جسور سائرة في ضبابها , ثملة بغموضها
زهر فوضويُّ اللون يُضيىء
ملامح تحمل نفسه الشبه
في ضباب المخيلة و ضياع الهوية

" لا لأن السماء رمادية ...
بل لأن الثقافة خريفية ، نهمس :
ِتلك خصوصية لُغوية "

جسور مُصًدّعة مُطوقة يَعبرُها جنود يرممون تاريخهم
يُعلقون بنادقهم و عيونهم الوقحة فوق سياجها

" لنكُن يقظين , فالدروب بِلا مشاعل "

جسور تتنصّل من ملامحها , تتعرى من ذاكرتها
في مُفكرتها
لا وقت
للاجىء مغلول بقيد الإنتظار
يتكىء على ضفتها مهانة العبور

" حناجر مخنوقة , تتكىء على زمن أخرس "

جسور تُوصِد أبوابها لأسباب جويّة
وفق مزاج رياح نرجسية

" لننتظر , ريثما تُنهي العاصفة ُ ثورتها "

جسور تُحدق في أجساد تعثرّت , تساقطت
حيث نفوس تتقاتل للعبور

" في زمن الصبّار , وجوه تواصل ذهولها في مهّب الصحراء "

جسور تُمسي على حضور , و تُصبح على غياب
لا غموض , لا وضوح
حُرّة في إدارة مزاجها , فالزئبقية شأنٌ خاص

" لا تفتح باباً , إلاّ لِتوُصد باباً "

جسور خشبية صغيرة صرعتها المسافات و إختلاف الثقافات
لم تعد تسْمع وقع خُطانا
النهر يُنصت :
حفيف أوراق على خريف الشجر
أناشيد مُعلّقة , مُعتّقة في خوابي الذاكرة
لمُهاجرين و مُهّجرين

" فلا عتب إن إشتعلت الحروف بالعتمة , و إهتاج ثور الأبجدية "

جسور تُمْطرك بالشكر
تصدُّك بحنجرة مُترفعّة عن البوح
حواس غامضة , تقطُن تحت معطف سميك
لغة تقول و لا تقول

" كلام مستعص ٍ عن اللفظ , كلام يتملّص من الكلام
الزمن وحده كفيل بفك الطلاسم "

جسور تُحملق في غدٍ غامض , تتخبّط
في هوّة واقع ٍ آسن لا تعرف قراءته
ترمق أطياف بوجه ساخر
لا عرش لها الاّ الهواجس
و قلق عارم يهذي , ينتحب في حُضن الورق

" لِنكُن لائقين , كي لا نتحرّش بذاكرة تتذكر "

جسور تُطوق عنقك بقلادة من نجوم سرمدية
ترويقة الصباح عسلٌ مُعطّر
و نقش وشم يُضيىء أنفاق الروح
و الجسد جناح يُحلّق إلى الأعلى الأعلى

" أشجارٌ تستعيد وقفتها , و تضحك "

جسور تئن , تحن ,يكسرها الغياب
تتدثر معطفا ً رماديا ً في ملَل
و عند الصباح يندم الحُلم للتحرش بأمسِه
يخلع إرثه القديم على عجل
ليخف عليه المكان

" فلا تحزن أيها الشاعر , لا تحزن
فما دنت
إلاّ لِتؤنس منفاها
درّب نفسك أن لا يجرحك الجرح
و أعد ترميم عُطبا ً أصاب الروح
و تحضّر
لكتابة فصل آخر من فصول الغياب "

_ يا أنت , يا أنا ؟
المنفى ثقيل على الجسر
من سنسأل عن كيفية عبور المنفى ؟

_ لنا إقامة طويلة المدى , في الفضاء العاري
لنا خيمة مُقدسّة بين أحضان السماء
كُن عاشقا ً للجسور
كُنْ جديرا ً بالسكن على شفير الهاويات

إماّ
لِنكُنْ أصدقاء طيبين كما يليق بِنا
أحمل عنك منفاك
و تحمل عني منفاي
إلى أن نبْلُغ المُلتقى الأخير
فكُفّ عن السؤال