وماذا بعد ؟؟

وماذا بعد ؟؟
لفريدريك نيتشة .... وزارادشت الذي لم يتوقف عن الكلام .



هل حلقت يوماً فوق الأرض
جميلة هي البسيطة التي احتوتنا وصغيرة هي الأشياء
قيل أن القادم يبكي والمغادر يضحك
وقيل أن الناس تتشبه كرات ( البلياردو ) تمضي .. تتقاطع ... تتصدم .. وتختفي احداهن بزوايا الطاولة ، لتولد كرة جديدة وثانية تختفي .
منذ أدم ونحن كائنات تكاد لا تُرى - حين تحلق في السماء - أو حقاً لا تُرى .
قد ترمق بعضاً من الأبنية الشاهقة ، وبعض وميض السيارات ليلاً ، فتدري أنها تحتوي بعض البشر ، لكنك لا تراهم ، هم ببساطة أصغر من حدود الرؤية .
كانت لعبة في البديء ، ثم تكاثرنا مثل باقي المخلوقات ، وبحثنا عن ورقة توت أولاً ثم جدران بيت بلا أبواب ، ثم أبنية شاهقة وتكدسنا فيها بعضاً فوق بعض ، ضاقت برحابتها الارض ،
قررنا في المساءات المُملة الطويلة أن نتجمع معاً ودون الآخرين ... وفعل الآخرون ذات الأمر ، فصارت لنا مفاهيم وأفكار صغيرة ، تجمع بعضنا وتفرقنا عن بعضنا الآخر .
تطورت الآفكار بعد بعض الوقت فصارت لنا مفاهيم خاصة بنا وزرعنا البذرة الأولى لبغض الآخر ..
جاءت رسالات الله إلينا لكي تحد من نمو البغض ، لكننا أسأنا فهم الرسالات وجعلناها وسيلة لتعزيز البغض وشاهد إثبات على أصحية وصدق كل جماعة منا .
نحن نمل الأرض
صنعنا معا الحراب والسيوف وتقاتلنا على إقتسام رغيف الخبز أولاً ، ثم تنطعنا بعد حين لكي نصنع الكتب والنشرات نؤكد فيها حقنا التأريخي بكسرة الخبز وبطلان حقوق الآخرين ... وصار للاحتراب فنونه ومُنضريه ، ولحق بعضنا دون بعض رواده ومريديه .
هل حلّقت يوماً عاليا؟؟؟
... لن ترانا ...... اليس كذلك ؟ نحن خلفاء الله في الأرض . ولكنك لا ترانا .
اتكأنا معاً على جدران الديانات وحاولنا جاهدين ... ونحاول لم نزل تهديم جدران الآخرين ، نتفيء في ضل أشجارنا ونقطع - إن إستطعنا - أشجار الآخرين .... نأكل من مواسمنا وندل الجراد على مواسم الآخرين .
هل إرتفعت يوماً عالياً ... ورأيت كم نحن صغار أو لا نُرى ؟
- بكينا وضحكنا وأكلنا وشربنا وشتمنا وشُتمنا ورفعنا الجدران عالية وهدمنا جدران الآخرين .... سريعاً جئنا وسريعاً غادرنا وسريعاً غيرنا يجيء .
هل حلقت يوماً عالياً ؟؟؟
- نتزاحم ونتدافع ونأكل لحم بعضنا البعض نيئاً ، نعمّر بعض الوقت .... فقط بعض الوقت وبومضة عين نغادر مثلما جئنا .
صار لإخفاء عواراتنا فنون ، فصنعنا الأزياء .
ولسد رمقنا صار لنا ألوان وأنواع وأشكال من الأطعمة .
ولخوفنا من الملل من المساءات الطويلة ، أصدرنا بعض الأصوات إبتداءا ، ثم مع الوقت صار لنا موسيقا
إقتربنا من بعضنا لنتشمم روائح بعضنا إبتدائاً ، ثم تحول الفضول الى مضاجعة وتكاثرنا مثل بقية مخلوقات الله .
صار لنا ألوان وأشكال ، صرنا شعوب وقبائل ، وتعلمنا بعد بعض الوقت كيف نتكلم وكيف نأكل وكيف نسمع الاصوات ....... وكيف نكره .
هل حلقت يوماً في السماء ؟؟؟ ..... هل رأيتنا .
لو نعلم كم نحن مضحكون في جوقة الفوضى ؟
لو نعلم كم صغار نحن في تلك الرحاب ؟
لو نعلم كم هو سريع .... سريع جداً حضورنا بامتداد الزمن ؟
لو نعلم كيف يمر الوقت ، وما الذي صنعناه قبل أن سريعاً نغادر مثلما سريعاً جئنا؟؟
جئنا ، تجمعنا ، شممنا روائح بعضنا البعض ، تحاربنا .........وماذا بعد ؟
....... ماذا بعد ؟