سَبْقٌ صُحُفِيٌّ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
سَبْقٌ صُحُفِيٌّ
سَبْقٌ صُحُفِيٌّ
... ثم أكب على الورقة يخط تفاصيل الحدث الجديد، الذي انفرد بمعرفة خبره دون غيره، والشوق يشده ويجذبه إلى رؤية تلك التفاصيل منشورة في يومها قبل الغد، وقد شغلت قلب الصفحة الثالثة من الصحيفة، بينما تم التمهيد لها بتقديم وجيز، وأثبتت الإشارة إليها بعنوان طويل عريض مصحوب بإحالة على الصفحة الأولى...
فما إن فرغ من الكتابة حتى شرع يقرأ على نفسه ما كتب بصوت مسموع إلى أن ختمه بقوله: ... وما يزال البحث جارياً على قدم وساق عن مدبر ومرتكب هذه الجريمة الشنعاء...
تمَّ له ما أراد قبل أن يشهد الليل منتصفه، حتى إذا أفاق الصبح واستيقظ قراء الصحف المواظبين على قراءتها، صادفت الأبصار أثناء تجوالها ما بين العناوين البارزة خبر الحدث مختزلاً في عبارة مشوقة وباعثة على إذكاء شعلة الفضول لدى القارئ، قد سخر صاحبها منتهى فطنته وحدسه وتركيزه من أجل صياغتها...
جَريمَة أغرَبُ مِنَ الخَيَالِ
تلك كانت عبارة العنوان الذي أغرى كثيراً من القراء بالتهافت على الصحيفة، وقراءة تفاصيل الحدث بنهم شديد منقطع النظير، إذ لم يمكن كل منهم عينيه من مغادرة الصفحة الثالثة، أو سمح لهما بالميل عنها ذات اليمين أو ذات الشمال، قبل أن يبلغ بهما آخر حرف من كلمة الخبر الأخيرة...
فتنته بدوره عبارة العنوان، وهي تتوسط الصفحة الأولى، منسابة بحروف حمراء تنزف دماً قانياً، وتبعث شيئاً من التقزز في أعين الناظرين، بقدر ما تقذف برعب خفي في قلوبهم، وما يشبه الدمع يتقاطر على العنوان غزيراً من فوق، يوحي بالحزن والأسى والألم، ثم إنه وجد نفسه منجذباً بقوة إلى قراءة تفاصيل الحدث من جديد، ومحاولة ارتداء أحوال القراء، وهم يبعثون الحياة بتخيلهم في ما يقرأون من مجريات الحدث...
عندما أتم قراءة ما تولى كتابته بنفسه قبل التوجه به إلى مقر الصَّحيفة ونشره، ابتسم وتساءل قائلاً: ترى كيف ستكون حال القراء إذا علموا أني من ارتكب تلك الجريمة النكراء؟...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... ثم أكب على الورقة يخط تفاصيل الحدث الجديد، الذي انفرد بمعرفة خبره دون غيره، والشوق يشده ويجذبه إلى رؤية تلك التفاصيل منشورة في يومها قبل الغد، وقد شغلت قلب الصفحة الثالثة من الصحيفة، بينما تم التمهيد لها بتقديم وجيز، وأثبتت الإشارة إليها بعنوان طويل عريض مصحوب بإحالة على الصفحة الأولى...
فما إن فرغ من الكتابة حتى شرع يقرأ على نفسه ما كتب بصوت مسموع إلى أن ختمه بقوله: ... وما يزال البحث جارياً على قدم وساق عن مدبر ومرتكب هذه الجريمة الشنعاء...
تمَّ له ما أراد قبل أن يشهد الليل منتصفه، حتى إذا أفاق الصبح واستيقظ قراء الصحف المواظبين على قراءتها، صادفت الأبصار أثناء تجوالها ما بين العناوين البارزة خبر الحدث مختزلاً في عبارة مشوقة وباعثة على إذكاء شعلة الفضول لدى القارئ، قد سخر صاحبها منتهى فطنته وحدسه وتركيزه من أجل صياغتها...
جَريمَة أغرَبُ مِنَ الخَيَالِ
تلك كانت عبارة العنوان الذي أغرى كثيراً من القراء بالتهافت على الصحيفة، وقراءة تفاصيل الحدث بنهم شديد منقطع النظير، إذ لم يمكن كل منهم عينيه من مغادرة الصفحة الثالثة، أو سمح لهما بالميل عنها ذات اليمين أو ذات الشمال، قبل أن يبلغ بهما آخر حرف من كلمة الخبر الأخيرة...
فتنته بدوره عبارة العنوان، وهي تتوسط الصفحة الأولى، منسابة بحروف حمراء تنزف دماً قانياً، وتبعث شيئاً من التقزز في أعين الناظرين، بقدر ما تقذف برعب خفي في قلوبهم، وما يشبه الدمع يتقاطر على العنوان غزيراً من فوق، يوحي بالحزن والأسى والألم، ثم إنه وجد نفسه منجذباً بقوة إلى قراءة تفاصيل الحدث من جديد، ومحاولة ارتداء أحوال القراء، وهم يبعثون الحياة بتخيلهم في ما يقرأون من مجريات الحدث...
عندما أتم قراءة ما تولى كتابته بنفسه قبل التوجه به إلى مقر الصَّحيفة ونشره، ابتسم وتساءل قائلاً: ترى كيف ستكون حال القراء إذا علموا أني من ارتكب تلك الجريمة النكراء؟...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى