كَرْبٌ شَدِيدٌ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
كَرْبٌ شَدِيدٌ
كَرْبٌ شَدِيدٌ
... وكان أهل الحي منه في بلاءٍ عظيم وسوء حالٍ مقيم، فصاروا بعد مديدِ صبر على مساوئه وقبائحه، وبعد طويل احتمال لشره وأذاه، يتمنون هلاكه، ويرجون الخلاص منه سريعاً...
ثم ما إن مات وأهالوا عليه التراب، وظنوا أنهم قد استراحوا منه ومن أمثاله، حتى ظهر بينهم فجأة من سار بينهم بسيرته وزيادة، فضاقوا بمقامه بينهم، وقالوا بلسان واحد: هذا كربٌ شديدٌ...
تلاحقت الأيام والأسابيع، وتواصلت الشهور والأعوام، وهم منه في منأى ومعزل، وهو منهم على دنو مقصود ومقربة متعمدة يتربص بهم الدوائر، ويشحذ من أجل إلحاق الأذى بهم سكاكين الدسيسة والمكيدة، ويزيد سعيه بينهم بالفساد والجور والمكر اشتعالاً، فصاروا كلما أوقد ناراً متأججة ليدب الخلاف في ما بينهم ويسود أخمدوها، وكلما بعث زوبعة مدمرة من مرقدها لتنصب التفرقة في أرضهم خيمتها أماتوها، وكلما أثار عاصفة هوجاء قصد تشتيتهم أو سيلاً جارفاً للذهاب بريحهم بددُوها، فلم يملوا يوماً مجابهة مكره وعسفه، ولم يعدموا حيناً الحيلة والوسيلة لدفع شره ووأد أذيته، فكانت لهم عليه الغلبة تلو الغلبة، وتم لهم النصر بعد النصر، إذ لم يهزمهم في الحروب التي دقَّ طبولها، ولمْ يغنم منهم شيئاً في الفتن التي أيقظها...
وذات يوم نادى المنادي أن أبشروا بما صبرتم، لقد هوى من كنتم تحذرون وتجاهدون في وبال سيرته، وليعتبر بقصته من يهم باقتفاء أثره وينوي الاقتداء به، فتلك سيئاته قد عافتها العقول السوية، وكرهتها القلوب الزكية، وذلك ذكره قد نبذته الألسن الندية، وتبرأت منه الأسماع النقية...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... وكان أهل الحي منه في بلاءٍ عظيم وسوء حالٍ مقيم، فصاروا بعد مديدِ صبر على مساوئه وقبائحه، وبعد طويل احتمال لشره وأذاه، يتمنون هلاكه، ويرجون الخلاص منه سريعاً...
ثم ما إن مات وأهالوا عليه التراب، وظنوا أنهم قد استراحوا منه ومن أمثاله، حتى ظهر بينهم فجأة من سار بينهم بسيرته وزيادة، فضاقوا بمقامه بينهم، وقالوا بلسان واحد: هذا كربٌ شديدٌ...
تلاحقت الأيام والأسابيع، وتواصلت الشهور والأعوام، وهم منه في منأى ومعزل، وهو منهم على دنو مقصود ومقربة متعمدة يتربص بهم الدوائر، ويشحذ من أجل إلحاق الأذى بهم سكاكين الدسيسة والمكيدة، ويزيد سعيه بينهم بالفساد والجور والمكر اشتعالاً، فصاروا كلما أوقد ناراً متأججة ليدب الخلاف في ما بينهم ويسود أخمدوها، وكلما بعث زوبعة مدمرة من مرقدها لتنصب التفرقة في أرضهم خيمتها أماتوها، وكلما أثار عاصفة هوجاء قصد تشتيتهم أو سيلاً جارفاً للذهاب بريحهم بددُوها، فلم يملوا يوماً مجابهة مكره وعسفه، ولم يعدموا حيناً الحيلة والوسيلة لدفع شره ووأد أذيته، فكانت لهم عليه الغلبة تلو الغلبة، وتم لهم النصر بعد النصر، إذ لم يهزمهم في الحروب التي دقَّ طبولها، ولمْ يغنم منهم شيئاً في الفتن التي أيقظها...
وذات يوم نادى المنادي أن أبشروا بما صبرتم، لقد هوى من كنتم تحذرون وتجاهدون في وبال سيرته، وليعتبر بقصته من يهم باقتفاء أثره وينوي الاقتداء به، فتلك سيئاته قد عافتها العقول السوية، وكرهتها القلوب الزكية، وذلك ذكره قد نبذته الألسن الندية، وتبرأت منه الأسماع النقية...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى