متى يصبح الإنسان حماراً
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
متى يصبح الإنسان حماراً
متى يصبح الإنسان حماراً
ملاحظة :
عن سلسلة - تجربتي - نُشرت في مجلة أحوال الثقافية - العدد 46 أغسطس 2001 إصدار الخليج.
لم يكن في جعبتي الكثير من الأشياء..فرشاة أسناني ،سجائري ..كتابين ومعطفي القطني.
نظرات الشباب الذين لا ملامح لوجوههم ، كانت تبدوا كشارة مرور معطلة.
- فقط هذا ما تحمله معك ..?
- كنت أنوي المضي دونما عودة إلى موسكو ومن ثم مقبرتي الأخيرة ستوكهولم ، وحالي يردد بحيرة وخشوع (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً..وما تدري نفس بأي أرض تموت )
ولأنه الشيطان يدخل نوافذ الروح...دونما إستئذان كنت أبتسم---
- شو فرحّنا معك أبو الشباب...لي عم تتبسّم..? قذف سؤاله مثل البصقة في وجهي...
-عفواً سيدي ، أنا ما أبتسمت ، لكنه سان جون بيرس..
- سان جون..شووو؛؛؟
-بيرس يا سيدي بيرس.
وشو يعني...شو ما بيع هادا ولا...؟
- إنه كاتب.
-إي..وشو ما يضحكك بوا حد ما يكتوب...؟
-ليس هو ،لكنه قال مرة -أنني أمنح ثقتي للآخرين على أساس ملامح الوجه-.
-إي.....؟
-لم يكن يدري أن بعض الناس وجوههم بلا ملامح...
-إي..إي هلا فهمت عليك ..إنت من هدولي جماعة الكتب والسقافي المعقدّين ..الله يشفينا روح خيي روح...روح.
هكذا كان وداعي وتلك كانت أخر الكلمات ....
تجاوزت حاجز التفتيش وأنا متشبثاً بصرتي حريصاً أن لا يتسرب منها شئ ...أغمضت عيني بشدة إعتقاداً مني أن فعلاً كهذا يغلق أبواب الذاكرة ...يمنع الإنفلات..لكنها مثل فراشة متمردة غادرت قفص الجمجة حلّقت فوق الذاكرة ودونما حياء رددت ليت الإنسان يكون حماراً.
خوفي كان أن يعثروا عليها فراشتي الزاهية...وبفعل إنعكاس الفعل سارعت في ابتلاع كلمة حمار....أمسكت جناحيها حجرت طيرانها في الأجواء غير المناسبة .
-جاء صوت المذيعة لا يخلو من إثارة مزيفة...يدعوك للنوم والإستيقاظ معاً ...يعلن اننا في الأجواء الدولية الآن...يمكنكم فك الأحزمة..
ومثل غيري من الراحلين فككتها ..أطلقت العنان لطيور الذاكرة...
إزدحمت الطائرة بالهمهمات والتنهدات والفراشات..
ليت الإنسان يكون حماراً....
عادت ترفرف ثانية في الفضاء الضيق للطائرة.
لو كان الإنسان حماراً...لم أعد أذكر أين قرأتها أول مره لكنني أذكر أنها كانت لصحفي فرنسي....وما أذكره أنها إستوقفتني حقا ً حينها..
ربما للتحدي فيها أو التمردوالوقاحة .
لو كان حماراًلعرف كيف يحب أخيه الحمار لعرف كيف يحب البلاد التي ولد فيها وعا ش فيها إن طلبت منه أن يفعل شئ فهو يتفانى بفعله مخلص في الأشياء..لا يكذب لا يعتدي على إخوته لا يقبل الرشوة ... لا السلطة تعنيه وليس لديه معتقلات.
هو يحيا ويريدك مثله أن تحيا ويقاسمك الزريبة والمرعى...
من يتحلى بصبر الحمار بصدق الحمار وتسامح الحمار ..من يدرك حكمة الحمار الأرض للجميع ....الزرع للجميع والحق في الحياة حتماً للجميع .
لن يحتكر الزرع وحده...لن يجمع الثروات وحده لن يشيّد الزرائب الفخمة وحده ولن يجر العربات الفارهة وحده .
-الغريب حقاً أنني أكتشفت صفات الحمار الجليلة في آخر كوكب الأرض . في بلد القراصنة ...
يستغرق البحار ببحره والعامل بعمله والموظف بأوراقه وجميعهم مخلصون .
ليس مهماً ان تزيل قمامة عن الطريق أن تشغّل مفاعل ا لشمال أن تصنع سلطة بالمطبخ أو ملكاً تكون عليك عمل ...وعليك إنجازه ..وعليك أن مخلصاً تكون .
أن تعرف ..أن تتعلم كيف تقرأ غيرك ..تسمع غيرك تفهم غيرك ومحباً للآخرين تكون .
متى نتجمّل بالكثير من صفات السيد الحمار...
متى نتعلّم من الحمار.....ولا ضير إن تعلمنا من الكلب الوفاء ومن الثعلب الذكاء ومن حكمة البوم...وصبر الجمل من عزة النمر ومن شرف وشهامة النسر جمال الغزال........
حديقة الحيوانات ليست بعيدة....
من منّا تعلم منهم كيف إنساناً يكون.
ملاحظة :
عن سلسلة - تجربتي - نُشرت في مجلة أحوال الثقافية - العدد 46 أغسطس 2001 إصدار الخليج.
لم يكن في جعبتي الكثير من الأشياء..فرشاة أسناني ،سجائري ..كتابين ومعطفي القطني.
نظرات الشباب الذين لا ملامح لوجوههم ، كانت تبدوا كشارة مرور معطلة.
- فقط هذا ما تحمله معك ..?
- كنت أنوي المضي دونما عودة إلى موسكو ومن ثم مقبرتي الأخيرة ستوكهولم ، وحالي يردد بحيرة وخشوع (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً..وما تدري نفس بأي أرض تموت )
ولأنه الشيطان يدخل نوافذ الروح...دونما إستئذان كنت أبتسم---
- شو فرحّنا معك أبو الشباب...لي عم تتبسّم..? قذف سؤاله مثل البصقة في وجهي...
-عفواً سيدي ، أنا ما أبتسمت ، لكنه سان جون بيرس..
- سان جون..شووو؛؛؟
-بيرس يا سيدي بيرس.
وشو يعني...شو ما بيع هادا ولا...؟
- إنه كاتب.
-إي..وشو ما يضحكك بوا حد ما يكتوب...؟
-ليس هو ،لكنه قال مرة -أنني أمنح ثقتي للآخرين على أساس ملامح الوجه-.
-إي.....؟
-لم يكن يدري أن بعض الناس وجوههم بلا ملامح...
-إي..إي هلا فهمت عليك ..إنت من هدولي جماعة الكتب والسقافي المعقدّين ..الله يشفينا روح خيي روح...روح.
هكذا كان وداعي وتلك كانت أخر الكلمات ....
تجاوزت حاجز التفتيش وأنا متشبثاً بصرتي حريصاً أن لا يتسرب منها شئ ...أغمضت عيني بشدة إعتقاداً مني أن فعلاً كهذا يغلق أبواب الذاكرة ...يمنع الإنفلات..لكنها مثل فراشة متمردة غادرت قفص الجمجة حلّقت فوق الذاكرة ودونما حياء رددت ليت الإنسان يكون حماراً.
خوفي كان أن يعثروا عليها فراشتي الزاهية...وبفعل إنعكاس الفعل سارعت في ابتلاع كلمة حمار....أمسكت جناحيها حجرت طيرانها في الأجواء غير المناسبة .
-جاء صوت المذيعة لا يخلو من إثارة مزيفة...يدعوك للنوم والإستيقاظ معاً ...يعلن اننا في الأجواء الدولية الآن...يمكنكم فك الأحزمة..
ومثل غيري من الراحلين فككتها ..أطلقت العنان لطيور الذاكرة...
إزدحمت الطائرة بالهمهمات والتنهدات والفراشات..
ليت الإنسان يكون حماراً....
عادت ترفرف ثانية في الفضاء الضيق للطائرة.
لو كان الإنسان حماراً...لم أعد أذكر أين قرأتها أول مره لكنني أذكر أنها كانت لصحفي فرنسي....وما أذكره أنها إستوقفتني حقا ً حينها..
ربما للتحدي فيها أو التمردوالوقاحة .
لو كان حماراًلعرف كيف يحب أخيه الحمار لعرف كيف يحب البلاد التي ولد فيها وعا ش فيها إن طلبت منه أن يفعل شئ فهو يتفانى بفعله مخلص في الأشياء..لا يكذب لا يعتدي على إخوته لا يقبل الرشوة ... لا السلطة تعنيه وليس لديه معتقلات.
هو يحيا ويريدك مثله أن تحيا ويقاسمك الزريبة والمرعى...
من يتحلى بصبر الحمار بصدق الحمار وتسامح الحمار ..من يدرك حكمة الحمار الأرض للجميع ....الزرع للجميع والحق في الحياة حتماً للجميع .
لن يحتكر الزرع وحده...لن يجمع الثروات وحده لن يشيّد الزرائب الفخمة وحده ولن يجر العربات الفارهة وحده .
-الغريب حقاً أنني أكتشفت صفات الحمار الجليلة في آخر كوكب الأرض . في بلد القراصنة ...
يستغرق البحار ببحره والعامل بعمله والموظف بأوراقه وجميعهم مخلصون .
ليس مهماً ان تزيل قمامة عن الطريق أن تشغّل مفاعل ا لشمال أن تصنع سلطة بالمطبخ أو ملكاً تكون عليك عمل ...وعليك إنجازه ..وعليك أن مخلصاً تكون .
أن تعرف ..أن تتعلم كيف تقرأ غيرك ..تسمع غيرك تفهم غيرك ومحباً للآخرين تكون .
متى نتجمّل بالكثير من صفات السيد الحمار...
متى نتعلّم من الحمار.....ولا ضير إن تعلمنا من الكلب الوفاء ومن الثعلب الذكاء ومن حكمة البوم...وصبر الجمل من عزة النمر ومن شرف وشهامة النسر جمال الغزال........
حديقة الحيوانات ليست بعيدة....
من منّا تعلم منهم كيف إنساناً يكون.
يزيد عاشور- كاتب و أديب
-
عدد الرسائل : 152
العمر : 62
البلد الأم/الإقامة الحالية : sweden/ syr
الشهادة/العمل : ......
تاريخ التسجيل : 15/04/2011
رد: متى يصبح الإنسان حماراً
يزيد عاشور كتب:متى نتجمّل بالكثير من صفات السيد الحمار...
متى نتعلّم من الحمار.....ولا ضير إن تعلمنا من الكلب الوفاء ومن الثعلب الذكاء ومن حكمة البوم...وصبر الجمل من عزة النمر ومن شرف وشهامة النسر جمال الغزال........
حديقة الحيوانات ليست بعيدة....
من منّا تعلم منهم كيف إنساناً يكون.
رائع انت يا صديق
دمتَ ودام هذا النبض الحيّ
جو
دمتَ ودام هذا النبض الحيّ
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» عالم الإنسان !!!
» أرقام وأعداد في جسم الإنسان
» أرقام وأعداد في جسم الإنسان 2
» أخطر المخلوقات على الإنسان
» إحتفاء بالألوان الغامضة الواضحة -1-
» أرقام وأعداد في جسم الإنسان
» أرقام وأعداد في جسم الإنسان 2
» أخطر المخلوقات على الإنسان
» إحتفاء بالألوان الغامضة الواضحة -1-
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى