أسرعوا... إنّه يلحق بكم / بقلم نـازك الحلبـي يحيـى

أسرِعــوا ... إنــه يلحـــق بكــم !


يمشــي الهُوَينا حين يريـد ، يتباهـى ببلادته وثقـل دمـه ، يتبختر معتزًّا بدقائقه وثوانيه ، ثمّ، يفاجئُنا بالركض ، والعَدْو ِ ، والتسابق، فيدوس من يمرّ عليه، ويطحن من يتنعّم بلحظات قيلولته، ويزمجر فوق رأس الحائر والتَعِب والمكبوت والمكتئب ، ويهزأ بالحالم والنائم ـ ولو فوق وسادة حريرية ـ يسحـق الجميع ، يسبـق الجميع ويقـــول : إلحقـــوا بــي .
إنـّـــه الزمـــن ، إنه الوقتُ "الحَرباء" الذي يتلوّن حسب الظروف ، فيتباطأ في لحظات حزننا ، ويجثم فوق قلوبنا ليشعرنا بوجوده الثقيل الدائم ، ويسرع في لحظات فرحنا فتمضي السنوات كأيام والايام كثوان ٍ، ويعْبُر ذاكرتَنا، ويا لسخرية الزمن، يخطف فرحنا، وُيبقي لنا ألمنــا عليــه.
ـ تأخرتُ كثيراً ، يقول أحدهم ، غفوت قليلاً ، سبقني الزمن، لم ينتظرني فأخذ كلّ أحلامي معه ! وحده لا يَعـِدُ بالعودة !
ـ ركضتُ كثيراً ، قال آخر، خفتُ أن أتأخر، وصلت متعباً لاهثاً ، وجدتني وحيداً أنتظر مَن تأخّر ، وعندما وصل الجميع لم يروني ، كنت شَـدِهاً فتابعوا طريقهم دونــــــي.
ـ "قال لها : هل ما زلنا في فصل الشتاء ، ام إنه الربيع ؟
قالت : إنتظرْ ، عليَّ أن أخــرج من المدينة لأرى !!"
أحياناً ، لا نجد أهمية للفرح أو للحزن، للَنهار أو لَليـل ، للشتاء أو الربيع ، لأننا لا نملك الوقتَ للاستمتاع بهذا أو بذاك.
وقـد نكون على غيـر ما نحن عليه، لكننا أيضاً لا نملك الفرصـة للتعبير عن أنفسنـا أو لاظهـار مكنوناتنا كما هـي، فتخرج منّا باردةً ، شاحبـةً ، صفـراء .
ورغم كلّ الفراغات في حياتنا ، نشعرأنّ الوقتَ قليلٌ، إننا بحاجة لدهر كي نحيا ، نتأمّل في ذواتِنا ... ونرتقــي.
هاجسُنا أن نسابقَ الزمن ، وفي نفوسنا أملٌ أن نصلَ يوماًَ ما الى شاطىء الأمان، الى مرفأ الراحة.
نُراكضُ الوقتَ كي نتخلّصَ من غبار الأيام ، وننسى أنّنا يوماً ما سنصبحُ غبــاراً .
وعلى غفلة منّا ، نستفيـق فإذا بنا قـد كبـرنا وأخذنـا الوقـت .
كان علينا أن ندعوه لزيارتنا لا أن نذهب بأنفسنا اليه، وأن نعيشَ مُتعةَ اللحظةِ بحلوها ومرّها ،لأن لحظاتنا في الحياة، مهما طالت، ............ فإلى نهاية.
وحده الحـــبّ يُخلّــدُ اللحظات ، وحده الفنّ يحفظها ... فتدوم الأغنية واللّوحـة واللحـن والمنحوتة والقصيدة ... رغم مرور السنين، تحكي عنّا وقد أصبحنا في الحياة ... ذكـــرى !!!
رغم الزمــن، بقيَتْ هذه الأبيات الشعرية الايسلندية :
"خذ وقتك في العمل ... فهو ثمن النجاح،
خُذْ وقتك في التفكير ... فهو منبع القوّة ،
خُذ وقتك في اللعب ... فهو سرّ الشّباب ،
خذ وقتك في المطالعة ... فهي أساس المعرفة ،
خذ وقتك في احترام الآخرين ... فهو باب السعادة ،
خذ وقتك في الحبّ ... إنّه فرح الحياة الحقيقيّ ،
خذ وقتك في السعادة ... إنّها لحن الروح ."
فلنأخذ وقتنا في التّمتـع بخيــر هذا الكــون ، عسانـا من السعــداء نكـــون !

أشكرك استاذ جو
عسى أن تحيا زمنأ مديداً ملؤه السعادة والصحة والعطاء .

سيدتي الحسناء حسناء العمري
إن من يقرأ جيداً لا يقل ابداعاً وعمقا عمن كتب فلا رسائل لولا متلقٍ ينتظرها ويحضنها.
اشكر لك اهتمامك مع تقديري واحترامي .