شَيْخُ الْقَبِيلَةِ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
شَيْخُ الْقَبِيلَةِ
شَيْخُ الْقَبِيلَةِ
... حتى إذا أخذ مكانه في مجلسهم، أقبل على الحديث يحوكه، وعلى حركات يديه ووجهه يخيطها، فإذا بالألفاظ تنساب جميلة رائقة في آذانهم، وإذا بالقلوب تهتز لها، وتجد منها في خفقها سحرا يعجز عن وصفه كل بيان، وإذا بالمعاني تشع نوراً في الأذهان، وتغمر الأفئدة بالضياء...
ثم حدثني من أعرفه أن القوم ساروا حتى أدركهم المغيب، فحطوا الرحال على مقربة من أحد الوديان، وما إن أخذ كل منهم مكانه تحت الخيمة الكبرى حتى شرعوا يقلبون الرأي بينهم والمشورة حول من يجدونه أهلاً لخلافة شيخ قبيلتهم المتوفى...
لم تدم أصوات المتحاورين كما بدأت خافتة متزنة رزينة إلا زمناً قصيراً، ثم إنها أخذت ترتفع قليلاً قليلاً، وأخذ ميزان الإتزان يختل يسيرا فكثيرا، وكذلك حبل الرزانة لم تصمد صلابته طويلاً...
شل صخب المتحاورين أسماعهم، وتاه حوارهم في متاهات وغاب في دوامات، ومالوا به عن سبيل الجادة والصواب ميلاً عظيما، ثم إن حركاتهم هامت في كل واد، وانساقت أبصارهم وراء كل سراب، وانقادت أنفسهم الأمارة بالسوء خلف كل ريح عقيم...
بأعين جاحظة تتقاذف في ما بينها الشرر نظر كل منهم شزراً إلى من يخالفونه الرأي، ولا يشاطرونه خلاصة المشورة، فلم تستسلم القلة لصوت الكثرة، ولم تتنازل الكثرة لتقدم صوت القلة، ولم يقبل الجميع تحكيم القرعة، فظل الحسم في أمر شيخ القبيلة الجديد معلقاً...
كادوا في البدء يمدون أيديهم إلى عصيهم ليضرب بها بعضهم بعضاً، وأوشكوا بعد ذلك أن يلسع كل منهم الآخر بسوطه، ثم إنهم هموا أخيراً أن يشهروا خناجرهم وسيوفهم لولا أن تداركهم السيل الجارف برحاه، فلم يبق منهم أحداً على قيد الحياة، فاسترجع الوادي هدوءه المسلوب، وعادت إليه سكينته المغتصبة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... حتى إذا أخذ مكانه في مجلسهم، أقبل على الحديث يحوكه، وعلى حركات يديه ووجهه يخيطها، فإذا بالألفاظ تنساب جميلة رائقة في آذانهم، وإذا بالقلوب تهتز لها، وتجد منها في خفقها سحرا يعجز عن وصفه كل بيان، وإذا بالمعاني تشع نوراً في الأذهان، وتغمر الأفئدة بالضياء...
ثم حدثني من أعرفه أن القوم ساروا حتى أدركهم المغيب، فحطوا الرحال على مقربة من أحد الوديان، وما إن أخذ كل منهم مكانه تحت الخيمة الكبرى حتى شرعوا يقلبون الرأي بينهم والمشورة حول من يجدونه أهلاً لخلافة شيخ قبيلتهم المتوفى...
لم تدم أصوات المتحاورين كما بدأت خافتة متزنة رزينة إلا زمناً قصيراً، ثم إنها أخذت ترتفع قليلاً قليلاً، وأخذ ميزان الإتزان يختل يسيرا فكثيرا، وكذلك حبل الرزانة لم تصمد صلابته طويلاً...
شل صخب المتحاورين أسماعهم، وتاه حوارهم في متاهات وغاب في دوامات، ومالوا به عن سبيل الجادة والصواب ميلاً عظيما، ثم إن حركاتهم هامت في كل واد، وانساقت أبصارهم وراء كل سراب، وانقادت أنفسهم الأمارة بالسوء خلف كل ريح عقيم...
بأعين جاحظة تتقاذف في ما بينها الشرر نظر كل منهم شزراً إلى من يخالفونه الرأي، ولا يشاطرونه خلاصة المشورة، فلم تستسلم القلة لصوت الكثرة، ولم تتنازل الكثرة لتقدم صوت القلة، ولم يقبل الجميع تحكيم القرعة، فظل الحسم في أمر شيخ القبيلة الجديد معلقاً...
كادوا في البدء يمدون أيديهم إلى عصيهم ليضرب بها بعضهم بعضاً، وأوشكوا بعد ذلك أن يلسع كل منهم الآخر بسوطه، ثم إنهم هموا أخيراً أن يشهروا خناجرهم وسيوفهم لولا أن تداركهم السيل الجارف برحاه، فلم يبق منهم أحداً على قيد الحياة، فاسترجع الوادي هدوءه المسلوب، وعادت إليه سكينته المغتصبة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى