عَرْكُ الرَّحَى
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
عَرْكُ الرَّحَى
عَرْكُ الرَّحَى
... فمَا إن سلق بعضهم بعضاً بألسنة حدادٍ، حتى نشب القتال وشبت حربٌ هوجاء، فمال كلٌّ منهم بالأذية على أخيه، وقطعوا على مرأى منهم ومسمع حبل الوداد، وتقاذفوا بأحقادهم المعتمة السوداء، ثمَّ تراشقوا بخطاباتٍ مثقلة بالهجاء ودامس المداد، فرمى كل منهم الآخر بحجارة عداوته العمياء، وأعملوا في ما بينهم سيوف مقت شدادٍ، وبرماح كرههم الشديد تراموا ونصبوا بينهم حرابَ البغضاء، ثم قطعوا عهداً على أنفسهم أن لا يلبسَ أحدٌ منهم على قتلاهُ ثوب الحدادِ، وتمادوا في غيهم وطغيانهم وأبواْ إلا إيثار أمَّ قشعَم وركوب الظلماء...
اجتثوا من أفئدتهم خلاصة ما كان قد جمع بينهم من اتحاد، وغرسواْ فيها قهراً وغصباً نيران الفرقة والشحناء، فدقواْ لتناحرهم أوتاد الشناعة والعناد، وَهبَّت كل طائفة على أخواتها بريحها الخبيثة الرعناء، ثمَّ أطلقوا جميعاً العنان للهيبهم بعدما نثروا الرَّماد، ودسوا سموم أفاعي مكائدهم الرقطاء، فصنعواْ لنومهم من منكراتهم أقبح الوسَادِ، ثمَّ اتخذوا من جثت إخوانهم الفراش والغطاء، فطابت لهم رؤية آثار أفعالهم الحمقاء، وظنوا أنَّ كلَّ صيحة لهُم هزيمة لمَن سواهم، وهي لنصرهم أسٌّ وعماد...
أنشدَ كلُّ فريق قصيدة العبث ومعلقة سفك الدماء، ونثر أشواك بأسه وقطران صريح الفساد، فأنبتوا في أرضهم وابلاً من العقبات الكأداء، ثم كره الجميع الخروج من ظلمات الجهل والتخلي عن خطبة غيابات جبروتهم العصمَاء، وأبواْ إلاَّ أن يعرضوا عن الحق وينأوا عن سبيل الرشَاد، فجادُوا على النور بالأعين العشوَاء، وأصبح كل حزب بالذي اقترفت يداه فرحاً بين الأنداد، فضلَّ سعيهم وخاب مسعاهم إذ ألقوا النصح الجميل خلف ظهورهم، ولم يضنوا عليه بآذانهم الصماء، وحسبوا واهمين أن لهم مع النصر بعد الجهادِ ألف ميعاد وميعادٍ، وأن لهم في حرب إخوانهم المكرمة والخاتمة الحسناء، ثم إنهم جزموا برفعة شأنهم وعلو مكانتهم بعد أن غرسَ الخراب والهلاك أنيابهما في البلاد والعبادِ، فوسمُوا من سوَاهم بالهزيمة والذلة النكراء، ونسبوا إليهم تمَام العزة وَمَجْدَ الأمجَادِ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
... فمَا إن سلق بعضهم بعضاً بألسنة حدادٍ، حتى نشب القتال وشبت حربٌ هوجاء، فمال كلٌّ منهم بالأذية على أخيه، وقطعوا على مرأى منهم ومسمع حبل الوداد، وتقاذفوا بأحقادهم المعتمة السوداء، ثمَّ تراشقوا بخطاباتٍ مثقلة بالهجاء ودامس المداد، فرمى كل منهم الآخر بحجارة عداوته العمياء، وأعملوا في ما بينهم سيوف مقت شدادٍ، وبرماح كرههم الشديد تراموا ونصبوا بينهم حرابَ البغضاء، ثم قطعوا عهداً على أنفسهم أن لا يلبسَ أحدٌ منهم على قتلاهُ ثوب الحدادِ، وتمادوا في غيهم وطغيانهم وأبواْ إلا إيثار أمَّ قشعَم وركوب الظلماء...
اجتثوا من أفئدتهم خلاصة ما كان قد جمع بينهم من اتحاد، وغرسواْ فيها قهراً وغصباً نيران الفرقة والشحناء، فدقواْ لتناحرهم أوتاد الشناعة والعناد، وَهبَّت كل طائفة على أخواتها بريحها الخبيثة الرعناء، ثمَّ أطلقوا جميعاً العنان للهيبهم بعدما نثروا الرَّماد، ودسوا سموم أفاعي مكائدهم الرقطاء، فصنعواْ لنومهم من منكراتهم أقبح الوسَادِ، ثمَّ اتخذوا من جثت إخوانهم الفراش والغطاء، فطابت لهم رؤية آثار أفعالهم الحمقاء، وظنوا أنَّ كلَّ صيحة لهُم هزيمة لمَن سواهم، وهي لنصرهم أسٌّ وعماد...
أنشدَ كلُّ فريق قصيدة العبث ومعلقة سفك الدماء، ونثر أشواك بأسه وقطران صريح الفساد، فأنبتوا في أرضهم وابلاً من العقبات الكأداء، ثم كره الجميع الخروج من ظلمات الجهل والتخلي عن خطبة غيابات جبروتهم العصمَاء، وأبواْ إلاَّ أن يعرضوا عن الحق وينأوا عن سبيل الرشَاد، فجادُوا على النور بالأعين العشوَاء، وأصبح كل حزب بالذي اقترفت يداه فرحاً بين الأنداد، فضلَّ سعيهم وخاب مسعاهم إذ ألقوا النصح الجميل خلف ظهورهم، ولم يضنوا عليه بآذانهم الصماء، وحسبوا واهمين أن لهم مع النصر بعد الجهادِ ألف ميعاد وميعادٍ، وأن لهم في حرب إخوانهم المكرمة والخاتمة الحسناء، ثم إنهم جزموا برفعة شأنهم وعلو مكانتهم بعد أن غرسَ الخراب والهلاك أنيابهما في البلاد والعبادِ، فوسمُوا من سوَاهم بالهزيمة والذلة النكراء، ونسبوا إليهم تمَام العزة وَمَجْدَ الأمجَادِ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
السندباد
aghanime@hotmail.com
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: زاوية الدكتور عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي (السندباد)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى