الحيوان الابكم /جبران خليل جبران
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
الحيوان الابكم /جبران خليل جبران
(في نظرات الحيون الابكم كلام تفهمه نفس الحكيم )
في عشية يوم تغلبت تخيلاتي على عاقلتي مررت بأطراف أحياء المدينة ووقفت امام منزل مهجور تداعت اركانه وحطت دعائمه ولم يبق منه سوى اثر يخبر عن هجر طويل ويدل على زوال محزن.فرأيت كلبا يتوسد الرماد
وقد ملأت القروح جسمه الضعيف واستحكمت العلل بهيكله المهزول, فصار يرمق الشمس الجانحة نحو الغروب بعين وسمت عليها اشباح الذل وبدت فيها مظاهر القنوط واليأس, فكأنه درى بأن الشمس قد اخذت تسترجع حرارة انفاسها عن تلك البقعة المهجورة البعيدة عن الاولاد مضطهدي الحيوان الضعيف , فصار يرمقها بعين آسفه مودعه . فاقتربت منه على مهل وودت لو عرفت النطق بلسانه فأعزيه في شدائده وأبدي له شفقة في بؤسة,
ولما دنوت منه خافني وتحرك ببقايا حياة قاربت على الانحلال مستنجدا بقوائم شلتها العلة وراقبها الفناء.واذ لم يقو على النهوض نظر الي نظرة فيها مرارة استرحام وحلاوة استعطاف , نظرة فيها انعطاف وملامة , نظرة قامت مقام النطق ,فكانت افصح من لسان الانسان وابلغ من دموع المرأة. ولما تلاقت عيناي بعينه الحزينتين تحركت عواطفي وتمايلت تأثراتي فجسمت تلك النظرات وابتدعت لها اجسادا من كلام متعارف بين البشر. نظرات مفادها: كفى مابي يا هذا, وكفى ماعانيت من اضطهاد الناس, وماقاسيت من ألم الامراض .امض واتركني وسكينتي استمد من حرارة الشمس دقائق الحياة.فقد هربت من مظالم ابن آدم وقسوته والتجأت الى رماد اكثر نعومة من قلبه واختبأت بين خرائب اقل وحشية من نفسه. اذهب عني ,فما انت الا من سكان ارض مابرحت ناقصة الاحكام ,خاليه من العدل ...انا حيوان حقير لكنني خدمت ابن ادم وكنت في منزله مخلصا ووفيا ,وفي رفقته متربصا وجاسوسا . كنت شريكا في احزانه ,ومغتبطا في افراحه ,متذكرا ايام بعده ,مرحبا عند مجيئه ,وكنت اكتفي بفتات مائدته واسعد بعظم جرده بأضراسه. ولكن لماشخت وهرمت وانشبت الامراض في جسمي اظافرها نبذني وابعدني عن داره وصيرني ملعبة لصبيان الازقة القساة ,وهدفا لنبال العلل ,ومحطا لرحال الاقذار . وانا , يا ابن ادم ,حيوان ضعيف,لكني وجدت نسبة كائنة بيني وبين الكثيرين من اخوانك البشر الذين اذا ماضعفت قواهم قل رزقهم وساء حالهم . انا مثل جنود يحاربون عن الوطن في شبيبتهم ويستثمرون الارض في كهولتم , حتى اذا جاء شتاء الحياة وقل نفعهم ابعدوهم ونسوهم . انا مثل امرأة تجملت صبية لتفرح قلب الشبيبة وسهرت زوجة ا في الليالي لتربية الاطفال , وتعبت امرأة لايجاد رجال المستقبل ولكن لما شاخت وعجزت اصبحت نسيا منسيا وأمرا مكروها ...اه ما اظلمك يا ابن ادم وما اقساك !
كانت نظرات ذلك الحيوان تتكلم وقلبي يفهم ونفسي تراوح بين شفقتي عليه وتصوراتي بأبناء جلدتي . ولما اغمض عينيه لم أشأ ازعاجه فذهبت...
****
محبتي
حنين
حنين المدني- الملاك الحنون
-
عدد الرسائل : 904
العمر : 47
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرطوس
الشهادة/العمل : حقوق/ بلا
الهوايات : أدب - ثقافة
تاريخ التسجيل : 09/06/2009
رد: الحيوان الابكم /جبران خليل جبران
انا مثل امرأة تجملت صبية لتفرح قلب الشبيبة
وسهرت زوجة ا في الليالي لتربية الاطفال ,
وتعبت امرأة لايجاد رجال المستقبل
ولكن لما شاخت وعجزت اصبحت نسيا منسيا وأمرا مكروها ...
اه ما اظلمك يا ابن ادم وما اقساك !
مَن أروع مِن جبران ؟...
سلمت تلك اليدين.. يا حنين
جو
وسهرت زوجة ا في الليالي لتربية الاطفال ,
وتعبت امرأة لايجاد رجال المستقبل
ولكن لما شاخت وعجزت اصبحت نسيا منسيا وأمرا مكروها ...
اه ما اظلمك يا ابن ادم وما اقساك !
مَن أروع مِن جبران ؟...
سلمت تلك اليدين.. يا حنين
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» بدايات في حياة الأديب الكبير جبران خليل جبران
» من قصيدة يا زمان الحب / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
» الســـــلم والحرب من تائه جبران خليل جبران
» نافذة على موقع لكتابات جبران خليل جبران
» من قصيدة يا زمان الحب / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
» الســـــلم والحرب من تائه جبران خليل جبران
» نافذة على موقع لكتابات جبران خليل جبران
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى