موت الشاعر حياته / جبران خليل جبران
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
موت الشاعر حياته / جبران خليل جبران
خيم الليل بجنحه فوق المدينة وألبسها الثلج ثوبا ، وهزم البرد ابن آدم من الأسواق فأختبئ في أوكاره ، وقامت الأرياح تتاوه بين المساكن كمؤبن وقف بين القبور الرخامية يرثى فريسة الموت
وكان في أطراف الاحياء بيت حقير تداعت أركانه و أثقلته الثلوج حتى اوشك أن يسقط ، وفي إحدى زوايا ذلك البيت فراش بال عليه محتضر ينظر الى سراج ضعيف يغالب الظلمة فتغلبه. فتى في ربيع العمر قد علم بقرب أجل انعتاقه من قيود الحياة فصار ينتظر المنية وعلى وجهه المصفر نور الأمل ، وعلى شفتيه ابتسامة محزنة. شاعر جاء ليفرح قلب الإنسان بأقواله الجميلة يموت جوعا في مدينة الأحياء الأغنياء. نفس شريفة هبطت مع نعم الآلهة لتجعل الحياة عذبة ، تودع دنيانا قبل أن تبتسم لها الإنسانية . منازع يلفظ أنفاسه الأخيرة وليس بقربه سوى سراج كان رفيق وحدته ، و أوراق عليها خيالات روحه اللطيفة
جمع ذلك الفتى المنازع بقايا قوة قاربت الفناء ، ورفع يديه نحو العلاء وحرك أجفانه الذابلة كأنه يريد ان يخرق بنظراته الأخيرة سقف ذلك الكوخ البالي ليرى النجوم من وراء الغيوم ثم قال :
تعالي أيتها المنية الجميلة فقد اشتاقتك نفسي ، اقتربي وحلي قيود المادة فقد تعبت ممن جرها
تعالي إلي أيتها المنية الحارة و أنقديني من بين البشر الذين يحسبونني غريبا عنهم لأني أترجم ما أسمعه من الملائكة الى لغة البشر. أسرعي نحوي فقد تخلى عني الإنسان وطرحني في زاوية النسيان لأني ام أكن طامعا بالمال نظيره ، ولا باستخدام من هو أضعف مني .
تعالي الي أيتها المنية العذبة وخذيني فأولاد بجدتي لا يحتاجوني ، ضميني الى صدرك المملوء محبة . قبلي شفتي التي لم تذق طعم قبلة الوالدة ولا لمست وجنة الاخت ولا لثمت ثغر المحبوبة . أسرعي وعانقيني يا حبيبتي المنية
انتصب اذ ذلك بجانب فراش المنازع طيف امرأة ذات جمال غير بشري ، ترتدي ثوبا ناصعا كالثلج ، وتحمل بيدها إكليل زنابق من نبت الحقول العلوية ، ثم دنت منه وعانقته وأغمضت عينه كي يراها بعين نفسه وقبلت شفتيه قبلة محبة ..قبلة تركت على شفتيه ابتسامة اكتفاء
في تلك الدقيقة أصبح ذلك البيت خاليا إلا من التراب وبعض الأوراق منثورة في زوايا الظلمة
مرت الأجيال وسكان تلك المدينة غرقى في سبات الجحود و الإهمال ، ولما استفاقو ورأت عيونهم فجر المعرفة أقامو لذلك الشاعر تمثالا عظيما في وسط لاساحة العمومية ، وعيّدو له في كل عام عيدا.. آه ما أجهل الإنسان
**
محبة وتقدير
حسناء
حسناء العمري- المشرفـة العامـة
-
عدد الرسائل : 2439
العمر : 50
البلد الأم/الإقامة الحالية : مملكة الابداع المملكة الأدبية
الشهادة/العمل : موظفة
الهوايات : كتابة الخواطر و الرسم وقراءة الشعر العربي والعالمي
تاريخ التسجيل : 16/05/2009
مواضيع مماثلة
» بدايات في حياة الأديب الكبير جبران خليل جبران
» الســـــلم والحرب من تائه جبران خليل جبران
» بين الحقيقة والخيال / جبران خليل جبران
» زيارة الحكمة / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
» الســـــلم والحرب من تائه جبران خليل جبران
» بين الحقيقة والخيال / جبران خليل جبران
» زيارة الحكمة / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى