أميريكا حضارةُ نارٍٍٍٍ وكبريت
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
أميريكا حضارةُ نارٍٍٍٍ وكبريت
أميريكا حضارةُ نارٍٍٍٍ وكبريت*
أنشودة الحياة
( نصّ مفتوح )
... .... ....
غيمةٌ سوداء
موشّحة بالدمّ
غولٌ فوقَ أراجيحِ الطفولة
برقٌ فوقَ جسدِ المدائنِ
زنازينٌ غير مرئيّة
شيوخٌ مجنّحة بالحسرةِ
تخشى احتراق أحلام العمرِ
أحلام البنينِ
أحلام السنينِ
تاهَتِ الحضارةُ
عن لُجينِ الطينِ
زاغَتْ عن دربِ الملوحةِ
لا طعم في وهادِ العمرِ
ولا رائحة في دروبِ الربيعِ
حضارةٌ مصقولةٌ بالاسفلتِ
بطائراتِ الشبحِ
بالمكرِ
بشراهةِ السيطرة
على مالِ الغيرِ
آهٍ .. يا ثعلب الصحراء
عن قصدٍ أو دونَ قصدٍ! ..
طرَحْتِ نفْسَكِ ثعلبَ الصحراء!
ماذا يتوقَّعُ الإنسانُ
من ثعلبٍ
يعبرُ أعماقَ الصحارى ؟
تحملينَ في لاشعورِكِ الضمنيِّ
مكرَ الثعالبِ
منحى الثعالب
تهجمينَ هجومَ الثعالبِ
وإلا
لماذا وُلِدَ ثعلبُ الصحراءِ؟!
هل انبثقَ الثعلبُ
من بينَ القططِ الأليفةِ
من بين الخرافِ الوديعةِ؟
كيف فاتَكِ
أن تطرحي نفسَكِ ثعلباً؟
أنسيتِ أنّنا معشر الشعراء
نمقتُ منهجَ الثعالبِ
رؤى الثعالبِ
طموحَ الثعالبِ
غدرَ الثعالبِ ..؟
سلوكٌ مثلَ الثعلبِ
هذا كانَ نعتكِ
هل يشرِّفكِ
أن تحملي بينَ ضلوعِكِ
خبثَ الثعالبِ
خيانةَ الثعالبِ
عجباً أرى حضارةً تنهضُ
على ذيولِ الثعالبِ
على جماجمِ الطفولةِ
على جوعِ الكهولةِ
حضارةٌ من رمل
تطمسُ وهجَ الحضاراتِ
تعفِّرُ وجهَ بابلَ
تقتلُ نينوى دونَ وجلٍ
وتحرقُ عشبةَ كلكامش
غير مكترثة لدموعِ الثكالى
لدموعِ العشَّاق المنسابة
على قبورِ ضحايا قُتلوا
عندَ مفترقِ الصحارى
حضارةٌ من نارٍ وكبريت
قائمة على نهجِ الكراتينِ
على زيادةِ بلوكوزاتِ الدولارِ
زيادة أوجاع الإنسان
حضارةٌ كثيفةُ الحموضةِ
غير مستساغة حتّى من بَنيها
حضارةٌ طائشةٌ
تدوسُ فوقَ حميميّاتِ البشرِ
فوقَ عفويّاتِ الريفِ
فوقَ شموخِ السنابلِ
تكسرُ بحماقةٍ أغصانَ النخيلِ
تعفِّرُ دماءَ الأنهارِ
تهرقُ سكينةَ الليلِ
تقلقُ هدوءَ الكهولِ
تفزعُ الطيورَ المهاجرة
حضارةٌ ملطّخةٌ بالبراكينِ
تعفِّرُ وجهَ الشفقِ بالقيرِ
تملأ الدنيا حيرةً
قلقاً
ضجراً لا يُطاق!
سئمْتُ اشراقةَ الصباحِ
مللْتُ من الإنزلاقاتِ
في بُرَكِ الحزنِ
تحشرجَ الشهيقُ
في سماءِ الألمِ
أوجاعٌ من كلِّ الجهاتِ
جيوشٌ جرّارة
تتربّصُ أطفالاً مرضى
تتربَّصُ شيوخاً
أكلهم الأنين والقنوط
تتربَّصُ نساءً مصابات
بجفافِ العمرِ
تتربَّصُ شباباً
كرهوا اليومَ الّذي وُلدوا فيه
تتربَّصُ أرضاً موغلة
في أعماقِ الحضارات
تريدُ أنْ تسحقَ
جماجمَ آشور
الجنائن المعلقّة
سور بابل ..
تريدُ أنْ تعفِّرَ عذوبةَ المياهِ
تريدُ أنْ تقتلعَ وردةَ الربيعِ
تحرقُ الاقاحي
آهٍ ..
ما ذنبي يا أبتي أن أُوْلَدَ
في أرضِ الحضاراتِ؟
ما ذنبي يا أبتي
أن أكونَ أوّل المشرّعين
كتبتُ دساتيري على الطّينِ
ها هم ثعالب الصحارى
يريدونَ أنْ يكسروا ألواحَ الطينِ
دساتيري
اِبَقَيْ يا دساتيري صامدةً
في حنايا الطينِ!
إيّاكِ أنْ تستسلمي لثعالبِ
هذا الزمان
إيّاكِ أن تحني رأسكِ
لهراطقةِ العصرِ
أينَ أنتَ يا كلكامش
هل ماتزالُ نبتة الخلودِ
خالدة في وهادِ سومر وأكّاد
لا تقلقي يا بابلَ
ثعالبُ هذا الزمان
غير قادرة
على طمسِ جنائنِكِ
غير قادرة على زحزحةِ
وجهِكِ الشامخِ
في برجِ الحضارةِ
حضاراتٌ تأتي وتزول
تبقى أنقى الحضارات .. لا تزول
وحدُها الكلمة الحقّ
تبقى ساطعةً
بينَ أضلاعِ التاريخِ
شامخةً فوقَ قبَّةِ الحياةِ
وحدُها المحبّة باقية
فوقَ أجنحةِ الحضارةِ
كلّ معارك الكونِ
تنتهي في مهاوي الريحِ
تنتهي في ظلمةٍ ظالمة
عالقة
في
هوامشِ
التاريخِ
كلّ معارك الكون معاركٌ باطلة
لا منتصر في الحروبِ
كلّ الحروب في طريقِهَا
إلى وادي الجنونِ
جنونُ البشرِ!
منذهلٌ أنا
كيفَ يريدُ الإنسانُ
خوضَ المعارك
منذهلٌ أنا
كيف يقتلُ الإنسانُ الإنسانَ
من أجلِ أرضٍ أو نفطٍ أو جاه؟
إنّه جنون الصولجان
انزلاقُ الحضارةِ
في قعرِ اللاحضارة
تختفي رويداً .. رويداً
تباشير حضارة
لا أرى في رؤى السَّاسة الكبار
غير انحرافٍ عن دربِ المنارة
لا أرى في وجهِ الشفقِ
ملامحَ فرحٍ
ولا في خيوطِ الشمسِ
وهجَ الحرارة
يراودني أن الشمسَ ضَجِرَت
من عبثِ الإنسانِ
فتقلّصَ وهجها
غير راغبة
أن تغدقَ على البشرِ
دفء البرارة!
لم أعُدْ أطيقُ نشرةَ الأخبارِ
تحاليل السَّاسة
التعبئة الطارئة
حواراتٌ منخورة
جيوشٌ مخيفة
حاملات الطائرات
تلعلعُ على وجهِ المياهِ ..
آهٍ .. مَنْ يهدِّد مَنْ؟
تلكَ هي المسألة ..
جنونٌ حتّى النخاع!
انحدارٌ نحو الهاوية
إنّه آخر موبقات الصولجان
هل الدولارُ
الذهبُ الأسود
البنّي
الذهبُ الأزرق
الأصفر
هل كنوزُ الكونِ
تساوي موت الطفولة؟
هل كنوزُ الكونِ
تعادلُ موت الكهولة
تعادلُ شهيقَ الصديقة؟
هل نحن باقون على وجهِ الأرضِ
أكثرَ من الأرضِ ..
لماذا لا نتركُ الأرضَ وشأنها؟!
نحن ياسادة ياكرام
مجرّد كُتَلٍ صغيرة
أصغر من حبّاتِ الرملِ
على الأرضِ
جزءٌ نافرٌ
من حبيباتِ الأرضِ
ضيوفٌ على الأرضِ
رحلةٌ عابرة
فوقَ شهقةِ الأرضِ
لماذا لا نعطي صورةً تليقُ بنا
لأمِّنَا الأرضِ؟
لماذا لا نردُّ جميلَ الأرضِ للأرضِ
أَلمْ تأوينا فوقَ لحافِهَا الدافئ
سنيناً ..
قروناً طوال؟!
لماذا نتركُ الأرضَ تغضبُ منّا
لماذا أيّها الإنسان
يغريكَ بريقَ الدِّماءِ
بريقَ الأخذِ لا العطاءِ؟
الأرضُ تغدقُ حبّاً عليكَ
وأنتَ تغدقُ جمراً
من لونِ الوباءِ
آهٍ .. يا حمقى هذا الزمان
لو تعلمون
كم رؤاكم المتحجِّرة
قصيرة!
لو تعلمون
كم ثعلبياتم
معاصٍ كبيرة!
لو تعلمون
أنَّ الإنسانَ أخو الأرض
ابنُ الأرضِ
صديقُ الأرضِ
سيّدُ الأرضِ
حبيبُ الأرضِ
لو تعلموا أن علاقاتكم
غير داجنة مع الأرضِ
ما تزالوا ضالّين
في جاداتِ الأرضِ
تائهينَ بينَ وخمِ المالِ
وشبق الصعودِ
إلى قمةٍ الأبراجِ!
تائهين
بينَ رؤى مفهرسة
بجلدِ الثعالبِ
بناطحاتٍ مترجرجة
فوقَ كثبانِ الرملِ
تائهينَ عن خصوبةِ الحقِّ
عن درعِ العدالةِ
عن جمالِ الوردةِ
حضارةٌ مندلقة
من جلودِ الافاعي
شائخة في قمّةِ أوجِهَا
ستهبطينَ أيَّتها المزركشة بقشٍّ متطايرٍ
في مهبِّ الانحدارِ
نحنُ في عصرِ سرعةٍ مميتة
لا نستغلُّ سرعةَ العصرِ
لصالحِ العصرِ
يُقتَلُ العصرُ بسرعتِهِ المريبة
عصرٌ غير مكترث
لأغصانِ الحياةِ
لا مبالٍ لخصوبةِ الغاباتِ
يقتلعُ تعبَ العمرِ
يرميه في قاعٍ الزنازينِ
عصرٌ يفرّخُ سجوناً
من أوداجِ الحزنِ
من قنوطِ الأيامِ والشهورِ والسنين!
عصرٌ لا يأبه بطموحِ البشرِ
براحةِ البشرِ
بنعاسِ البشرِ
عصرٌ منفلتٌ من مخالبِ الضباعِ
من جشاعاتٍ تجثمُ ثقلها المريع
فوقَ دماءِ الربيعِ
عصرٌ خارجٌ عن القانونِ
عودةٌ مريبة
إلى شريعةِ ما قبلَ الغابِ
قرفٌ من ضجرِ التلاطمِ
لماذا يفرشُ الشرُّ أجنحَتَهُ
فوقَ رحيقِ الخيرِ
يدمي سموَّ الروحِ
ضجرٌ عندَ الولادةِ
بكاءٌ على امتدادِ يفاعةِ الشبابِ
حزنٌ على مساحاتِ أحلامِ الكهولِ
شيوخٌ تقارعُ مرارةَ الحنظلِ
"غريبةٌ أنتِ يا روح في دنيا من حجر"
وجعٌ أكثرَ مرارةً من الفراقِ
فراقُ الأحبّةِ
فراقُ البنينِ
فراقُ نسيمِ الصباحِ
وجعٌ أكثر إيلاماً
من فرارِ الأيّامِ
من فرارِ الحجلِ
من فرارِ عبقِ الياسمينِ
من فرارِ العشّاقِ إلى قفرِ الحياةِ!
وجعٌ من لونِ الزمهريرِ
تتوالدُ المعاركُ كالأرانبِ
يتطايرُ من أوداجِهَا
أجنحةُ بشرٍ
عابرة كهوفَ الموتِ
قبورٌ على مساحاتِ البحرِ
قبورٌ على حافّاتِ الليلِ
قبورٌ محنّطة بانشراخِ الحياةِ
قبورٌ صغيرة
من بتلاتِ الوردِ!
وجعٌ ينضحُ أنيناً هادئاً
يتصالبُ معَ زرقةِ السَّماءِ
يمتدُّ من فروةِ الحلمِ
حتّى أعماقِ ينابيعِ الروحِ!
أريدُ أن أنامَ نوماً عميقاً
أن أعيشَ قرناً من الزمانِ
أن أعيشَ عمراً مفتوحاً
على أغصانِ الحياةِ
لأكتبَ شلالاً من الفرحِ
شلالاً من العشقِ
أسقي أجنحةَ الطفولةِ العطشى
أزرعُ حبّات المحبّة
في سماءِ الكينونةِ
في سماءِ العمرِ
أفرشُ محبّةَ البشرِ
فوقَ هضابِ الحياةِ
أعانقُ أصدقائي الشعراء
ألملمُ صديقاتي الشاعرات
وأدعوهنَّ إلى الشواطئِ البكرِ
من قبابِ الروحِ
نعانقُ سويةً
بهجةَ انتصارِ الشِّعرِ
على موبقاتِ الصولجان!
.... ..... ....... .... يُتْبَعْ!
ستوكهولم: 5.3.2003
* أنشودة الحياة: قصيدة ملحمية طويلة جدّاً،
تتألّف من عدّة أجزاء،
كل جزء بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الذي يليه،
وهذه القصيدة مقاطع من الجزء الثاني
حملت عنواناً فرعيّاً:
تتألّف من عدّة أجزاء،
كل جزء بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الذي يليه،
وهذه القصيدة مقاطع من الجزء الثاني
حملت عنواناً فرعيّاً:
أميريكا حضارة نارٍ وكبريت
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
أميركا حضارة نار و كبريت
العنف هو إحدى الصناعات الأميركية الكبرى
" آلان بوسكيه "
أميركا
بربرية مُضاءة بمصابيح الغاز
" بودلير "
الولايات المتحدة الأميركية بلد إنتقل مباشرة من البربرية
إلى الإنحطاط من دون أن يعرف الحضارة
" أنشتاين "
دانيه بقسماطي
" آلان بوسكيه "
أميركا
بربرية مُضاءة بمصابيح الغاز
" بودلير "
الولايات المتحدة الأميركية بلد إنتقل مباشرة من البربرية
إلى الإنحطاط من دون أن يعرف الحضارة
" أنشتاين "
دانيه بقسماطي
دانية بقسماطي- شــاعـرة المملكــة
-
عدد الرسائل : 371
العمر : 55
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرابلس - لبنان
الهوايات : الكتابة
تاريخ التسجيل : 25/09/2008
رد: أميريكا حضارةُ نارٍٍٍٍ وكبريت
دانيه بقسماطي كتب:العنف هو إحدى الصناعات الأميركية الكبرى
" آلان بوسكيه "
أميركا
بربرية مُضاءة بمصابيح الغاز
" بودلير "
الولايات المتحدة الأميركية بلد إنتقل مباشرة من البربرية
إلى الإنحطاط من دون أن يعرف الحضارة
" أنشتاين "
دانيه بقسماطي
ردُّك رائع
أيتها الشاعرة العزيزة دانية بقسماطي
أيتها الشاعرة العزيزة دانية بقسماطي
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى