القاهرة 18 مليون

لقد مضى وأنا مقيم في أوروبا ما يقارب العشرون عاما .. وقد زرتُ أغلب دولها من السويد ، إلى فرنسا ، وإيطاليا ،وهولندا ، والدانمارك ،والنمسا ،وسويسرا ، أما في هذه السنة تاقت نفسي إلى بلادنا العربية ، فعزمت قضاء عطلتي في مصر وجنوبها بالأخص ... حيث الحرارة فوق الأربعين درجة والشمس ساطعة تبهر الأنظار ، وتُثبت وجودها في هذا الكون .....بينما عندنا في المانيا أصبحنا في شوق إلى لسعات الشمس هذه السنين الأخيرة .
نعم إستمتعتُ بتلك الرحلة الجميلة ، حيث قضيتُها في الغردقة .. فهي ميناء على البحر الأحمر ، ومدينة سياحية من الدرجة الممتازة تفرّغت لها الدولة ووزارة السياحة خصوصا فجعلت منها منطقة مرغوبة من قبل الأوروبيين فأين تسير تسمع لغات متعددة أغلبها الألمانية ، والإنكليزية ، والفرنسية ، والروسية ، حتى الطفل الذي لا يتعدى العاشرة من عمره يجود لسانه بجميع هذه اللغات ، دون أية صعوبة . حتى آرومات المحلاّت التجارية غير مكتوبة بالعربية ، وللوهلة الأولى تحسب نفسك في بلد ما في أوروبا وإذا تاقت نفسك إلى مجتمعاتنا القديمة فهناك البلدة القديمة تعيدكَ إلى زمن الخمسينات من القرن الماضي .
ومن برنامج رحلتنا .. كان هناك زيارة إلى القاهرة لنشاهد الإهرامات ونتعرّف على عجيبة من عجائب الدنيا وعلى بعض المناطق الأثرية .
القاهرة .... هذه العاصمة .. بل الدولة بكاملها لأن تعداد سكان القاهرة وحدها يتخطى 18 مليون نسمة ... عجائب وغرائب تمر عليك في الشوارع ، نظام سير غريب من نوعه في العالم الكل يستعمل الزمّور ، كثافة ثكانية غير معقولة في هذه المدينة . تمر على شاهقات الأبنية الحديثة بجانب أعتى معاني وأشباه بيوت قديمة ، إختلطت الحضارة الحديثة مع الحياة ولكن لم تستطع أن تمحو التخلف الموجود .
كانت إبنتي أيضاً معنا وقد إختارت قبل سفرنا إلى مصر نوعا من أحدث الهواتف اليدوية الذي يعمل باللمس ، كغيرها من رفيقاتها في بلاد أوروبا .
وصلنا القاهرة التي تغطّيها سحابة قاتمة من السواد وتلوّث البيئة ، ومن وسط القاهرة أخذنا تاكسي إلى منطقة الأهرامات ..... وما إن غادرنا السيارة قبالة الآهرام حتى غزانا قوم من بائعي الهدايا التذكارية بحيث حجبوا عنا رؤية الأهرامات . كل واحد يريد ويحاول أن يعرض علينا ماعنده بلحظة ... ونحن نتوسل لهم أن يسمحوا لنا برؤية الأهرام .
تحسّست إبنتي تلفونها ولم تجده ، وهنا ثارت ثائرتي بتلك الأوباش وصرخت فيهم أن يبتعدوا من حولنا قليلاً لنتفقّد الوضع . وبعد التدقيق والجدال وصلنا إلى يقين أن الهاتف سقط من وسطها حين فارقنا السيارة ، عندها قلتُ قانطاً .. لا حول ولا قوة وأمرنا إلى الله ... وغمرت سحابة من الحزن وجه إبنتي حتى نحن أيضا إشتركنا معها في محنتها تلك .
مرّت علينا قرابة الساعة من الزمن وأكثر ونحن ننتقل من هرمٍ إلى آخر وأبو الهول يرمقنا بنظراته تلك من خلف أنفه المكسور ..... عندما رنّ تلفون زوجتي كم كانت دهشتها وهي تنظر إلى الرقم وهي تقول صارخة .. هذا رقم تلفونك يا إبنتي ...ردت زوجتي بنعم ، كانت المتكلمة إمرأة تقول .. لقد رأيت هذا التلفون وأنا في سيارة تكسي وكوني أعرف أن أتعامل مع هذا النوع الجديد من التلفونات بطلاقة لم أشأ أن أعطيه للسائق خوفا من أن يرميه أو أن يبيعه بأبخس الأثمان ،وقد رأيتُ هذا الرقم بجانب كلمة .. أمي - مصر . فمن أنتم ؟؟؟ .
ردت عليها زوجتي وشرحت لها القصة كما حدثت وقسّمتها إلى الكثير من الشكر .وإتفقنا على مكان قالت أنه قريب من مكان تواجدنا في شارع الهرم ، وإستقلينا سيارة أجرة قاصدين العنوان وانتظرنا بعض الوقت ، وإذ بإمرأة مع إبنتها الشابة أوقفت سيارتها الخاصة قبالتنا وبعد أن تأكّدت أننا نحن هم أصحاب القصة أعطتنا التلفون ،وهي طبيبة وتقوم بزيارات عديدة سنويا إلى المانيا ... وأكدنا عليها أن تزورنا هنا بعد أن تبادلنا أرقام التلفونات .
وودّعناها بين الإعجاب والإحترام والتقدير من هذا الموقف الإنساني وهذه الأخلاق العالية التي نفتقدها حتى هنا في أوروبا .
كانت تلك صورة ناصعةعن قمة الأدب ومثال لا غبار عليه عن شعب مدينة تعداد سكانها 18 مليون نسمة

نعم صديقي يقول المثل لو خليت خربت
لاتخلو الحياة من اناس طيبون ويعلمون القيم واصول المعاملة
بس مبين عليك انك سريع الغضب
وطمني كيف شفت ابو هول فبل مايضيع الموبايل وبعد ماضاع
هههههههههههههه
سلمت يداك باابو لبيب
تقبل

أخي ابو لبيب
الحمد لله ما ضاع الموبايل في عملية نشل لأن أغلب العواصم المزدحمة وخاصة القاهرة مشهورة بذلك
في ناس طيبين بكل مكان.. نعم لو خليت بليت....
اتمنى في الحكاية القادمة تسعفنا بشرح عن تلك الزيارة
عسى ان يطعمنا الله بمثلها يوماً ان بقي لنا متسع لقطارنا من الوقت

العزيز العالي جـــــــو

طوّل بالك اخي انشاء الله سيأتي يوم والقطار لم تنتهي وقوده واللي فيه تكفّينا وتوصّلنا لزيارة ابو الهول لحتى نتفقّد انفو ونتمتّع في قعدته ونظرته التي لا ولم تخيب في هذه الأزمان فهو ينظر اليها ويعرف منهاها سلفا ويبقى هو صاحبنا رغم الأهوال والأزمنة .

وانا بانتظارك للقيام بهذه الرحلة تحياتي