الموت
3 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
الموت
الموت
يزيد عاشور
عبد الأحد حنا قومي ولدَ في الحسكة وأبتْ أن يغادرها،
يُقال أنَّ لهُ عودة أخرى، وهناكَ من قال: أنه سيعودُ قبل السيد المسيحْ، وهناك من يقول أنهُ سيحيى معهُ وقيل أيضاً أنهُ سيعود بعد أن يعود السيد المسيح ويعم السلام الأرض والمحبة بين الناس.
قيلَ الكثير عن تاريخ عودته ومنذ ذلك الوقت لم تغادرني رائحة الموت ولمّا ضاقت قُداّمي السبلُ لم أجد تفسيراً مقنعاً إلا القول أنهُ المتفرّدْ ، العارفْ بالأشياء، المجهولْ، القادرْ، الحق الوحيد الذي عرفناهُ ونعرفه الآن ...إنهُ.....الموت.
لم يزل النهرُ هناكَ يأكلُ أطراف المنعطفات، ويحبو بصعوبة ٍ نحو البحر المفترض...البحر اللا...موجود..
يدفعُ أذرع الناعورة فتبتهج منتشية وتمزق بعويلها صمت الحســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكة.
لمْ يعد مثلما كان بعد إذْ ...غادرت...ترّملتْ الناعورة وبدأت الطفيليات جريئة وهي تغزوا تفاصيلها الصغيرة.وحينها بدّل الطحلب لونها العتيقْ.
اتسعت الأخاديد على رُفاتها وصارت تمثالاً لناعورة صامتةٍ.توشك على السقوط في أية لحظة...أو قطرة مطر...هذا إن لم تكن قد ســــــــــــــقطتْ.
لكنّ أضواء الحسكة لم تنطفيء يا صديقي بعدْ، هي جاهدةٌ تحاول أنْ تذّكر الخابورب( عبد الأحد قومي) .عادل حوكان، غليوم منصور، عبد الحميد حسو، ويزيد عاشور...وبأحلامنا الصغيرة هناك.
حبيباتنا الصغيرات،غرورنا الطفولي عند الاكتشاف الأول للرجولة،وسمعتُ أن بقايا الضوء لم تعد ترسم ألواناً تتكّسر على وجه الماء، فالماءُ لم يعد كافياً ليبلّل أطراف أصابعنا ولم يعد الخابور يلّهم العشاق مثلكَ..ومثلي..
فُقِدَ التوازن مابين الرمادي وبين الأخضر،سريعاً جفّتْ الأشجارُ ..سريعاً البيوتات تهالكت ومن لم يفعل فهو على وشك السقوط في أية فرصة ...أو قطرة مطر.
غاب اللون الأسود والأبيض عن أحجار الأرصفة العتيقة.
غبارُ المدينة، الوجوه الكالحة، بقايا المتسكّعين كنّس كلّ الألوان والحدائق سمعتُ أنها فقدت مقاعدها، أوراق أشجارها الخضراء مريدوها من العشاق والعصافير(الحدائق صارت بلا أشجار).والأشجار القليلة الباقية ، المتناثرة في أزقة المدينة صارت بلا حديقة تنتمي إليها،لم يعد الناس يهيمون بالخضرة يا صديقي ولا الخابور يعنيهم بعد اليوم.جُلُّ وقتهم قُدّام المرايا يحاولون صياغة الأقنعة من جديدْ.
أسودٌ مغبّرٌ صار طيفُ الألوان العتيق وسمعتُ أيضاً أن قوس قزح هاجر المدينة منذ وقت طويل وانقطعتْ أخباره عن الجميعْ.والناسُ يُعيدون صياغة ملامح الوجه على مراياهم القديمة والتي حولتها الوجوه الملتصقة عليها مثل أحجار الرصيفْ ، ناهيكَ عن خراء الذباب الذي منح المرايا بؤساَ إضافيا فوق الوجوه المتعبة الكالحة، الخائفة، الجائعة، العديدة التي تعلّقت عليها بلا لون ، بلا طعم ، برائحة عفنة.
سَمعتُ أنَّ المدينة بدأت تتضاءلُ حتى الاضمحلال وحينها قلتُ:منتشياً ألا مدينة لي، لا ذاكرة، لا نهر، لا وجوه،ولا ناعورة بعد اليوم؟!!!!،ولدنا بفعل السحر أو البرق مثل الكمأة قُرب المقبرة القديمة ونموتُ بفعل السحر أو البرق مثل الكمأة في المقبرة العتيقة ذاتها حتى المستنقعات الآسنة في الأحياء الفقيرة لم تعد مليئة بالضفادع وأقدام الصغار الحافية. لم تعد بأصواتهم تزدحم السماء ، تلاشت الضحكات والشتائم الصغيرة وتهديد الأمهات.
هكذا اكتشفتُ أنَّ البحث عن زمن عودته لم يكن سوى البحث عن خلود الموت...وما خسرت أيها الصديق ما خسرت!!!!!
الأشياء جميعاً ازدادت خراباً.
أولاً ترى روحك الوارفة فوق المدينة ما الذي يجري؟!!!!
لا تيأس يا عبد الأحد حين يلقون عليك التحية وقل لهم أن يزيلوا ذاك القفص اللعين عن قبرك.
لن يحاولوا سجنك في ذاكَ المكان ، لأنك ومثلما أدري تحلق فوق الأماكن كلها.....
***
السويد.
يزيد عاشور
عبد الأحد حنا قومي ولدَ في الحسكة وأبتْ أن يغادرها،
يُقال أنَّ لهُ عودة أخرى، وهناكَ من قال: أنه سيعودُ قبل السيد المسيحْ، وهناك من يقول أنهُ سيحيى معهُ وقيل أيضاً أنهُ سيعود بعد أن يعود السيد المسيح ويعم السلام الأرض والمحبة بين الناس.
قيلَ الكثير عن تاريخ عودته ومنذ ذلك الوقت لم تغادرني رائحة الموت ولمّا ضاقت قُداّمي السبلُ لم أجد تفسيراً مقنعاً إلا القول أنهُ المتفرّدْ ، العارفْ بالأشياء، المجهولْ، القادرْ، الحق الوحيد الذي عرفناهُ ونعرفه الآن ...إنهُ.....الموت.
لم يزل النهرُ هناكَ يأكلُ أطراف المنعطفات، ويحبو بصعوبة ٍ نحو البحر المفترض...البحر اللا...موجود..
يدفعُ أذرع الناعورة فتبتهج منتشية وتمزق بعويلها صمت الحســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكة.
لمْ يعد مثلما كان بعد إذْ ...غادرت...ترّملتْ الناعورة وبدأت الطفيليات جريئة وهي تغزوا تفاصيلها الصغيرة.وحينها بدّل الطحلب لونها العتيقْ.
اتسعت الأخاديد على رُفاتها وصارت تمثالاً لناعورة صامتةٍ.توشك على السقوط في أية لحظة...أو قطرة مطر...هذا إن لم تكن قد ســــــــــــــقطتْ.
لكنّ أضواء الحسكة لم تنطفيء يا صديقي بعدْ، هي جاهدةٌ تحاول أنْ تذّكر الخابورب( عبد الأحد قومي) .عادل حوكان، غليوم منصور، عبد الحميد حسو، ويزيد عاشور...وبأحلامنا الصغيرة هناك.
حبيباتنا الصغيرات،غرورنا الطفولي عند الاكتشاف الأول للرجولة،وسمعتُ أن بقايا الضوء لم تعد ترسم ألواناً تتكّسر على وجه الماء، فالماءُ لم يعد كافياً ليبلّل أطراف أصابعنا ولم يعد الخابور يلّهم العشاق مثلكَ..ومثلي..
فُقِدَ التوازن مابين الرمادي وبين الأخضر،سريعاً جفّتْ الأشجارُ ..سريعاً البيوتات تهالكت ومن لم يفعل فهو على وشك السقوط في أية فرصة ...أو قطرة مطر.
غاب اللون الأسود والأبيض عن أحجار الأرصفة العتيقة.
غبارُ المدينة، الوجوه الكالحة، بقايا المتسكّعين كنّس كلّ الألوان والحدائق سمعتُ أنها فقدت مقاعدها، أوراق أشجارها الخضراء مريدوها من العشاق والعصافير(الحدائق صارت بلا أشجار).والأشجار القليلة الباقية ، المتناثرة في أزقة المدينة صارت بلا حديقة تنتمي إليها،لم يعد الناس يهيمون بالخضرة يا صديقي ولا الخابور يعنيهم بعد اليوم.جُلُّ وقتهم قُدّام المرايا يحاولون صياغة الأقنعة من جديدْ.
أسودٌ مغبّرٌ صار طيفُ الألوان العتيق وسمعتُ أيضاً أن قوس قزح هاجر المدينة منذ وقت طويل وانقطعتْ أخباره عن الجميعْ.والناسُ يُعيدون صياغة ملامح الوجه على مراياهم القديمة والتي حولتها الوجوه الملتصقة عليها مثل أحجار الرصيفْ ، ناهيكَ عن خراء الذباب الذي منح المرايا بؤساَ إضافيا فوق الوجوه المتعبة الكالحة، الخائفة، الجائعة، العديدة التي تعلّقت عليها بلا لون ، بلا طعم ، برائحة عفنة.
سَمعتُ أنَّ المدينة بدأت تتضاءلُ حتى الاضمحلال وحينها قلتُ:منتشياً ألا مدينة لي، لا ذاكرة، لا نهر، لا وجوه،ولا ناعورة بعد اليوم؟!!!!،ولدنا بفعل السحر أو البرق مثل الكمأة قُرب المقبرة القديمة ونموتُ بفعل السحر أو البرق مثل الكمأة في المقبرة العتيقة ذاتها حتى المستنقعات الآسنة في الأحياء الفقيرة لم تعد مليئة بالضفادع وأقدام الصغار الحافية. لم تعد بأصواتهم تزدحم السماء ، تلاشت الضحكات والشتائم الصغيرة وتهديد الأمهات.
هكذا اكتشفتُ أنَّ البحث عن زمن عودته لم يكن سوى البحث عن خلود الموت...وما خسرت أيها الصديق ما خسرت!!!!!
الأشياء جميعاً ازدادت خراباً.
أولاً ترى روحك الوارفة فوق المدينة ما الذي يجري؟!!!!
لا تيأس يا عبد الأحد حين يلقون عليك التحية وقل لهم أن يزيلوا ذاك القفص اللعين عن قبرك.
لن يحاولوا سجنك في ذاكَ المكان ، لأنك ومثلما أدري تحلق فوق الأماكن كلها.....
***
السويد.
يزيد عاشور- كاتب و أديب
-
عدد الرسائل : 152
العمر : 62
البلد الأم/الإقامة الحالية : sweden/ syr
الشهادة/العمل : ......
تاريخ التسجيل : 15/04/2011
رد: الموت
رائع هذا النص يا يزيد
وفيه من الشاعرية الكثير،كما فيه نبض جواني عميق يعيد الراحل عبد الأحد قومي حيا، وكل مبدع حي في عيون وأفئدة محبيه.
احببت لغتك ، وهي تنساب كما الخابور في أيام عزه، ايام طفولتي على ضفافه.. لعله يوما يعود.
محبتي
وفيه من الشاعرية الكثير،كما فيه نبض جواني عميق يعيد الراحل عبد الأحد قومي حيا، وكل مبدع حي في عيون وأفئدة محبيه.
احببت لغتك ، وهي تنساب كما الخابور في أيام عزه، ايام طفولتي على ضفافه.. لعله يوما يعود.
محبتي
رد: الموت
والله وجود أمثالك هو الرائع يا أخي
يبدو أن لأخي جو ومملكته البهية فضل كبير في التقاءنا بين حصونها..
فرصة رائعة حقاً في معرفتك ومعرفة أخي جو ولعله المكان الافتراضي المناسب والذي يجمع شتات ابناء البلد المغتربين
لك الخير اينما كنت
يزيد عاشور
يبدو أن لأخي جو ومملكته البهية فضل كبير في التقاءنا بين حصونها..
فرصة رائعة حقاً في معرفتك ومعرفة أخي جو ولعله المكان الافتراضي المناسب والذي يجمع شتات ابناء البلد المغتربين
لك الخير اينما كنت
يزيد عاشور
يزيد عاشور- كاتب و أديب
-
عدد الرسائل : 152
العمر : 62
البلد الأم/الإقامة الحالية : sweden/ syr
الشهادة/العمل : ......
تاريخ التسجيل : 15/04/2011
رد: الموت
لقد بعثته حيا.. ويحق لك فهو حيا..
حياً في نفوسنا وأفئدتنا.. حياً عند ربه.. حياً في جزيرته
مؤكد عنوان نصكم غيرته رعشة اصبع في لحظة يأس
حيث كان "الحياة"..
الحياة لمن وطئ الموت بالموت..
* * *
الغالي يزيد.. كم أنا سعيد...
لقد ازدت شرفاً بكم.. وهذا أكيد...
ما أجمل هذه الصدف المحضة التي جمعت ابناء البلد الواحد
عندما دعوتُ الأستاذ مردوك, وكذلك عندما شرفني محياك
قدومكم المبارك شد من عزيمتي لدعوة كل محب وكل قلم رائع
ولنلتقي.. لنرتقي..
أفخر بكم
جو
حياً في نفوسنا وأفئدتنا.. حياً عند ربه.. حياً في جزيرته
مؤكد عنوان نصكم غيرته رعشة اصبع في لحظة يأس
حيث كان "الحياة"..
الحياة لمن وطئ الموت بالموت..
* * *
الغالي يزيد.. كم أنا سعيد...
لقد ازدت شرفاً بكم.. وهذا أكيد...
ما أجمل هذه الصدف المحضة التي جمعت ابناء البلد الواحد
عندما دعوتُ الأستاذ مردوك, وكذلك عندما شرفني محياك
قدومكم المبارك شد من عزيمتي لدعوة كل محب وكل قلم رائع
ولنلتقي.. لنرتقي..
أفخر بكم
جو
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة
» منيّتان / جبران خليل جبران
» الموت انتظراً
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
» عجبا ياموت
» الفراق و لحظات الموت
» الموت انتظراً
» نماذج من أعمال الكاتب الكبير عبد الوهاب البياتي
» عجبا ياموت
» الفراق و لحظات الموت
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: دعونا قليلا نستريح / سنعود... :: سلام أيها الخابور / يزيد عاشور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى