حكاية/ جبران خليل جبران
2 مشترك
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
حكاية/ جبران خليل جبران
على ضفة النهر في ظل أشجار الجوز و الصفصاف جلس أبن زرّاع يتأمل
في المياه الجارية بهدوء وسكينة , فتى رُبي بين الحقول حيث
يتكلم كل شيء عن الحب حيث الأغصان تتعانق والأزهار تتمايل والطيور تتشبب
حيث الطبيعة بأسرها تكرز الروح ابن عشرين رأى بالامس على ضفة ينبوع
صبية جالسة بين الصبابا فأحبها ثم علم انها ابنة الامير فلام قلبه وشكا نفسه
الى نفسه لكن الملامة لاتميل بالقلب عن الحب والعدل لا يصرف النفس عن
الحقيقة والانسان بين قلبه و نفسه كغصن لين في مهب ريح الجنوب
ومهب ريح الشمال
نظر الفتى فرأى زهرة البنفسج قد نبتت قرب زهرة الأقحوان ثم سمع الهزاز
يناجي الشحرور فبكى لوحدته وانفراده ثم مرت ساعات حبه امام عينيه
مرور الأشباح قال وعواطفه تسيل مع كلماته ودموعه :
هو ذا الحب يستهزيء بي ها قد جعلني سخربة وقادني الى حيث الامال تعد عيوبا
والاماني مذلة
الحب الذي عبدته قد رفع قلبي الى قصر الامير وخفض منزلتي
الى كوخ الزراع وسار بنفسي الى جمال حورية تحيط بها الرجال ويحميها الشرف
الرفيع انا طائع ايها الحب ماذا تريد؟ قد اتبعتك على سبل نارية فلذعني اللهيب
قد فتحت عيني ولم ار غير الظلمة واطلقت لساني فلم اتكلم بغير الاسى
قد عانقني الشوق ايها الحب بمجاعة روحية لن تزول بغير قُبل الحبيب
انا ضعيف ايها الحب فلم تخاصمني وانت الاقوى ؟
لماذا تظلمني وانت العادل وانا البريء؟
لماذا تذلني ولم يكن غيرك ناصري؟ لماذا تتخلى عني وانت موجدي؟
ان جرى دمي بغير مشيئتك فاهرقه وان تحركت قدماي الى غير طريقك فشلهما
افعل مشيئتك بهذا الجسد وخل نفسي تفرح بهذه الحقول المستأمنة بظل جناحيك
الجداول تسير الى حبيبها البحر والازهار تبتسم لعشيقها النور
والغيوم تهبط نحو مريدها الوادي . وانا وبي ما لا تعرفه الجداول ولاتسمع به
الازهار وتحركه الغيوم قد رأيتني وحيدا في محنتي منفرداً في غرامي
بعيدا عن التي لا تريدني جنديا في كتائب ابوها ولا ترضاني خادما في قصرها
وسكت الفتى هنيهة كاأنه يريد ان يتعلم الكلام من خرير النهر وحفيف اوراق الغصون
ثم عاد فقال :
وانتِ يا من أخاف من اسمها ان ادعوها باسمها , ايتها المحجوبة عني بستائر
العظمة وجدران الجلال ايتها الحورية التي لااطمع بلقائها الا في الابدية حيث
المساواة , يامن تطيعها الصوارم وتنحني امامها الرقاب وتتفتح لها
الخزائن والمساجد قد ملكت قلبا قدسه الحب واستعبدت نفسا شرفها الله
وخلبت عقلا كان بالامس حرا بحرية هذه الحقول فصار اليوم أسيرا بقيود
هذا الغرام رايتك يا جميلة فعرفت سبب مجيئي الى هذا العالم
ولما عرفت رفعة منزلتك ونظرت الى حقارتي علمت ان للآلهة اسرار لا يعرفها
الانسان وسبلا تذهب بالارواح الى حيث المحبة تقضي بغير الشرائع البشرية
ايقنت لما نظرت الى عينيك ان هذه الحياة فردوس بابه القلب البشري
ولما رأيت شرفك وذلي يتصارعان صراع مارد ورئبال علمت ان هذه الارض لم تعد
وطناً لي . ظننت لما رايتك جالسة بين نسائك كالوردة بين الرياحين ان عروس
احلامي قد تجسدت وصارت بشرا مثلي ولما تخبرت مجد ابيك وجدت ان دون
اجتناء الورد اشواكا تدمي الاصابع وان ما تجمعه الاحلام تفرقه اليقظة
وقام اذ ذاك ومشى نحو الينبوع منخفص الجناح كسير القلب مجسما الاسى
والقنوات بهذه الكلمات :
تعال يا موت وانقذني فالرض التي تخنق اشواكها ازهارها لا تصلح للسكن
هلم وخلصني من ايام تخلع الحب عن كرسي مجده وتقيم الشرف العالي مكانه
خلصني يا موت فا الابدية اجدر بلقاء المحبين في هذا العالم
هناك يا موت أنتظر حبيبتي وهناك اجتمع بها
بلغ الينبوع وقد جاء المساء واخذت الشمس تلم وشاحها الذهبي عن الحقل فجلس يذرف الدموع
على حضيض وطئته اقدام ابنة الامير وقد حنى راسه على صدره كأنه يمنع يمنع قلبه من الجروح
في تلك الدقيقة ظهرت من وراء اشجار الصفصاف صبية
تجر اذيالها على الاعشاب ووقفت بجانب الفتى ووضعت يدها الحريرية على رأسه
فنظر اليها نظرة نائم ايقظه شعاع الشمس فرأى ابنة الامير واقفة حذاءه
فجثا على ركبتيه مثلما فعل موسى عندما رأى العليقة مشتعلة أمامه
ولما اراد الكلام ارتج عليه فأنابت عيناه الطافحتان بالدمع عن لسانه
ثم عانقته الصبية وقبلت شفتيه وقبلت عينيه راشفة المدامع السخينة
وقالت بصوت ألطف من نغمة الناي :
قد رأيتك يا حبيبي في احلامي , ونظرت وجهك في وحدتي وأنقطاعي
فأنت رفيق نفسي الذي فقدته ونصفي الجميل الذي انفصلت عنه عندما حكم
علي بالمجيء الى هذا العالم , قد جئت سرا يا حبيبي لألتقي بك وها انت
الآن بين ذراعي فلا تجزع فقد تركت مجد والدي لأتبعك الى اقاصي الارض
وأشرب معك كأس الحياة والموت .
قم يا حبيبي فنذهب الى البريه البعيدة عن الأنسان
ومشى الحبيبان بين الاشجار تخفيهما ستائر الليل ولا يخيفهما بطش الأمير ولا اشباح الظلمة
هناك في اطراف البلاد عثر رودا الامير على هيكلين بشريين في عنق أحدهما
قلادة ذهبية وبقربهما حجر مكتوب عليها هذه الكلمات :
قد جمعنا الحب فمن يُفرقنا وأخذنا الموت فمن يُرجعنا؟
تحياتي
حنين
حنين المدني- الملاك الحنون
-
عدد الرسائل : 904
العمر : 47
البلد الأم/الإقامة الحالية : طرطوس
الشهادة/العمل : حقوق/ بلا
الهوايات : أدب - ثقافة
تاريخ التسجيل : 09/06/2009
حسناء العمري- المشرفـة العامـة
-
عدد الرسائل : 2439
العمر : 50
البلد الأم/الإقامة الحالية : مملكة الابداع المملكة الأدبية
الشهادة/العمل : موظفة
الهوايات : كتابة الخواطر و الرسم وقراءة الشعر العربي والعالمي
تاريخ التسجيل : 16/05/2009
مواضيع مماثلة
» حكاية صديق / جبران خليل حبران
» بدايات في حياة الأديب الكبير جبران خليل جبران
» نافذة على موقع لكتابات جبران خليل جبران
» من قصيدة يا زمان الحب / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
» بدايات في حياة الأديب الكبير جبران خليل جبران
» نافذة على موقع لكتابات جبران خليل جبران
» من قصيدة يا زمان الحب / جبران خليل جبران
» قصيدة الفصول الأربعة / جبران خليل جبران
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: الأدبيــة العـامـــة :: جبرانيــات :: دمعة وابتسامة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى