فؤادحميرة ( جميل القوة .. ساحر بالفعل )
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
فؤادحميرة ( جميل القوة .. ساحر بالفعل )
فؤادحميرة ( جميل القوة .. ساحر بالفعل )
- من ذكريات الجيش السوري ..
فرحتى كانت لا تُوصف حينها وأنا أتأبط تلك المجلة في باص( الهوب هوب ) وهو يبتلع الطريق من حلب الى حمص .. عجلاته تعرف كل متر من الطريق ..تدري أين تتمهل وأين تسابق الريح .. روائح التعّرق والأنفاس والأجساد المُتهالكة تتمايل بغنج مع حركة الباص .. وصوت أغنية من مفرق جاسم للصنمين حاجي تهل الدمع يا عيني ..... ملل وصمت الا منّي .. كنت كمن يتلّصص على مجلة لنساء عاريات .. أتأمل تلك المجلة وأوزع أببتسامات مجانية في كل الأتجاهات عله يسألني أحدهم عما يُبهجني ولكن ذلك لم يحصل .. كنت أريد أن يشاركني كل ركاب الباص فرحتي وأنا أشاهد صورتي وأقرأ أسمي في تلك المجلة ... الفائز الثاني بالقصة القصيرة على مستوى القطر .. يزيد عاشور ... يا ألهي ..أنا فائز بالقصة على مستوى القطر وهاهو أسمي بالمجلة ولهذا لم أُودع المجلة حقيبة سفري البائسة بل تعمدت أن تكون بيدي لكي أقرأ ما كُتب عني عشرات المرات ...
- شو هاي ولا ؟؟؟ ممنوعات ..هات لهون هات .. جايب مجلي كمان فوت أنقلع ... هكذا أستقبلني العسكري على بوابة كلية المدرعات في حمص بعد أن أخذ مني ( مجلتي ) كان أسم دورتنا الدورة 67 ... ولم تدم معرفتي به طويلا ً يبدو قصير القامة القامة حين يقف الى جانبي ...يميل الى الشُقرة غير مُبذّر بحديثه يستخدم عينيه أكثر من لسانه .. فؤاد حميرة كان أسمه وقال لي أنه يعمل ( مُرّحل طيران ) لم أخفي دهشتي وغيرتي حينها أنا الحسكاوي الذي لم أسافر بعد بطائرة .. فقط أنظر برهبة الى اقلاعها وهبوطها حتى أن تلك الرُهبة رافقتي وبعد عشرات المرات التي سافرت فيها بطائرة ... اذاً كان فؤاد يجلس وراء خريطته الأفتراضية ويرسم خطوطاً هو وكابتن الطائرة يعرفان ماذا تعني ثم يقول لتلك الكتلة الحديدة الباردة أقلعي أيتها الحُبلى بمئات البشر خذيهم الى المدن الغريبة ... مُرحّل طيران يا لسحره .. لم تدم معرفتي بفؤاد أكثر من أسبوعين أو ثلاثة ثم وفجأة ... أختفى ... سألت عنه فهمس لي سافل من جبلة :
لا تسأل عنه لأن السؤال سيُوقعك بمشاكل عديدة ..
- ماذا حصل ؟؟
- كان مريض بالكلية ولم يتحمل شتاء حمص ولا التمارين المختلطة بالعقوبات .... فمات
ضاع فؤاد في زحمة الخوف والأسئلة ولكنها تلك الغصّة لم تفارقني من يومها ... حينها ولأنني رياضي وطويل وعضلاتي تبدو جيدة قال لي أحد الضباط بأنني سأكون ( عريف الدورة ) وفهمت أن العريف هو من يركض في المُقدمة وينادي ...آح أتنين ..فيرد الأغرار أمة ..ثم آح أتني فيقولون عربية ..آح أتنين ..واحدة ... وهكذا ... هذا هو عمل العريف الذي ذكرني حينها ( بالمرياع ) والمرياع كلمة يستخدمها بدو الجزيرة وتُطلق على الكبش الكبير والذي عادة ما تُعّلق أجراس برقبته ويمشي في مُقدمة القطيع فتُصدر تلك الأجراس أصواتاً تُحدد من خلالها الخراف مصدر الصوت وتمضي خلفه مُطأطأة الرأس ... و يُحيط القطيع مجموعة من الكلاب الشرسة تُحاصر القطيع وتُعيد من يخرج عن القطيع بنباحها الشرس .. كنت أنا ( المرياع ) وبقية أفراد الدورة القطيع والضباط هم الكلاب التي تُحرس القطيع ... أما في الأستراحات الخاصة بالضباط فكان الأمر مُختلف ..أذكر أن أحدهم قام بالضرب بشدة على أحدى الخزائن الحديدية حوالي الساعة الثالثة صباحاً وهو غاضب وقال :
- قوموا ولك عرصات بالشورت ولا كلاب ... وبعد أن تجمعنا بغاية السرعة والرُهبة والترّقب .. ضحك ضحكة عاهرة وقال : ماجاييني نوم بدي تسلوني يلا لشوف غنولي أغنية لزرعلك بستان ورود .. فصرنا نُغني أغنية فؤاد فقرو والتي كانت مشهورة تلك الأيام لزرعلك بستان ورود وشجرة زغيري تفيكي .. لكن أحد زملائه دخل علينا وقال له :
- قرد هلق وقت غني ولا عباس يازلمي هلق وقت صلاة الفجر ... صلوا ولا كلاب يلا صلو صلاة الفجر لشوف ...فصرنا نسجد ونركع وبذات الوقت نُغني لزرعلك بستان ورود ذلك أن الأمر الأول لم ينتهي مفعوله بعد فكان لزاماً علينا أن نُنفذ الأمرين معاً وبذات الوقت ولكن الأمر ازداد سوءاً حين جاء ثالث وقال :
- بشرفك هودي خرج صلاة .. ما كلن عرصات ..أرقصوا ولا أرقصوا ولا كلاب ... فكان علينا أن نسجد ونركع ونحرك أطرافنا بحركات راقصة ونُغني لزرعلك بستان ورود ؟ ... علينا تنفيذ كل الأوامر معاً وبذات الوقت ... فؤاد حميرة الميت الحي ... كُنت سألحق به الى الغياب نتيجة حماقتي حينها ...أذكر بأنني كنت مُحبط ومُتعب وغاضب حين جاء أحد الضباط وسألني منين هنت ولا كر ؟؟ ولم يمنحني الفرصة كي أُجيب فقام هو بالاجابة عني قائلاً :
- هنت من حلب ؟؟؟
- لا سيدي
- هنت ..من حماه ؟؟
- لا سيدي
- قرد هنت من حوران ولا ؟؟؟
- لا سيدي
- هنت من سوريا ولا حمار ؟؟؟
- نعم سيدي
- منين هنت ؟؟؟
- من الجزيرة سيدي
- ولا ؟؟؟ لي أنتو أهل الجزيرة أبتطوعوا بالجيش هااااا ؟؟؟.. وكان أغبى وأحمق جواب يُمكنني الأهتداء أليه في ذلك الوقت ... قلت له ودون أن أُفكر ... بعدنا ما جعنا يا سيدي ... بس نجوع راح نطوع بالجيش .... صمت طويلاً ذاك الضابط ثم تمتم قائلاً بصوت مُتحشرج حانق ...أمممممم كيس تيجي اليوم الساعة تماني بالليل لهون ... وجئت ولم تنتهي العقوبة المتواصلة الا وقد فقدت الوعي ولم أرى نفسي الا وأنا مرمياً في المشفى العسكري بعد يومين من الأغماء ..ولا أنسى حين عُدت الى الكلية تعمّد ذلك الضابط أن يناديني مرة ثانية وقال لي :
- أسمع ولا حقير نحني بنطوع لأنو مانحب سوريا وقائد سوريا ومو لأنا جوعانيين فهمت ولا حقير ...ولازم تعرف أني ما حبيت كبّر الموضوع والا كان الذبان الأزرق أبيعرف طريقك .. فهمت ولا خرى ... نعم سيدي .... روح أنقلع من هون ولا عرصى ....
أتذكر أيضاً ذاك الشاب العذب من عفرين وكنا نسميه رحمانو ولأنه كوردي فأن لغته العربية لم تكن على مايُرام حينها غضب منه أحد الضباط وقال له :
- ولا كردي الجحش أبتعرف أنك لازم تحكي عربي كيس ولا ؟؟
فقال له رحمانو .. سيدي أنا كوردي وأحكي عربي مكّسر وأنت عربي تقدر تحكي كوردي مكّسر ؟؟؟؟
- ومتناقش ولا خرى ؟؟
- سيدي أنا ما يناقش بس اليهودي لمن يضرب صاروخ ليش يعرف مين كوردي ومين عربي ؟؟؟
- كول خرى وأسكت ولا حيوان
- جا تنم
- شو لا ؟؟؟ شو متقول ولا جحش
- أقول أنا جحش يا سيدي وأبوي كمان جحش .. نحني عائلة جحيش
.... لا أدري لماذا أكتب عن كُل هذه الذكريات وأنا الذي أردت أن أحدثكم عن فؤاد حميرة
فمن فضائل ما يُسمى ( الفيس بوك ) أنني قرأت أسم فؤاد حميرة وطلبت صداقته وكتبت له على بريده الخاص أسأله أن كان هو ذاته فؤاد الذي عرفته في كلية المدرعات بحمص ..
- أي يزيد أنا فؤاد
- فؤاد ... هو أنت اذاً ولم أحدثه عما دار من اشاعات أثر غيابه أكتفيت بالقول ...أين أختفيت ؟؟؟
- نقلوني الى مكان آخر والله يا يزيد ..
- أتذكرني ؟؟
- أعدك بأنني سأحاول أن أذكرك ... ولم أهتم بالأمر كثيراً كان يكفي أن فؤاد على قيد الحياة .. رجل وسيم خط الشيب سوالفه ولم أعرف أنه بات أعلامي وكاتب سيناريو مشهور وقدم لملايين السوريين أعمالاً درامية رائعة ... أنا تركت الوطن مُنذ أكثر من 25 سنة ولم أعد أتابع الحركة الثقافية هناك ... فؤاد الحي .. وربما تزوج وله ذرية تحمل أسمه اليوم رجل مُستغرق بالحياة ومُزدحم بالجمال والسحر والأبداع .. كان يُمكن لكل هذا الا يكون لو أن فؤاد مات فعلاً كما قال لي أبن جبلة السافل ...
يُذكرني فؤاد بعشرات الآلاف من الأطفال والشباب الذين قُتلوا هم مشاريع ابداع بالقوة ... كان يُمكن أن يكونوا شعراء وأطباء وفنانون وكان يُمكن أن تكون سوريا بهم أجمل ولكنهم باتوا أمواتاً بالفعل ....
حياة بالقوة وأبداع بالفعل ....
هناك من يشعر بالغيرة من تأريخنا فيقصف الأثار وبالخوف من مستقبلنا فيقتل الأطفال
يزيد عاشور- كاتب و أديب
-
عدد الرسائل : 152
العمر : 62
البلد الأم/الإقامة الحالية : sweden/ syr
الشهادة/العمل : ......
تاريخ التسجيل : 15/04/2011
رد فؤاد حيره
يزيد الحمدالله عالسلامه لأنك غبت متل غباب فؤاد حميره وما عاد ندري أراضيك وين
قصه حلوه ومشوقه وواقعية بلا شك وما جاء فيها صريح جداً كعادتك بالصراحة
قصه حلوه ومشوقه وواقعية بلا شك وما جاء فيها صريح جداً كعادتك بالصراحة
دمت بخير أبو نضال
نعيم كمو- الـمـثـقـف
-
عدد الرسائل : 1236
البلد الأم/الإقامة الحالية : syria_ sweden
الشهادة/العمل : متقاعد _كاتب
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
مواضيع مماثلة
» حلم جميل
» لو تعلمين / جميل بثينة
» السرّ جميل في بئره
» رسوم في ذاكرتي - وجوه 1
» ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ / جميل بثينة
» لو تعلمين / جميل بثينة
» السرّ جميل في بئره
» رسوم في ذاكرتي - وجوه 1
» ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ / جميل بثينة
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى