مَجْمَعُ اللِّئَامِ
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
مَجْمَعُ اللِّئَامِ
مَجْمَعُ اللِّئَامِ
... ثم إنهم حشدوا ما استطاعوا إليه سبيلاً من إثم ومنكر لبلوغ غايتهم الذميمة، واستجمعوا سائر ما اختمر لديهم من خبث ومكر وحقد معتق وخديعة مقيمة، وجميع ما راكموه من غدر وغيبة وكره ونميمة، فسعوا بخلاصة كراهيتهم السوداء وبغضهم الأسود إلى ارتكاب كل حماقة وحشية وخاصة تلك الجريمة، بعد أن اتخذوا من أسباب الشر فتناً كقطع الليل الوخيمة، وبينهم وبين الباطل والظلم مدوا الجسور الحميمة، وصافحوا بأيديهم الملطخة بالدماء والكبائر سائر الأيادي الأثيمة...
لم يغادروا من المنكرات والقبائح والشنائع جديدة ولا قديمة، وحرصوا على تناسل أذيتهم حتى لا تكون عقيمة، وسهروا على إتمام جميع ضرباتهم بحزم معتم وبظلماء العزيمة، فأجمعوا أمرهم بياتا على أن تنفذ سهامهم ورماحهم وسيوفهم عميقاً في نفوس الأبرياء وأجسادهم وتسحب منها معافاة سليمة، وعلى أن تكون سمومهم قاتلة فاتكة وغير سقيمة...
كرهوا أن يوصفوا يوما بذوي القلوب البيضاء الرَّحيمة، ومقتوا أن ينعتوا بأصحاب الوجوه الوسيمة، أو أن تقترن آراؤهم بصفة السديدة الحكيمة، ولا أن يشار إليهم مقترنين بالحلم والعلم وبحسن السيرة القويمة، فهذه في عرفهم أكبر هجَاء لهم وأعظم شتيمة، ثم إنهم لم يقصروا في أن يظل أعداؤهم الكرام فريستهم المفضلة ومأدبتهم المشتهاة ساعة حلول كل وليمة، وحثوا أنفسهم على أن يجودوا عليهم قبل افتراسهم بأصناف الأذيات الأليمة...
زحفوا عليهم ليلاً كالذئاب، وأطبقوا عليهم بمخالب الغدر وأنياب القهر التي غاصوا عميقاً بها في أذهانهم كما غاصوا بما شحذوا في القلوب والرقاب، فلم يرأفوا بصغير ولا صغيرة، وساموهم سوء العذاب، ولم يرحموا شيخاً كبيراً ولا امرأة عجوزاً، وأذاقوهم ما قرَّروا في ما بينهم ارتكابه وسمَّوه شديد العقاب، فصيروهم حصيداً من الجثث وأهالوا عليهم ما غزُر من التراب، ثم إنهم سوَّوا بمنازلهم الأرض بعد أن سبَّحوا باسم الخراب، وأخذ كل منهم ينعق مفتخراً ببطشه مزهواً بطيشه كالغراب...
حتى إذا ملتهم فظائعهم وسئموها، ولم يبق في تلك البلدة التي أبادوا أهلها سواهم ومن خانوها، نصبوا الخيام الفخمة وزينوها، وبالزرَابي الحمراء القانية فرشوها، ثم أحضِرت بين أيديهم الموائد الفاخرة فنهشُوها، وأدِيرت عليهم المُدَامة طوال الليل فأمَالت رؤوسهم وبأيديهم أمالوهَا، وَأرسلت كلُّ ذاتِ صَوتٍ مُنكرٍ صَوتها بالغناء فقلدُوها...
ثم إنهم أصبحوا في حال عافتها الكلاب الشاردة، فأغارت عليهم ريحٌ عاصف اقتلعت خيامهم فصَارت كومَة على غيِّهم وجورهم شاهدة، وداهمهُم رعدٍ قاصِفٌ وبرق خاطفٌ اجتث نور أبصَارهم وذهب بأسماعهم فغدوا في أماكنهم أبداناً جامدة، ثم هوت عليهم الأمطار شديدة غزيرة فأغرقت رحالهم بغارة واحدة، وانقضت عليهم السيول من كلِّ حدب وصوْب فجرفتهم إلى هوة سحيقة حيث غيبتهم في ظلماتها الكثيفة الراكدَة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... ثم إنهم حشدوا ما استطاعوا إليه سبيلاً من إثم ومنكر لبلوغ غايتهم الذميمة، واستجمعوا سائر ما اختمر لديهم من خبث ومكر وحقد معتق وخديعة مقيمة، وجميع ما راكموه من غدر وغيبة وكره ونميمة، فسعوا بخلاصة كراهيتهم السوداء وبغضهم الأسود إلى ارتكاب كل حماقة وحشية وخاصة تلك الجريمة، بعد أن اتخذوا من أسباب الشر فتناً كقطع الليل الوخيمة، وبينهم وبين الباطل والظلم مدوا الجسور الحميمة، وصافحوا بأيديهم الملطخة بالدماء والكبائر سائر الأيادي الأثيمة...
لم يغادروا من المنكرات والقبائح والشنائع جديدة ولا قديمة، وحرصوا على تناسل أذيتهم حتى لا تكون عقيمة، وسهروا على إتمام جميع ضرباتهم بحزم معتم وبظلماء العزيمة، فأجمعوا أمرهم بياتا على أن تنفذ سهامهم ورماحهم وسيوفهم عميقاً في نفوس الأبرياء وأجسادهم وتسحب منها معافاة سليمة، وعلى أن تكون سمومهم قاتلة فاتكة وغير سقيمة...
كرهوا أن يوصفوا يوما بذوي القلوب البيضاء الرَّحيمة، ومقتوا أن ينعتوا بأصحاب الوجوه الوسيمة، أو أن تقترن آراؤهم بصفة السديدة الحكيمة، ولا أن يشار إليهم مقترنين بالحلم والعلم وبحسن السيرة القويمة، فهذه في عرفهم أكبر هجَاء لهم وأعظم شتيمة، ثم إنهم لم يقصروا في أن يظل أعداؤهم الكرام فريستهم المفضلة ومأدبتهم المشتهاة ساعة حلول كل وليمة، وحثوا أنفسهم على أن يجودوا عليهم قبل افتراسهم بأصناف الأذيات الأليمة...
زحفوا عليهم ليلاً كالذئاب، وأطبقوا عليهم بمخالب الغدر وأنياب القهر التي غاصوا عميقاً بها في أذهانهم كما غاصوا بما شحذوا في القلوب والرقاب، فلم يرأفوا بصغير ولا صغيرة، وساموهم سوء العذاب، ولم يرحموا شيخاً كبيراً ولا امرأة عجوزاً، وأذاقوهم ما قرَّروا في ما بينهم ارتكابه وسمَّوه شديد العقاب، فصيروهم حصيداً من الجثث وأهالوا عليهم ما غزُر من التراب، ثم إنهم سوَّوا بمنازلهم الأرض بعد أن سبَّحوا باسم الخراب، وأخذ كل منهم ينعق مفتخراً ببطشه مزهواً بطيشه كالغراب...
حتى إذا ملتهم فظائعهم وسئموها، ولم يبق في تلك البلدة التي أبادوا أهلها سواهم ومن خانوها، نصبوا الخيام الفخمة وزينوها، وبالزرَابي الحمراء القانية فرشوها، ثم أحضِرت بين أيديهم الموائد الفاخرة فنهشُوها، وأدِيرت عليهم المُدَامة طوال الليل فأمَالت رؤوسهم وبأيديهم أمالوهَا، وَأرسلت كلُّ ذاتِ صَوتٍ مُنكرٍ صَوتها بالغناء فقلدُوها...
ثم إنهم أصبحوا في حال عافتها الكلاب الشاردة، فأغارت عليهم ريحٌ عاصف اقتلعت خيامهم فصَارت كومَة على غيِّهم وجورهم شاهدة، وداهمهُم رعدٍ قاصِفٌ وبرق خاطفٌ اجتث نور أبصَارهم وذهب بأسماعهم فغدوا في أماكنهم أبداناً جامدة، ثم هوت عليهم الأمطار شديدة غزيرة فأغرقت رحالهم بغارة واحدة، وانقضت عليهم السيول من كلِّ حدب وصوْب فجرفتهم إلى هوة سحيقة حيث غيبتهم في ظلماتها الكثيفة الراكدَة...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى