , مطراً شرساً تُغلقها
كي لا تتعثّر بأداء رقصة أخيرة للمطر و الخصب
- الأوهام ؟
- خلعنا ثوب الوهم الجميل
لنرتدي ثوباً على قياس زمن الخيبات الضيّق !
- يا بوم الحزن الباذخ
كيف ينعتّق جسد من إرتداء معطفه الأبهى ليرتدي ضبابه ؟
- عليك في خريف العمر أن تخْلعَ عنك معطف الألوان
الذي بهَركَ سابقاً و لازمكَ زمناً
تخلع عنك معطف الوهم و إكليل الورد
تتركهُ مُعلّقاً على المشجب , لِمن سيعبُر بعدك !
- الدائرة ؟
- حمار عصبوا عينيه بقماش أسود , يدور في حلقة مفرغة
قدرٌ أحمق لا يمنحنا القدرة على السير في خطٍ مستقيم
قدرٌ أخرق يُحوّل حياتنا إلى دوائر و أصفار مُتلاحقة
حقاً , لا أفهم إصراره على مُلاحقتنا بالدائرة !
- القلب ؟
- لم يُهشّم قلبي الشوك
بل هشمتهُ أناقة ُ الكلمات !
- ألا تشتهي لغة الألفاظ الوردية ؟
- أتوق لصدق الألفاظ !
- الضحك المُعافى ؟
- ترفٌ لا يليق بأبناء المنافي
نحنُ قومٌ لا نملك ثقاقة الفرح !
- القطعان الشاردة ؟
- سيبقى الذُل , الإضطهاد و المهانة تسحق أعناقنا
و سيبقى القهر يجثم فوق الصدور , طالما الناس في شرقنا يفخرون بصبرهم
فنحنُ العرب عباقرة في تحمُل الأحزان والإستسلام لها
و المُدهش أن الرخام لا يكفيه عمله في المقابر , حتى يُمارس عملاً إضافياَ فوق الصدور !
- كيف تُواجه غدر الأصدقاء و الطعنات اليومية ؟
- الحياة مسيرة إجبارية في حقل مزروع بالألغام
غارسيا لوركا يقول :
" أنسى الأذى و الإساءات و اُواجهها بالضحك
ليس ضحك العافية , بل الضحك الساخر , ضحك أمسي الغابر "
حقارة العالم و ساديته لم يُجرداني من ذاكرتي , إيماني , غفراني و حقدي
أستحيل بوماً بعيون ذاهلة يرتدي خيباته بإبتسامة فائقة السخرية , و لا يرد على صفعات الغدر
بغير الشُكر !
- الغدر ؟
- لفظة لا تليق بأبجدية شعب البوم !
- ما يليق بهم إذن ؟
- البوم لا يُجيد رد الإهانات , لا يُجيد لعبة الطعنات
لا يُتقن رد الهدايا الفاخرة الفجيعة
لكنه يُتقن ردْ الإهانة , يُصوب هدفه بصمت
بسهم ٍ رمادي في الذاكرة !
- هل توقفت مرة لكي تشرح تفاصيل خواطر , فكرة أو توضيح سُطور مُيهمة ؟
- لا يعنيني تعرية سطوري للعامة و تقديم نشرة لصالونات الثرثرة
و أكره شرطيا ً يُدقق قي هوية عابر !
ليس لائقا ً توضيح سطور مُيهمة للرفاق و الأحباب
أرفض أن أقوم بدور دليل سياحي و أدور بِهم فوق قمة سقوطي و وديان إنتصاراتي
حتما ً,
ليس من اللائق توضيح سطور للرفاق , في ذلك مهانة للذاكرة المُشتركة
و لأنه ليس من حقْ الرموز أن تتعرى !!!
- ورد ؟
- إعتقال زمن هارب , مُعتّق داخل زجاجة مُزخرفة
أو بالأحرى زمن مُحنّط داخل قنديل وردي
- لكن سيدي
ألا يُمكن إبتكار لون جديد للورود ؟
- ورود تناثرت أعناقها
تصفع الذاكرة تتزين بأزياء ماكرة !
- الشرق ؟
- ديكٌ عملاق ببدلة أنيقة و ربطة عُنق مُذهبة
يحمل في اليد اليُمنى مطرقة و في اليد اليُسرى
سكينا ً حادة النصل , و بحماسة الواثق
ينحتْ في تمثال دجاجة
يطرق , يُحطّم , لِينحت و بإصرار تُحفتهُ , خاصتهُ
... لا شىء سوى مهزلة لا مُجدية خرقاء !
- موت ؟
- للحجر أرواح تقبّع فوق الأضرحة , و هى نفسها ترمي بثقلها فوق صدور الفقراء
الروح تبرأ من أقسى أوجاعها و من أثقل أحمالها
ليتَك تُدرك أن وجعَ الحياة ككل الأشياء زائر عابر ؟!
المُفجع أن تهجُرنا الأزمنة , يتخلى عنا زمن ٌما
أو وطنُ ما
المُفجع أن يُسقطونا من حياتهم , يشطبوا عناويننا من دفتر يومياتهم
لكوننا لم نمتلك الشجاعة أن نكون مثلهم
الشجاعة أن نهجُر الأزمنة , نتخلى عنها
نقتُل الحنين فينا قبل أن يقتُلَهُ الأغيار !
- هل تستهوي إلتقاط الصور التذكارية ؟
- عليكَ أن تُطلق عينيك لإلتقاط فراشات الفرح و الدهشة
لا كاميرتك لِتحنطها في ألبوم الصور يُهددْه العت و يلتهمهُ الغبار
أُحب إلتقاط الصور بعدسة في داخلي
لأُعلقها بجوار القلب على جدران الروح , لتبقى خالدة أبداً !
- زهور دوار الشمس , أو عبادي الشمس ؟
- زهور ساذجة بعقول فارغة و إبتسامات بلهاء , لها غريزة الإنحناء الفطري
عيونٌ تستميت لشمس تُشرق بوقاحة , شمس كُلّما أدركت إستماتة شعوب لها تُوغل في المغيب
أرى فيها كائنات ترقص فوق مذابل مُذهبّة , مذابل تضّجُ بالعربدات , كائنات تدوس أعناق المُستضعفين
أُحب زهوراً بريّة لا تخْضع لسياسة تدجين و تطويع , تقف على الممنوعات و لا ترتمي على كراسي الخُضوع !
- عفواً , ليس لك الحق إبداء موقف مُعادٍ لزهور تخضع لشمس
كونك بوماً يستحيل عليكَ التحديق في وجهها
فالزهور لها عوالمها الخاصة و حضارتها الخاصة هى تأبى الثرثرة فوق رؤوسها
- إمعانا ً في الثرثرة و إستنكاراً لزمن يُلاحقنا بالدائرة
زمن يُحاصرنا بثقافة التيه و لُغة التيه
و زهور تحترف هزْ الوِسط و الأرداف , و ذات ثقافة عالية بدوائر الحركة , أُضيف
أن تلك الزهور تستحق أن نبصق فوق رؤوسها !
لي أيضا ً عالمي الخاص و مبادئي الخاصة , و دماغ كتيس جبلي أزهو بإختلافه .
- أتدري أنكَ تتحلى بحس الفكاهة , رُغم إدمانك على أجوبة مُتسلقة جبالاً صحراوية !؟
- الضحك سلاح ما قبل المعارك , و الفكاهة أقوى ميزة ذكورية !
- يا لك من مغرور مُتعالٍ , يُلقي أحكاماً بطريقة عشوائية
- التعالي والغرور ضروريان كي لا تدوسنا أقدام العسكر !
- لِنُعيد للحوار هدوءه , لِنُعلن هُدنة و لو إستثنائية !؟
- أُوافق شرط أن لا تُكثر من أسئلة قهرية
و لا تستعين بعدسة مُكبّرة و لا كاشفات ضوئية تُسلطها على دماغي
و لا حتى التفكير بإستعارة عيون بومية
- فضولي يسأل عن بوم الذهول ؟
- تعددّت أسباب الدهشة , و أجدهُ ما عاد قادراً على أن يُدْهش
تعددت أسباب البكاء , و أجده ما عادَ قادراً
إلاّ على إرتداء ذهوله و هو يُتابع فصلاً هزليا ً من فصول الحياة !
- لِمَ يتشبثْ الجسد بعطرٍ أوحد ؟
- العطر كالهوية , أُوافق " كوكو شانيل " بإعتبار العطر هو المُبشر بقدوم المرء و رحيله
لكن ثمة نفساً تتمزق لرحيل الأشياء , تتشبث يحضور أبدي
و شقيّة كلُ نفسٍ يروق لها أن تُعتّق عطر الأزمنة في قارورة الروح
روحٌ وفيّة لذاكرة الأمكنة , وفية لعطر ٍ أوحد
في زمن يُبدّل فيه الجسد كُل صباح زجاجة عطره
في زمن اللاذاكرة
جسدٌ يرتدي إحتفاء زمن أوحد !
- و ما حاجة الروح إلى عطر تسكُبه في قارورة جسد يتيم ؟
- لأن الروح أحوّج لعطرٍ تسكُبه في قارورة جسد عابق بزمن غابر جميل !
- الناس عادة يُحاربون دفاعاً عن مكاسبهم و مواقعهم المادية و العاطفية , و أنت ؟
- أتنحى عن سباق سيُصيبُني بداء المفاصل و إنحناء الظهر و عمى البصَر
أنسحب بهدوء , ألجأ إلى أقصى رُكن من أنفاقي
كي لا أُشارك في سباق النفوس اللاهثة , و لِيُمارسوا تسلقهم و تهريجهم كما يشاؤون !
- ليس لائقا ً ما تقول
- في عصرٍ آخر سأُحاول إبتلاع شريط تسجيل إجتماعي لائق !
- علامَ تبحث ؟
- أحترف حماقة التنقيب تحت الثلوج و الحُطام
أبحث عن يد دافئة مُتوجعة كوجعي , تُطوّق رأسي المُتعب
بقبة خضراء في المنافي الدامسة , فنرتاح معاً خلف الحقول العوسجيّة !
- الشك ؟
- العطر إدمان , الحزن إدمان , جلد الذات إدمان
و الشك إدمان آخر يستبّد بأبناء المنافي
لو لم نُغلّف أسوار الروح بنباتات أشواك الشكوك , لما نجونا من دهاء الورود و مكائدها
لو لم يكن الشك لدينا مُقدساً لأنتصب الوهم في وجهنا أغلالا ً
و لما هرع إلينا الوسواس لِيُحَدثنا بالنبؤة , يُنبئنا بحدس الحقيقة ... بفداحة الحقيقة !
- ما يشهد أبناء المنافي ؟
- نتكوّم داخل عباءاتنا البُنية الغليظة في كهوفنا
كُلُ عباءة على قياس قلقها , وسواسها , حذرها
نُحاول ترميم ما تهشّم من قفص عظامنا الصدري على صخور ليل الخيبة !
- الصلاة ؟ هل تُواظب على الصلاة
- ثمة قول أُحبه , يقول اليابانيون :
" سكينة , إطمئنان , و على الوجه قناع مُبتسم لا يتحرك
أما ما يجري وراء القناع
فهذا شأننا الخاص "
أقول :
" قلق , إضطراب و على الوجه قناع يبتسم بتهكُّم
أما ما يَكمُن من إيمان في الأعماق
فهذا شأني الخاص " !!!
- هدايا ؟
- ثمةَ هدايا ترتدي أناقة تقشُفها , تنقُل إليك ألوانها الصافية الدافئة
تنتعش , ترتعش , تفرح
و ثمة هدايا فائقة البرودة تُسرّب إليكَ عفونة أعماقها , تُهديك وهماً كاذباً
تشهق , ترتجف , تدْمع
تستقبلها بمذاق ضاج بالمرارة
و أُخرى لا تُكلّف نفسها مشقّة حذف السعر عنها , تهوي عليك كالصفعة
تُضْرم فيكَ تيران الغضب
تتشظى , تعرق , تنزف
عادي , فالتشوّه وجهٌ من وجوه الحياة .
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
سوناتا الضباب الأزرق - 2 - كيف لروح ٍ تشظّت أن تُعيد صياغة المعنى ...كيف لبوم ضبابي أن يبتكر صيغة واضحة لجواب ؟! :: تعاليق
" عابرةٌ في وطن عابر ... ومنفى مُقيم "
يا العزيز جو
في حضرة حروفك ... داهمتني إحدى مُطالعاتي و أمعنت في حضور :
إعرابية سُئلت يوماً أو ربما من أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلّم
من أحب أولادك إليكِ ؟
قالت :
غائبهم حتى يعود , مريضهم حتى يُشفى و صغيرهم حتى يكبر!
و أجدني ... أنا الغائبة في أوطان الشتات , بعدما بات المنفى هو الوطن
و المريضة التي لن تُشفى ... الى أن يشاء الله
و الصغيرة التي لم تكبر ... طفلةٌ تتقدّم تحو طفولتها
أعزائي القراء ... و أحبائي الأعزاء
المجد لمنفى يستدرج الأشجار
لتحترق , تنزف على الورق و تجهش رقصاً
المجد لمنفى يستدرج الأشجار
لكي تستعيد وقفتها و تضحك !
محبتي دوما
دانيه
يا العزيز جو
في حضرة حروفك ... داهمتني إحدى مُطالعاتي و أمعنت في حضور :
إعرابية سُئلت يوماً أو ربما من أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلّم
من أحب أولادك إليكِ ؟
قالت :
غائبهم حتى يعود , مريضهم حتى يُشفى و صغيرهم حتى يكبر!
و أجدني ... أنا الغائبة في أوطان الشتات , بعدما بات المنفى هو الوطن
و المريضة التي لن تُشفى ... الى أن يشاء الله
و الصغيرة التي لم تكبر ... طفلةٌ تتقدّم تحو طفولتها
أعزائي القراء ... و أحبائي الأعزاء
المجد لمنفى يستدرج الأشجار
لتحترق , تنزف على الورق و تجهش رقصاً
المجد لمنفى يستدرج الأشجار
لكي تستعيد وقفتها و تضحك !
محبتي دوما
دانيه
قلمك الرائع أيقظ الاشجار
ووهبها أغنية جديدة
يشدو بها جميع الأحرار
في صباحات مبللة بالانتظار
محبتي
ووهبها أغنية جديدة
يشدو بها جميع الأحرار
في صباحات مبللة بالانتظار
محبتي
عزيزتي
لربما ... تتعب الأشجار من وقفتها
لكن يستحيل أن تتنصّل من ذاكرنها
لي ذاكرة الأشجار
لغة و حبر الأشجار
عُري , أنين و إحتراق و إحتضار الأشجار
أحترف الموت وقوفا كالأشجار
و لا أنحني ... إلاّ إحتراما
لوطني !
محبتي دوما
دانية
لربما ... تتعب الأشجار من وقفتها
لكن يستحيل أن تتنصّل من ذاكرنها
لي ذاكرة الأشجار
لغة و حبر الأشجار
عُري , أنين و إحتراق و إحتضار الأشجار
أحترف الموت وقوفا كالأشجار
و لا أنحني ... إلاّ إحتراما
لوطني !
محبتي دوما
دانية
مسافرة في منفاها
بلا هدايا
تحمل حقائب وجعها
وتقطع تذكرة السفر
المتألقة دوماً دانيه
بقلب ملئه حب وصفاء
أحييك من الاعماق
وليم
تحية طيبة ... وليم
حين رسم بيكاسو جداريته ... جدارية غرنيكا
قال لذهوله :
ما شأني , أطلْت التأمل فيما صنعتهُ أيادٍ فاشيه
فرسمت ريشتي فاجعة الدمار
حتما , أطلْت بل أفرطت التأمل في خراب هذا العالم و إنحداره المُريع
فرسمت ريشتي , خطّ قلمي فاجعةُ الخراب !!!
تحيية عاليه ... وليم
تحية عالية ... من مسافرة طاعنة في المنفى
تحمل حقائب ممتلئة بأجمل ما تكنز الذاكرة
حقائب لا تُسقط أشياءها و لا وجوه أحباءها
أثناء عبور الأحزان و طرقات الحياة الوعرة
مسافرة ... متألقة بنعمة محبتكم !
دانيه
حين رسم بيكاسو جداريته ... جدارية غرنيكا
قال لذهوله :
ما شأني , أطلْت التأمل فيما صنعتهُ أيادٍ فاشيه
فرسمت ريشتي فاجعة الدمار
حتما , أطلْت بل أفرطت التأمل في خراب هذا العالم و إنحداره المُريع
فرسمت ريشتي , خطّ قلمي فاجعةُ الخراب !!!
تحيية عاليه ... وليم
تحية عالية ... من مسافرة طاعنة في المنفى
تحمل حقائب ممتلئة بأجمل ما تكنز الذاكرة
حقائب لا تُسقط أشياءها و لا وجوه أحباءها
أثناء عبور الأحزان و طرقات الحياة الوعرة
مسافرة ... متألقة بنعمة محبتكم !
دانيه
مواضيع مماثلة
» سوناتا الضباب الأزرق " تلك التي تهرب من ثقافة تحرّم الأسئلة ... تطرح كماً هائلا من علامات الإستفهام "
» سوناتا الضباب
» في مرفأ عينيك الأزرق - نزار قباني
» الشاعرة دانية بقسماطي توقع كتابها: عبر.. من هنا
» طيور المعنى
» سوناتا الضباب
» في مرفأ عينيك الأزرق - نزار قباني
» الشاعرة دانية بقسماطي توقع كتابها: عبر.. من هنا
» طيور المعنى
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى