محاورة مقامات عسقلاني
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
محاورة مقامات عسقلاني
محاورة مقامات العسقلاني
قصص قصيرة جدا ، مع رؤى شبابية للعالم ، ووجهات نظر وردية ، لا يمكن ان يحيطها اللون الرمادي ، ينطلق الأديب غريب عسقلاني ، غارفا من اللغة جمالها المعهود ، ومترنما بأغنيات الوجد والجوى ، في عالم اخذ يودع المشاعر ، ويرتهن أيامه فتصبح موشحات بالهزيمة والقنوط.
الخيال خصب ، والعواطف حبلى ، والقصص جياشة ، والرغبة كبيرة في إرواء الظمأ السامق ، والحد من الحرمان المكلكل على الهامات.
إبداع رائع في التكثيف ، سطور قليلة ، بكلمات معدودة ، تحدثنا بقصة تحمل الكثير من المضامين ، إصرار على الحياة بأنصع أشكالها ، واستخدام ماهر، لما جادت به براعة الكلمات ، سطران موجزان ينقلان لنا قصة غرام يأسر النفس ، ويمتلك الفؤاد
إشارة
رشقها بإشارة تعجب.. ضحكت وحثت الخطى، امتطى راحلة الوقت ولحق بها، ولحظة أصبح العقرب الطويل فوق العقرب القصير، صحا على رجفة مَن بلل منامته..
رغبة قوية في دثر الجمود الذي يخيم على العالم ، وخلق حياة بديلة ، قد تكون خيالا بهيا ، يمنح المرء شعورا أخاذا ، بجمال الوجود ، حين تمنحه الأيام حضنا دافئا ، يحن عليه ، وينسيه مرارة الصقيع ، وقسوة الجليد ، وشدة ما مر من أيام علقمية الطعم صعبة الاحتمال ، وهذه اللغة الرائعة والاستعمالات المجازية ، التي استخدمها الأديب تضفي على العمل ، جمالا فريدا يستهوي القاريء ، ويجعله يعيد القراءة مرات أخر
صهيل
حضرت مع قهوة الصباح.. امرأة طازجة تتلفع بالبهاء..
وعلى حذر ورغبة شهق الرشفة الأولى.. بعد الرشفة، صهل
ضحكت، فاستمرأ امرأة علمته أبجديات الصهيل.. فقُتِل
ومضات جميلة معبرة ، شاعرية ، تعبر عن لحظات من الهيام الرائع ، والوجد البهي ، والشوق الى عبير الحب وأحلام الوصال .
غاص الأديب ( غريب عسقلاني) في بحار اللغة ، واستخرج منها اللؤلؤ بمختلف الألوان ، وشّى به مقاماته ، فكانت دررا تزين صحائف الأدب العربي ، يمتطي الخيال الجامح ويخلق منه ومضات ساحرة
هذيان
كان كوبها مملوءًا بأقراص الرغبة، وكان على عطش شديد.. رقصت على زاوية فمها ايتسامة طروب.. قال:
- إليَّ بمائي
قدمت كوبها.. على عجل اخذ قرصا.. سرى فيه شيء كالخدر.. امتطت متون دمه بلاهة عارضة...سقط في هذيان العطش
رغبة عارمة تجتاح بطلي القصة ، فتسري في دمائهما ، خدر لذيذ ، وهذيان متواصل، خيال جامح.
يتشابه الحبيبان ، تمتلكهما الرغبات نفسها ، يتوقان معا الى أمور عينها ، يقول الواحد منهما كلمة، فيكمل الآخر المعنى الناقص ، وكأنهما ينطلقان من إرادة واحدة ، كلاهما يكتب في السطر الواحد معلنا عن رغبة موقدة باستمرار
لذة النزف
كتب في مفكرته:
جستٌ بساتينكِ، تقيأت ظلال أشجاركِ، وتذوقت ثماراً لم تنضج بعد.
وكتبت في مفكرتها: نزفتكِ خارج مشاعري..
وفي الصباح جلست إلى جانب شاب تسلل إلى دمها، فاكتملت ثمرة ناضجة.. أخرجت مفكرتها وكتبت: العذاب في النزق
اخذ القلم وكتب على ذات السطر، من ذات الصفحة، واللذة في الامتلاء..
تبرد الرغبة وتتوارى ، أمام حرص الأبوين على الاقتران بما لا يود القلب ولا يرتضي الفؤاد ، وتذبل الوردة ، بعد ان وجدت ان أغصانها كسرت وأوراقها المبتسمة آيلة للغروب
موت قزح
قال:
- أنتِ عصفورة الشوق.
قالت.
- وأنت راحلتي إلى قوس قزح..
وعندما رجعت إلى البيت فوجئت بضيوف غرباء لم ترهم من قبل، وفوجئت بأمهل تقبلها، وفوجئت بأبيها يسحبها من يدها، ويقدمها بثقة للضيوف، وفوجئت بكبير الضيوف يأخذها إلى صدره، ويربت على ظهرها بحنان كبير:
-أهلا بعروس ولدي
أهو القدر ؟ أم الخنوع ؟ أم عدم القدرة على مواجهة الآخرين ، وإفشال ما يخططون له ،من وأد التعطش اى الحب وهزم جذوته المتوقدة.
يستخدم الأديب الماهر الرمز ، بدراية كبيرة تستحق الإعجاب ، فما الفرق بين المرأة والوردة، وكيف تكون النظرة إليهما بعين العاشق؟ ، وكيف تستحيل الورود إلى عطر قابع في القارورة ، وتستحيل المرأة الى مخلوقة غريبة حين تفارق العشق ، وتهجرها الصبابة ، تموت أنوثتها ، وتهجرها الرغبة في مواصلة الحبيب.
المرأة / الوردة
ضحكت، فاختالت على شفتيها وردة..
بكت، فسقطت الوردة..سحقتها أقدام المارة..حيره أمر المرأة والوردة..
وفي السوق العتيق، تأمل طويلا الرجل العتيق، وهو يقطر ماء الورد، ويعبئ إكسيره في قوارير شفافة.. أخذته الدهشة.. سأل:
- ما الفرق بين المرأة والوردة؟
أخذه الرجل العتيق إلى صدره ,, وشوشه بصوت واهن، وسقط ميتاً.
********
لا زال الناس في المدينة يتحدثون عن الشاب، الذي يسكن السوق العتيق، ولا زال يقطر ماء الورد، ويعبئ الإكسير في قوارير شفافة، سرعان ما تتحول إلى نساء راغباتٍ راقصات..
كم يستطيع المرء ان يبتعد عن خلجات قلبه ، وان يكابر ،يزعم انه تمكن من وأدها والتغلب عليها بإرادة واهنة ، فيحيا الإنسان شبه ميت ، سرعان ما تثبت الأيام الخطأ الفادح الذي اقترفته يداه ، ويكون أحيانا عن حسن نية وسوء تدبير.
مكابرة
وضعت قلبها في حقيبة يدها وانتظرت على رصيف الفراق.. وعندما حضر..
فجأة قفز قلبها وفي خاصرته سكن..
رقص قلبها في خاصرته..
غادرت الرصيف وبكت...
ماذا يمكن للمرء ان يفعل ، ان تملكه قلب جارف بالحنين ، ومشاعر جياشة بالجمال ، ورغبة في الحياة لا يشغلها شيء ، ولا يبددها الوهم حين يعشعش في خلايا الدماغ سالبا منه حرارة الحب ونعيم النبض ، هل يمكن للقلب ان يملك القوة للانتصار ؟
خيط النور
- سأذود عنكِ بكل ما أملك
رأته مثل خيط النور، عاريا إلا من وهجه.. خافت عليه..
- وماذا تملك؟
شار نحو قلبه
-هذا..
وسقط مغشيا عليه..
صار خيط النور على ظهر الغيمة.. تمطى خيط النور .. صار سرب عصافير بلون قزح
حين يخصب الخيال ، وتأتي الأفكار متلألئة بالبهاء ، يغدو كل شيء متدثرا بالجمال ، عابقا بأريج الفتنة ، وحين يفقد المرء القدرة على الإتيان بالفكرة ، تصبح الأرض صحراء ، ويشتد الظمأ وتفتك الأنواء
خواء
هبطت من الغيمة عارية ترقص على أطراف أصابعها، سألته بمكر:
- متى يأتيك الفيض؟
- عندما تحضرين.
- ومتى يستعصي عليك؟
- عندما تغيبين.
حدقت في عينيه وسألتْ متحدية:
- ومتى تُجهض أحمالك؟
- عندما أحلم، فلا تكونين
تلفعت بغلالة من ضوء، سترت عريها عنه، وطارت نحو الغيمة.. صرخ:
- من أنتِ؟
- أنا هي.
- عودي إذن..!!
- لا أسكن جمجمة لا تحمل فكرة.
إرادة الإنسان في حياة كريمة، لابد ان تنبثق من مواصلة النضال ، والحرص على تحقيق الأحلام ، ومهما اشتدت المصاعب ، وألمت الخطوب ، وطالت الطريق، فان الشمس تشرق كل يوم مبددة دياجير الظلم وجنود الظلام
القصص
اتفقا أن تكتب عنه قصة، وأن يكتب عنها قصة.. قالت:
- سأكتب عن الذي كان في اللفة، قبل أن يغادر قسرا مسقط رأسه في عسقلان، والذي لم يرجع إليها بعد.
وقال:
- سأكتب عن امرأة، تركت قسراً موطئ قدميها بين دجلة والفرات قبل ثلاثين سنة، ولم تكحل عينيها بنخيل العراق حتى الآن..
فجأة وقف بينهما نمرود يتحدى بلسان أعجمي:
- لن يكون لكما ما تريدان.
هتفا وبصوت واحد:
- من أنتَ حتى..
- أنا من أخذ على عاتقه أن لا يلتقي توأمان..
هل يمكن للإنسان ان يرمي السنين العجاف؟ ، ويقطعها من عمره الباهت ، ويبدأ من جديد؟ متناسيا العمر اليابس الذي قطّعه وقضى على شبابه ، وسلبه حلاوة الأيام ، ومتى يمكن ان تكون البداية ، وكم يمكن للمرء ان يبتديء بعد إخفاقاته العديدة عمرا مفترضا ، ليحقق وبالحلم بعض ما أراد ، هل نكتب بالحروف حياة بديلة ، ونقضي بالكلمة على انهزامنا المستمر ، وموت الامل وانتعاش السيئات ، هل نقول لسنين الجفاف : هيا اذهبي ؟ وابعدي عنا ، بعد ان أريتنا السم الزعاف ؟
ضوء القمر
.. أكلا ستين عقدة ذنب، كانت الشمس غايتهما.. لا يلتفتان إلى مناوشة القمر.. انطلقا إلى صعود الجبل كل من اتجاه..
قبل العتمة التقيا عند السفح يلهثان.
عند السفح، ذهبت الشمس إلى موتها اليومي، وهبطت العتمة على الوادي..
سطع القمر، قال هو:
- هل يعرفنا القمر؟
قالت هي:
- قد يعرفنا القمر..!
أخذها إلى عين قلبه، غاصت أصابعه في صدره نزع منه أربعين عقدة عمر وألقى بها في الوادي.. قال:
- هيا افعلي..
وسدته على صدرها، ونزعت من صدره أربعين عقدة، وألقت بها بعيدا..
ضحك القمر، ورقصت من حوله النجوم .وأخذن بالغناء لفتى وفتاة رجعا إلى العشرين.. يرقصان في ضوء القمر..
هل يمكن ان يحقق الإنسان ما يريد ،بعد ان أوشكت شمس حياته على الانطفاء ، ومن يمكنه ان يحدد موعد سطوع الشمس ،او ظهور القمر ، او أفولهما معا من حياة المرء ، من يمنح الإنسان معنى لحياته ، فيبتهج فيها وتسعد روحه ، أم انه يكون مسيرا في كل شيء ، تحصى حركاته وسكناته ، وتغل يده قوى لا قدرة له في تجاوزها ، فكيف نسقط السنين التي تعبس لنا الحياة فيها ، ونسقطها من أعمارنا وكأنها لم تكن
الذي لم يأتِ
تمتمت:
- لعل في العمر بقية تأتي بالذي لم يأتِ بعد..
عبرته لذة مبهمة، سحبته إلى البدايات.. قال:
- ونعود إلى الحبو على سلم الأشواق؟؟
كانا قريبين تفصلهما مسافة الضوء على وجه الحاسوب..
وكانا بعيدين على ربوتين يفصل بينهما ماء وبرزخ وقناة ومضيق.. وعمر
قطع ستين شهقة من تيه ومكابدات سفر..
بعد ستين شهقة، اكتشفا أنهما توأمان، وأنهما في الثلاثين الأولى أجلا الأشواق إلى ما بعد الانتصار.. وقضيا الثلاثين التالية بين شهيق الخيبة، وزفير الانكسارات..
فجاه مات بينهما لوح الحاسوب..
فجأة
سكنا لجة العتمة ينتظران الذي لم يأِت بعد
ماذا يحدث لو عاش المرء حياته ، متمتعا بما يفرضه العمر ، وما يصل إليه من ورود ورياحين ، بعرق الحياة ونضالاتها ، ولكن هل تستمر رحلة العمر خالية من الأشواك ؟ ومما يجعل ورود الحياة ذابلة لا رائحة فيها ، ولا يضوع المسك من ثناياها ، بل يمضي العمر كالحا ، تفترشه المنغصات ، ويكشر العاذلون عن أنيابهم ،محاربين كل محاولة ، يقوم بها الانسان ، ليختط لنفسه طريقا ، يختلف عن الآخرين ، الذين يسيرون في سبل مفروضة عليهم ، قد اعتدوا ان يكونوا الأضاحي فيها ، يذبحون كل لحظة ، وهم يفتعلون البسمات
عواذل
-العواذل جاؤوا..
.. واختفيتِ.. واختفت ريح العبق.. وبقيتُ وحدي في مقام الانتظار، يطاردني سؤال..
هل ما زال نبضي معكِ
هل أسكن تفاح خديك..
هل يكتشفوا فيكِ رائحتي
وهل..
وغفوت على وسادة من قلق، يحاصرني لحمكِ الذي في حضني ارتجفْ.. واحترقْ..واندلقْ.., وصحوت على فيّض صوتكِ يهمس:
- كيف نمتَ؟
تتحول الأحلام الى شموس مشرقة ، تنبت الأقمار في صحارى يابسات من القلق والتوتر وانعدام الآمال ، فما ضر ان تبتسم الأيام ، وان تغرد الأماني كالفراشات ، وان تغني لحظات حياتنا للبهجة المفقودة ، عل غناءنا يعيد إليها الق الشباب المدفون ، وسنين العمر اليابسة ،التي اجتثتها الأيدي قبل ان تورق، وتزهر ثمارها ، من يطفئ رغبة العنادل بالغناء ؟
غزالة
ربما تعارفنا عند العتبة الأخيرة من العمر.. ربما عند ما قبل الأخيرة..
فاجأتني الليلة في الحلم.. تنتظرني في بيت الأثير..,قالت يسبقها اللهاث:
- يا لحظي فيكَ.
صرتُ في الحلم فحلا.. رقدت في حضني غزالة..وتراضعنا حتى الثمالة, حتى ذرة الوجد فيها..حتى فاض الفيض فيَّ ..
صدقوني.. لا تأخذكم بي الظنون..
أني صحوت على وردة ضاحكة انطبعت على وسادتي,, وعلى شيء لا أخجل منه فاض تسلل إلى منامتي..
أغرقها بللا..!!َ
إنها لحظات جميلة من الحلم ، عشناها مع هذه القطوف اليانعة ، ثمار متدلية من أغصان الكلمات يومئ لمن يقطفها ، ويمتع نفسه بها
صبيحة شبر
1 تشرين الثاني 2008
قصص قصيرة جدا ، مع رؤى شبابية للعالم ، ووجهات نظر وردية ، لا يمكن ان يحيطها اللون الرمادي ، ينطلق الأديب غريب عسقلاني ، غارفا من اللغة جمالها المعهود ، ومترنما بأغنيات الوجد والجوى ، في عالم اخذ يودع المشاعر ، ويرتهن أيامه فتصبح موشحات بالهزيمة والقنوط.
الخيال خصب ، والعواطف حبلى ، والقصص جياشة ، والرغبة كبيرة في إرواء الظمأ السامق ، والحد من الحرمان المكلكل على الهامات.
إبداع رائع في التكثيف ، سطور قليلة ، بكلمات معدودة ، تحدثنا بقصة تحمل الكثير من المضامين ، إصرار على الحياة بأنصع أشكالها ، واستخدام ماهر، لما جادت به براعة الكلمات ، سطران موجزان ينقلان لنا قصة غرام يأسر النفس ، ويمتلك الفؤاد
إشارة
رشقها بإشارة تعجب.. ضحكت وحثت الخطى، امتطى راحلة الوقت ولحق بها، ولحظة أصبح العقرب الطويل فوق العقرب القصير، صحا على رجفة مَن بلل منامته..
رغبة قوية في دثر الجمود الذي يخيم على العالم ، وخلق حياة بديلة ، قد تكون خيالا بهيا ، يمنح المرء شعورا أخاذا ، بجمال الوجود ، حين تمنحه الأيام حضنا دافئا ، يحن عليه ، وينسيه مرارة الصقيع ، وقسوة الجليد ، وشدة ما مر من أيام علقمية الطعم صعبة الاحتمال ، وهذه اللغة الرائعة والاستعمالات المجازية ، التي استخدمها الأديب تضفي على العمل ، جمالا فريدا يستهوي القاريء ، ويجعله يعيد القراءة مرات أخر
صهيل
حضرت مع قهوة الصباح.. امرأة طازجة تتلفع بالبهاء..
وعلى حذر ورغبة شهق الرشفة الأولى.. بعد الرشفة، صهل
ضحكت، فاستمرأ امرأة علمته أبجديات الصهيل.. فقُتِل
ومضات جميلة معبرة ، شاعرية ، تعبر عن لحظات من الهيام الرائع ، والوجد البهي ، والشوق الى عبير الحب وأحلام الوصال .
غاص الأديب ( غريب عسقلاني) في بحار اللغة ، واستخرج منها اللؤلؤ بمختلف الألوان ، وشّى به مقاماته ، فكانت دررا تزين صحائف الأدب العربي ، يمتطي الخيال الجامح ويخلق منه ومضات ساحرة
هذيان
كان كوبها مملوءًا بأقراص الرغبة، وكان على عطش شديد.. رقصت على زاوية فمها ايتسامة طروب.. قال:
- إليَّ بمائي
قدمت كوبها.. على عجل اخذ قرصا.. سرى فيه شيء كالخدر.. امتطت متون دمه بلاهة عارضة...سقط في هذيان العطش
رغبة عارمة تجتاح بطلي القصة ، فتسري في دمائهما ، خدر لذيذ ، وهذيان متواصل، خيال جامح.
يتشابه الحبيبان ، تمتلكهما الرغبات نفسها ، يتوقان معا الى أمور عينها ، يقول الواحد منهما كلمة، فيكمل الآخر المعنى الناقص ، وكأنهما ينطلقان من إرادة واحدة ، كلاهما يكتب في السطر الواحد معلنا عن رغبة موقدة باستمرار
لذة النزف
كتب في مفكرته:
جستٌ بساتينكِ، تقيأت ظلال أشجاركِ، وتذوقت ثماراً لم تنضج بعد.
وكتبت في مفكرتها: نزفتكِ خارج مشاعري..
وفي الصباح جلست إلى جانب شاب تسلل إلى دمها، فاكتملت ثمرة ناضجة.. أخرجت مفكرتها وكتبت: العذاب في النزق
اخذ القلم وكتب على ذات السطر، من ذات الصفحة، واللذة في الامتلاء..
تبرد الرغبة وتتوارى ، أمام حرص الأبوين على الاقتران بما لا يود القلب ولا يرتضي الفؤاد ، وتذبل الوردة ، بعد ان وجدت ان أغصانها كسرت وأوراقها المبتسمة آيلة للغروب
موت قزح
قال:
- أنتِ عصفورة الشوق.
قالت.
- وأنت راحلتي إلى قوس قزح..
وعندما رجعت إلى البيت فوجئت بضيوف غرباء لم ترهم من قبل، وفوجئت بأمهل تقبلها، وفوجئت بأبيها يسحبها من يدها، ويقدمها بثقة للضيوف، وفوجئت بكبير الضيوف يأخذها إلى صدره، ويربت على ظهرها بحنان كبير:
-أهلا بعروس ولدي
أهو القدر ؟ أم الخنوع ؟ أم عدم القدرة على مواجهة الآخرين ، وإفشال ما يخططون له ،من وأد التعطش اى الحب وهزم جذوته المتوقدة.
يستخدم الأديب الماهر الرمز ، بدراية كبيرة تستحق الإعجاب ، فما الفرق بين المرأة والوردة، وكيف تكون النظرة إليهما بعين العاشق؟ ، وكيف تستحيل الورود إلى عطر قابع في القارورة ، وتستحيل المرأة الى مخلوقة غريبة حين تفارق العشق ، وتهجرها الصبابة ، تموت أنوثتها ، وتهجرها الرغبة في مواصلة الحبيب.
المرأة / الوردة
ضحكت، فاختالت على شفتيها وردة..
بكت، فسقطت الوردة..سحقتها أقدام المارة..حيره أمر المرأة والوردة..
وفي السوق العتيق، تأمل طويلا الرجل العتيق، وهو يقطر ماء الورد، ويعبئ إكسيره في قوارير شفافة.. أخذته الدهشة.. سأل:
- ما الفرق بين المرأة والوردة؟
أخذه الرجل العتيق إلى صدره ,, وشوشه بصوت واهن، وسقط ميتاً.
********
لا زال الناس في المدينة يتحدثون عن الشاب، الذي يسكن السوق العتيق، ولا زال يقطر ماء الورد، ويعبئ الإكسير في قوارير شفافة، سرعان ما تتحول إلى نساء راغباتٍ راقصات..
كم يستطيع المرء ان يبتعد عن خلجات قلبه ، وان يكابر ،يزعم انه تمكن من وأدها والتغلب عليها بإرادة واهنة ، فيحيا الإنسان شبه ميت ، سرعان ما تثبت الأيام الخطأ الفادح الذي اقترفته يداه ، ويكون أحيانا عن حسن نية وسوء تدبير.
مكابرة
وضعت قلبها في حقيبة يدها وانتظرت على رصيف الفراق.. وعندما حضر..
فجأة قفز قلبها وفي خاصرته سكن..
رقص قلبها في خاصرته..
غادرت الرصيف وبكت...
ماذا يمكن للمرء ان يفعل ، ان تملكه قلب جارف بالحنين ، ومشاعر جياشة بالجمال ، ورغبة في الحياة لا يشغلها شيء ، ولا يبددها الوهم حين يعشعش في خلايا الدماغ سالبا منه حرارة الحب ونعيم النبض ، هل يمكن للقلب ان يملك القوة للانتصار ؟
خيط النور
- سأذود عنكِ بكل ما أملك
رأته مثل خيط النور، عاريا إلا من وهجه.. خافت عليه..
- وماذا تملك؟
شار نحو قلبه
-هذا..
وسقط مغشيا عليه..
صار خيط النور على ظهر الغيمة.. تمطى خيط النور .. صار سرب عصافير بلون قزح
حين يخصب الخيال ، وتأتي الأفكار متلألئة بالبهاء ، يغدو كل شيء متدثرا بالجمال ، عابقا بأريج الفتنة ، وحين يفقد المرء القدرة على الإتيان بالفكرة ، تصبح الأرض صحراء ، ويشتد الظمأ وتفتك الأنواء
خواء
هبطت من الغيمة عارية ترقص على أطراف أصابعها، سألته بمكر:
- متى يأتيك الفيض؟
- عندما تحضرين.
- ومتى يستعصي عليك؟
- عندما تغيبين.
حدقت في عينيه وسألتْ متحدية:
- ومتى تُجهض أحمالك؟
- عندما أحلم، فلا تكونين
تلفعت بغلالة من ضوء، سترت عريها عنه، وطارت نحو الغيمة.. صرخ:
- من أنتِ؟
- أنا هي.
- عودي إذن..!!
- لا أسكن جمجمة لا تحمل فكرة.
إرادة الإنسان في حياة كريمة، لابد ان تنبثق من مواصلة النضال ، والحرص على تحقيق الأحلام ، ومهما اشتدت المصاعب ، وألمت الخطوب ، وطالت الطريق، فان الشمس تشرق كل يوم مبددة دياجير الظلم وجنود الظلام
القصص
اتفقا أن تكتب عنه قصة، وأن يكتب عنها قصة.. قالت:
- سأكتب عن الذي كان في اللفة، قبل أن يغادر قسرا مسقط رأسه في عسقلان، والذي لم يرجع إليها بعد.
وقال:
- سأكتب عن امرأة، تركت قسراً موطئ قدميها بين دجلة والفرات قبل ثلاثين سنة، ولم تكحل عينيها بنخيل العراق حتى الآن..
فجأة وقف بينهما نمرود يتحدى بلسان أعجمي:
- لن يكون لكما ما تريدان.
هتفا وبصوت واحد:
- من أنتَ حتى..
- أنا من أخذ على عاتقه أن لا يلتقي توأمان..
هل يمكن للإنسان ان يرمي السنين العجاف؟ ، ويقطعها من عمره الباهت ، ويبدأ من جديد؟ متناسيا العمر اليابس الذي قطّعه وقضى على شبابه ، وسلبه حلاوة الأيام ، ومتى يمكن ان تكون البداية ، وكم يمكن للمرء ان يبتديء بعد إخفاقاته العديدة عمرا مفترضا ، ليحقق وبالحلم بعض ما أراد ، هل نكتب بالحروف حياة بديلة ، ونقضي بالكلمة على انهزامنا المستمر ، وموت الامل وانتعاش السيئات ، هل نقول لسنين الجفاف : هيا اذهبي ؟ وابعدي عنا ، بعد ان أريتنا السم الزعاف ؟
ضوء القمر
.. أكلا ستين عقدة ذنب، كانت الشمس غايتهما.. لا يلتفتان إلى مناوشة القمر.. انطلقا إلى صعود الجبل كل من اتجاه..
قبل العتمة التقيا عند السفح يلهثان.
عند السفح، ذهبت الشمس إلى موتها اليومي، وهبطت العتمة على الوادي..
سطع القمر، قال هو:
- هل يعرفنا القمر؟
قالت هي:
- قد يعرفنا القمر..!
أخذها إلى عين قلبه، غاصت أصابعه في صدره نزع منه أربعين عقدة عمر وألقى بها في الوادي.. قال:
- هيا افعلي..
وسدته على صدرها، ونزعت من صدره أربعين عقدة، وألقت بها بعيدا..
ضحك القمر، ورقصت من حوله النجوم .وأخذن بالغناء لفتى وفتاة رجعا إلى العشرين.. يرقصان في ضوء القمر..
هل يمكن ان يحقق الإنسان ما يريد ،بعد ان أوشكت شمس حياته على الانطفاء ، ومن يمكنه ان يحدد موعد سطوع الشمس ،او ظهور القمر ، او أفولهما معا من حياة المرء ، من يمنح الإنسان معنى لحياته ، فيبتهج فيها وتسعد روحه ، أم انه يكون مسيرا في كل شيء ، تحصى حركاته وسكناته ، وتغل يده قوى لا قدرة له في تجاوزها ، فكيف نسقط السنين التي تعبس لنا الحياة فيها ، ونسقطها من أعمارنا وكأنها لم تكن
الذي لم يأتِ
تمتمت:
- لعل في العمر بقية تأتي بالذي لم يأتِ بعد..
عبرته لذة مبهمة، سحبته إلى البدايات.. قال:
- ونعود إلى الحبو على سلم الأشواق؟؟
كانا قريبين تفصلهما مسافة الضوء على وجه الحاسوب..
وكانا بعيدين على ربوتين يفصل بينهما ماء وبرزخ وقناة ومضيق.. وعمر
قطع ستين شهقة من تيه ومكابدات سفر..
بعد ستين شهقة، اكتشفا أنهما توأمان، وأنهما في الثلاثين الأولى أجلا الأشواق إلى ما بعد الانتصار.. وقضيا الثلاثين التالية بين شهيق الخيبة، وزفير الانكسارات..
فجاه مات بينهما لوح الحاسوب..
فجأة
سكنا لجة العتمة ينتظران الذي لم يأِت بعد
ماذا يحدث لو عاش المرء حياته ، متمتعا بما يفرضه العمر ، وما يصل إليه من ورود ورياحين ، بعرق الحياة ونضالاتها ، ولكن هل تستمر رحلة العمر خالية من الأشواك ؟ ومما يجعل ورود الحياة ذابلة لا رائحة فيها ، ولا يضوع المسك من ثناياها ، بل يمضي العمر كالحا ، تفترشه المنغصات ، ويكشر العاذلون عن أنيابهم ،محاربين كل محاولة ، يقوم بها الانسان ، ليختط لنفسه طريقا ، يختلف عن الآخرين ، الذين يسيرون في سبل مفروضة عليهم ، قد اعتدوا ان يكونوا الأضاحي فيها ، يذبحون كل لحظة ، وهم يفتعلون البسمات
عواذل
-العواذل جاؤوا..
.. واختفيتِ.. واختفت ريح العبق.. وبقيتُ وحدي في مقام الانتظار، يطاردني سؤال..
هل ما زال نبضي معكِ
هل أسكن تفاح خديك..
هل يكتشفوا فيكِ رائحتي
وهل..
وغفوت على وسادة من قلق، يحاصرني لحمكِ الذي في حضني ارتجفْ.. واحترقْ..واندلقْ.., وصحوت على فيّض صوتكِ يهمس:
- كيف نمتَ؟
تتحول الأحلام الى شموس مشرقة ، تنبت الأقمار في صحارى يابسات من القلق والتوتر وانعدام الآمال ، فما ضر ان تبتسم الأيام ، وان تغرد الأماني كالفراشات ، وان تغني لحظات حياتنا للبهجة المفقودة ، عل غناءنا يعيد إليها الق الشباب المدفون ، وسنين العمر اليابسة ،التي اجتثتها الأيدي قبل ان تورق، وتزهر ثمارها ، من يطفئ رغبة العنادل بالغناء ؟
غزالة
ربما تعارفنا عند العتبة الأخيرة من العمر.. ربما عند ما قبل الأخيرة..
فاجأتني الليلة في الحلم.. تنتظرني في بيت الأثير..,قالت يسبقها اللهاث:
- يا لحظي فيكَ.
صرتُ في الحلم فحلا.. رقدت في حضني غزالة..وتراضعنا حتى الثمالة, حتى ذرة الوجد فيها..حتى فاض الفيض فيَّ ..
صدقوني.. لا تأخذكم بي الظنون..
أني صحوت على وردة ضاحكة انطبعت على وسادتي,, وعلى شيء لا أخجل منه فاض تسلل إلى منامتي..
أغرقها بللا..!!َ
إنها لحظات جميلة من الحلم ، عشناها مع هذه القطوف اليانعة ، ثمار متدلية من أغصان الكلمات يومئ لمن يقطفها ، ويمتع نفسه بها
صبيحة شبر
1 تشرين الثاني 2008
-
صبيحة شبر- كاتبـة
-
عدد الرسائل : 7
الشهادة/العمل : اديبة / كاتبة / قاصة
تاريخ التسجيل : 23/09/2008
رد: محاورة مقامات عسقلاني
الأديب غريب عسقلاني,
أديب يغرف من جمال اللغة ...
خياله خصب ، وعواطفه حبلى بقصص جياشة ...
دام قلمك استاذة صبيحة على هذه التقدمة الرائعة لهذا الاديب ولتلك القطوف اليانعة
والحظات الجميلة من الحلم التي عشناها معكِ
أديب يغرف من جمال اللغة ...
خياله خصب ، وعواطفه حبلى بقصص جياشة ...
دام قلمك استاذة صبيحة على هذه التقدمة الرائعة لهذا الاديب ولتلك القطوف اليانعة
والحظات الجميلة من الحلم التي عشناها معكِ
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى