حوار مع القاصّة والروائيّة السُّورية ابتسام ابراهيم التريسي
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع القاصّة والروائيّة السُّورية ابتسام ابراهيم التريسي
حوار مع القاصّة والروائيّة السُّورية ابتسام ابراهيم التريسي
ابتسام إبراهيم التريسي
مواليد أريحا 1959، خريجة كلية الآداب، قسم اللغة العربية/جامعة حلب، عملت بعض الوقت في التدريس في الكويت.
نشأت في بلدة صغيرة، وجّهها والدها ـ رحمه الله ـ لقراءات معينة، فقرأت في مرحلة مبكرة طه حسين، محمد عبد الحليم عبد الله، جبران، المنفلوطي، ومحمود درويش ـ ومنع عنها قصص وروايات إحسان عبد القدوس وأشعار نزار قباني!
في مرحلة لاحقة قرأت أعمال نجيب محفوظ، وغادة السمّان، ومعظم الأعمال المترجمة عن الروسية، تولستوي وتشيخوف وغوركي وتورجينيف، وعن الفرنسية موباسان وهيجو، وقرأت أعمال ديكنز وجميس جويس، الأخوات برونتي، ورائعة ميتشيل ذهب مع الريح .. وكان لبعض أصدقائها تأثيرات في قراءاتها، فهرّبت بعض الكتب عن أعين الرقابة البيتية، وقرأت معظم الشعراء السوريين، بالإضافة إلى الأعمال العراقية التي كثرت في نهايات السبعينات.
في الجامعة تنوَّعت قراءاتها وعلاقاتها بالناس، فدخلت عوالم جبرا، الطيب صالح، واسيني الأعرج، زكريا تامر، حنا مينة، حيدر حيدر، واكتشفت إبراهيم الكوني متأخرة!
بالإضافة لقراءة عالم الرواية الرحب، كانت تواظب قراءة الشعر، فقد قرأت معظم الأعمال الشعرية الكاملة لمشاهير الشعراء العرب بالإضافة لقراءة القديم ، المفروض ضمن المنهاج الدراسي.
كان العالم الأجمل الذي اكتشفته، عندما درست في قسم اللغات السامية بعد تخرجها، عالم الباحث السوري فراس السوّاح، لقد شدّتها كتبه إلى درجة الهوس، فركّزت قراءاتها على الميثولوجيا، ليس بدافع الدراسة فقط، بل لحبّها الشديد لكتابات فراس السوّاح بالذات. وقد أضفَت الأوقات التي قضتها في المتحف، ودراستها للآثار جوّاً من السحر والفتنة، أثرت مخيلتها.
نشرت في مجلة المرأة السورية، والثقافة الأسبوعية، وجريدة الفداء، والجماهير.
شكّل لها الزواج صدمة سحبها من أجواء عشتار لترميها على حدِّ سكّين الحياة.
طفلها الأول أصابها بنوع من الهستريا الجميلة، كانت تحبُّه وتكرهه، عانت كثيراً حتّى تخلّصت من آثار الحريّة، واكتفت ببيتها وأولادها. لا تعرف كيف مضت السنوات، فجأة وبدون مقدمات توفي والدها، أحسّت أنَّ شيئاً ما لسعها في القلب، كانت ترى نفسها طفلة، تتخيله كحلم من أحلام اليقظة يمسك يدها لينقّط لها الأحرف ويمشي بيدها على الورق الأبيض، تسمع ضحكته وهو يقرأ لها، كان حلمه أن تدرس ابنته في مستقبل الأيام الصحافة، كان يرى نفسه فيها ويعتقد أنّها ستحقِّق الحلم الذي لم يستطِع هو تحقيقه!
فجأة صحَت من غيبوبة الواقع، خرجت إلى الدنيا بعد ثلاثة عشر عاماً من البيات الشتوي !
كانت تشعر أن أصابعها اليابسة تحكّها، وتصرخ بها، ربّما كانت مثقلة الضمير، فها قد مات والدها دون أن يرى من حلمه شيئا! وقرَّرت أن تكتب له، فجاءت مجموعتها الأولى على عجل، ثمّ بدأتْ بكتابة جبل السّماق، صوّرتْ في الجزء الأول كفاحه ليتعلم وسط مجتمع جاهل يعاني من الاحتلال وبطش الأب. في الجزء الثاني حكَت قصّته مع الحياة ونضاله سياسياً واجتماعياً. وها هي بعد سنوات خمس من الكتابة المستمرة، لا زالت تشعر بالتقصير، ولا زالت تشعر أنّها لم تحقِّق جزءاً من حلمه، الكتابة عندها أشبه ما تكون بحلم مفتوح فوق رحاب الحياة.
أصدرت حتّى الآن رواية ومجوعتين قصصيتين:
جذور ميتة ـ 2001 ـ مجموعة قصصية ـ نالت الجائزة الأولى لدار سعاد الصباح
جبل السّماق ـ رواية ـ دار فصّلت حلب ـ 2004
نساء بلا هديل ـ مجموعة قصصية ـ الجائزة الأولى لموقع لها أون لاين
ولديها تحت الطبع:
رواية ـ ذاكرة الرَّماد
رواية ـ الجزء الثاني من جبل السّماق
مجموعة قصصية ـ امرأة في المحاق
بعد إطلاعي على الكثير من فضاءات كتاباتها وبعد تواصل عبر الشبكة العنكبوتية، أحببت أن أجري مع القاصّة والروائية ابتسام تريسي حواراً حول تجربتها في عالم القصة والرواية، فكان نتاج تواصلنا هذا الحوار:
1 ـ كيف ترعرعَتْ عندكِ ميول الكتابة، وكيفَ تشكَّلت معالم هذه الميول والاهتمامات؟!
أعتقد أنّ تلك الميول توجد في جينات الإنسان، الثقافة والنشأة لا تصنعان كاتباً، (الكاتب السوري حنا مينة أكبر مثال على ذلك). تأتي النشأة في تدعيم الموهبة والكشف المبكر عنها. كان لأبي الدَّور الأول في رعاية موهبتي وأنا صغيرة، فقد اهتمَّ بتوجيهي إلى القراءة، واختار لي الأفضل ـ من وجهة نظره ـ كتبت القصّة وأنا في العاشرة من عمري، وبعدها أخذني الشعر وأنا مراهقة، واندفعت للنشر والظهور مبكراً.
2 ـ الكتابة هي مغامرة من نوعٍ خاص، يغلِّفها لذّة غامضة أثناء الابحار في فضاءات الكتابة، ما هي الدوافع التي تدفعكِ للإبحار في عوالم الكتابة ؟
أحلّق على أجنحة الحلم لأصطاد فراشات الكلمات، مندفعة للاغتسال بنبع عذب بعد شقاء يحاصرني ويضغط على روحي، تكون الكتابة أحياناً طريقاً للخلاص من أزمات أعيشها (اقتصادية، سياسية، اجتماعية). أبحث أثناء الإبحار في لجة الحرف عن منارة تقيني التيه والغرق في محيطات الحياة الغامضة. الكتابة بالنسبة لي كشف عن الذات وقاية للنفس من الصَّدمات.
3 ـ كيف تولد عندكِ فكرة القصّة، هل تستمدِّينها من تجاربكِ في الحياة أم تستوحينها من محض الخيال، أم يتداخل في رحاب القصة الواقع والخيال معاً؟
تولد القصّة دفعة واحدة من فكرة تسيطر أولا على تفكيري، وتخرج خليطاً من قصص الحياة، ممتزجة بتجارب شخصية، بنكهة الخيال. لا توجد قصّة ـ في اعتقادي ـ مخلصة للحدث الأصلي مهما كانت واقعيتها، ولابدّ للكاتب من إضفاء نبضة من قلبه وروحه إليها فيمتزج ما هو شخصي بما هو عام، ويتدخل الخيال ليعطي نكهة التحليق للغة والأسلوب.
4 ـ عندما تبدأين بكتابة قصة ما، هل يطرأ عليها تغيير ما وتتنامى الأحداث بطريقة لا يمكن توقعها قبل لحظة الكتابة أم أنكِ تخطِّطين لمتون القصّة بطريقة مسبقة، كيف تولد عندكِ فضاءات القصّة؟!
لم يسبق أن وضعت مخططاً لقصّة، إنّما أجد نفسي تلحُّ عليّ للإمساك بالقلم حين تجتاحني فكرة ما أو إحساس ما، فأبدأ الكتابة، وتتدفَّق الكلمات لوحدها لتصبغ بياض الورق، غالباً ما أترك الشخصية تتحدث على سجيتها دون توجيه مني، فيتنامى الحدث خارج إرادتي، وتتطوَّر الشخصيّة فارضة نفسها عليّ، ودوري يقتصر على وسيط يمسك بالقلم لينقل دفقة عاطفية وذهنية، قد أتدخَّل فيما بعد لتشذيب عبارة ما، وتصحيح بعض الأخطاء، وأحياناً لا أفعل!
5 ـ هل تتحكَّمين بأحداث القصّة كما تريدين أم أنكِ تصادفين أحياناً شخصيات مشاكسة عبر سير الأحداث فتسير هذه الشخصيات على عكس ما تودِّين رسمها فتأتي أحداث القصة كما ترتأي شخصيات القصّة؟
نعم، في القصّة تفرض الشخصيات نفسها عليّ غالباً، وإن حاولت التدخُّل، لا تلتفت إليّ، فأجدني منساقة لرغباتها وتقلباتها ومشاكساتها، أمّا في الرواية، فأنا الخالقة لكلّ شيء، أتحكَّم بالشخصيات بعد أن أرسم لها مصيرها، تطورها، مشاكلها، أميتها وأحييها، وأنتقم لنفسي من تسلُّط شخصياتي القصصية.
6 ـ كيف تتعاملين مع شخصيات قصصكِ، هل تشعرين أحياناً أن هناك صراعاً بينكِ وبينها، وكيف تعالجين هذا الصراع أو الاختلاف؟
غالباً ما تكون شخصياتي متمردة، غاضبة، تريد الخروج من قوقعة اللغة، والمحرمات، والتمرُّد على قوانين القصّ لتتصرف بطريقة السرد، ولكن الرقيب القابع في ذهني يلجمها غالباً، أطمح لكتابة حرّة، أجربها الآن في روايتي الجديدة ، أتجاوز فيها تسلُّط الرقابة الذاتية. أمّا خلافي مع شخصياتي فيأتي من كوني أتحدَّث غالباً بلسانها عن أشياء بعيدة عن شخصيتي، وأعالج الاختلاف بالحب، دائماً أشعر أنّي أحب الشخصية الّتي أتحدَّث بلسانها وإن اختلفت معها في الفكر والتصرُّفات، وحبي لها يطغى على إحساسي بخطأ الشخصيّة، فمثلاً، في روايتي جبل السّماق، أحببت لحلوحة إلى درجة جعلتني أدافع عنها بتبرير تصرفاتها، وتقديمها إلى القارئ كإنسانة يتعاطف معها ويحبها رغم وضعها الاجتماعي الذي يُفترض بي أن أدينه!
7 ـ اللغة، البناء، السَّرد، عنصر التشويق، المكان، الزَّمان، الشَّخصيات، الحوار، المدخل، الإقفال، كيف تتعاملين مع هذه العناصر التي تشكِّل أركان وحيثيات القصَّة؟
للمكان أهمية خاصة عندي، أحبُّ القصص الّتي تفوح رائحة بيئتها من بين سطورها، أمّا الزَّمان فأنا متَّهمة بمحبتي للزمن الطويل الذي يتنافى مع تكوين القصة القصيرة، لا أفتعل أسلوباً معيناً، ولا أتعمّد وضع أسس لقصَّتي قبل البدء في الكتابة، لذا أعتبر كتابتي للقصة حتّى هذه اللحظة كتابة هاوية، تأتي بشكل تلقائي بسيط، رغم ملاحظة البعض أنّي أبتعد عن البساطة! المدخل إلى القصة يأتي طبيعياً، أمّا الشخصيات فأرسم ملامحها في مخيَّلتي قبل البدء بالكتابة. الحوار يكسر حدّة السّرد ويخفِّف من التدفُّق الطبيعي للحكاية، أمّا النهاية، (نقطة التنوير) فهذه لا تأتي تلقائية بل أحاول أن أخطِّط لها أثناء السّرد لأصل إلى الغاية المرجوَّة من القصّة، شدّ القارئ وإمتاعه، قد أفلح أحياناً وقد أفشل، هذا يقرِّره النقد!
8 ـ كيف تبدأين بكتابة القصّة؟ هل تمرُّ القصَّة بمراحل ما، أم أنها تولد دفعة واحدة؟
يحدث أن أستيقظ من النَّوم عصراً أو صباحاً، فأجد نفسي تتحدَّث إليّ بلسان شخصيّة ما فأمسك القلم وأبدأ الكتابة، ولا أتوقَّف حتّى تنتهي من قول ما تريد، عندها تنتابني الدهشة وأحياناً عدم الرضا، يتبع ذلك قناعتي بجودة أو فشل ما كتبته.
9 ـ ماذا يعني لكِ القارئ لحظة كتابة القصّة، هل تفكِّرين به وبالرقيب أم أنَّكِ تفكرين بالقصّة نفسها بعيداً عن أي رقيب، وهل تشعرين أنكِ مقيَّدة بجملة من القيود فتأتي القصَّة مكبَّلة ببعض القيود التي ترهق متون القصّ؟!
لا أفكّر بقارئ القصّة أثناء الكتابة ولا قبلها، يحدث ذلك بعد نشر النصّ، لكن الرقيب! إنّه هنا، يسكن دماغي وشرايين أصابعي، فأشعر بالشلل والعجز، والتصلُّب، فأتوقَّف غالباً عن كتابة نصوص بدأت بها، ليقيني أنّي لا أملك الجرأة على نشرها، وهذا لا يعني أنّي لا أتحايل أحياناً على الرقيب بالدوران حول الموضوع الذي أريد طرحه والتلميح إليه، بشكل لا يجرحني (إنْ كان الموضوع متعلِّقاً بالجسد) وبحيث لا تطالني يد العقاب (إنْ كان الموضوع سياسياً) أعتقد أنّ سلطة الخوف داخلنا أقوى من سلطة الإبداع! تبقى مسألة قتل الرَّقيب في الدَّاخل بحاجة إلى تدريب وقد يكون قاسياً فالتخلص منه ليس بالأمر السَّهل على ما أعتقد.
يتبع
ابتسام إبراهيم التريسي
مواليد أريحا 1959، خريجة كلية الآداب، قسم اللغة العربية/جامعة حلب، عملت بعض الوقت في التدريس في الكويت.
نشأت في بلدة صغيرة، وجّهها والدها ـ رحمه الله ـ لقراءات معينة، فقرأت في مرحلة مبكرة طه حسين، محمد عبد الحليم عبد الله، جبران، المنفلوطي، ومحمود درويش ـ ومنع عنها قصص وروايات إحسان عبد القدوس وأشعار نزار قباني!
في مرحلة لاحقة قرأت أعمال نجيب محفوظ، وغادة السمّان، ومعظم الأعمال المترجمة عن الروسية، تولستوي وتشيخوف وغوركي وتورجينيف، وعن الفرنسية موباسان وهيجو، وقرأت أعمال ديكنز وجميس جويس، الأخوات برونتي، ورائعة ميتشيل ذهب مع الريح .. وكان لبعض أصدقائها تأثيرات في قراءاتها، فهرّبت بعض الكتب عن أعين الرقابة البيتية، وقرأت معظم الشعراء السوريين، بالإضافة إلى الأعمال العراقية التي كثرت في نهايات السبعينات.
في الجامعة تنوَّعت قراءاتها وعلاقاتها بالناس، فدخلت عوالم جبرا، الطيب صالح، واسيني الأعرج، زكريا تامر، حنا مينة، حيدر حيدر، واكتشفت إبراهيم الكوني متأخرة!
بالإضافة لقراءة عالم الرواية الرحب، كانت تواظب قراءة الشعر، فقد قرأت معظم الأعمال الشعرية الكاملة لمشاهير الشعراء العرب بالإضافة لقراءة القديم ، المفروض ضمن المنهاج الدراسي.
كان العالم الأجمل الذي اكتشفته، عندما درست في قسم اللغات السامية بعد تخرجها، عالم الباحث السوري فراس السوّاح، لقد شدّتها كتبه إلى درجة الهوس، فركّزت قراءاتها على الميثولوجيا، ليس بدافع الدراسة فقط، بل لحبّها الشديد لكتابات فراس السوّاح بالذات. وقد أضفَت الأوقات التي قضتها في المتحف، ودراستها للآثار جوّاً من السحر والفتنة، أثرت مخيلتها.
نشرت في مجلة المرأة السورية، والثقافة الأسبوعية، وجريدة الفداء، والجماهير.
شكّل لها الزواج صدمة سحبها من أجواء عشتار لترميها على حدِّ سكّين الحياة.
طفلها الأول أصابها بنوع من الهستريا الجميلة، كانت تحبُّه وتكرهه، عانت كثيراً حتّى تخلّصت من آثار الحريّة، واكتفت ببيتها وأولادها. لا تعرف كيف مضت السنوات، فجأة وبدون مقدمات توفي والدها، أحسّت أنَّ شيئاً ما لسعها في القلب، كانت ترى نفسها طفلة، تتخيله كحلم من أحلام اليقظة يمسك يدها لينقّط لها الأحرف ويمشي بيدها على الورق الأبيض، تسمع ضحكته وهو يقرأ لها، كان حلمه أن تدرس ابنته في مستقبل الأيام الصحافة، كان يرى نفسه فيها ويعتقد أنّها ستحقِّق الحلم الذي لم يستطِع هو تحقيقه!
فجأة صحَت من غيبوبة الواقع، خرجت إلى الدنيا بعد ثلاثة عشر عاماً من البيات الشتوي !
كانت تشعر أن أصابعها اليابسة تحكّها، وتصرخ بها، ربّما كانت مثقلة الضمير، فها قد مات والدها دون أن يرى من حلمه شيئا! وقرَّرت أن تكتب له، فجاءت مجموعتها الأولى على عجل، ثمّ بدأتْ بكتابة جبل السّماق، صوّرتْ في الجزء الأول كفاحه ليتعلم وسط مجتمع جاهل يعاني من الاحتلال وبطش الأب. في الجزء الثاني حكَت قصّته مع الحياة ونضاله سياسياً واجتماعياً. وها هي بعد سنوات خمس من الكتابة المستمرة، لا زالت تشعر بالتقصير، ولا زالت تشعر أنّها لم تحقِّق جزءاً من حلمه، الكتابة عندها أشبه ما تكون بحلم مفتوح فوق رحاب الحياة.
أصدرت حتّى الآن رواية ومجوعتين قصصيتين:
جذور ميتة ـ 2001 ـ مجموعة قصصية ـ نالت الجائزة الأولى لدار سعاد الصباح
جبل السّماق ـ رواية ـ دار فصّلت حلب ـ 2004
نساء بلا هديل ـ مجموعة قصصية ـ الجائزة الأولى لموقع لها أون لاين
ولديها تحت الطبع:
رواية ـ ذاكرة الرَّماد
رواية ـ الجزء الثاني من جبل السّماق
مجموعة قصصية ـ امرأة في المحاق
بعد إطلاعي على الكثير من فضاءات كتاباتها وبعد تواصل عبر الشبكة العنكبوتية، أحببت أن أجري مع القاصّة والروائية ابتسام تريسي حواراً حول تجربتها في عالم القصة والرواية، فكان نتاج تواصلنا هذا الحوار:
1 ـ كيف ترعرعَتْ عندكِ ميول الكتابة، وكيفَ تشكَّلت معالم هذه الميول والاهتمامات؟!
أعتقد أنّ تلك الميول توجد في جينات الإنسان، الثقافة والنشأة لا تصنعان كاتباً، (الكاتب السوري حنا مينة أكبر مثال على ذلك). تأتي النشأة في تدعيم الموهبة والكشف المبكر عنها. كان لأبي الدَّور الأول في رعاية موهبتي وأنا صغيرة، فقد اهتمَّ بتوجيهي إلى القراءة، واختار لي الأفضل ـ من وجهة نظره ـ كتبت القصّة وأنا في العاشرة من عمري، وبعدها أخذني الشعر وأنا مراهقة، واندفعت للنشر والظهور مبكراً.
2 ـ الكتابة هي مغامرة من نوعٍ خاص، يغلِّفها لذّة غامضة أثناء الابحار في فضاءات الكتابة، ما هي الدوافع التي تدفعكِ للإبحار في عوالم الكتابة ؟
أحلّق على أجنحة الحلم لأصطاد فراشات الكلمات، مندفعة للاغتسال بنبع عذب بعد شقاء يحاصرني ويضغط على روحي، تكون الكتابة أحياناً طريقاً للخلاص من أزمات أعيشها (اقتصادية، سياسية، اجتماعية). أبحث أثناء الإبحار في لجة الحرف عن منارة تقيني التيه والغرق في محيطات الحياة الغامضة. الكتابة بالنسبة لي كشف عن الذات وقاية للنفس من الصَّدمات.
3 ـ كيف تولد عندكِ فكرة القصّة، هل تستمدِّينها من تجاربكِ في الحياة أم تستوحينها من محض الخيال، أم يتداخل في رحاب القصة الواقع والخيال معاً؟
تولد القصّة دفعة واحدة من فكرة تسيطر أولا على تفكيري، وتخرج خليطاً من قصص الحياة، ممتزجة بتجارب شخصية، بنكهة الخيال. لا توجد قصّة ـ في اعتقادي ـ مخلصة للحدث الأصلي مهما كانت واقعيتها، ولابدّ للكاتب من إضفاء نبضة من قلبه وروحه إليها فيمتزج ما هو شخصي بما هو عام، ويتدخل الخيال ليعطي نكهة التحليق للغة والأسلوب.
4 ـ عندما تبدأين بكتابة قصة ما، هل يطرأ عليها تغيير ما وتتنامى الأحداث بطريقة لا يمكن توقعها قبل لحظة الكتابة أم أنكِ تخطِّطين لمتون القصّة بطريقة مسبقة، كيف تولد عندكِ فضاءات القصّة؟!
لم يسبق أن وضعت مخططاً لقصّة، إنّما أجد نفسي تلحُّ عليّ للإمساك بالقلم حين تجتاحني فكرة ما أو إحساس ما، فأبدأ الكتابة، وتتدفَّق الكلمات لوحدها لتصبغ بياض الورق، غالباً ما أترك الشخصية تتحدث على سجيتها دون توجيه مني، فيتنامى الحدث خارج إرادتي، وتتطوَّر الشخصيّة فارضة نفسها عليّ، ودوري يقتصر على وسيط يمسك بالقلم لينقل دفقة عاطفية وذهنية، قد أتدخَّل فيما بعد لتشذيب عبارة ما، وتصحيح بعض الأخطاء، وأحياناً لا أفعل!
5 ـ هل تتحكَّمين بأحداث القصّة كما تريدين أم أنكِ تصادفين أحياناً شخصيات مشاكسة عبر سير الأحداث فتسير هذه الشخصيات على عكس ما تودِّين رسمها فتأتي أحداث القصة كما ترتأي شخصيات القصّة؟
نعم، في القصّة تفرض الشخصيات نفسها عليّ غالباً، وإن حاولت التدخُّل، لا تلتفت إليّ، فأجدني منساقة لرغباتها وتقلباتها ومشاكساتها، أمّا في الرواية، فأنا الخالقة لكلّ شيء، أتحكَّم بالشخصيات بعد أن أرسم لها مصيرها، تطورها، مشاكلها، أميتها وأحييها، وأنتقم لنفسي من تسلُّط شخصياتي القصصية.
6 ـ كيف تتعاملين مع شخصيات قصصكِ، هل تشعرين أحياناً أن هناك صراعاً بينكِ وبينها، وكيف تعالجين هذا الصراع أو الاختلاف؟
غالباً ما تكون شخصياتي متمردة، غاضبة، تريد الخروج من قوقعة اللغة، والمحرمات، والتمرُّد على قوانين القصّ لتتصرف بطريقة السرد، ولكن الرقيب القابع في ذهني يلجمها غالباً، أطمح لكتابة حرّة، أجربها الآن في روايتي الجديدة ، أتجاوز فيها تسلُّط الرقابة الذاتية. أمّا خلافي مع شخصياتي فيأتي من كوني أتحدَّث غالباً بلسانها عن أشياء بعيدة عن شخصيتي، وأعالج الاختلاف بالحب، دائماً أشعر أنّي أحب الشخصية الّتي أتحدَّث بلسانها وإن اختلفت معها في الفكر والتصرُّفات، وحبي لها يطغى على إحساسي بخطأ الشخصيّة، فمثلاً، في روايتي جبل السّماق، أحببت لحلوحة إلى درجة جعلتني أدافع عنها بتبرير تصرفاتها، وتقديمها إلى القارئ كإنسانة يتعاطف معها ويحبها رغم وضعها الاجتماعي الذي يُفترض بي أن أدينه!
7 ـ اللغة، البناء، السَّرد، عنصر التشويق، المكان، الزَّمان، الشَّخصيات، الحوار، المدخل، الإقفال، كيف تتعاملين مع هذه العناصر التي تشكِّل أركان وحيثيات القصَّة؟
للمكان أهمية خاصة عندي، أحبُّ القصص الّتي تفوح رائحة بيئتها من بين سطورها، أمّا الزَّمان فأنا متَّهمة بمحبتي للزمن الطويل الذي يتنافى مع تكوين القصة القصيرة، لا أفتعل أسلوباً معيناً، ولا أتعمّد وضع أسس لقصَّتي قبل البدء في الكتابة، لذا أعتبر كتابتي للقصة حتّى هذه اللحظة كتابة هاوية، تأتي بشكل تلقائي بسيط، رغم ملاحظة البعض أنّي أبتعد عن البساطة! المدخل إلى القصة يأتي طبيعياً، أمّا الشخصيات فأرسم ملامحها في مخيَّلتي قبل البدء بالكتابة. الحوار يكسر حدّة السّرد ويخفِّف من التدفُّق الطبيعي للحكاية، أمّا النهاية، (نقطة التنوير) فهذه لا تأتي تلقائية بل أحاول أن أخطِّط لها أثناء السّرد لأصل إلى الغاية المرجوَّة من القصّة، شدّ القارئ وإمتاعه، قد أفلح أحياناً وقد أفشل، هذا يقرِّره النقد!
8 ـ كيف تبدأين بكتابة القصّة؟ هل تمرُّ القصَّة بمراحل ما، أم أنها تولد دفعة واحدة؟
يحدث أن أستيقظ من النَّوم عصراً أو صباحاً، فأجد نفسي تتحدَّث إليّ بلسان شخصيّة ما فأمسك القلم وأبدأ الكتابة، ولا أتوقَّف حتّى تنتهي من قول ما تريد، عندها تنتابني الدهشة وأحياناً عدم الرضا، يتبع ذلك قناعتي بجودة أو فشل ما كتبته.
9 ـ ماذا يعني لكِ القارئ لحظة كتابة القصّة، هل تفكِّرين به وبالرقيب أم أنَّكِ تفكرين بالقصّة نفسها بعيداً عن أي رقيب، وهل تشعرين أنكِ مقيَّدة بجملة من القيود فتأتي القصَّة مكبَّلة ببعض القيود التي ترهق متون القصّ؟!
لا أفكّر بقارئ القصّة أثناء الكتابة ولا قبلها، يحدث ذلك بعد نشر النصّ، لكن الرقيب! إنّه هنا، يسكن دماغي وشرايين أصابعي، فأشعر بالشلل والعجز، والتصلُّب، فأتوقَّف غالباً عن كتابة نصوص بدأت بها، ليقيني أنّي لا أملك الجرأة على نشرها، وهذا لا يعني أنّي لا أتحايل أحياناً على الرقيب بالدوران حول الموضوع الذي أريد طرحه والتلميح إليه، بشكل لا يجرحني (إنْ كان الموضوع متعلِّقاً بالجسد) وبحيث لا تطالني يد العقاب (إنْ كان الموضوع سياسياً) أعتقد أنّ سلطة الخوف داخلنا أقوى من سلطة الإبداع! تبقى مسألة قتل الرَّقيب في الدَّاخل بحاجة إلى تدريب وقد يكون قاسياً فالتخلص منه ليس بالأمر السَّهل على ما أعتقد.
يتبع
عدل سابقا من قبل صبري يوسف في 7/10/2008, 4:56 am عدل 1 مرات
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
رد: حوار مع القاصّة والروائيّة السُّورية ابتسام ابراهيم التريسي
تابع الحوار
10 ـ حصلت على الجائزة الأولى لدار سعاد الصَّباح عن مجموعتكِ القصصية الأولى جذور ميّتة 2001، ما هي الحيثيات التي اعتمدت عليها لجنة التحكيم لمنحكِ هذه الجائزة؟
الواقع أنّي لا أعرف (يقيناً) علامَ اعتمدت اللجنة في منحي الجائزة الأولى ـ وحجبت الثانية وقتها ـ ومنحت الثالثة للقاصَّة الجزائرية وردة بوسكين، أعتقد أنّ التلقائية الّتي تتمتَّع بها قصصي في المجموعة الأولى، والصدق في الطرح، وربّما الحكاية أيضاً هي ما أهَّلتني للفوز، وربّما على حدِّ رأي الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، لعملي على التفاصيل الصغيرة لصنع حدث كبير. يقال إنّي أمتلك أسلوباً بسيطاً ويشدّ القارئ.
11 ـ لديكِ نفسٌ طويل في كتابة الرواية، فقد أصدرتِ روايتكِ الأولى جبل السّماق، الجزء الأول عام 2004، وكتبت الجزء الثاني وهو مخطوط ولم ينشر بعد، كيف ولدَت أفكار وخيوط الجزء الأوّل والثاني؟
وفاة أبي كان السبب الرئيسي في عودتي للكتابة بعد انقطاع دام أربعة عشرة عاماً. أوّل ما فكّرت به أن أكتب عنه، لأحقِّق جزءاً بسيطاً من الحلم الذي مات دون أن يراه حقيقة، كان يأمل أن يراني كاتبة مشهورة، لظروف لا مجال لذكرها، لم أحقِّق حلمه، وجاء موته صفعة أطاحت بكلّ الخمول والتردُّد، وأيقظتني من سباتي الشتويّ، فخرجت للحياة لأكتب له وعنه، في البداية كانت تلحّ عليّ قصّة حياته، ثمّ تطوَّرت الفكرة لوضع تلك القصّة ضمن إطارها التاريخي، فوجدت نفسي ضمن فخّ الرواية الواقعية بشخصياتها وأحداثها، التحامي بالناس وبحثي الطويل مع كبار السنّ عن التفاصيل والجزئيات جعلني أغرق فيها حتّى أذني، فجاء الجزء الأوّل ليتحدث عن تاريخ المنطقة الشمالية من سوريا منذ بدء الاحتلال الفرنسي لها وحتّى الاستقلال، يمر ذلك التَّاريخ عبر تلك الأسرة الصغيرة، جدّي وجدّتي وأبي وأعمامي، وأقاربهم، ثمّ وجدت نفسي أتحدَّث عن أهل البلدة الّتي أعيش فيها حتى أصبحت روايتي تأريخاً لحياة هؤلاء البسطاء الذين مرَّ بهم التاريخ دون التوقُّف عند نضالهم وآلامهم الصغيرة. غالباً ما يكتب التاريخ من وجهة نظر واحدة ويتغاضى عن ما عداها. آمل أنّي وفيّت بلدتي حقّها في هذا الجزء. الجزء الثاني من الرواية تناول حياة أبي أيضاً في مرحلة لاحقة منذ الاستقلال وحتّى نكسة حزيران 67. ويمكن القول أن معطيات الجزء الأول فرض عليّ الاستمرار في الحكاية إلى آخرها.
12 ـ أرى أنّ كتابة عمل روائي طويل أشبه ما يكون بالأشغال الشاقة، لكنها أشغال شاقة لذيذة، هل فعلاً تشعرين أنها أشغال شاقة لذيذة وأين تكمن لذَّتها؟!
تكمن تلك اللذَّة في إمكانية عيشي في أزمان وأماكن مختلفة، وتقلُّبي بين شخصيات أحبُّها وأخرى أكرهها، فأخلق زمني ومملكتي وأعيش سيّدتها على مدى رواية! حين كتبت جبل السّمّاق، كنت أشعر أنّي لحلوحة وفاطمة وبدرية وحسنة وكلّ تلك النساء الّلواتي عشت معهن وصرت أراهن في منامي وصحوي، يشاركنني الطعام واللباس والتفكير، وكنت أفتقد الوقت، ألهث وراءه لأحظى بساعات إضافية للكتابة مع عمل المنزل والعناية بالأولاد، وأشياء كثيرة أخرى تفرضها ظروف الحياة.
13 ـ يتعامل الروائي، مع شخصيات روايته كأنها من لحم ودم وغالباً ما تكون مستمدّة ومستوحات من شخصيات عاشت معكِ، أو مع خيالكِ، كيف تسقطين الأفكار التي تودّين سردها في متون الرواية، ألا يصادفكِ أحياناً صراعات بينكِ وبين الشّخصيات التي ترسمينها وكيف تتعاملين وتعالجين هذه الصراعات؟
شخصياتي كلّها من الحياة، شخصيات واقعية، أضفت لها من روحي ونبضي وفكري، لكن بما يتلاءم مع خطها العام، فالشخصيات الوطنية التي اخترتها للحديث عنها، لا أعرف عنها شيئا، معظمها مات قبل ولادتي، لكنّي سمعت عنها وألبستها فكراً يتناسب مع ملامحها الواقعية، وكذلك الشَّخصيات الخائنة أو الشَّريرة في الرواية، حاولت قدر الإمكان ألا أثقل الشَّخصيات بأفكاري الشَّخصية أو ملامحي، وتركت لها الحريّة الكاملة لبناء نفسها من خلال البيئة والحدث، والواقع الذي استقيته من الكتب وأحاديث الناس.
14 ـ خيط الرواية، غالباً ما يكون متشعِّباً ومتداخلاً بالاحداث كيف تمسكين خيوط الرواية وتداخلات الأحداث، ألا يتعبكِ ويحيُّركِ أحياناً هذا الخيط أم أنكِ تقودينه بجموح متدفِّق وكأنَّكِ في رحلة انسيابية من رحلات أحلام اليقظة؟!
نعم، متعب جداً أن تلاحق شخصيات بهذا العدد الضخم الوارد في روايتي، وقد حيَّرتني كثيراً، ورسمت مخطَّطات ومزَّقتها، وصحَّحتها كي أربط بينها، كان عملاً شاقاً ومرهقاً الربط بين هؤلاء جميعاً، لكنّ المكان أنقذني، فهم أبناء بلدة واحدة، يعيشون الأحداث ذاتها، غارقون في الجهل والاحتلال والمرض، الأشياء المشتركة الّتي تجمعهم كثيرة، وسهَّلت عليّ الربط بينهم والحديث عنهم بوقت واحد. الرواية الّتي جاءت انسيابية متدفِّقة دون مخطَّطات وحيرة، هي روايتي ذاكرة الرَّماد، تلك رواية من عالم مختلف، رغم واقعية معظم أحداثها، فقد اعتمدت اللغة كبطل أساسي فيها بجانب الواقع الفلسطيني، وقلّة الشَّخصيات ساعدتني في تحريك الحدث والأبطال بـيسر، وربّما هي الرواية الأقرب إلى شخصيتي كأنثى.
15 ـ لكلّ شخصية من شخصيات القصّة لغة تناسبها وتتلائم مع عمرها وموقعها ومكانتها وحرفتها وخصوصيتها وعالمها الرحب، كيف تعالجين فضاءات لغة الشّخصيات المتنوعة في سياق السَّرد؟
لم أنجُ من مطب التعميم في روايتي الأولى فالملاحظ ـ كما قال النقّاد ـ أنّ الشخصيات لم تملك لغتها الخاصّة في الحوار، حيث تتبدّى خصوصية كلّ شخصية، وأنّي خلطت الفصحى بالعامية أثناء الحوار وهذا مما أخذ على روايتي، حاولت تجاوز ذلك في الجزء الثاني من الرواية، فأعطيت ملمحاً خاصاً يميِّز كلّ شخصية في النطق أو يدل على مهنتها، من خلال استخدام ألفاظ تشير إلى تلك المهنة، وعلوت بلغة الحوار بين المثقفين، وحاولت الاقتراب من البساطة (وليس العامية) حين تتحدَّث إحدى الشخصيات البسيطة أو الشعبية.
16 ـ الحوار يعطي رشاقة وحيوية ونشاط في سيرورة الأحداث ويكسر الروتين والملل في سير الأحداث، كيف تعمِّقين ديناميكية الحوار، خاصة عندما تشعرين أنَّ هناك مللاً في سير الأحداث؟
في البداية لم أكن أستخدم الحوار لهذه الغاية، (كسر الملل في سير الأحداث) بل يأتي تلقائياً في الأماكن الّتي يحتاجها النصّ، فيما بعد انتبهت لأهمية الحوار في تصعيد الحدث وكسر حدّة السَّرد واسترساله، فبت أختار المكان الذي يجب أن يقطع الحوار فيه السّرد، بمعنى أصبحت المسألة مدروسة مسبقاً.
17 ـ الرواية تشبه تاريخ إنسان ضمن فترة زمنية، حياة مجتمع، تتضمَّن الكثير من الرؤى والأفكار والأهداف، كيف ترسمين كلّ هذا في متون الرواية، أم أنَّك ترين أنّه من الصَّعب ترجمة كلّ ما يتلألأ في الذّهن من رؤى وأفكار وأهداف؟
نعم تحقِّق الرواية عالماً موازياً للحياة في المكان والزمان والأحداث، ويستطيع الروائي أن يخلق شخصيات تحمل كل الرُّؤى والأفكار التي يريد طرحها في الكتابة كما في الحياة، لديّ شخصيات متفاوتة في ثقافتها وبيئتها ونفسيتها، وهناك مجال واسع لتحميل تلك الشخصيات أفكاراً ورؤى مختلفة ومتناقضة، أسعى من خلالها لتأسيس ذاكرة للمكان والزمان.
18 ـ لماذا تكتبين؟ وما هي طقوسكِ أثناء الكتابة؟ هل تشعرين بحرّية التعبير عن رؤاكِ، أم أنَّكِ تجدين نفسكِ مكبَّلة بجملة من القيود والمحاذير والممنوعات إلى درجة أنَّكِ تشعرينَ في قرارةِ نفسك بعدم جدوى الكتابة، أم أنَّكِ تتمرّدينَ بطريقةٍ ما على القيود والمحاذير عبر ترميزات معينة، تعمِّق فضاءات الكتابة وتمنحها طراوة شيّقة في سياق خيوط السرد؟!
أكتب لأحيا، لأخرج من حالة الموات، والجفاف، وحصار القهر والغضب، أكتب لتفريغ شحنة صاعقة من العواطف الطاغية والمشاعر الحادّة. ليس لديّ طقوس محدَّدة في الكتابة، في بداياتي كنت أحتاج جوّاً رومانسياً هادئاً، ثمّ استهوتني الكتابة في الأماكن العامة، بعد عودتي للكتابة وضمن الظروف التي أعيشها، أكتب في أيّ وقت وضمن أيّ ظرف وفي أيّ مكان وفي أيّ ساعة ! .. أعتقد أنّي لا أملك الحريّة الكاملة في التعبير عمّا أريد ضمن الظرف الاجتماعي والسياسي الذي أعيشه، مع هذا لم يدفعني هذا إلى اليأس وترك الكتابة، ولم أشعر يوماً بعدم جدوى ما أفعله، بل إنّي أسعى لتحقيق غاية، وأجتهد للوصول بكتاباتي إلى المستوى الذي أحلم به. قد أتمرَّد أحياناً على القيود لكن بحدود، وذلك عن طريق التحايل على اللغة الّتي تحتمل التأويل والتفسير تاركة للقارئ مساحة فراغ تشغلها مخيلته.
19 ـ دور النشر، وزارات الثقافة، المثقف الأمّي، الجهل والقارئ العازف عن القراءة، إهمال واضح ومخيف بالمبدعين، ألا يقلقكِ ويدفعكِ إلى الإحباط كل هذا الانشراخ، أم أنّ هذه الخيبات تمنحكِ القوّة والمزيد من التحدّي والعطاء؟!
وضعت يدك على الجرح الأعمق في روح كلّ كاتب.
دور النشر : يمكن تسمية بعضها دور النصب والاحتيال، على الكاتب أن يدفع ويلاحق الكتاب ويوزِّعه، ويجد القارئ، بل يشتريه أحياناً. أما وزارة الثقافة فهي مزرعة محسوبيات يسيطر عليها فئة من القرّاء الرقباء، يتحكَّمون بمصير الكاتب وعمله حسب أمزجتهم الشخصية، ومصالحهم أحياناً. وما ذكرته من أسباب تدفع بالكثير من الكتاب إلى اليأس والشعور بعدم الجدوى، وبعضهم يترك الكتابة، فإن لم أستطع أن أجد قارئاً لما أكتب، فما جدوى ما أفعله؟ مع هذا أملك شبه يقين يدفعني لمواصلة الكتابة وعدم التوقُّف، بأنَّ الحال سيتغيَّر، لا بدّ أن يأتي اليوم الذي نستعيد فيه صحونا، وسيكون الكتاب أوّل ما نسعى إليه للمعرفة ، لا أراهن على ذلك، لكن أتمناه، ليدفع عني اليأس ويمنحني القوة على الاستمرار.
20 ـ يواجه المبدع في العالم العربي ثقافة مهلهلة ووضع مهلهل وإبداع مخلخل الأجنحة، كيف يمكن أن يخترق المبدع كل هذه التصدُّعات التي تنخر وتحرق أجنحة الحرف قبل أن يندلقَ على نصاعةِ الورق؟!
هل أنت على ثقة أنك صاحب رسالة ؟ هل أنت على ثقة أنك تفعل الصواب؟ هل أنت مؤمن أنَّك كاتب؟ خلق الحرف معك، وسكن نبضك، وأصبح عالمك، إذاً اكتبْ لا تلتفت حولك، انظر دائماً إلى الأمام، لعلَّك بالغ ما تريده يوماً! ربما تكون هذه الأوضاع المهلهلة هي الدافع الحقيقي للكتابة، والكتابة أكثر وسائل الدِّفاع عن الذَّاتِ استمراريةً .
أجرى الحوار صبري يوسف
10 ـ حصلت على الجائزة الأولى لدار سعاد الصَّباح عن مجموعتكِ القصصية الأولى جذور ميّتة 2001، ما هي الحيثيات التي اعتمدت عليها لجنة التحكيم لمنحكِ هذه الجائزة؟
الواقع أنّي لا أعرف (يقيناً) علامَ اعتمدت اللجنة في منحي الجائزة الأولى ـ وحجبت الثانية وقتها ـ ومنحت الثالثة للقاصَّة الجزائرية وردة بوسكين، أعتقد أنّ التلقائية الّتي تتمتَّع بها قصصي في المجموعة الأولى، والصدق في الطرح، وربّما الحكاية أيضاً هي ما أهَّلتني للفوز، وربّما على حدِّ رأي الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، لعملي على التفاصيل الصغيرة لصنع حدث كبير. يقال إنّي أمتلك أسلوباً بسيطاً ويشدّ القارئ.
11 ـ لديكِ نفسٌ طويل في كتابة الرواية، فقد أصدرتِ روايتكِ الأولى جبل السّماق، الجزء الأول عام 2004، وكتبت الجزء الثاني وهو مخطوط ولم ينشر بعد، كيف ولدَت أفكار وخيوط الجزء الأوّل والثاني؟
وفاة أبي كان السبب الرئيسي في عودتي للكتابة بعد انقطاع دام أربعة عشرة عاماً. أوّل ما فكّرت به أن أكتب عنه، لأحقِّق جزءاً بسيطاً من الحلم الذي مات دون أن يراه حقيقة، كان يأمل أن يراني كاتبة مشهورة، لظروف لا مجال لذكرها، لم أحقِّق حلمه، وجاء موته صفعة أطاحت بكلّ الخمول والتردُّد، وأيقظتني من سباتي الشتويّ، فخرجت للحياة لأكتب له وعنه، في البداية كانت تلحّ عليّ قصّة حياته، ثمّ تطوَّرت الفكرة لوضع تلك القصّة ضمن إطارها التاريخي، فوجدت نفسي ضمن فخّ الرواية الواقعية بشخصياتها وأحداثها، التحامي بالناس وبحثي الطويل مع كبار السنّ عن التفاصيل والجزئيات جعلني أغرق فيها حتّى أذني، فجاء الجزء الأوّل ليتحدث عن تاريخ المنطقة الشمالية من سوريا منذ بدء الاحتلال الفرنسي لها وحتّى الاستقلال، يمر ذلك التَّاريخ عبر تلك الأسرة الصغيرة، جدّي وجدّتي وأبي وأعمامي، وأقاربهم، ثمّ وجدت نفسي أتحدَّث عن أهل البلدة الّتي أعيش فيها حتى أصبحت روايتي تأريخاً لحياة هؤلاء البسطاء الذين مرَّ بهم التاريخ دون التوقُّف عند نضالهم وآلامهم الصغيرة. غالباً ما يكتب التاريخ من وجهة نظر واحدة ويتغاضى عن ما عداها. آمل أنّي وفيّت بلدتي حقّها في هذا الجزء. الجزء الثاني من الرواية تناول حياة أبي أيضاً في مرحلة لاحقة منذ الاستقلال وحتّى نكسة حزيران 67. ويمكن القول أن معطيات الجزء الأول فرض عليّ الاستمرار في الحكاية إلى آخرها.
12 ـ أرى أنّ كتابة عمل روائي طويل أشبه ما يكون بالأشغال الشاقة، لكنها أشغال شاقة لذيذة، هل فعلاً تشعرين أنها أشغال شاقة لذيذة وأين تكمن لذَّتها؟!
تكمن تلك اللذَّة في إمكانية عيشي في أزمان وأماكن مختلفة، وتقلُّبي بين شخصيات أحبُّها وأخرى أكرهها، فأخلق زمني ومملكتي وأعيش سيّدتها على مدى رواية! حين كتبت جبل السّمّاق، كنت أشعر أنّي لحلوحة وفاطمة وبدرية وحسنة وكلّ تلك النساء الّلواتي عشت معهن وصرت أراهن في منامي وصحوي، يشاركنني الطعام واللباس والتفكير، وكنت أفتقد الوقت، ألهث وراءه لأحظى بساعات إضافية للكتابة مع عمل المنزل والعناية بالأولاد، وأشياء كثيرة أخرى تفرضها ظروف الحياة.
13 ـ يتعامل الروائي، مع شخصيات روايته كأنها من لحم ودم وغالباً ما تكون مستمدّة ومستوحات من شخصيات عاشت معكِ، أو مع خيالكِ، كيف تسقطين الأفكار التي تودّين سردها في متون الرواية، ألا يصادفكِ أحياناً صراعات بينكِ وبين الشّخصيات التي ترسمينها وكيف تتعاملين وتعالجين هذه الصراعات؟
شخصياتي كلّها من الحياة، شخصيات واقعية، أضفت لها من روحي ونبضي وفكري، لكن بما يتلاءم مع خطها العام، فالشخصيات الوطنية التي اخترتها للحديث عنها، لا أعرف عنها شيئا، معظمها مات قبل ولادتي، لكنّي سمعت عنها وألبستها فكراً يتناسب مع ملامحها الواقعية، وكذلك الشَّخصيات الخائنة أو الشَّريرة في الرواية، حاولت قدر الإمكان ألا أثقل الشَّخصيات بأفكاري الشَّخصية أو ملامحي، وتركت لها الحريّة الكاملة لبناء نفسها من خلال البيئة والحدث، والواقع الذي استقيته من الكتب وأحاديث الناس.
14 ـ خيط الرواية، غالباً ما يكون متشعِّباً ومتداخلاً بالاحداث كيف تمسكين خيوط الرواية وتداخلات الأحداث، ألا يتعبكِ ويحيُّركِ أحياناً هذا الخيط أم أنكِ تقودينه بجموح متدفِّق وكأنَّكِ في رحلة انسيابية من رحلات أحلام اليقظة؟!
نعم، متعب جداً أن تلاحق شخصيات بهذا العدد الضخم الوارد في روايتي، وقد حيَّرتني كثيراً، ورسمت مخطَّطات ومزَّقتها، وصحَّحتها كي أربط بينها، كان عملاً شاقاً ومرهقاً الربط بين هؤلاء جميعاً، لكنّ المكان أنقذني، فهم أبناء بلدة واحدة، يعيشون الأحداث ذاتها، غارقون في الجهل والاحتلال والمرض، الأشياء المشتركة الّتي تجمعهم كثيرة، وسهَّلت عليّ الربط بينهم والحديث عنهم بوقت واحد. الرواية الّتي جاءت انسيابية متدفِّقة دون مخطَّطات وحيرة، هي روايتي ذاكرة الرَّماد، تلك رواية من عالم مختلف، رغم واقعية معظم أحداثها، فقد اعتمدت اللغة كبطل أساسي فيها بجانب الواقع الفلسطيني، وقلّة الشَّخصيات ساعدتني في تحريك الحدث والأبطال بـيسر، وربّما هي الرواية الأقرب إلى شخصيتي كأنثى.
15 ـ لكلّ شخصية من شخصيات القصّة لغة تناسبها وتتلائم مع عمرها وموقعها ومكانتها وحرفتها وخصوصيتها وعالمها الرحب، كيف تعالجين فضاءات لغة الشّخصيات المتنوعة في سياق السَّرد؟
لم أنجُ من مطب التعميم في روايتي الأولى فالملاحظ ـ كما قال النقّاد ـ أنّ الشخصيات لم تملك لغتها الخاصّة في الحوار، حيث تتبدّى خصوصية كلّ شخصية، وأنّي خلطت الفصحى بالعامية أثناء الحوار وهذا مما أخذ على روايتي، حاولت تجاوز ذلك في الجزء الثاني من الرواية، فأعطيت ملمحاً خاصاً يميِّز كلّ شخصية في النطق أو يدل على مهنتها، من خلال استخدام ألفاظ تشير إلى تلك المهنة، وعلوت بلغة الحوار بين المثقفين، وحاولت الاقتراب من البساطة (وليس العامية) حين تتحدَّث إحدى الشخصيات البسيطة أو الشعبية.
16 ـ الحوار يعطي رشاقة وحيوية ونشاط في سيرورة الأحداث ويكسر الروتين والملل في سير الأحداث، كيف تعمِّقين ديناميكية الحوار، خاصة عندما تشعرين أنَّ هناك مللاً في سير الأحداث؟
في البداية لم أكن أستخدم الحوار لهذه الغاية، (كسر الملل في سير الأحداث) بل يأتي تلقائياً في الأماكن الّتي يحتاجها النصّ، فيما بعد انتبهت لأهمية الحوار في تصعيد الحدث وكسر حدّة السَّرد واسترساله، فبت أختار المكان الذي يجب أن يقطع الحوار فيه السّرد، بمعنى أصبحت المسألة مدروسة مسبقاً.
17 ـ الرواية تشبه تاريخ إنسان ضمن فترة زمنية، حياة مجتمع، تتضمَّن الكثير من الرؤى والأفكار والأهداف، كيف ترسمين كلّ هذا في متون الرواية، أم أنَّك ترين أنّه من الصَّعب ترجمة كلّ ما يتلألأ في الذّهن من رؤى وأفكار وأهداف؟
نعم تحقِّق الرواية عالماً موازياً للحياة في المكان والزمان والأحداث، ويستطيع الروائي أن يخلق شخصيات تحمل كل الرُّؤى والأفكار التي يريد طرحها في الكتابة كما في الحياة، لديّ شخصيات متفاوتة في ثقافتها وبيئتها ونفسيتها، وهناك مجال واسع لتحميل تلك الشخصيات أفكاراً ورؤى مختلفة ومتناقضة، أسعى من خلالها لتأسيس ذاكرة للمكان والزمان.
18 ـ لماذا تكتبين؟ وما هي طقوسكِ أثناء الكتابة؟ هل تشعرين بحرّية التعبير عن رؤاكِ، أم أنَّكِ تجدين نفسكِ مكبَّلة بجملة من القيود والمحاذير والممنوعات إلى درجة أنَّكِ تشعرينَ في قرارةِ نفسك بعدم جدوى الكتابة، أم أنَّكِ تتمرّدينَ بطريقةٍ ما على القيود والمحاذير عبر ترميزات معينة، تعمِّق فضاءات الكتابة وتمنحها طراوة شيّقة في سياق خيوط السرد؟!
أكتب لأحيا، لأخرج من حالة الموات، والجفاف، وحصار القهر والغضب، أكتب لتفريغ شحنة صاعقة من العواطف الطاغية والمشاعر الحادّة. ليس لديّ طقوس محدَّدة في الكتابة، في بداياتي كنت أحتاج جوّاً رومانسياً هادئاً، ثمّ استهوتني الكتابة في الأماكن العامة، بعد عودتي للكتابة وضمن الظروف التي أعيشها، أكتب في أيّ وقت وضمن أيّ ظرف وفي أيّ مكان وفي أيّ ساعة ! .. أعتقد أنّي لا أملك الحريّة الكاملة في التعبير عمّا أريد ضمن الظرف الاجتماعي والسياسي الذي أعيشه، مع هذا لم يدفعني هذا إلى اليأس وترك الكتابة، ولم أشعر يوماً بعدم جدوى ما أفعله، بل إنّي أسعى لتحقيق غاية، وأجتهد للوصول بكتاباتي إلى المستوى الذي أحلم به. قد أتمرَّد أحياناً على القيود لكن بحدود، وذلك عن طريق التحايل على اللغة الّتي تحتمل التأويل والتفسير تاركة للقارئ مساحة فراغ تشغلها مخيلته.
19 ـ دور النشر، وزارات الثقافة، المثقف الأمّي، الجهل والقارئ العازف عن القراءة، إهمال واضح ومخيف بالمبدعين، ألا يقلقكِ ويدفعكِ إلى الإحباط كل هذا الانشراخ، أم أنّ هذه الخيبات تمنحكِ القوّة والمزيد من التحدّي والعطاء؟!
وضعت يدك على الجرح الأعمق في روح كلّ كاتب.
دور النشر : يمكن تسمية بعضها دور النصب والاحتيال، على الكاتب أن يدفع ويلاحق الكتاب ويوزِّعه، ويجد القارئ، بل يشتريه أحياناً. أما وزارة الثقافة فهي مزرعة محسوبيات يسيطر عليها فئة من القرّاء الرقباء، يتحكَّمون بمصير الكاتب وعمله حسب أمزجتهم الشخصية، ومصالحهم أحياناً. وما ذكرته من أسباب تدفع بالكثير من الكتاب إلى اليأس والشعور بعدم الجدوى، وبعضهم يترك الكتابة، فإن لم أستطع أن أجد قارئاً لما أكتب، فما جدوى ما أفعله؟ مع هذا أملك شبه يقين يدفعني لمواصلة الكتابة وعدم التوقُّف، بأنَّ الحال سيتغيَّر، لا بدّ أن يأتي اليوم الذي نستعيد فيه صحونا، وسيكون الكتاب أوّل ما نسعى إليه للمعرفة ، لا أراهن على ذلك، لكن أتمناه، ليدفع عني اليأس ويمنحني القوة على الاستمرار.
20 ـ يواجه المبدع في العالم العربي ثقافة مهلهلة ووضع مهلهل وإبداع مخلخل الأجنحة، كيف يمكن أن يخترق المبدع كل هذه التصدُّعات التي تنخر وتحرق أجنحة الحرف قبل أن يندلقَ على نصاعةِ الورق؟!
هل أنت على ثقة أنك صاحب رسالة ؟ هل أنت على ثقة أنك تفعل الصواب؟ هل أنت مؤمن أنَّك كاتب؟ خلق الحرف معك، وسكن نبضك، وأصبح عالمك، إذاً اكتبْ لا تلتفت حولك، انظر دائماً إلى الأمام، لعلَّك بالغ ما تريده يوماً! ربما تكون هذه الأوضاع المهلهلة هي الدافع الحقيقي للكتابة، والكتابة أكثر وسائل الدِّفاع عن الذَّاتِ استمراريةً .
أجرى الحوار صبري يوسف
صبري يوسف- كاتب-شاعر-فنان
-
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑ :: أقـــــلام نـشـــطــة :: عندما تغفو الشموس قليلا / لنا عودة :: الأديب والشاعر والفنان السوري صبري يوسف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى