๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول

وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة 980591
العبيدي جو ادارة المملكة الأدبية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول

وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة 980591
العبيدي جو ادارة المملكة الأدبية
๑۩۩๑ المملكـــــــــــة الأدبيــــــــــــة ๑۩۩๑
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة

اذهب الى الأسفل

ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة Empty ملف خاص بالاحتفاء بالكتابة

مُساهمة من طرف صبري يوسف 21/10/2008, 1:40 am

نماذج من الاحتفاء بالكتابة



1

الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل

كيف أبدأُ، وكيفَ أنتهي من كتابةِ القصيدة؟!
كيف أبدأ بكتابة القصيدة؟! لا أدري، وكيف أنتهي؟ لا أدري أيضاً، لأنَّني لا أنتهي من كتابة القصيدة أصلاً، لهذا نصوصي مفتوحة، وهذا ما قادني إلى التَّفكير بكتابة نصٍّ مفتوح، أنجزت منه قرابة ألف وثلاثمائة صفحة حتى تاريخة، وقد أنجزتُ الأجزاء الثَّمانية منه (800 ص) ونشرتها عبر الشَّبكة لكن بقية الأجزاء أصيغها وأبوِّبها كي أدرجها في سياق النصِّ المفتوح، بحيث تأتي الأجزاء بشكلٍ انسيابي!

نَفَسي في الكتابة طويل، تتدفُّق رؤاي وأفكاري وصور القصيدة غالباً بشكل عفوي وغير مقصود، فأحياناً أكتب نصّاً ما عن موضوعٍ ما، لكني سرعان ما أجنح بعيداً عمّا بدأتُ به وأتوه في عالم جديد لا رابط يربطه بما بدأت به وأترك العنان مفتوحاً لمخيلتي، فأنا من طبعي أحبُّ الحرية في الكتابة، حرّية بلا حدود، وبلا أيَّة قيود، حيث أنَّني أثناء لحظة الكتابة لا أفكِّر بأيّ عائق أو رقيب أو حسيب، أكتب بشراهة مكتنزة بالطيران، خاصّة بعد أن استخدمت نظام الوورد، الكتابة عبر الكومبيوتر، وأكثر من تسعين بالمائة من نصوصي خلال السنوات الأربعة الأخيرة كتبتها مباشرة على الكومبيوتر بدون أية مسودات لها، وأعود وأصيغها من جديد فيما بعد، وأحياناً كثيرة، تتغيَّر القصيدة أو النصّ أو القصّة أثناء صياغاتها، وأحياناً أخرى تولد فكرة من الفكرة التي أكتبها، فأكتب الفكرة الجديدة على قصاصة جانبية كي أعود إليها وأنسج منها نصَّاً جديداً، قصةً كانت أم قصيدة.

الكتابة هي زادي الثمين في الحياة، أكتب أحياناً ساعات طويلة، ساعات متواصلة يتخلَّلها استراحات خفيفة جدّاً، لكني أعود قبل أن أستريح وأنسج ما يغلي في داخلي، غليان حقيقي، نزيف شعري مهتاج في كينونتي، أفرح فرحاً انتعاشياً عندما أنجز النصّ الذي بين يدي، عندما أتفرَّغ من كتابته أتركه مفتوحاً لكني أنهيه عند نقطة مضيئة على تخومِ السُّؤال، عند جملة متراقصة بين أحضان القارئ، وأرقص كطفلٍ شاهدَ فجأةً لعبةً ثمينة!

يحتاجُ أيُّ عملٍ إبداعي على أيِّ صعيد كان إلى نوعٍ من العشقِ العميقِ، أشبه ما يكون بالترهبن! أنا لا أؤمن بمبدإِ الرَّهبنة بمفهومها التقليدي إطلاقاً، لكن الرَّهبنة من حيث العطاء في مجال إبداعي ما، تعجبني إلى حدِّ النِّخاع! وهكذا تبدأ نصوصي من حيث لا أدري وتنتهي من حيث لا أدري أيضاً، لكن الذي أدريه هو انني أشعر وكأني مختطف إلى واحات فرحيَّة عشقيّة أشبه ما تكون ببساتين جنان النعيم، لا أشبع من الكتابة مثلما لا يشبع العابر إلى جناتِ النَّعيم من النَّعيمِ، الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيق اللَّيل، لهذا أراني سعيداً رغم شظف العيش الذي عشته وأعيشه، وأقولها علناً وبدونِ أيَّةِ مواربة، لولا الكتابة لما تمكّنتُ أن أصمدَ في وجه غربتي وفي وجه عذاباتي وفي وجه الظروف القاسية التي مررتُ بها وما أزال أمرُّ بها في سماء غربتي، وغربتي هي صديقتي الدًّافئة، لأنني عقدت معها معاهدة ودّية فسيحة، هي وهجي المتنامي فوقَ مرابعِ الحرفِ، لا تُقلِقني غربتي ولا انكساراتي، ولا هزائمي، أراني قويّاً في ضعفي، أزداد شراهةً في العطاء، شراهتي لا يرافقها شبعاً من بوحِ الكتابة.
همّي الوحيد وهدفي الوحيد في الحياة، هو التفرّغ كلّياً للكتابة والأدب والقراءة والفنِّ والعطاءِ، أشعرُ أنَّ هناكَ طاقاتٍ كامنة في أعماقي تحتاجُ إلى عوامل دافئة لاِدلاقها فوقَ مروجِ المحبَّةِ ووجنةِ القمرِ، كتبتُ مؤخَّراً قصصاً وقصائد، كانت أفكارها تراودني مثل الغمام منذ عقودٍ من الزَّمان.

ذاكرتي محفوفة بعبق الطفولة، واليفاعة والشباب، تتلألأ أمام ناظري محطات العمر التي قضيتها في ديريك بكل أتراحها وأحزانها، وغربتي! آهٍ .. يا غربتي المتهاطلة مثل بخورِ القصائد، أكتبُ أحياناً نصوصاً في الحلم، وعندما أنهض، أنبشُ خفايا الحلمِ، يتراءى لي الحلم سديمياً، ألتقطُ ما يمكن التقاطه ثم أغوصُ في حلمِ اليقظة والذاكرة البعيدة، أفرشُ خيالي بكل تلألؤاته فوقَ خيوطِ الحلمِ، تتراقصُ أحلام اليقظة مع أحلامِ النَّوم العميقِ ثم تسبحُ فوقَ رحابِ الخيالِ المتماهي مع تدفُّقاتِ خرير الذاكرة، أتركُ الحصادَ مفتوحاً لتماوجاتِ قلمي وأقطفُ ما يتّسعُ لحفيفِ القلمِ، دائماً أجدني غير قادر على لملمةِ جموحاتِ القصائدِ، الكتابةُ عاجرةٌ على ترجمة حالة الغليان، أقطفُ نصيبي من تواشيحِ الجموحِ وأتركُ ما يتوارى في خفايا حلمي، حلمي غير قابل للإمساكِ، لأنه يتشظّى مثل اِندلاعِ شراراتِ النَّيازكِ! آخذ ما يتناغمُ مع حفاوةِ حرفي وأتركُ ما يتوارى لما تبقّى من الزَّمنِ، ويراودني دائماً، هل سأستطيعُ عبرَ زمني الآتي، أن ألملمَ هذه الومضات الهاربة، وأفرشها بهدوءٍ حميم فوقَ هديلِ اللَّيلِ؟!

ستوكهولم: 7 . 3 . 2007


الكتابةُ شهقةُ عشقٍ مندلقة من خيوطِ الشَّمس!


أخبّيء كلّ يوم عشته في ربوع ديريك في حنايا غربتي وأنقش توهُّجاتِ الذَّاكرة البعيدة فوق حبقِ الشِّعر، زادي في الكتابة هو سهول القمح وبراري المالكية، وأزقَّتي الطِّينية التي غُصْتُ فيها حتّى مفاصل الرُّكبة، إلى أن امتزجت تلكَ الأكوام الطّينية في شهيقِ الشِّعر وفي رحابِ الحلمِ !
أكتبُ كي أترجم بعضاً من موشور طفولتي وفتوّتي وشبابي وغضبي من اعوجاجات هذا الزَّمان، لأنثرَ تواشيح حبري فوق غيمةٍ ماطرة، لعلّها تهطلُ فوقَ بيادرِ العمرِ زهوراً من نكهةِ الياسمين!
الحياة تغدو أحياناً وكأنّها أفعى غليظة ملتفّة حولَ عنقي، تبدو أقصر من جموحي، ممّا يراودني، تحاصرني في كلِّ حين، تفجِّر في أرخبيلاتِ الرُّوحِ طاقاتٍ هائجة، وكأنّ هذه الطَّاقات متأتّية من زمنٍ سحيقٍ، طاقات عالقة في اخضرارِ الخيال، الحياة غمامةٌ عابرة، بسمةُ طفلةٍ في صباحٍ نديٍّ، ضحكةُ الرَّبيعِ عندما يستقبل نسائم عليلة من أعالي الجبالِ، لا نملكُ في الحياة سوى رجرجات هذا العمر القصير! كم يغيظني لأنَّني لا أعيش قروناً من الزَّمان. أشعر في أعماق الحلم، حلم اليقظة واليقين، أنَّ هناك براكين من الرُّؤى والأفكار والنّصوص والقصائد والألوان تتماوج في رحاب المخيّلة الهائجة مثل شلالات هاطلة من خاصرة السَّماء، نعم يغيظني أن لا أعيش قروناً من الزَّمانِ، لأنَّ عمرنا القصير الذي نعيشه لا يكفي إلا لترجمة بعضاً من زنابق عشقي للحياة، لا يكفي أن نغوصَ عميقاً لنترجمَ ما يعترينا من الدَّهشةِ، دهشةُ الذُّهولِ من دورانِ الكونِ، من سطوعِ برعمٍ فوقَ تكويرِةِ النَّهدِ، متى سأكتب هذه الجبال الشَّامخة نحو أبراجِ الصُّعودِ، صعودُ الرُّوح نحو بخورِ الصَّفاءِ!
وحدها الكتابة تخفِّف من تخشُّباتِ ضجري، وحدها الكتابة تمنحني ألق العشق، وحدها الكتابة تبدِّدُ من صقيعِ غربتي، وحدها الكتابة تمنحني بهجة الهدوء وخصوبة الرُّوح، وتفتح شاهيتي على محراب العناقِ، وحدها الكتابة تغمر صباحي شهقة السموِّ، وحدها الكتابة تنقش فوق هلالات الحلمِ حبق التجلّي، لا يهمّني إن عشتُ قروناً، أو بضعة شهور، فالزَّمن مهما طال هو مجرَّد زمن متناثر فوق خميلةِ الحياةِ، وحدُها الكتابة تبقى ساطعة فوقَ مفاصل البقاءِ، وحدها الكتابة تمنحني نكهةَ العشقِ على امتدادِ الكونِ.
هل كنتُ يوماً يخضوراً فوق جبينِ الطَّبيعةِ ولا أدري، هل سأتحوّل يوماً إلى نجمةٍ متلألئة في ظلمة اللَّيل، أو فراشةٍ ملوّنة ببهجةِ الانتعاش؟ هل كنتُ يوماً ما وردةً متراقصة على تخومِ المحبَّةِ، أم أنَّني كنتُ شهقةُ عشقٍ مندلقة من خيوطِ الشَّمسِ؟! هل يوجدُ على وجهِ الدُّنيا أحلى من بسمةِ الحرفِ وهو يتمايلُ فوقَ أغصانِ الخمائلِ، خمائلُ الكونِ باقاتُ فرحٍ إلى بني البشر. هل نحن البشر حروفٌ متطايرة من دفءِ الشَّمسِ أم أنَّنا خيوطُ نيازكٍ متدلّية من عيونِ السَّماءِ، ما هذا التوحُّدُ اللَّذيذ مع زخّاتِ المطرِ؟ ربّما كنتُ في غابرِ الأزمان غيمةً ماطرة ولا أدري، وإلا فما هذا الشَّوقُ البهيج إلى حبّاتِ المطرِ؟! تساؤلاتٌ هائجة تراودني، أشبه ما تكونُ بتلاطماتِ أمواجِ البحر، تبتسمُ عروسُ البحرِ تحتَ اهتياجِ الأمواجِ، لماذا لا يعقدُ الإنسان صلحاً مع ذاته، مع ضياءِ البدرِ لعلّه يزدادُ سطوعاً أكثر من هالةِ البدرِ؟! هل نحنُ سنابلُ قمحٍ منثورة فوق خصوبةِ الكونِ، أم أننّا نغمةُ حنينٍ منبعثة من تلألؤاتِ النُّجومِ؟!
لم أجد على وجهِ الدُّنيا أجمل من حبقِ الأنثى، من بهاء الأنثى، من شهقةِ الأنثى، من نكهةِ الأنثى، هديةٌ متهاطلة من بياضِ غيمةٍ حبلى بأريجِ النّعناعِ ويخضورِ الحياة! الأنثى شجرةٌ مزنّرة بندى اللَّيلِ وشموخِ النَّهار، صديقةُ الرِّيحِ ونسائم الصَّباحِ، وردةٌ تائهة فوقَ موجاتِ البحر، الأنثى صديقة البرِّ، تسترخي بين رحابِ الحلم، فوقَ نداوةِ العمرِ، لغةٌ دافئة مندلعة من تلاوينِ الضِّياءِ، تتراءى أمامي الآن مثل الغمام أمنيات كثيرة، كانت تنتابني فيما كنتُ ألهو فوق أراجيحِ الطّفولة، أمنيةٌ رافقتني طويلاً منذ أن كنتُ أركضُ حافي القدمين في أعماقِ الأزقّة، أمنيةٌ لا تخطر على شطحاتِ خيال الجنِّ، هل تقمّصني جنّيٌ يهوى العبور في صفاءِ السَّماءِ مخلخلاً أشواكاً عالقة بين مويجاتِ الغمِّ، وإلا فما هذه الأمنيات المفتوحة على اهتياجاتِ اليمِّ، أمنيةٌ لا تنـزاحُ من تجاعيدِ الذّاكرة المحفوفة بالغرائبِ، ذاكرة متألِّقة بين أغصانِ الطُّفولة، ذاكرة مبرعمة في نصاعةِ جموحِ الخيال، أكبرُ فيكبرُ همّي وتتقلّصُ أغصانُ الأمنياتِ! ..
الكتابة نسائم بحرٍ منعشة، تهبُّ عندَ الغروبِ، تسطع عند بزوغِ الفجر، صديقة البراري وهمهماتُ اللَّيل، الكتابة عطشٌ مفتوح نحو ينابيعِ السَّلامِ، حالةٌ متجلّية بحبورِ الانتشاءِ، نعبرُ جهةَ البحرِ وخلفنا ذاكرة محمومة معفّرة بالرّمادِ، مَن يستطيع أن يزرعَ فوقَ خدودِ الشَّمسِ شموعَ المحبّةِ ويسقي نبتةَ الحياةِ؟ زلازلٌ مهتاجة تنمو، تنفرشُ فوقَ معارجِ الحلمِ، يهفو قلبي إلى بيادرِ ألعابِ الطُّفولةِ، إلى أريجِ سهولِ القمحِ، إلى صحارى العمرِ، ما هذه الخشونة المتشظِّية فوق معارجِ العمرِ، لماذا لا يبني الإنسان محطاتِ فرحٍ عندَ تخومِ الرّوحِ، كيف تتحمّل الرّوح كل هذه المنغصّاتِ؟ ثمّة تساؤلات تزدادُ نموُّاً فوقَ تلألؤاتِ الحلم، وحده قلمي ينقذني من اندلاعِ الاشتعالِ، يخفِّفُ من ضجرِ اللَّيلِ وبكاءِ النَّهارِ، وحده حرفي صديق غربتي وكلّ الكائنات، موجة فرحٍ تعبرُ وجنة الشَّفقِ، فأضحكُ وإذ بي أراني في أعماقِ الحلم، متى سأعبرُ على متنِ سفينة الحبِّ لجينَ البحرِ، معانقاً زهرةً مستنبتة من زبدِ البحر، مرشرشاً رذاذات دفئي فوق رعشةِ العشق وأمواجِ الرَّحيلِ؟! غربةٌ مريرة تغمرُ صدرَ الكونِ، وحدها الكتابة تبدِّدُ جهامةَ النَّهارِ، تمنحني ألقَ الشَّوقِ إلى مرافئِ العمرِ، إلى ربوعِ دفءِ المساءِ، تفتحُ شاهيتي على موسيقى متناغمة مع حفيفِ اللَّيل، فيروز تكحِّل حرفي طزاجةَ العسلِ البرّي، تمنحني بهاءً مكتنفاً بالتجلّي، فيروز أغنية منبعثة من رحمِ البحرِ، موجةُ فرحٍ منسابة فوقِ بخورِ الرُّوحِ، صوتٌ مدبّقٌ بأريجِ الزَّهرِ، تغريدةُ بلبلٍ في أوجِ الرَّبيعِ، فيروز صديقة وجعي وبهجةُ قلبي، تزرعُ في خيوطِ الصَّباحِ روعةَ الشَّوقِ واخضرارَ العناقِ!

ستوكهولم: 8 . 6 . 2005

الحرفُ توأمُ اللَّونِ


ما أزال غائصاً بقصصي ونصوصي ولوني وشعري وغربتي، أكتب شعراً من وحي البكاء، من وحي انسلاخِ الذاتِ عن الذاتِ، تاه الإنسان عن معراج الخلاصِ.

أرسم فرحاً رغم أنفِ الضَّجرِ، لا أعرف أن أرسم إلا فرحاً، عشقاً، حبّاً، وردةً، زهوراً برية.. حنينُ الكرومِ لا يفارقُ لوني، والسنابلُ تغمرُ مروجاً ممتدَّة على مدى العمر!

هبطت عليّ رغبة العبورِ في عوالم اللَّونِ، فغدا الحرفُ توأمَ اللونِ، وبدأت أكتبُ شعري بالحرفِ تارةً وباللونِ تارةً أخرى!
لملمتُ أوراقي، وفرشت شهوةَ الحرفِ فوق قبّةِ الحنين، لا شيء يعادل عبق الإبداع في دنيا من رماد، وحدها الكلمة تعيد إليَّ ما تبقّى من بريقِ الحياةِ، تغدو جميلة رغمَ غبارِ الحروبِ، رغم أنياب الحيتان المتنامية مثلَ اللبلابِ، حيتان هذا الزمان أكثر ضراوةً من حيتان البحر، تشبه لونَ الجنونِ، عجباً، كيف يتحوّل الإنسان إلى ورقة في مهبِّ الحرب، ورقة خلف متاريس الحرب، كلمة فاقعة في كهوفِ التاريخ، لستُ راضٍ عن سماكاتِ مخيخِ الإنسان، جنوحٌ نحو دهاليزِ الموتِ، موتٌ على قارعةِ الطريق، موتٌ عندَ الصَّباحِ، عندَ المساءِ، موتُ على مدارِ اليوم، موتٌ حتّى في رحابِ الحلمِ، أين المفرُّ من تفريخِ عُصيّاتِ الموتِ الزؤامِ؟!

آهٍ وألفُ آهٍ من زمنِ التنانينِ، براكينُ الدِّماءِ تجري فوقَ وادي أولى الحضاراتِ، رفعَ جلجامش رأسه من قبرِ الخلودِ، فرأى الأنسَ تنطحُ بعضها كأنها من فصيلةِ الذئابِ، من طيشِ القرودِ، تطورٌّ انزلاقي نحو قاعِ الفسادِ، فسادُ متونِ الهرمِ، فسادُ الأغصانِ، فسادُ الرؤى في أعماقِ الجذوعِ، فسادُ البناء، فسادُ الهواءِ.

وجعٌ يتنامى في سماءِ حلقي!
تخلخلت هامات الجبال وبكت زرقة السماء، هربت الكائنات بعيداً، لاذت الفرار في أعماقِ الفيافي، وجدَتْ سلوى مع همهماتِ اللَّيلِ بينَ ربوعِ الصَّحارى، صحارى القلب تفاقمت رغم اخضرار المروج، اندلعت موجات حزنٍ فوق مآذن الشرق، ودقّت نواقيس الأنين، أنين الرُّوح وأنين الرحيل، رحيل الطفولة، رحيل جبابرة القوم، عفواً هل ثمة جبابرة في هذا الزمان، زمنٌ مكتنزٌ بلفافات مبقّعة بأسرارِ الفناء، فناءُ مروجِ الخير، فناءُ أواصرِ المحبّة، ودادُ الوفاء، فناءُ حبق الأزاهير، زمنٌ يزدادُ هشاشةُ من غلاظةِ جبينِ الطُّغاةِ، من تفاقمِ رعونةِ الصولجان، زمنٌ يترنّحُ مثل السكارى، ينزلق من شدّة الغباءِ فوق روث البقر، جنونُ البقرِ انبعثَ من جنونِ البشرِ، ما هذا القحط الذي أصاب رؤى قادة القومِ، قادة من لونِ اصفرارِ العقاربِ، من لونِ البعوض وبقايا جنونِ الغضبِ، ما هذا الورم المتضخِّم في فروة رؤوس ساسة هذا الزمانِ، دُخنا من هدير الحروب، من نشرات الأخبار، من مخالبِ العصر، دُخنا من جشاعةِ أصحابِ الصولجانِ!

متى سيفهم المرءُ أن مساحةَ العمر تضيع في متاهاتِ الحروب، نشبه دمعةً أو بسمةً عابرة في ربوعِ الحياةِ؟!

متى سيفهم المرءُ أن جمالَ الحياةِ، يكمنُ في بسمةِ طفلٍ، في نضارةِ وردةٍ، في وهجِ عشقٍ، في زخّةِ مطرٍ، في نقاوةِ بحرٍ، في تلألؤاتِ نجيماتِ الصَّباحِ، في مصالحةِ الإنسان مع أخيهِ الإنسان، في مصالحةِ الإنسانِ مع خفايا البرّ والبحرِ وأجرام السماءِ، في وئام البشرِ على مساحاتِ جغرافيّةِ الكونِ؟!


ستوكهولم: 1 ـ 7 ـ 2007


نقلاً عن موقع دروب
[b]
صبري يوسف
صبري يوسف
كاتب-شاعر-فنان
كاتب-شاعر-فنان

ذكر
عدد الرسائل : 107
البلد الأم/الإقامة الحالية : السويد
الهوايات : الكتابة والفن
تاريخ التسجيل : 07/10/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى