حَفْلُ الْخِتَامِ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
حَفْلُ الْخِتَامِ
حَفْلُ الْخِتَامِ
... فما إن مالت شمس ذلك اليوم إلى الغروب، حتى ضاقت القاعة بما غشيها من قبيح وشنيع الزحام، وارتجت حيطانها وأركانها بأصوات صاخبة منكرة، وأوشك السقف أن يهوي من فظاعة ما يجري داخل القاعة على كل الذين غصت بهم من أهل الرذائل والآثام...
ثم إن الأيدي امتدت إلى القنينات والتفت الأصابع حولها وحملتها برفق وتلتها الكؤوس، وسرعان ما رفع المدعوون والمدعوات من مقامها وجميعهم يقبل هامها ولا يدوس، وكأنها في أعينهم أقمار وشموس، وبعد أن تولى أحدهم سرد عبارات التمني الكاذب وهو على ما اعتاد سماعه يقيس، وبعد أن دعا بموفور الصحة ودوام السعادة وطول العمر لمن حضر الحفل قرعت الكؤوس، وقبل شرب ذات المقام العالي هامت بها النفوس، وانبعثت متبادلة بضع كلمات النفاق فحيحا من بين الشفاه وهي سم مدسوس...
سالت أم الخبائث أودية حمراء في الحلوق كالكابوس، وغاص أبوها دخانا كثيفا أسود في الصدور كالجاسوس، وفي ما بعد مالت وعبثت بالأجساد وقد لعبت ومالت في البدء بالرؤوس، وما إن انهارت الأبدان على الكراسي، حتى أراد كل منهم أن يلقي عليهم كلمة أوحت له بها غمرة سكره المهموس، ولاحت له حروفها وكأنها خلاصة باقة من الدروس، بل عد كلمته دواء يتيما لتفريج كل هم محسوس، وسلاحا كفيلا بالقضاء على هذا الشبح المزعج أو ذاك الطيف المنحوس، وكذلك زعم كلهم أنها شفاء من داء الوجه العبوس...
شبت في ما بينهم نار الخصومة المخمورة، فسب بعضهم بعضا بكلمات الفتنة النابية المقبورة، وجر كل منهم خلفها جملة من الحركات الفاحشة وسائر الإشارات الفاضحة المجرورة، ثم إن جميع من احتشد في القاعة تماسكوا وتماسكن بالأيدي فاكتملت الصورة، وتبادلوا وتبادلن الصفع واللكم فسقطت الأقنعة وانكشفت الوجوه المستورة، وفي ما بينهم وبينهن تقاذفوا وتقاذفن الكراسي والقنينات والأقداح والكؤوس وكل ما وقعت عليه أيديهم وأيديهن الموتورة، ولما بلغ التلاحم بالأيدي والأرجل ذروته المشهورة، لم يتميز ذوو وذوات الخدود المصفوعة والأوجه الملكومة عن ذوات وذوي الأكف الصافعة وقبضات الأيدي اللاكمة المسعورة...
ثم ما إن أسفر الصبح حتى صارت القاعة شاهدة على رائحة فظيعة تزكم الأنوف، ومثقلة بركام شنيع متناثر لا تطيق رؤيته الأبصار، قد تقاسمته الأجساد المنهكة المنهارة، وأصناف الأثاث المحطم، وفنون الزينة المبعثرة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... فما إن مالت شمس ذلك اليوم إلى الغروب، حتى ضاقت القاعة بما غشيها من قبيح وشنيع الزحام، وارتجت حيطانها وأركانها بأصوات صاخبة منكرة، وأوشك السقف أن يهوي من فظاعة ما يجري داخل القاعة على كل الذين غصت بهم من أهل الرذائل والآثام...
ثم إن الأيدي امتدت إلى القنينات والتفت الأصابع حولها وحملتها برفق وتلتها الكؤوس، وسرعان ما رفع المدعوون والمدعوات من مقامها وجميعهم يقبل هامها ولا يدوس، وكأنها في أعينهم أقمار وشموس، وبعد أن تولى أحدهم سرد عبارات التمني الكاذب وهو على ما اعتاد سماعه يقيس، وبعد أن دعا بموفور الصحة ودوام السعادة وطول العمر لمن حضر الحفل قرعت الكؤوس، وقبل شرب ذات المقام العالي هامت بها النفوس، وانبعثت متبادلة بضع كلمات النفاق فحيحا من بين الشفاه وهي سم مدسوس...
سالت أم الخبائث أودية حمراء في الحلوق كالكابوس، وغاص أبوها دخانا كثيفا أسود في الصدور كالجاسوس، وفي ما بعد مالت وعبثت بالأجساد وقد لعبت ومالت في البدء بالرؤوس، وما إن انهارت الأبدان على الكراسي، حتى أراد كل منهم أن يلقي عليهم كلمة أوحت له بها غمرة سكره المهموس، ولاحت له حروفها وكأنها خلاصة باقة من الدروس، بل عد كلمته دواء يتيما لتفريج كل هم محسوس، وسلاحا كفيلا بالقضاء على هذا الشبح المزعج أو ذاك الطيف المنحوس، وكذلك زعم كلهم أنها شفاء من داء الوجه العبوس...
شبت في ما بينهم نار الخصومة المخمورة، فسب بعضهم بعضا بكلمات الفتنة النابية المقبورة، وجر كل منهم خلفها جملة من الحركات الفاحشة وسائر الإشارات الفاضحة المجرورة، ثم إن جميع من احتشد في القاعة تماسكوا وتماسكن بالأيدي فاكتملت الصورة، وتبادلوا وتبادلن الصفع واللكم فسقطت الأقنعة وانكشفت الوجوه المستورة، وفي ما بينهم وبينهن تقاذفوا وتقاذفن الكراسي والقنينات والأقداح والكؤوس وكل ما وقعت عليه أيديهم وأيديهن الموتورة، ولما بلغ التلاحم بالأيدي والأرجل ذروته المشهورة، لم يتميز ذوو وذوات الخدود المصفوعة والأوجه الملكومة عن ذوات وذوي الأكف الصافعة وقبضات الأيدي اللاكمة المسعورة...
ثم ما إن أسفر الصبح حتى صارت القاعة شاهدة على رائحة فظيعة تزكم الأنوف، ومثقلة بركام شنيع متناثر لا تطيق رؤيته الأبصار، قد تقاسمته الأجساد المنهكة المنهارة، وأصناف الأثاث المحطم، وفنون الزينة المبعثرة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى