صحيفة " بانوراما عربية " تحاور الكاتبة المغربية منى وفيق
صفحة 1 من اصل 1
صحيفة " بانوراما عربية " تحاور الكاتبة المغربية منى وفيق
من طرف العبيدي جو 17/9/2009, 9:45 pm
صحيفة " بانوراما عربية " تحاور الكاتبة المغربية منى وفيق
هاني نديم - رئيس القسم الثقافي لصحيفة " بانوراما عربية "
لا أعرف حقيقةً كيف أقدم منى وفيق، وهو أحد أسباب وجود هذا الحوار بالأصل!، لكنها وبضربة سيف، مغايرة!، بمنتهى الحرية، تتنقّل تلك الكاتبة المغربية بين أنواع الكتابة على اختلاف تقنياتها وتجيد وتختلف وتضيف. في المجمل، هي شاعرة وقاصة وصحافية فازت بجوائز متقدمة في العديد من جوائز الوطن العربي وأثارت منذ باكورة أعمالها القصصية (نعناع، شمع وموت) الجدل والانتباه لأسلوبها الكتابي المطعّم بمعطيات وثيمات العصر، ليجيء كتابها الشعري فانيللا سمراء ويفجر ضجةً عربية خاصة إذ حولتها قراءة متطرفة لطالب شريعة إلى ديوان من الكفر والتطاول على الذات الآلهية، وتعالت صيحات المطالبين عبر مواقع الانترنت التي جعلت منها كرة ثلجٍ بدورها مطالبةً بمحاكمة منى وفيق وناشر المجموعة الأديب الياس فركوح، الجيد في الأمر أن ذلك لفت انتباه النقاد والمعنيين إلى أهمية الكتاب الفنية وقيمته الأدبية، وبينما كنت أعد أسئلتي وأحبس أنفاسي لتصدير ما يتسق مع الأهمية المتعاظمة لمنى وفيق في الوطن العربي كانت هي تلهو بأجوبتها كطفلة على أرجوحة غير آبهة بأبّهة ماصارت إليه!.
ـ منى وفيق تلك المتداخلة بين مختلف أنواع الكتابة الإبداعية والصحافية، والممتلئة أسئلةً وجدلاً منذ باكورات كتابتها، من هي حقاً؟
منى وفيق هي حقيقتي بقدر ما هي حلمي ..منى وفيق التي تقامر عليها بكلّها لتكون كائنا حقيقيا يعيش بكل تناقضاته .. منى وفيق هي نفسها تلك التي ترقن نصها على الحاسوب وفي الوقت نفسه تلعب لعبة حاصد الذهب على موقعٍ للألعاب! .. منى وفيق التي حين تنتهي من كتابة نصٍ ما تحس أنها أمسكت الهواء ولعبت به وصارتْهُ.. تحس أنها سددت الكرة الأرضية إلى العارضة دون تسجيل هدف، فتنتشي جدا!!. هي نفسها منى وفيق التي تبحث عن اسمها في غوغل كل صباح لتعرف جديدها وجديد ما كتب عنها، جديد ما كتبوا عنها من نميمة وترى من يقتبس مقتطفات من نصوصها ويضعها هنا وهناك..منى وفيق التي تتمنى بشكل جدي وقد تسعى قريبا لأن تشتغل كنادلةٍ في مقهى على البحر..منى وفيق التي أصبح لديها اليوم وأكثر من أي وقت مضى رغبةٌ في الاستقبال أكثر من الإرسال .. لها أحلامها التي لا تنتهي في الكتابة والحياة ..هي الآن كائن بشري وفي الحياة الجديدة المقبلة قد تكون نملةً أو عنكبوتاً أو كرسياً..لكنها دائماً تنتظر أن تصير زهرة كرز..!
ـ توظفين كل ما يخطر ببالك في نصوصك، فمرة نقف أمام امرأة جاهلية ومرةً أمام ثيمات طفلة تلعب، وأخرى أمام مثقفة من الطراز الرفيع وحداثوية بمعنى الكلمة، أوليست تلك الحرية مخيفة نوعا ما؟
أنا أكونني بكل ما فيّ يا هاني .. لست شخصاً واحداً.. أنا شخوص عديدة مات منها ما مات وعاش منها ما عاش وسيولد منها ما سوف يولد ..كائن لا ينتهي من التوالد والتحقق..أعيش كل حالاتي دون أدنى توجس ..حيوات كثيرة تتناسل فيّ كل دقيقة وتنفجر أمام الآخر!!
وتلك الحرية التي تسألني عنها ..لمن هي مخيفة؟ لي أنا مثلا؟؟ على الإطلاق، لكي تخرج الحقيقة عاريةً منك مثلما أتيت أنت عارياً للعالم عليها أن تتفجّر كما جاءت بكل عنفوانها اللحظيّ ذاك!!. منذ صغري وأنا أحب المقامرة ولم أتعود الخسارة وحتى عندما أكون على وشك أن أخسر أنسحب في الوقت المناسب ثم أكرر المقامرة وأكررها حتى أكسب ..هام عندي كثيراً أن يكون الدومينو برقم واحد فردي هو أنا ..كلما رميت الدومينو كنت أنا وفي كل مرة أكون بشكل مختلف!!.
يقال أن أسوأ ورطة يمكن أن نقع فيها هي أن يستحوذ علينا شيء جداً جداً..وأنا استحوذ عليَّ وتستحوذ عليَّ شخوصي المتعددة..آكلها حتى الشبع وحتى تنتهي هي على مهل وبالتالي أضمن تجدداً مستمراً فلم الخوف!؟.
ـ فانيلا سمراء..من كان يقول أن كتابا وشعراً بمثل هذا اللطف اللفظي يثير كل هذه الضجة...كفروك؟!!؟
كفّروا أنفسهم..لا تنس أنهم كُلٌّ من جزء وأنا هذا الجزء ..خلقوا نصّهم الخاص الذي لا أعرف عنه شيئاً وكفروا به .. ثق بي أنّ من كفّروني أنفسهم وفي غير ما مرة يقولون ما قلته أنا في صمت..لربما أنا أكثر حظاً لقدرتي على تحويل ما أحسه إلى كلمات نافذة في حين هم لا يستطيعون هذا..أنا أجاهر بما أشعر وما أفكر وهم لا..أنا أقبل بما يصل إليه تفكيري وهم لا..
منذ ما يقرب السنة وأنا أرد على هذا التكفير وهذه المصادرة .. ما الذي حصل ..؟؟ لا هم سيتوقفون عن رميتهم الواحدة ولا أنا سأتوقف عن الكتابة ..روحي حرّة ونصوصي حرّة .. وحدهم هم المقيّدون بفكرهم !!
ـ ما زلت صغيرة نسبياً.....كل هذه الحوارات والمهرجانات والجوائز والنجومية، بحيادية، أهو سحر كتابتك أم سحر روحك الجميلة؟
لا أعترف بالعمر..أؤمن أننا نعيش عمراً واحداً فقط .. مثلما أؤمن أنّ معظم النار من مستصغر الشرر ومثلما أؤمن أن الزمن يمارس غربلته وأنه لا يصح إلا الصحيح في آخر المطاف ..وها أنا هنا بعد هذه السنوات القليلة أتقدم مثلما حلمت دائماً ولا أتراجع لله الحمد..ما الذي يمنح لكتابتي سحرها غير روحي وما الذي يضفي هذا السحر على روحي غير كتابتي ..نظرتي إلى عامل في كراج هي كتابة ..ابتسامتي للصّة شابة سرقت تاجر ساعات كانت أيضا كتابة..روحي تكتب طوال اليوم دون راحة..تكتب فتصير أبهى وهذا البهاء حضر بذهنك فسألتني هذا السؤال
ما تتحدث عنه من نجاح لمن هي في عمري لم يأت هكذا اعتباطيا..لقد اشتغلت على نَفَسي في الكتابة وتجاوزت الكثير من القيل والقال الذي سبب لي ولفترات سابقة اكتئاباً وإحساساً بالخذلان..مررت بصدمات كثيرة وجّهها لي أشخاص خلتُ أنني عرفتهم..أحايين كثيرة تمنيت أن يزول كل ما ذكرتَه يا هاني في سؤالك مقابل ألا تسقط أقنعتهم ويتألم وجهي أنا..!!
ثمة ناجحين كثر أتابعهم وأحبهم .دعنا نكرّر أنهم يكرهون الناجحين ولهذا وفي كل الحالات ليس أمام الناجحين غير الاستمرار في نجاحهم ليحموا أنفسهم ويتحققوا.!!
ـ يتعالى الكثير من الشعراء عن إنتاج الشاعرات، هل أنا محق؟، وكيف ترين التعامل مع الأدب النسوي في الوطن العربي؟
وهنالك شاعرات يتعالين عن إنتاج الشعراء..وشاعرات يتعالين عن إنتاج زميلاتهن وشعراء يتعالون عن إنتاج زملائهم أيضا..مشكلتنا في العالم العربي على مستوى الأدب والكتابة والإبداع عموما أن الأهم هو الشخص والإسم وليس الإبداع والنص.. يهمنا القادم بالحقيقة ولا تهمنا الحقيقة نفسها بكل أسف!!
أنا أثق بالشعر ولا أثق بالشعراء وثقتي بالشاعر واقترابي منه يكون داخل نصه لا غير..وبالمناسبة، الموضة الجديدة هذه الأيام أو قل أن طريقة التعالي الجديدة تحولت إلى الإيقاع بين هذه الشاعرة وتلك وذاك الشاعر وذاك..بالنسبة لي إذ تعاليت على نص سيء فيكون بتجاوزي له ..أراه شفافا وأقرأ النص الذي يليه..!!
لا أحب المصطلحات من قبيل الأدب النسوي و يسوءني هذا التصنيف..دائما قلت أن الأدب إنساني بالضرورة .. لا أفكر بما تتكلم عنه ..يشغلني الشعر وحسب..أتداوى به وأعيش به..حبذا لو همّتنا طريقة التعامل مع النصوص أكثر!!
ـ الانترنت اليوم يفضي بنا إلى حالة من الفوضى العامة في تصنيف وتعريف الأسماء والأشياء، ألا ترين ذلك، كيف تتعاملين معه وهو كما أعتقد كان سببا كبيرا في انتشارك؟
النت قلّص كثيرا من سطوة المسافة وقدّمَ مساحة كبيرةً للمبدع العربي، وأنا يهمني الانتشار جداً، أن تكون مقروءاً وأن تصل إلي العالم كله سواء بالنشر الورقي أم الإلكتروني هو ما أنشده تحديداً. النشر الإلكتروني يجعل لك قراء محتملين من كل الأرض وإن كان النشر الورقي لا يزال يحتفظ بحميميته وخصوصيته ويساعدك علي توثيق أعمالك، والّذين نشروا ورقيّاً ينشرون الآن إلكترونيّا وبكثافة!! وهذا دليل على محدوديّة النّشر الورقيّ، فمن نشر ورقيّا أدرك أنّ الجمهور علي "النت" قد يكون أوسع وأنّه يصل لكلّ الدّنيا بخلاف النّشر الورقيّ المحليّ والنّسخ المحدودة!. النشر الإلكتروني دعم نصّي منذ بداية ولوجي عالم الكتابة وكان له الفضل الكبير في انتشاري وطبيعة الحال له سلبياته وحسناته ولكن الحسنات بالنسبة لي أهم ..وحالة الفوضى التي تتحدث عنها الزمن وحده كفيل بها والكتابة الحقيقية تنتصر لنفسها مهما طال الزمن والرديئة تمكث في القعر مكوثا!!
ـ صفي لي المشهد الثقافي بالمغرب اليوم، وما اختلافه عن الوطن العربي إن وجد؟
هنالك من يتحدث عن كثرة الدخلاء في المغرب الثقافي اليوم وهنالك من يتحدث عن إفلاس المؤسسات الثقافية وهنالك من يقول أن لا حركة ثقافية هنا و..و.. لكنني أميل إلى التحدث عن المشهد الثقافي المغربي بنبرة متفائلة.المشهد الإبداعي بالمغرب الرّاهن يتميز بتعدّد الّرؤى و الإتّجاهات و مختلف أشكال التّعبير.ثمة مجال يكبر و يتّسع لكشف المختلف و المثير و المدهش في الوسط المغربي،الشّيء الذي يظهر جليّا من خلال المعايير اللّغوية و الفكريّة و الخيال أيضا.هناك حركة إنتاجية مهمة في المغرب بمعنى وجود تيارات جديدة تنتظر التاريخ ليحدد قيمتها.. هي إنتاجات جديدة ومهمة في القصة والشعر والنقد والمسرح والتشكيل ومختلف الأجناس الإبداعية..
ـ هل انتفت المركزية عن الأدب العربي والتصنيم والتقديس؟
دائماً ما نركض وراء المصطلحات ونضعها في المركز ونهتم بها أكثر من النصوص..شخصياً، ما يهمني هو الأدب بالضرورة وإنسانيته. ثمة سؤال يسيطر على تفكيري أو قل أنه فعلا هاجس مخيف، أحيانا كثيرة صرت أقول أن الكل يكتب ولا أحد يقرأ لأحد!!
ـ أي الجرائد تقرأين، من من الكتاب تتابعين، أي الأحلام تراودك الآن؟
أغلب الجرائد العربية أطالعها كل صباح فتلك عادتي الأثيرة منذ سنوات عديدة ..أدخل لكل الجرائد وصفحاتها الثقافية تحديدا..تعنيني النصوص أكثر من الكتاب لكنني لن أنكر أن ماريو فارغاس يوسا يبقى كاتبي المفضل على الإطلاق أما عن الأحلام فهي كثيرة كثيرة تتوسلني أن أتركها وشأنها وأهمها أن اصل لكل العالم وأن يصل كل العالم إلي!! حلمي اللحظي الآن أن أتلقى ايميلاً أو اتصالاً من عازف البيانو الأردني والعالمي زيد ديراني ويكون بيننا تعاون إبداعي، كأن يحوّل أحد نصوصي لمعزوفة ما فأنا شديدة الإعجاب به وبفنه وأجدني وأجد نصوصي في مقطوعاته!!
ـ نشاطك اليوم ووصولك لشرق الوطن العربي بهذا الشكل المبهر يضع الكثير من الأسماء المغاربية في مأزق الكسل، ما قولك؟
قبل 8 سنوات لم أكن أتوفر على جهاز كمبيوتر، كنت أشتغل في مقهى إنترنت..أصحو في السادسة صباحاً وأتوجه إليه لأنجز العمل المتراكم علي بسرعة ..أتحمل هذا الزبون وذاك وأصبر على مزاجية صاحب العمل ..أفعل هذا وأنا أبدأ في قراءة الجرائد والمواقع الإلكترونية، قراءات كتابات الآخرين، كنت أبحث عن مسابقات للقصة وأقوم بمراسلة المجلات والمواقع لنشر ما اكتبه وللبحث عن عمل كمراسلة لهذا الموقع او تلك الصحيفة..كنت اشتغل بالمقهى وأشتغل على نفسي ومشروعي الكتابي. ما حققته من نجاح بسيط ثمرة مجهود سنوات من الاخلاص للكتابة التي أحببتها واخلصت لها لانها فعلا حياتي الموازية..لقد كنت نحلة كثيفة الإنتاج دائمة الحركة وممتلئة بالكثير من الحماس.
ثمة أسماء مغاربية كثيرة حققت نجاحاً كبيراً في الوطن العربي أحلم أن أحقق نصفه يوما ما وثمة أسماء مشرقية كثيرة تسعى اليوم للوصول للمغرب العربي مثلما تسعى الأسماء المغاربية للمشرق. ثم يا رجل صَدَقَ من قال أن الكسل أبو الإبداع ..أنا ورغم كل نشاطي كسولة ومزاجية بشكل غير معقول أيضا!!
ـ بم يجب أن أختم حواري معك؟؟
بسؤالٍ أنا سأوجه لنفسي عن السكاكر والنمل: "لماذا كلما ألقيت بالسكاكر بعيدا لحقها النمل!!؟...
ومتى ألقي بها وبي فنتكاثف وحدنا فقط؟؟!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن صحيفة بانوراما عربية
http://www.arabicpanorama.com/Article.aspx?AID=1887
منى وفيق: لا أثق بالشعراء
هاني نديم - رئيس القسم الثقافي لصحيفة " بانوراما عربية "
لا أعرف حقيقةً كيف أقدم منى وفيق، وهو أحد أسباب وجود هذا الحوار بالأصل!، لكنها وبضربة سيف، مغايرة!، بمنتهى الحرية، تتنقّل تلك الكاتبة المغربية بين أنواع الكتابة على اختلاف تقنياتها وتجيد وتختلف وتضيف. في المجمل، هي شاعرة وقاصة وصحافية فازت بجوائز متقدمة في العديد من جوائز الوطن العربي وأثارت منذ باكورة أعمالها القصصية (نعناع، شمع وموت) الجدل والانتباه لأسلوبها الكتابي المطعّم بمعطيات وثيمات العصر، ليجيء كتابها الشعري فانيللا سمراء ويفجر ضجةً عربية خاصة إذ حولتها قراءة متطرفة لطالب شريعة إلى ديوان من الكفر والتطاول على الذات الآلهية، وتعالت صيحات المطالبين عبر مواقع الانترنت التي جعلت منها كرة ثلجٍ بدورها مطالبةً بمحاكمة منى وفيق وناشر المجموعة الأديب الياس فركوح، الجيد في الأمر أن ذلك لفت انتباه النقاد والمعنيين إلى أهمية الكتاب الفنية وقيمته الأدبية، وبينما كنت أعد أسئلتي وأحبس أنفاسي لتصدير ما يتسق مع الأهمية المتعاظمة لمنى وفيق في الوطن العربي كانت هي تلهو بأجوبتها كطفلة على أرجوحة غير آبهة بأبّهة ماصارت إليه!.
ـ منى وفيق تلك المتداخلة بين مختلف أنواع الكتابة الإبداعية والصحافية، والممتلئة أسئلةً وجدلاً منذ باكورات كتابتها، من هي حقاً؟
منى وفيق هي حقيقتي بقدر ما هي حلمي ..منى وفيق التي تقامر عليها بكلّها لتكون كائنا حقيقيا يعيش بكل تناقضاته .. منى وفيق هي نفسها تلك التي ترقن نصها على الحاسوب وفي الوقت نفسه تلعب لعبة حاصد الذهب على موقعٍ للألعاب! .. منى وفيق التي حين تنتهي من كتابة نصٍ ما تحس أنها أمسكت الهواء ولعبت به وصارتْهُ.. تحس أنها سددت الكرة الأرضية إلى العارضة دون تسجيل هدف، فتنتشي جدا!!. هي نفسها منى وفيق التي تبحث عن اسمها في غوغل كل صباح لتعرف جديدها وجديد ما كتب عنها، جديد ما كتبوا عنها من نميمة وترى من يقتبس مقتطفات من نصوصها ويضعها هنا وهناك..منى وفيق التي تتمنى بشكل جدي وقد تسعى قريبا لأن تشتغل كنادلةٍ في مقهى على البحر..منى وفيق التي أصبح لديها اليوم وأكثر من أي وقت مضى رغبةٌ في الاستقبال أكثر من الإرسال .. لها أحلامها التي لا تنتهي في الكتابة والحياة ..هي الآن كائن بشري وفي الحياة الجديدة المقبلة قد تكون نملةً أو عنكبوتاً أو كرسياً..لكنها دائماً تنتظر أن تصير زهرة كرز..!
ـ توظفين كل ما يخطر ببالك في نصوصك، فمرة نقف أمام امرأة جاهلية ومرةً أمام ثيمات طفلة تلعب، وأخرى أمام مثقفة من الطراز الرفيع وحداثوية بمعنى الكلمة، أوليست تلك الحرية مخيفة نوعا ما؟
أنا أكونني بكل ما فيّ يا هاني .. لست شخصاً واحداً.. أنا شخوص عديدة مات منها ما مات وعاش منها ما عاش وسيولد منها ما سوف يولد ..كائن لا ينتهي من التوالد والتحقق..أعيش كل حالاتي دون أدنى توجس ..حيوات كثيرة تتناسل فيّ كل دقيقة وتنفجر أمام الآخر!!
وتلك الحرية التي تسألني عنها ..لمن هي مخيفة؟ لي أنا مثلا؟؟ على الإطلاق، لكي تخرج الحقيقة عاريةً منك مثلما أتيت أنت عارياً للعالم عليها أن تتفجّر كما جاءت بكل عنفوانها اللحظيّ ذاك!!. منذ صغري وأنا أحب المقامرة ولم أتعود الخسارة وحتى عندما أكون على وشك أن أخسر أنسحب في الوقت المناسب ثم أكرر المقامرة وأكررها حتى أكسب ..هام عندي كثيراً أن يكون الدومينو برقم واحد فردي هو أنا ..كلما رميت الدومينو كنت أنا وفي كل مرة أكون بشكل مختلف!!.
يقال أن أسوأ ورطة يمكن أن نقع فيها هي أن يستحوذ علينا شيء جداً جداً..وأنا استحوذ عليَّ وتستحوذ عليَّ شخوصي المتعددة..آكلها حتى الشبع وحتى تنتهي هي على مهل وبالتالي أضمن تجدداً مستمراً فلم الخوف!؟.
ـ فانيلا سمراء..من كان يقول أن كتابا وشعراً بمثل هذا اللطف اللفظي يثير كل هذه الضجة...كفروك؟!!؟
كفّروا أنفسهم..لا تنس أنهم كُلٌّ من جزء وأنا هذا الجزء ..خلقوا نصّهم الخاص الذي لا أعرف عنه شيئاً وكفروا به .. ثق بي أنّ من كفّروني أنفسهم وفي غير ما مرة يقولون ما قلته أنا في صمت..لربما أنا أكثر حظاً لقدرتي على تحويل ما أحسه إلى كلمات نافذة في حين هم لا يستطيعون هذا..أنا أجاهر بما أشعر وما أفكر وهم لا..أنا أقبل بما يصل إليه تفكيري وهم لا..
منذ ما يقرب السنة وأنا أرد على هذا التكفير وهذه المصادرة .. ما الذي حصل ..؟؟ لا هم سيتوقفون عن رميتهم الواحدة ولا أنا سأتوقف عن الكتابة ..روحي حرّة ونصوصي حرّة .. وحدهم هم المقيّدون بفكرهم !!
ـ ما زلت صغيرة نسبياً.....كل هذه الحوارات والمهرجانات والجوائز والنجومية، بحيادية، أهو سحر كتابتك أم سحر روحك الجميلة؟
لا أعترف بالعمر..أؤمن أننا نعيش عمراً واحداً فقط .. مثلما أؤمن أنّ معظم النار من مستصغر الشرر ومثلما أؤمن أن الزمن يمارس غربلته وأنه لا يصح إلا الصحيح في آخر المطاف ..وها أنا هنا بعد هذه السنوات القليلة أتقدم مثلما حلمت دائماً ولا أتراجع لله الحمد..ما الذي يمنح لكتابتي سحرها غير روحي وما الذي يضفي هذا السحر على روحي غير كتابتي ..نظرتي إلى عامل في كراج هي كتابة ..ابتسامتي للصّة شابة سرقت تاجر ساعات كانت أيضا كتابة..روحي تكتب طوال اليوم دون راحة..تكتب فتصير أبهى وهذا البهاء حضر بذهنك فسألتني هذا السؤال
ما تتحدث عنه من نجاح لمن هي في عمري لم يأت هكذا اعتباطيا..لقد اشتغلت على نَفَسي في الكتابة وتجاوزت الكثير من القيل والقال الذي سبب لي ولفترات سابقة اكتئاباً وإحساساً بالخذلان..مررت بصدمات كثيرة وجّهها لي أشخاص خلتُ أنني عرفتهم..أحايين كثيرة تمنيت أن يزول كل ما ذكرتَه يا هاني في سؤالك مقابل ألا تسقط أقنعتهم ويتألم وجهي أنا..!!
ثمة ناجحين كثر أتابعهم وأحبهم .دعنا نكرّر أنهم يكرهون الناجحين ولهذا وفي كل الحالات ليس أمام الناجحين غير الاستمرار في نجاحهم ليحموا أنفسهم ويتحققوا.!!
ـ يتعالى الكثير من الشعراء عن إنتاج الشاعرات، هل أنا محق؟، وكيف ترين التعامل مع الأدب النسوي في الوطن العربي؟
وهنالك شاعرات يتعالين عن إنتاج الشعراء..وشاعرات يتعالين عن إنتاج زميلاتهن وشعراء يتعالون عن إنتاج زملائهم أيضا..مشكلتنا في العالم العربي على مستوى الأدب والكتابة والإبداع عموما أن الأهم هو الشخص والإسم وليس الإبداع والنص.. يهمنا القادم بالحقيقة ولا تهمنا الحقيقة نفسها بكل أسف!!
أنا أثق بالشعر ولا أثق بالشعراء وثقتي بالشاعر واقترابي منه يكون داخل نصه لا غير..وبالمناسبة، الموضة الجديدة هذه الأيام أو قل أن طريقة التعالي الجديدة تحولت إلى الإيقاع بين هذه الشاعرة وتلك وذاك الشاعر وذاك..بالنسبة لي إذ تعاليت على نص سيء فيكون بتجاوزي له ..أراه شفافا وأقرأ النص الذي يليه..!!
لا أحب المصطلحات من قبيل الأدب النسوي و يسوءني هذا التصنيف..دائما قلت أن الأدب إنساني بالضرورة .. لا أفكر بما تتكلم عنه ..يشغلني الشعر وحسب..أتداوى به وأعيش به..حبذا لو همّتنا طريقة التعامل مع النصوص أكثر!!
ـ الانترنت اليوم يفضي بنا إلى حالة من الفوضى العامة في تصنيف وتعريف الأسماء والأشياء، ألا ترين ذلك، كيف تتعاملين معه وهو كما أعتقد كان سببا كبيرا في انتشارك؟
النت قلّص كثيرا من سطوة المسافة وقدّمَ مساحة كبيرةً للمبدع العربي، وأنا يهمني الانتشار جداً، أن تكون مقروءاً وأن تصل إلي العالم كله سواء بالنشر الورقي أم الإلكتروني هو ما أنشده تحديداً. النشر الإلكتروني يجعل لك قراء محتملين من كل الأرض وإن كان النشر الورقي لا يزال يحتفظ بحميميته وخصوصيته ويساعدك علي توثيق أعمالك، والّذين نشروا ورقيّاً ينشرون الآن إلكترونيّا وبكثافة!! وهذا دليل على محدوديّة النّشر الورقيّ، فمن نشر ورقيّا أدرك أنّ الجمهور علي "النت" قد يكون أوسع وأنّه يصل لكلّ الدّنيا بخلاف النّشر الورقيّ المحليّ والنّسخ المحدودة!. النشر الإلكتروني دعم نصّي منذ بداية ولوجي عالم الكتابة وكان له الفضل الكبير في انتشاري وطبيعة الحال له سلبياته وحسناته ولكن الحسنات بالنسبة لي أهم ..وحالة الفوضى التي تتحدث عنها الزمن وحده كفيل بها والكتابة الحقيقية تنتصر لنفسها مهما طال الزمن والرديئة تمكث في القعر مكوثا!!
ـ صفي لي المشهد الثقافي بالمغرب اليوم، وما اختلافه عن الوطن العربي إن وجد؟
هنالك من يتحدث عن كثرة الدخلاء في المغرب الثقافي اليوم وهنالك من يتحدث عن إفلاس المؤسسات الثقافية وهنالك من يقول أن لا حركة ثقافية هنا و..و.. لكنني أميل إلى التحدث عن المشهد الثقافي المغربي بنبرة متفائلة.المشهد الإبداعي بالمغرب الرّاهن يتميز بتعدّد الّرؤى و الإتّجاهات و مختلف أشكال التّعبير.ثمة مجال يكبر و يتّسع لكشف المختلف و المثير و المدهش في الوسط المغربي،الشّيء الذي يظهر جليّا من خلال المعايير اللّغوية و الفكريّة و الخيال أيضا.هناك حركة إنتاجية مهمة في المغرب بمعنى وجود تيارات جديدة تنتظر التاريخ ليحدد قيمتها.. هي إنتاجات جديدة ومهمة في القصة والشعر والنقد والمسرح والتشكيل ومختلف الأجناس الإبداعية..
ـ هل انتفت المركزية عن الأدب العربي والتصنيم والتقديس؟
دائماً ما نركض وراء المصطلحات ونضعها في المركز ونهتم بها أكثر من النصوص..شخصياً، ما يهمني هو الأدب بالضرورة وإنسانيته. ثمة سؤال يسيطر على تفكيري أو قل أنه فعلا هاجس مخيف، أحيانا كثيرة صرت أقول أن الكل يكتب ولا أحد يقرأ لأحد!!
ـ أي الجرائد تقرأين، من من الكتاب تتابعين، أي الأحلام تراودك الآن؟
أغلب الجرائد العربية أطالعها كل صباح فتلك عادتي الأثيرة منذ سنوات عديدة ..أدخل لكل الجرائد وصفحاتها الثقافية تحديدا..تعنيني النصوص أكثر من الكتاب لكنني لن أنكر أن ماريو فارغاس يوسا يبقى كاتبي المفضل على الإطلاق أما عن الأحلام فهي كثيرة كثيرة تتوسلني أن أتركها وشأنها وأهمها أن اصل لكل العالم وأن يصل كل العالم إلي!! حلمي اللحظي الآن أن أتلقى ايميلاً أو اتصالاً من عازف البيانو الأردني والعالمي زيد ديراني ويكون بيننا تعاون إبداعي، كأن يحوّل أحد نصوصي لمعزوفة ما فأنا شديدة الإعجاب به وبفنه وأجدني وأجد نصوصي في مقطوعاته!!
ـ نشاطك اليوم ووصولك لشرق الوطن العربي بهذا الشكل المبهر يضع الكثير من الأسماء المغاربية في مأزق الكسل، ما قولك؟
قبل 8 سنوات لم أكن أتوفر على جهاز كمبيوتر، كنت أشتغل في مقهى إنترنت..أصحو في السادسة صباحاً وأتوجه إليه لأنجز العمل المتراكم علي بسرعة ..أتحمل هذا الزبون وذاك وأصبر على مزاجية صاحب العمل ..أفعل هذا وأنا أبدأ في قراءة الجرائد والمواقع الإلكترونية، قراءات كتابات الآخرين، كنت أبحث عن مسابقات للقصة وأقوم بمراسلة المجلات والمواقع لنشر ما اكتبه وللبحث عن عمل كمراسلة لهذا الموقع او تلك الصحيفة..كنت اشتغل بالمقهى وأشتغل على نفسي ومشروعي الكتابي. ما حققته من نجاح بسيط ثمرة مجهود سنوات من الاخلاص للكتابة التي أحببتها واخلصت لها لانها فعلا حياتي الموازية..لقد كنت نحلة كثيفة الإنتاج دائمة الحركة وممتلئة بالكثير من الحماس.
ثمة أسماء مغاربية كثيرة حققت نجاحاً كبيراً في الوطن العربي أحلم أن أحقق نصفه يوما ما وثمة أسماء مشرقية كثيرة تسعى اليوم للوصول للمغرب العربي مثلما تسعى الأسماء المغاربية للمشرق. ثم يا رجل صَدَقَ من قال أن الكسل أبو الإبداع ..أنا ورغم كل نشاطي كسولة ومزاجية بشكل غير معقول أيضا!!
ـ بم يجب أن أختم حواري معك؟؟
بسؤالٍ أنا سأوجه لنفسي عن السكاكر والنمل: "لماذا كلما ألقيت بالسكاكر بعيدا لحقها النمل!!؟...
ومتى ألقي بها وبي فنتكاثف وحدنا فقط؟؟!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن صحيفة بانوراما عربية
http://www.arabicpanorama.com/Article.aspx?AID=1887
العبيدي جو- المديـر العــام
-
عدد الرسائل : 4084
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
مواضيع مماثلة» فانيليا سمراء" كتاب القصصية والصحافية المغربية منى وفيق في سجون عمان
» الشاعرة المغربية إكرام عبدي تصدر"مقالات في حالة حداد"
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
» قنص من مسافة بعيدة جدا / منى وفيق
» الشاعرة المغربية إكرام عبدي تصدر"مقالات في حالة حداد"
» في بيت نزار قباني " محمود درويش " من ديوانه الأخير " لا أٌريد لهذي القصيدة أن تنتهي "
» "فوجيتسو سيمنز كمبيوترز" تُطلق أول شاشة حاسوبية "صفرية الواط"
» قنص من مسافة بعيدة جدا / منى وفيق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى